رئيس مجلس الادارة

أحمد السيد النجار

رئيس التحرير

محمد عبد الهادي علام

رئيس التحرير

محمد عبد الهادي علام

من حسين صدقى وحتى «مولانا» عمرو سعد..
شخصية «الشيخ» فى السينما تثير الجدل وتفجر الاشتباكات

علا الشافعى
أثار فيلم «مولانا» الكثير من الجدل بمجرد عرضه، خصوصا وأنه يناقش الكثير من القضايا الدينية التى تفجر الكثير من الاشتباكات والتساؤلات حول قضايا لم تحسم حتى الآن ..

وإذا كان فيلم «مولانا» قدم نموذجا لواحد من مشايخ الازهر شديدى الاستنارة والذين يملكون لغة للحديث ومفردات تمكنهم من التواصل مع الشباب ومختلف الفئات العمرية، استنادا الى نماذج ظهرت فى الفترة الماضية وحتى الان لا يزال بعضهم يتصدر المشهد.. واعتقد اننا نحتاج الى الكثير من الدعاة الذين يشبهون الشيخ حاتم الشناوى والذى جسد دوره ببراعة الفنان «عمرو سعد» وإن جاز التعبير فهذا دور عمره لان ذلك يصب فى النهاية لمصلحة تجديد الخطاب الدينى والذى يطالب به الرئيس عبد الفتاح السيسى منذ فترة. والشناوى كما جاء فى الفيلم شخصية إشكالية تعيش صراعا داخليا عميقا مبعثه الايمان العميق بفكر المعتزلة الذين يعلون من سلطة العقل أمام سلطة النص المقدس دون أن يتجرأ على البوح بإيمانه هذا أمام جمهوره الواسع الذى اعتاد أن يخاطبه بمنطق آخر، يتعارض تماما مع ما يؤمن به فى داخله إضافة إلى الفتاوى الدينية الغريبة والصادمة التى أصبحت تسيطر على المجتمع . فيلم مولانا لا يزال يحقق نجاحات كبيرة حيث قاربت ايراداته على الـ 11 مليون جنيه ليس ذلك فقط بل إن الجدل الذى يثيره الفيلم منذ عرضه بمهرجان دبى السينمائى وحتى الآن امتد الى عدد كبير من الدول العربية ومنها الكويت ولبنان واللتان رفضتا عرض الفيلم بدعوى الاساءة لصورة رجل الدين .



وطوال تاريخ السينما المصرية كانت هناك نماذج مختلفة ومتنوعة للشيوخ بعضها كان يحمل قدرا كبيرا من المثالية وأخرى لشيوخ يحللون ويحرمون طبقا لأهوائهم، وفى بدايات السينما كان الفنان المحافظ حسين صدقى من اوائل النجوم السينما المصرية، الذين حملوا على عاتقهم مهمة تقديم صورة مثالية للشيخ أو رجل الدين وقدم صدقى فيلمين هما « المصرى أفندي» والفيلم يروى قصة شاب فى مقتبل العُمر يسأم من ظروف الفقر والحاجة، ويتمرد على السعادة التى وهبها له الله بالزوجة الصالحة والأولاد، فتتغير ظروفه على نحو سريع ويرزق بالمال الوفير ولكنه يفقد أولاده واحدًا تلو ألآخر حتى يندم على فعله ويحاول تعويض ما فقده.. وعادة ما كانت نهاية الفيلم نسمع من خلال شريط الصوت آية قرآنية تفيد العظة التى نخرج بها من أحداث الفيلم، فى حين أن فيلمه « الشيخ حسن» من تأليفه وإخراجه عام 1954 تسبب فى اثارة الجدل مع الرقابة خصوصا وانه تناول قضية لا تزال حتى الآن من القضايا المسكوت عنها وهى زواج الرجل المسلم من مسيحية فما بالك اذا كان البطل رجل دين مسلم، يقرر الزواج من مسيحية. وتدور أحداث الفيلم حول الشيخ حسن الذى يحب لويزا المسيحية شقيقة أحد تلاميذه والذى يحاول أن يتعرف على الدين الاسلامى ، لينتهى بزواجهما ضد مباركة أهلهما. وهو الفيلم الذى تم منعه عرضه لفترة بأمر رئيس الجمهورية فى هذا الوقت «الرئيس الأسبق محمد نجيب» ثم تم التصريح بعرضه بعد ذلك ليبقى من الأفلام المهمة التى تناولت تلك العلاقة.. ويعرض على الكثير من الفضائيات العربية حاليا .

