رئيس مجلس الادارة
أحمد السيد النجار
رئيس التحرير
محمد عبد الهادي علام
لدينا مشكلة أزلية مزمنة أننا لا نجيد تسويق بلدنا خارجيا على المستوى السياحى والاقتصادي والسياسى، فمصر مثلا عامرة وزاخرة بتراث حضارى فرعونى، ورومانى، واسلامى، وقبطى عريق يحسدنا عليه الذين يُقدرون قيمة العراقة التاريخية، لكن انظر إلى عدد السائحين الهزيل الذى يفد إلينا ونوعياتهم، بينما تراهم يتدفقون على دول قريبة وبعيدة عنا بالملايين مع أنها فقيرة حضاريا. الآن نحن لا نملك رفاهة السماح باستمرار هذا الوضع المقلوب، انتظارًا لحلول الفرج، فحملات التشويه والتشكيك والحصار الإعلامى لمصر على أشدها في الداخل والخارج وما يستتبعها من تداعيات سلبية ترهقنا اقتصاديا وسياسيا، والمزعج في الموضوع أن الدولة المصرية تقف في مواجهة جماعات وأفراد كفروا بوطنهم وقبلوا أن يصبحوا معاول هدم مأجورة للمجهودات المبذولة لإصلاح أحوال المحروسة والخروج من جب التعثر، ويجب أن تكون الغلبة للدولة وليس لمناوئيها، حتى لو كانوا يحظون بدعم أعتى أجهزة الاستخبارات الإقليمية والدولية، لكن كيف يتأتى للدولة الانتصار في معركة التسويق ورد كيد الكائدين؟ معركة التسويق تلك هي صراع مرير بين المعلومة والشائعة، فالفاصل بينهما خيط رفيع يستغله المغرضون لإرباك المصريين في الداخل وتأليب الخارج علينا، والعنصر الحاسم لدحضه هو الشفافية وعدم ترك مساحات شاغرة ينفذ منها الخبثاء والءشرار. ففي قصة التعديل الوزاري الذى تلوكه الألسنة ووسائل الإعلام منذ أسابيع لا نعلم يقينا ما يدور، وسبب التأخير في إتمامه، ومواصفات اختيار الوافدين الجدد على مجلس الوزراء، وما إذا كان التغيير سيكون شاملا أم متوسطا أم ماذا؟ الأجواء الضبابية تفتح الأبواب على مصراعيها للقيل والقال والشائعات وهز الثقة، وتصدر صورة أن مصر صاحبة الحضارة العريقة والتى يتجاوز عدد سكانها التسعين مليون نسمة لا تستطيع العثور على خمسة أو عشرة وزراء، وكلما مر الوقت تضخمت بالونة الشائعات والتفسيرات الباطلة ويجد المتربصون بين أيديهم ذخيرة يطلقونها صوبنا، ويمتد رذاذها للخارج، ونكتفى نحن بالمشاهدة وإصدار بيانات غير شافية تنفى صحة ما تم تداوله بشأن كذا وكذا، لكن النفى وحده غير كاف لإزالة ما ينتج عن البلبلة المتمخضة من طول ترقب التعديل الوزاري. الأذرع العاملة في الداخل في تحالف شيطانى آثم مع جهات خارجية تمول إصدار صحف ومواقع إلكترونية وقنوات فضائية تبث سمومها ليل نهار، ونشاط هذه الجهات ليس موجها للداخل المصرى وحده، كلا فجزء كبير من نشاطها في اتجاه دوائر صناعة القرار في البلدان المهمة كالولايات المتحدة، وبعض الدول الأوروبية المؤثرة، ووسائل الإعلام على اختلافها، والمراكز البحثية القريبة من عملية صنع القرار، وحتى المواطنين العاديين .. إلخ. هؤلاء يمرحون أمام عيوننا وجل ما نقوم به إرسال وفود شعبية تمضى أياما هنا أو هناك ثم تقفل عائدة للوطن دون جرعة تأثير يعتد بها في تصحيح المفاهيم والتقديرات المستقاة من اذرع جماعة الإخوان الإرهابية التي استطاعت أن تقيم