رئيس مجلس الادارة
أحمد السيد النجار
رئيس التحرير
محمد عبد الهادي علام
وذلك بالعمل على وضع أطر جديدة ونظم مختلفة تساعد على تطوير العمل داخل الدولاب الحكومى حتى يتم تفعيل قدرات وطاقات العنصر البشرى وإعادة تأهيل وتدريب الفئات والأجهزة المرتبطة بهامع توافر المؤسسات والآليات المناسبة التى تمكنهم من التعامل السليم مع الأجهزة الحكومية ومساءلتها ومحاسبتها. وقد أشار تقرير منظمة الشفافية العالمية الصادر أخيرا تحت عنوان الناس والفساد فى الشرق الأوسط وشمال أفريقيا الى العديد من النتائج الهامة منها ان المؤسسات الحكومية تعتبر الأعلى بين المجموعات المختلفة فى الفساد يليها مسئولو الضرائب ثم هيئات الحكم المحلي. كان من الطبيعى فى ظل كل هذه النتائج الناجمة عن سوء أوضاع المشتريات الحكومية أن تحظى بالاهتمام العالمى جنبا إلى جنب مع الاهتمام المحلى، وفى هذا السياق جاءت اتفاقية الأمم المتحدة ضد الفساد والتى تجسد مبادئ أساسية وهى سيادة القانون وحسن إدارة الشئون العامة والممتلكات العمومية والنزاهة والشفافية والمساءلة. وتطالب بمواءمة كاملة ووافية للتشريعات الوطنية مع متطلبات الاتفاقية، لاسيما فيما يتعلق بالأفعال الخمسة التى يعد تجريمها إلزاميا فى الاتفاقية. وهى رشو الموظفين العموميين الوطنيين ورشو الموظفين العموميين الأجانب وموظفى المؤسسات الدولية العموميين واختلاس الممتلكات أو تبديدها أو تسريبها من قبل موظف عمومى وغسل العائدات الإجرامية وإعاقة سير العدالة. كما تطالب بوضع قواعد محددة لنظم التوظيف الحكومى تقوم على مبادئ الكفاءة والشفافية وتقدم أجورا كافية ومنصفة للعاملين، مع وضع مدونة سلوك للموظف العام، يوضح فيها العمل الوظيفى والأنشطة الأخرى التى يقوم بها والاستثمارات والموجودات. إلخ وكذلك تطالب بوضع نظم محددة لمنع تضارب المصالح والمحاباة والمحسوبية بحيث تُفرض قيود، حسب الحاجة ولفترة زمنية معينة، على ممارسة الموظف العام السابق لأنشطة محددة، أو على عمل الموظف العام فى القطاع الخاص، بعد استقالته أو إقالته أو تقاعده، وذلك عندما تكون هذه الأنشطة أو الأعمال لها صلة مباشرة بالوظائف التى تولاها فى أثناء خدمته العامة.وتطالب أيضا بوضع نظام للمشتريات الحكومية شفاف وتنافسى وقائم على معايير موضوعية بحيث يصبح فعالا فى منع الفساد. وقد أحسن الدستور المصرى صنعا حين وضع العديد من المواد (مثل 109 و145 و166 ) التى تحول دون استفادة الوزراء وأعضاء مجلس النواب ورئيس الجمهورية، من مواقعهم وعدم مزاولتهم أى أنشطة أو تعاملات تجارية أو صناعية أو مالية مع جميع أجهزة الدولة. وهى خطوة مهمة وضرورية، ولكنها تتطلب المزيد من العمل الجدى مع المشكلة. وهنا توجد عدة محاور يأتى على رأسها ضرورة تعديل قانون المناقصات والمزايدات الحالى بغية تجنب وضع الحواجز غير الضرورية التى قد تقلل من عدد مقدمى العطاءات عن طريق وضع حدود دنيا من الشروط تتناسب مع حجم ومحتوى العقود. والتأكد، إن أمكن، من أن المبالغ المطلوبة للعطاءات توضع بشكل مناسب للجميع ومتسقة مع الهدف المراد الحصول عليه.جنبا الى جنب مع تسهيل إجراءات التقدم للمشتريات الحكومية والسماح لها بوقت كاف لكى تتمكن من تقديم العطاءات مع العمل على نشر التفاصيل من خلال الصحف والمواقع الإلكترونية. وكلها أمور تتطلب تحديد الشروط بأقصى قدر ممكن من الوضوح والشفافية عند طرح المناقصة وتحديد المواصفات بما يسمح بوجود منتجات بديلة كلما أمكن ذلك. هذا فضلا عن ضرورة العناية باختيار المعايير كما يجب ألا تؤدى إلى إعاقة أصحاب المشاريع الصغيرة أو المتوسطة الحجم. ومن الأمور الهامة أيضا ضرورة إنشاء آلية منظمة وفاعلة لتقديم الشكاوى من جانب الشركات للإبلاغ عن اى مشكلة تتعلق بالشفافية او الممارسة مع الأخذ بالحسبان وجود نظام لحماية الشهود والمبلغين. مع إحكام الرقابة والسيطرة التنظيمية على الأسواق بما يرفع من كفاءة الخدمة العامة ويقضى على الممارسات السلبية، ويتيح العمل فى إطار مؤسسى وفقا لقواعد ومعايير محددة فنيا واقتصاديا وماليا. وأخيرا ضرورة العمل على الحد من تضارب المصالح لما لها من آثار إذ تؤدى إلى فقدان الفعالية وتقليل المنافسة والحد من المتقدمين إلى العطاءات الحكومية، مما يزيد من تكاليف الحصول على الخدمة أو السلعة الحكومية مع ما يؤديه ذلك من زيادات فى التكاليف والأعباء على المالية العامة للدولة.إذ ان استغلال المصالح فى المشاريع الحكومية الكبرى يعد عقبة كودا فى طريق التنمية المستدامة، حيث تسبب خسائر فادحة فى المال العام اللازم للإنفاق على بعض مجالات الإنفاق العام كالصحة والتعليم ولتخفيف الفقر، ومن ثم يرتبط بتراجع مؤشرات التنمية البشرية. كما يسهم استغلال النفوذ فى تدنى كفاءة الاستثمارات العامة وإضعاف مستوى الجودة فى البنية التحتية العامة وذلك بسبب الرشاوى التى تحد من الموارد المخصصة للاستثمار وتسيء توجيهها او تزيد من تكلفتها، بالإضافة إلى انتشار الوساطات والغش مما يؤدى إلى تدنى المشروعات العامة. مع إمكانية استغلالها فى العديد من الجرائم الاقتصادية مثل التهرب الضريبى أو التهريب الجمركى مما يؤدى إلى ضياع قدر لابأس به من الأموال التى كان من الممكن ان تذهب لتمويل التنمية. وكلها أمور تهدف إلى تعزيز المنافسة والشفافية فى المشتريات الحكومية والمناقصات العامة والحد من مخاطر التواطؤ، وذلك عن طريق توفير كل المعلومات اللازمة عند طرح المناقصة او الممارسة الحكومية، وبالتالى يجب جمع المعلومات حول الموردين المحتملين ومنتجاتهم وأسعارهم وتكلفتهم ومعرفة الأسعار البديلة، وهو ما يتطلب بالضرورة وجود حزمة من القوانين المدنية والجنائية الواضحة والمعلن عنها بالقدر الكافى مع إنفاذ القواعد القانونية والتنظيمية وتفعيل إجراءات المحاسبة المالية وتطوير الجهاز الإدارى للدولة مع تفعيل المنافسة، ورغم أن هذه الإجراءات وغيرها قد تستغرق بعض الوقت فإنها تعتبر ضرورة قصوى للحد من الفساد فى المشتريات الحكومية. لمزيد من مقالات عبد الفتاح الجبالى