هذه ليست معارَضة لترامب ترغب في التعبير عن آرائها أو في الضغط عليه لتغيير بعض قراراته أو سياساته، وإنما هذا رفض له يستهدف إسقاطه. وهي سابقة تاريخية ليس لها شبيه في الديمقراطية الغربية الحديثة، بل هو خرق لأهم قواعدها بأن يمتثل المرشح الخاسر ومؤيدوه إلي نتيجة الصندوق، وأن يُخلوا الساحة للفائز وجماهيره للتعبير عن فرحتهم. ولكن الجديد، هذه المرّة، أن يقتصر المشهد علي من خسروا، مع إصرارهم علي تكرار تصويتهم الانتخابي بالاعتراض ولكن في شكل رافض، بمجرد إعلان النتيجة في نوفمبر الماضي وقبل نحو 70 يوما من تسلم الفائز مهامه. فورا عمَّت التظاهرات عددا من الولايات، ثم ازدادت اتساعا بسرعة غير عادية، وارتفعت أعداد المتظاهرين، ثم علا صوتهم يوما بعد يوم، ثم ازداد الاحتقان فور أدائه اليمين الدستورية، وما إن بدأت وعوده الانتخابية العلنية في التحول إلي قرارات لا مفاجأة فيها، حتي اشتعل الموقف، الذي يتفاقم يوميا بسرعة رهيبة صار من الصعب توقع مداها!
أقوي ما يُردّده المتظاهرون أنه ليس كل ما يعد به المرشح يتوافق مع الدستور والقانون! وكان يُفتَرَض أن يكون هذا عامل اطمئنان إلي قدرتهم، عن طريق السبل السياسية والقانونية المعتمدة، علي وأد هذا النوع من الوعود إذا تحوَّل إلي قرارات. ولكن يجب الالتفات إلي عامل آخر مهم، لا يقلل من أهميته أن تكون أجهزة الدولة العميقة القوية وراء اتجاه التخلص من ترامب، لخطورته عليها في حال فضحه سياساتها التي ورطت فيها البلاد. وكان هذا واحدا من وعوده، التي لا تتعارض مع الدستور والقانون.
المهم لدي المتظاهرين الجادين المخلصين لبلادهم، والمهمومين بدروها الإيجابي في العالم، هو هذا الخطر الحقيقي الذي يمثله ترامب للمبادئ والقيم التي لم يعد لها سوي وجود نظري، والتي صارت مُهدَّدة علي يد ترامب بأكثر مما مضي. وهذا هو ما يجعلهم يتمردون علي الجانب الإجرائي في الديمقراطية الذي يُكبِّلهم بنتيجة الصندوق! وكان للشعب المصري السبق في 30 يونيو.
[email protected]
[email protected]لمزيد من مقالات أحمد عبد التواب; رابط دائم: