رئيس مجلس الادارة

أحمد السيد النجار

رئيس التحرير

محمد عبد الهادي علام

رئيس التحرير

محمد عبد الهادي علام

كيف تصل الدولة إلى من يهمهم الأمر ؟!

هناك حالة من فقدان الاتصال بين الدولة والناس، وظهرت بقوة بعد حكم محكمة القضاء الإدارى فى قضية تعيين الحدود البحرية بين مصر والسعودية،

حيث كانت الدولة على يقين من سلامة موقفها، إما الرأى العام، أو الجزء النشط منه على الأقل، فقد كان متصلبا فى الاتجاه المضاد. الأمر بصدد هذه الحالة له جوانب متعددة أكثرها أهمية الجانب السياسى حتى ولو كانت الجوانب القانونية هى التى يكثر الحديث عنها بعد تفصيلها على مقاس المتحدث. وبغض النظر عن الأبعاد الإستراتيجية للموضوع، فإن ما اشتركت فيه هذه الحالة مع حالات أخري، فهى أن وجهة نظر الدولة لا تصل إلى الناس، لأنها حينما وصلت، كما حدث مع ما بات مسميا باسم «ثورة الغلابة ١١/١١»، فإن النتيجة كانت فاضحة بالفشل لأعداء الدولة. ولكن للأسف فإن مثل هذا النجاح ليس ذائعا بشكل كاف، وأكثر من ذلك فإن الشائع هو وجود حالة من الفشل الإعلامى حتى رغم ما تمتلكه الدولة من أدوات إعلامية كبيرة من محطات تلفزيونية وإذاعية وصحف قومية عامة وخاصة.

الغريب فى الأمر أن ذلك يحدث رغم أن الدولة لديها ما تقوله لشعبها لأن هناك جهدا خارقا للعادة يجرى على أرض مصر للخروج بالدولة من حالتها الراهنة، إلى انطلاقة تاريخية كبري، ومن ثم فإن «الإعلام» المطلوب هو إعلام عن هذه الحالة من الجهاد القومى من أجل خروج مصر من دائرة عالم الدول النامية، ولحاقها بعالم الدول المتقدمة. هو من ناحية اعتراف بحالة مصر كما هي، ومن ناحية أخرى تنويه بجهد المصريين، قادة وشعبا، على الخروج من هذه الحالة. المعضلة مع هذا الوضع هو أن أعباء طائلة باتت ملقاة على عاتق رئيس الدولة الذى بات عليه أن يقوم بأدوار مؤسسات كاملة فى عرض المشروعات القومية وتسليط الضوء عليها، وشرح سياسات الدولة فى الإصلاح الاقتصادي، ودفع الشعب دفعا للتطلع إلى الأمام بدلا من النظرة الدائمة إلى الخلف. وتاريخيا فإن هذه المهمة كانت ملقاة على عاتق «الهيئة العامة للاستعلامات» التى كان عليها فضلا عن شرح وتوضيح سياسات الدولة المختلفة، والتشبيك بين الجهد الإعلامى لمؤسسات الدولة، وكل ذلك فى الداخل والخارج، فإنها كانت تخطط للظهور الإعلامى لرئيس الجمهورية وتفاعله مع الرأى العام.

ما جرى لهذه الهيئة أنها فقدت الكثير من قدراتها خلال السنوات القليلة الماضية،وجاوزها الزمن منذ وقت بعيد، وأصبحت مؤسسة بيروقراطية، كثيرة الموظفين، وفاقدة المصداقية داخليا وخارجيا؛ والمدهش أنه رغم ذلك قام الإخوان المسلمون بضم ولايتها لرئاسة الجمهورية تمهيدا ربما لإطلاقها لترويج البرنامج الدعائى للمنظمة الإرهابية. الآن هناك حاجة ملحة لاتخاذ خطوات «ثورية» تكفل للهيئة العامة للاستعلامات المساهمة الإيجابية فى عملية البناء الحالية فى مصر بحيث توفر لها التفهم، والتعاطف، والاستعداد للمساعدة والمساهمة والاستثمار والمساندة. وحتى يمكن ذلك لابد من تغيير «العلامة BRAND» الخاصة بالهيئة بدءا من تغيير اسمها وحتى مضمونها وطريقة عملها. والمقترح هنا هو أن يحل محل الهيئة كيان آخر تحت مسمى «مركز مصر المعاصرة» يقوم بمهمة الإعلام الرسمى المصري، ويوجه بوسائل متنوعة الإعلام المصرى كله بالتأثير والمعلومات، ويكون عونا للسيد رئيس الجمهورية فى التعامل مع الإعلام الداخلى والعالمي.

