«للمجتمع فضل كبير فيما حققته من ثروة، ويجب أن يعود الفضل إلى أصحابه» هذا ما قاله الملياردير الأمريكى وارين بافيت عندما سئل عن السبب وراء ضخامة التبرعات والاسهامات المالية التى يقدمها لمختلف المؤسسات المعنية بتنمية الانسان والنهوض بالمجتمع تجسيدا لمبدأ المسئولية الاجتماعية لشريحة من أهم شرائح المجتمعات التى تتمثل فى رجال المال والأعمال.
ففى مختلف دول العالم لعب رجال الأعمال والأثرياء دورا مجتمعيا هاما فى إثراء العامل البشرى دون الاكتفاء بتبرعات مالية للفقراء وللمؤسسات الخيرية، وإنما انخرط هؤلاء الرجال من أصحاب الثروات الضخمة فى تنمية الانسان والارتقاء بفكره وعقله وليس الاكتفاء بسد جوعه لكى يصبح فردا فاعلا منتجا فى المجتمع. ومن أمثلة من انتبه إلى ذلك الدور المجتمعى المهم الملياردير الأمريكى وأغنى رجل فى العالم بيل جيتس الذى تقدر ثروته بـ75 مليار دولار والذى أنشأ وزوجته مليندا مؤسسة كبرى تحمل اسمهما تهتم بشئون الصحة والتعليم.
وبصرف النظر عن إسهامات تلك المؤسسة الضخمة فى مجال الصحة ومكافحة الأمراض فى دول العالم الثالث فإن هذه المؤسسة تعمل داخل الولايات المتحدة على تحسين التعليم الحكومى وتقدم منحا دراسية فى الجامعات نظرا لارتفاع تكاليف التعليم الجامعى فى أمريكا مما يحرم ملايين الطلاب من حلمهم فى الالتحاق بالجامعات. وتضع تلك المؤسسة برامج بملايين الدولارات من أجل النهوض بالتعليم فى مختلف الولايات الأمريكية. والطريف أن أحد أهم المتبرعين لمؤسسة جيتس هو الملياردير الأمريكى الشهير وارين بافيت الذى لم يجد حرجا فى التبرع للمؤسسة بـ37,4 مليون دولار عام 2006 دون أدنى تفكير فى أن تلك الأموال ستقدم فيما بعد كمساعدات تحمل اسم جيتس.
كما فاجأ مارك زوكربيرج الملياردير الامريكى الشاب مؤسس موقع «فيسبوك» العالم عام 2015 عندما أعلن عن تخليه عن 99% من أسهم شركته أى نحو 450 مليون دولار من إجمالى ثروته لمصلحة مؤسسة خيرية يديرها هو وزوجته تعمل فى مجال التعليم الشخصى وعلاج الأمراض والاتصال بالإنترنت وبناء المجتمع وذلك احتفالا بمولد ابنة زوكربيرج الأولى «ماكس». وواصل زوكربيرج إسهاماته داخل المجتمع الأمريكى حيث تبرع العام الماضى بمبلغ 120 مليون دولار لمصلحة نظام التعليم فى منطقة خليج سان فرانسيسكو. وفى الهند، يحتفى الشعب الهندى برجل بدأ حياته من الصفر حتى أصبح من أغنياء العالم وأحد أقطاب تكنولوجيا المعلومات وهو رجل الأعمال عظيم بريمجى الذى خصص جزءا كبيرا من ثروته فى خدمة وتطوير التعليم فى مختلف أنحاء الهند حيث أسس مؤسسة «عظيم بريمجي» غير الربحية لتطوير التعليم الأساسى فى المدارس الحكومية خاصة فى المناطق الريفية. وفى بريطانيا، تقدم مؤسسة الأخوين ديفيد وسايمون روبن – وهما أغنى شخصين فى بريطانيا - منحا دراسية لآلاف الطلاب للدراسة فى أكبر الجامعات البريطانية فضلا عما تقدمه المؤسسة من خدمات فى مجال الصحة داخل بريطانيا وفى مختلف دول العالم. وقد ضرب رجال الأعمال فى فرنسا مثلا يحتذى به فى الوقوف بجانب بلادهم عندما تقدم عدد من أغنياء فرنسا لحكومة بلادهم بمبادرة تهدف إلى المساهمة فى حل المشاكل المالية التى تواجهها البلاد حيث طالبوا الحكومة بفرض المزيد من الضرائب عليهم. ووقع 16 من رؤساء الشركات الكبرى ورجال الأعمال وأثرياء على بيان جاء فيه إن «فرنسا تواجه خطر عجز الميزانية، وزيادة الدين الحكومي، والحكومة تدعو المجتمع الى التضامن، وفى هذه الظروف يبدو لنا من الضرورى المساهمة فى القضية». ويبدو أن رجال الأعمال فى العديد من دول العالم اتفقوا على أهمية التعليم عند التفكير فى كيفية قيامهم بدور فعال فى المجتمع والوقوف بجانب بلادهم، فقد تيقن هؤلاء أن للمجتمع حقا على الجميع وأن دورهم الاجتماعى يحدث بلا شك تغييرا كبيرا فى حاضر بلادهم ومستقبلها خاصة عندما تكون بلادهم تمر بظروف صعبة تحتاج من جميع أبنائها الوقوف بجانبها.
رابط دائم: