رئيس مجلس الادارة
أحمد السيد النجار
رئيس التحرير
محمد عبد الهادي علام
وقد يسأل سائل: وهل الاستماع فن من الفنون التى يجيدها بعض الناس، دون بعضهم الآخر؟، هذه ناحية يجهلها الكثيرون.. والسر فى الجهل بها، هو ما يظهر من سلبيتها.. فالاستماع فى الظاهر أمر سلبى.. ولكن الاستماع يمكن أن يكون نشاطا إيجابيا بكل معنى الإيجابية، والإيجابية فى الاستماع هى التى تعطيه قيمته، فالشخص المشحون بالانفعالات، والآلام النفسية، يريد أن يفرغ ما فى جعبته إلى شخص عطوف أمين يقف من المتكلم فى أمرين: القوة، والعطف.. القوة الخالية من العنف.. والعطف الذى لا ضعف فيه. هذه مقدمة فى الاستماع، والذى نود أن نقدم له هو فى الواقع، الاستماع إلى الشباب.. فلهم مشكلاتهم المتعددة، فالشباب من الثانية عشرة.. حتى العشرين، يمر فى مرحلة تركت خلفها طفولة ضعيفة، وتستقبل أمامها رجولة فتية، أو أنوثة قوية. فعندما يجتاز الفرد هذه المرحلة، يتأثر فى تفكيره، وآماله، وآلامه، وانفعالاته بآثار الماضى، وتوقعات المستقبل، وفى هذا نجد أن الأمور لا تسير فى اتجاه متزن، وإنما تعتريها الهزات والاضطرابات. من هنا نجد أنه من الضرورى معاونة الشباب على اجتياز هذه المرحلة، اجتيازا يقوى ثقته بنفسه، وبمن حوله فى الحاضر والمستقبل. والحقيقة أننا نفترض أن المشكلات ليست كلها مشكلات الشباب، فهى كثيرا ما تكون مشكلات الآباء الذين يضيقون أحيانا ذرعا بأبنائهم، لأن أفكار الأبناء لا تنسجم مع أفكارهم.. وهى أيضا مشكلات المعلمين، الذين يريدون أن يعلموا الأبناء، من الطلبة والطالبات أشياء لا يريد هؤلاء أن يتعلموها. وهكذا نجد مشكلات.. بعضها بين المنزل والشباب، وبعضها الآخر بين دور العلم (المدرسة ـ الجامعة) والشباب.. ومنها ما هو بين الشباب ونفسه، وبين الشباب والمجتمع. أما مشكلات الشباب مع نفسه، فإننا نجده مرحا أحيانا، منقبضا أحيانا أخرى، نجده يفكرفيما حوله بعقل واسع أحيانا.. وبعقل ضيق الأفق أحيانا أخرى.. ونجده وقد قطب وجهه أحيانا، ثم نراه وقد انفرجت أساريره أحيانا أخرى. والشاب فى كل هذا قد اعترته تغيرات بدنية، وعقلية، وعاطفية.. ويحدث هذا بسرعات مختلفة.. فيختل الاتزان أحيانا.. ويتوازن أحيانا أخرى. وليس هناك توجيه ثابت مخطط يمكن تقديمه، لينطبق على كل شاب، وشابة، أو على جميع الشباب، فكل شاب يختلف عن الآخر، وكل شابة تختلف عن الأخرى، وحتى الأخوان اللذان نشآ فى بيت واحد يختلف أحدهما عن الآخر. لهذا لابد أن نعتبر أن كل شاب وشابة.. كتاب قائم بذاته، يجب أن نقرأه، ونحاول أن نفهمه.. ولكى نفتح هذا الكتاب، ونقف على ما فيه.. علينا أن ندع صاحبه يتكلم.. ونطلب من أنفسنا أن نستمع.. نتركه يتكلم فى انطلاق وثقة، وندع أنفسنا نستمع فى أناة وصبر، وتفهم وتعمق.. وبهذه الطريقة وحدها، يمكننا أن نستنبط ما يجب اتباعه لمعاونة الشباب. معنى ذلك أن الأمر لا ينتهى بالاستماع، وإنما الاستماع هو وسيلة الفهم والبدء فيما يتلو ذلك من خطوات تتبع بعضها مع الشباب نفسه، ويتبع بعضها مع الآباء، ويتبع بعضها الآخر مع المدرسين.. ويتبع بعضها أيضا مع أصحاب المؤسسات ورجال الأعمال، التى يعمل فيها الشباب. فمن مشكلات الشاب مع أسرته، رغبته فى الاستقلال، وفى إثبات وجوده، وفى رفضه معاملته معاملة الطفل، وما يقع بين هذين الأمرين، من صراع جد عنيف. كذلك فى ميدان العمل، نجد أن نوع العمل قد يناسبه وقد لا يناسبه، وأن فرص العمل أمامه قد تكون منفتحة أو غير منفتحة، وأن معاملة الرؤساء قد تتفق مع طموحات الشباب المتفتح، أو قد لا تتفق. وللمجتمع مشكلاته شديدة التأثير، على الشباب، فهو يفرض على الشباب قيودا يثورون عليها إذ يعتبرونها من تراث الماضى المتحجر، تضغط عليهم، وتجعلهم يقعون بين المطرقة والسندان، ويسلكون مسالك شتى فى المقاومة، أو التكيف بصور شتى. خلاصة القول إن الشباب هو المعبر الذى يعبره الناشئ أو الفتاة، تاركين خلفهم الطفولة، ومستقبلين أمامهم، الرجولة أو الأنوثة، ومسئوليات الحياة الكاملة. فى الخاطر، والذاكرة مقولة للإمام »على بن أبى طالب« لاشك تساعدنا جميعا على فهم الشباب. يقول الإمام على كرم الله وجهه: (لا تُكرهوا أولادكم، على عاداتكم، فقد خلقوا لزمان غير زمانكم)!. لمزيد من مقالات د.سامية الساعاتى