حسين صدقى شيخ وسطى يثير غضب الرقابة

واذا كان الفنان حسين صدقى قد تأثر بالعديد من نماذج شيوخ الأزهر والذين ربطت بينهم وبينه صداقات وطيدة، وحاول ان يؤكد من خلال عدد من أفلامه فكرة التسامح وقبول الآخر .. وهو نفس الأمر الذى انطلق منه الفنان فريد شوقى والذى كتب فيلم « جعلونى مجرما» والذى اخرجه المخرج عاطف سالم عام 1954 . حيث جسد النجم يحيى شاهين دور شيخ وسطى يحاول انقاذ البطل وإرشاده للطريق المستقيم. وتدور أحداث الفيلم حول طفل صغير يدعى «سلطان» استولى عمه على ثروة والده وظل الطفل مشردًا فى الشوارع، حتى عثرت عليه عصابة متخصصة فى السرقة، ودخل الإصلاحية وبعد خروجه منها حاول أن يعثر على عمل شريف لكنه فشل بسبب وجود السابقة الأولى ما دفعه إلى قتل عمه، وبذلك تحول إلى مجرم بالفعل، استطاع هذا الفيلم أيضًا أن يوضح للسلطات القضائية ورجال القانون الجانب الآخر من الأشخاص الذين يدخلون إلى الإصلاحيات ويوضح أن منهم من هو عُرضة لظروف حياة قاسية تتسبب فى دفعه إلى ارتكاب جرائم لا ذنب له فيها، وبعد عرض هذا الفيلم صدر قانون ينص على الإعفاء من السابقة الأولى فى الصحيفة الجنائية حتى يتمكن المخطئ من بدء حياة جديدة.

البارودى شيخ لاهم له سوى منافقة العمدة

بعد ذلك تفاوتت النماذج التى تناولتها السينما للمشايخ والدعاة وأحيانا كان يقتصر الامر على هذا النموذج المثالى ولكن مع الستينات، واتجاه العديد من المخرجين للأدب سنجد ان مساحة الحرية قد زادت حيث بات من الطبيعى أن نشاهد الشيخ المتلون الذى يحلل ويحرم طبقا لحجم الاستفادة التى سيحصل عليها ومثال ذلك الشخصية التى جسدها الفنان حسن البارودى فى فيلم «الزوجة الثانية» للمخرج الكبير صلاح أبو سيف .. والذى كان يعمل لصالح عمدة القرية وينافقه ــ جسده صلاح منصور ــ ودائما ما كان يبرر له كل أفعاله السيئة مرددا الاية الكريمة «وأَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِى الْأَمْرِ» وكان نموذجا سيئا للشيخ وقدم من خلاله نموذج للشيخ الذى يستغل الدين فى كسب مصالح شخصية ولإرضاء السلطة.

شاهين مابين الشيخ ابراهيم والشيخ حسونة

وكان النجم يحيى شاهين صاحب الحظ الاوفر فى تجسيد شخصية الشيخ أكثر من مرة حيث ظهر فى دور الشيخ الوسطى فى «جعلونى مجرما» فى حين انه فى فيلم « شيء من الخوف»، جسد فيه دور الشيخ إبراهيم الذى يثأر لقتل ابنه ويجمع اهل القرية من اجل الانتقام من عتريس المهيمن على القرية والذى يحلل لنفسه كل شئ بدءا من اغتصاب الارزاق والسيطرة على مقدرات الامور وصولا إلى الزواج بالإكراه .

الا أنه فى فيلم «الارض» والمأخوذ عن رواية الكاتب الكبير عبدالرحمن الشرقاوى واخراج المبدع يوسف شاهين فقدم نموذجا للشيخ الذى ينتصر لمصلحته على حساب مصلحة المجموع أو أهل القرية .

كما جسد عادل إمام دور الشيخ أيضا فى فيلم « حسن ومرقص»، ولكن بطريقة مختلفة حيث كان دوره خلال رجل دين مسيحى فى إحدي الكنائس وتضطره الظروف لانتحال شخصية شيخ، أما عمر الشريف فكان يجسد دور الشيخ محمود خلال أحداث الفيلم، ويتقمص دور رجل كنيسة حتى لا يقتله المتشددون بعدما رفض الانضمام إليهم.

والتفت التليفزيون إلى هذا الأمر بتقديمه مسلسل «الداعية» الذى كتبه مدحت العدل وأخرجه محمد جمال العدل، ولعب بطولته هانى سلامة فى دور داعية يقدم برامج بالقنوات الفضائية ليقدم للجمهور صورة عصرية للداعية الشاب المستنير الذى أخذ على عاتقه محاربة الأفكار الهدامة التى كان هو نفسه مؤمنا بها يوما ما. ورصد المسلسل كيف يمكن لداعية أن يؤمن بالفن الراقى وتأثيره ودوره فى حياتنا من خلال قصه حب تجمعه بعازفه كمان بأوركسترا القاهرة السيمفوني.

وانطلاقا من أهمية الفن ودور القوى الناعمة فى تنوير المجتمع نطرح هذا السؤال: هل اهتم وزير الثقافة أو رئيس الوزراء بعرض الفيلم على سيادة الرئيس ولفت نظره اليه ؟ اعتقد أن ذلك واحد من أهم أدوارهم.. فى ظل هذا الظرف المرتبك عالميا، حيث يقف العالم كله فى مواجهة وحش التطرف والإرهاب، كما اننا نحتاج العديد من الافلام التى تسير على هذا المنوال وتحرض على التفكير والتسامح .

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
الاسم
عنوان التعليق
التعليق