قواعد تمركز وتغلغل ثابتة في القارة الأوروبية، وتابعوا جيدا التحذيرات الصادرة أخيرا من وزير الأمن في ولاية ساكسونيا الألمانية ، حول سعى الإخوان للسيطرة على عقول وقلوب النازحين من مناطق الصراعات كسوريا من خلال إقامة مساجد تروج لأفكار الجماعة المتطرفة وتضمن لها تجنيد عناصر جدد يعلم الله فيم سيتم استخدامهم، أو تصديرهم جاهزين لتنظيم داعش الإرهابى. صرخة التحذير الألمانية كانت فرصة سانحة لبدء حملة شاملة في ألمانيا وغيرها نقدم فيها بالوثائق وقائع وجرائم إخوانية حدثت عقب فض اعتصامى رابعة والنهضة، وتدميرهم الكنائس واعتدائهم الوحشى على مخالفيهم ومعارضيهم والتنكيل بهم بعد أن خلعهم المصريون من الحكم الذى اعتقدوا إنهم سيمكثون فيه 500 عام، فطرق الحديد وهو ساخن أفضل سبل للحصول على نتائج إيجابية قيمة، فهل طرقنا الحديد وهو ساخن أم ماذا فعلنا؟ ويبدو إننا نعانى معضلة بشأن مَن الذى سيتولى الاضطلاع بمشقة مخاطبة الخارج وافهامه الوضع على حقيقته، فالبعض يدعو لتشكيل كيان يتبع الرئاسة، بينما يطالب آخرون بانعاش الهيئة العامة للاستعلامات التي أضحت جثة هامدة عديمة الجدوى، ولا يرجى من ورائها أى نفع، بعدما أصابتها أمراض الشيخوخة. وللإنصاف فإنه لا يجب تحميل الهيئة فوق طاقتها، لأنها في العهود السابقة طغى عليها الجانب الوظيفى أى إنها كانت تدار بعقلية الموظف الذى ينتظر مجىء الساعة الثانية بعد الظهر لينطلق إلى منزله، أو لعمله الثانى، أو يسعى في مناكبها ليقع عليه الاختيار للسفر لمكتب من مكاتب الهيئة الخارجية والتى حكم اختياراتها منطق الشللية والتربيطات الشخصية. وأول ما يجب وضعه في الاعتبار عند الإعداد لخطة محكمة الأضلاع ليكون لنا صوت مسموع ومؤثر في الخارج يحافظ على مصالحنا ويحمى ظهرنا من مكائد الخائنين، هو البحث عما يتوافر عندنا من أدوات وأسلحة ثقيلة وناعمة واستغلالها الاستغلال الأمثل، وسنعثر على ثلاثة أسلحة ثقيلة، هي سفاراتنا المحتاجة لتنشيط كوادرها وإعدادهم إعدادا متقنا للقيام بدورهم في تسويق مصر وليس الاكتفاء بحضور حفلات الكوكتيل والشوبنج في بلاد الفرنجة، فهؤلاء هم المعنيون بالدفاع عن مصر وتقديمها في أبهى حلة. السلاح الثانى الجاليات المصرية المنتشرة في ربوع الأرض، فلو تمكنا من تجميعهم ومد جسور تواصل دائمة معهم فسيكونون عونا كبيرًا و«لوبى» مصريًا فعالا في وطنهم الثانى تتم الاستعانة به عند اللزوم، والرد على الافتراءات والأكاذيب المنشورة في الصحف والقنوات التليفزيونية ومواقع الإنترنت، لأنهم سيكونون على دراية بوسائل الإقناع في مجتمعهم وأقصر الطرق المؤدية إليها، والسلاح الثالث هم المصريون خريجو مدارس اللغات الذين بمقدورهم بحكم امتلاكهم ناصية اللغات الأجنبية الرد على ما يثار في الصحافة العالمية بلغتهم عبر التعليقات الموجودة أسفل الأخبار والمقالات بالمواقع الإلكترونية للصحف والمجلات الدولية، إن أحسنا توظيف هذه الأسلحة الثلاثة فسنجيد بكل تأكيد تسويق مصر وحمايتها من المتربصين بها. [email protected]لمزيد من مقالات محمد إبراهيم الدسوقي;