مهمة «مركز مصر المعاصرة»، ومكانه الطبيعى مؤسسة الرئاسة، هى الدفاع إعلاميا عن نضال الشعب المصرى من أجل التقدم واللحاق بالعصر الحديث، ووضع مصر فى مكانها اللائق بين شعوب ودول العالم. هو المركز المعبر عن ثورة الشعب المصرى على واقع لا يتناسب مع حضارته الطويلة؛ وسعيه الدءوب من أجل التقدم متماشيا فى ذلك مع التراث العظيم لمصر عبر تاريخها الطويل، ومع ما تزخر به الدولة من إمكانات وطاقات هائلة.هو الهيئة المكلفة برسم السياسة الإعلامية للدولة، موضحا الرسالة الإعلامية فى كل مرحلة، ومستخدما كل الوسائل والوسائط الممكنة من أجل توصيل هذه الرسالة، والرد على الدعاية المضادة فى الداخل والخارج. وهو فى النهاية المعبر عن رئيس الجمهورية فى المجال الإعلامي، من أول التحضير لخطبه المختلفة فى الداخل والخارج، وحتى شرح ودعم ما يطرحه من خطط وسياسات، وخاصة أمام المراسلين الأجانب فى القاهرة، وبالتواصل المستمر مع وسائل الإعلام العالمية.

وحتى ينجح مثل هذا المركز فإن عليه خلق قنوات مع مصادر المعلومات المختلفة فى الوزارة، والوزارات، ومكاتب المحافظين، والسفارات المصرية فى الخارج، والجهاز المركزى للتعبئة والإحصاء، وأمثالها بحيث يتوافر له مسار دائم للمعلومات اللازمة لتجهيز رسالة إعلامية ناضجة، وآنية، ونافذة للقارئ والمستمع والمشاهد. هذه الرسالة لديها أدواتها ممثلة فى المكاتب الخارجية لمصر، بحيث تكون مؤثرة فى الرأى العام والنخبة السياسية فى البلدان التى يكون فيها للرأى العام والنخبة السياسية وزن فى اتخاذ القرار، ويكون لمصر فيها مصالح كبيرة، ويكون للدولة هذه إشعاع إعلامى كبير يجرى خارج حدودها. وهذه الدول هى الولايات المتحدة، والمملكة المتحدة، وفرنسا، والاتحاد الأوروبى (بروكسل)؛ وما عدا ذلك فإنه لا توجد حاجة لمكاتب أخري، مع توجيه موارد المكاتب المصفاة إلى عمل المراكز المذكورة. ومع تفعيل النادى الصحفى للمراسلين الأجانب فى مصر، يجرى وضع خطط للعمل الإعلامى على المديات القصيرة والمتوسطة والطويلة المدي، بحيث تتماهى «الثوابت» المصرية فى الحضارة، والبناء، والتخلص من التخلف، وهزيمة الإرهاب، والاعتدال الديني؛ مع المواقف المختلفة التى تتولد عن الظروف والتى تحتاج للعمل الإعلامى السريع. التناسق والانسجام بين هذا وذاك بالغ الأهمية، ويحتاج لمهارات وقدرات خاصة. الإعلام هو جزء لا يتجزأ من القرار السياسي، ودونه فإننا نواجه مواقف صعبة.

لمزيد من مقالات د. عبدالمنعم سعيد

رابط دائم: