رئيس مجلس الادارة

أحمد السيد النجار

رئيس التحرير

محمد عبد الهادي علام

رئيس التحرير

محمد عبد الهادي علام

المحافظ بين التعيين والانتخاب

يلعب المحافظون في بلادنا دورا كبيرا مؤثرا في حياة الناس بالمحافظات حيث إن المحافظ يعتبر المسئول الأول داخل محافظته عن الخدمات وكل ما يحتاجه المواطنون.. بدءا من الحصول علي شهادة الميلاد وحتي شهادة الوفاة علي مر العمر، ومن بين الخدمات «الصحة والتعليم والطرق والمواصلات ومياه الشرب والصرف الصحي وحتي تنظيم الأسواق، هذا غير مسئولية المحافظ عن الأمن والآداب العامة »الاخلاق« وغيرها ، وامام تلك المسئوليات فإنه علي أرض الواقع لا يمتلك المحافظ اي صلاحيات أصيلة ولكنها بالتفويض، حيث إن المحافظين محاصرون بالمركزية الشديدة داخل محافظتهم بين وزراء »الزراعة والتعليم والري والصحة والآثار والأملاك الزراعية وحتي الهيئات السيادية».

ويظل المحافظ دون امكانيات قانونية او مالية تمكنه من الاداء بدوره علي خير وجه، ورغم الجذور التاريخية الطويلة للمحليات في بلادنا منذ إنشاء البلديات عام 1805، ومنذ أن صدر المرسوم الذي كان ينظم أسلوب تعيين المحافظ »عام 1883« والذي اشترط أن يكون المحافظ من رجال البوليس، واستمر أسلوب تعيين المحافظين لرجال البوليس فقط حتي صدر قانون المحليات رقم 124 لسنة 1960 باستمرار نظام التعيين للمحافظين مع التوسع ليكون الاختيار بين »الدفاع ـ الداخلية ـ القضاء اعضاء هيئة التدر يس بالجامعات«، أي أن نظام التعيين للمحافظ قد استمر في تاريخ المحليات الحديث في بلدنا مذن الستينيات وحتي الآن (2017) 57 عاما صدر خلالها »71« قرارا بتعيين المحافظين.

والنتيجة أن متوسط عمر عمل المحافظ لا يتجاوز 8 أشهر تقريبا.. وهي فترة قصيرة للعمل بالمحافظة بالقياس مع تناقص خبرات العمل بالمحليات ، حيث إن المحافظين كانوا يأتون من جهات لا تمكنهم من أي خبرات سابقة بالمحليات ، الأمر الذي أدي إلي تبديد الجهود وعدم الاستفادة للمواطنين بالمحافظات المختلفة وأدي إلي تأخير التنمية في بلادنا مع عوامل أخري.. ومن هنا فإن تجربة تعيين المحافظين في بلادنا التي استمرت »181 عاما« علي امتداد سنوات التاريخ القديم والحديث أصبحت تحتاج إلي إعادة نظر.

صحيح أن هناك حركة محافظين تستمر 6 اشهر وبعضها عاما او اكثر والبعض بلغ 4 سنوات وأخري استمر لمدة 11 عاما وأن بعض المحافظين كانوا لمدة قصيرة في محافظة واحدة والبعض تنقل بين 4 محافظات.. ولكن ظل عمر المحافظ قصيرا في المتوسط.. ولعل المفيد أن تتم إعادة النظر في نظام تعيين المحافظين لما له من سلبيات أصبحت واضحة منها الولاء لصاحب القرار ،فضلا عن عدم وجود فترة زمنية محددة لعمل المحافظين، بالإضافة إلي أن نظام التعيين لم يعد ملائما نحو التطوير إلي اللامركزية كما جاء الدستور الجديد 2014 في المادة «179» التي تنص علي (ينظم القانون شروط تعيين أو »انتخاب المحافظين« ويحدد اختصاصاتهم) ليتناسب ويستجيب لمطالب الدراسات والابحاث التي كانت تطالب بتطوير المحليات من المركزية الشديدة المسيطرة إلي آفاق اللامركزية الديمقراطية.

ومع قرب إصدار قانون جديد للادارة المحلية يتواكب مع الدستور يجري حاليا جدل واسع في المجتمع بين المفاضلة بين التعيين او الانتخاب للمحافظ. ويري اصحاب رأي التعيين انه الأفضل للاسباب الآتية:

الاستقرار الي مانعرفه من تقاليد التعيين والخوف من العصبية والقبلية والخوف من المال السياسي والرشاوي وتأثيرها علي الانتخابات للمحافظين .

أما الذين يؤيدون انتخاب المحافظ فإنهم يؤكدون نضج القوة الناخبة بعد ثورتين وهو ما أظهره نتائج الاستطلاعات العلمية سواء لمركز الدراسات السياسية للاهرام مارس (2012) او المركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية ديسمبر 2016 وهناك فكر جديد يتواءم مع التطوير الديمقراطي للمجتمع اكد عليه الدستور بالنص علي المفاضلة بين التعيين والانتخاب وهو مكسب دستوري وفيما يتردد عن التخوف من مجاملة المحافظ للقبيلة أو العصبية فإنه لا مجال لذلك التخوف، خصوصا أن معيار الانتخاب يخلق روح المنافسة والاستمرارية والنجاح والعمل علي إرضاء المواطنين وتحقيق التنمية، كما أن مجاملة المحافظ لا يمكن أن تتم لا للعائلة أو للقبيلة أو حتي للمال السياسي لأن المجالس المحلية المنتخبة طبقا للدستور سوف يكون لها صلاحيات رقابية منها حق الاستجواب وسحب الثقة من المحافظ، كما أن المحافظ سوف يكون مسئولا عن تطبيق آليات استراتيجية مواجهة الفساد التي أعلنتها الدولة فضلا عن المسئولية الاجتماعية والقانونية للمحافظ أمام القانون والدستور .

ومن هنا نطرح أهمية أن يكون المحافظ بالانتخاب وتكون له فترة زمنية محددة حتي لو تم ذلك بشكل جزئي أو مرحلي علي أن يكون انتخاب المحافظين المباشر هو الاساس تبدأ الآن وتستثني المحافظات الحدودية لمدة انتقالية »4« حتي تنتهي ونقضي علي مواجهة الإرهاب الأسود، وبعد فإن أي خطوة ديمقراطية تساعدنا علي تحقيق اللامركزية وتنمية المحافظات وتطوير الخدمات ومواجهة الفساد هي خطوة لبناء الدولة الديمقراطية الحديثة التي نريدها أفضل.

لمزيد من مقالات عبدالحميد كمال

رابط دائم: