رئيس مجلس الادارة
أحمد السيد النجار
رئيس التحرير
محمد عبد الهادي علام
صباح الخميس الماضي، الموافق 19 يناير، وتحديدا الساعة 9:53، أى قبل 7 دقائق من افتتاح تداولات البورصة المصرية، بثت وكالة رويترز على خدمتها العربية للمشتركين خبرا عاجلا من سطر واحد يقول : «مصدران فى وزارة المالية لرويترز : مصر تدرس إعادة تطبيق ضريبة الدمغة على معاملات البورصة». وبعدها بثوان، بثت رويترز الخبر مكتملا، ولكن بتغيير طفيف فى العنوان، ليصبح : «مصدران : مصر تدرس إعادة فرض ضريبة الدمغة على معاملات البورصة»، وتضمن الخبر تصريحات من «مصدرين مطلعين فى وزارة المالية»، لم تذكر اسم أى منهما، وجاء فى نص الخبر : «قال مصدران مطلعان فى وزارة المالية لرويترز اليوم الخميس إن مصر تدرس إعادة العمل بضريبة الدمغة على معاملات البورصة بعد أن جمدتها فى عام 2014»، ثم مضت الوكالة تقول فى فقرة أخرى: «وقال مصدر آخر بوزارة المالية إن الآن هو الوقت المناسب لفرض الضريبة على البورصة وهى فى أفضل حالاتها .. الضريبة ستكون أعلى بكثير من النسبة السابقة وهى واحد فى الألف». وفى الخبر نفسه، نقلت رويترز تصريحات عن مسئولين بالبورصة ومتعاملين ومصدرين تصريحات تفيد بقلقهم الشديد من هذه «الأنباء»! انهارت السوق المصرية بسبب خبر «رويترز» بطبيعة الحال، بعد أن تداوله المتعاملون فى البورصة على طريقة «دى رويترز يا جدع»! وفى تمام الساعة 11:39 من صباح اليوم نفسه، بثت «رويترز» تقريرا تفصيليا بعنوان «خسائر حادة لبورصة مصر صباحا وسط أنباء عن فرض ضرائب جديدة»، علما بأن هذه «الأنباء» لم تكن سوى معلومات رويترز المجهلة! وعلى مدى اليوم، بثت رويترز أكثر من خبر عن «ترنح» البورصة المصرية، و«انهيار» البورصة المصرية، و«تراجع» البورصة المصرية، وبالتفصيل الممل، وكل ذلك بناء على الخبر «المشموم» إياه، والذى كبد البورصة خسائر فى نهاية اليوم تقدر بنحو 19 مليار جنيه. وبعد أن اطمأنت الوكالة «المحترمة» إلى أن التداولات قاربت على الانتهاء، أو انتهت بالفعل، بثت التقرير نفسه بالعنوان نفسه، ولكن مع إضافة جملة صغيرة على استحياء فى نهاية الخبر تتضمن نفيا صريحا وقاطعا من نائب وزير المالية عمرو المنير لفرض ضرائب أرباح البورصة الآن، وتأكيدا واضحا بأن الوزارة «ملتزمة بتأجيل تطبيق ضريبة أرباح البورصة ثلاث سنوات»، أى أن المصدر الرسمى والحقيقى نفى هذا الكلام، ولكن رويترز لم تنشره إلا بعد أن كانت البورصة قد أغلقت أبوابها، وخسر من خسر! وكانت «الأهرام» موفقة للغاية عندما صدرت فى اليوم التالى بخبر عنوانه “شائعة تكبد البورصة خسائر 19 مليار جنيه”، ولكن لم يهتم أحد بتعقب المصدر الأصلى للشائعة, هل هى «رويترز»؟ أم أن رويترز بريئة، ويوجد مسئولون فى وزارة المالية يلعبون بالنار؟ أم أنها بالونة اختبار غبية من الحكومة وتراجعت عنها؟! كل الاحتمالات ممكنة، ولكن «رويترز» تحديدا لها سوابق كثيرة فى نشر الأخبار السلبية ومجهولة المصدر عن مصر، حدث هذا فى تغطيتها لمعارك سيناء، وقضية ريجيني، وأزمة الدولار، وفى أخبار مربكة مثل سفر وزير البترول لإيران الذى بثته الوكالة ثم تراجعت عنه دون اعتذار! ولكن الشائعات هذه «كوم»، و«الافتكاسات» كوم آخر، ومنها التقرير المضحك الذى بثته «رويترز» الخميس الماضى أيضا للتسخين لذكرى 25 يناير وقالت فيه إن مؤيدى السيسى يحاربون البرادعى بالتسريبات لأنهم يخافون من شعبية البرادعي! .. ترى، متى تراجع «رويترز» نفسها؟! وإلى متى تكتفى الدولة بنفى عشرين شائعة يوميا، دون أن تفكر ولو مرة فى تتبع مصادر الشائعات و«إسكاتها» أو فضحها؟! لمزيد من مقالات هانى عسل