رئيس مجلس الادارة

أحمد السيد النجار

رئيس التحرير

محمد عبد الهادي علام

رئيس التحرير

محمد عبد الهادي علام

عندما أحرقوا نبى الله.. حيا!

أدار الموسوعة العلمية والأدبية والصحفية التى اسمها الدكتور مصطفى محمود مفتاح التشغيل والانطلاق فى مركبة الزمن التى يخفيها الصديق ورفيق الطريق د. زاهى حواس عالم المصريات داخل كهف مسحور بين قدمى أبو الهول العظيم كاتم أسرار المصريين منذ بزوغ فجر الحضارة المصرية حتى يومنا هذا.. ونسى مفتاحها فى زحمة مشاغله وسفرياته معي..

ولأن عالم المصريات مشغول ببرنامجه التليفزيونى العجيب.. فقد ذهبنا وحدنا عبر الزمان والحقب والقرون والسنين إلى عالم لم نشهده ولم نعشه وإلى أقوام سادوا فى الزمان الغابر، ثم بادوا.. فلا أحد فى هذه الدنيا يبقي.. ولا أحد تظلله مظلة الخلود.. إلا الحق فى علاه..


سألنا قائد الرحلة: إلى أين ياعظيم الشأن والشنشان؟

قال: سنخترق حجب الماضى السحيق إلى مدينة «أور» فى بلاد ما بين النهرين والتى نعرفها فى هذا الزمان باسم العراق والتى علمت مع مصر الدنيا كلها ما لم تعلمه فى حضارة بابل وعظمة آشور..

تسأل تاناكانا الراهبة البوذية ورفيقتنا فى رحلة الزمان الغابر: ولماذا أور بالذات؟

قال: لأنها مدينة أول الموحدين فى القرآن الكريم سيدنا إبراهيم عليه السلام الذى توصل إلى خالق هذا الكون وحده فى زمان عبادة الأصنام والأوثان والنار والأجداد والطواطم!

تعود تسأله تاناكانا: وأين هو سيدنا إبراهيم وسط هذه المدينة الغارقة فى غيابات التاريخ؟

قال: صبرا يا سيدتي.. عندما تحط مركبتنا على أرض مدينة أور.. سأقول لك..

{{ملحوظة من عندي: أنت داخل مركبة الزمن لا تكاد تشعر بأنك تتحرك داخل مركبة أو طائرة مروحية أو حتى طبق طائر.. ولكن السكون والصمت والكون السحيق.. ولا شيء خارج النافذة الفولاذية الشفافة سوى الظلام والكواكب والنجوم والأقمار .. حتى الليل والنهار ونور الشمس.. لا وجود لها.. فقط ظلام فى ظلام يتخلله برق وشرارات كهربائية تبرق هنا وهناك وتلمع بين الحين والحين..

أسعدنا وأراحنا صوت موسوعة الأدب والعلم والفكر التى اسمها د. مصطفى محمود بخبر وهو اننا قد وصلنا..

لتحط المركب الرحال أخيرا..إلى جوار معبد هائل يذكرنى بكاتدرائية اياصوفيا فى اسطنبول قبل أن تتحول إلى جامع بعد فتح السلطان محمد الخامس لعاصمة الامبراطورية الرومانية قبل قرون عددا..

يسألنا قبل أن نهبط قائد الرحلة والموسوعة العلمية الأدبية الدينية الفلسفية التى اسمها.. مصطفى محمود: ماذا تريدون أن تشاهدوا هنا فى مدينة أور؟

قالت تاناكانا: أريد أن أشاهد بعيني

سيدنا إبراهيم وهو أول من حطم الأصنام على الأرض فى معبد أور!

وقلت أنا: بل اننى أتوق إلى مشاهدة سيدنا إبراهيم وهو يخرج من بين ألسنة النار التى نصبها لـ أهل أور من عبدة الأصنام سليما معافى كما قال الحق للنار: كونى بردا وسلاما على إبراهيم!

أما العالم العلامة والحبر الفهامة الذى اسمه د. مصطفى محمود فقد قال بمكر العلماء ودهائهم: أما أنا فاننى أبحث هنا فى أور عن صحف إبراهيم وموسى التى ذكرها الله فى كتابه العزيز والتى لم يعثر عليها أحد حتى يومنا هذا!

................

.................

تعالوا نطلق لخيالنا العنان دون حرج أو مرج باننا لا نعصى لله أمرا.. ولا نقول قولا مغلوطا وكل هدفنا أن نزيد الناس إيمانا بالله الواحد الأحد الذى كان أول من عرفه ووحده من بنى البشر هو إخناتون نبى المصريين الأول.. وأزعم هنا أن الثانى أو الثالث هو من الذى سنراه عما قليل داخل هذا المعبد الهائل واسمه أبو الأنبياء سيدنا إبراهيم عليه السلام ولكن قبل أن يبعثه الله بيننا رسولا..

تزغدنى فى جنبى تاناكانا الراهبة البوذية كعادة النساء عندما لا يعجبهن الكلام: أمال الثانى بين الأنبياء اليس هو بوذا العظيم؟

الرد هنا للموسوعة المتحركة عبر الزمان والمكان التى اسمها د. مصطفى محمود: لا ثانى ولا ثالث.. بوذا آمن بشيء اسمه «الكل المطلق» ولم يؤمن بالله الواحد الأحد.. ولكن الذى فعل وآمن هو عمنا زراديشت نبى بلاد ما بين النهرين.. من هنا نجد أن بوذا بإلهامه الديني.. لم يتقدم خطوة على إخناتون أو حتى زراديشت نبى الفرس.. وإنما تأخر عنهما كثيرا..

قالت لفورها: يبقى الثانى أو الثالث لا أعرف من هو هذا الفتى الذى اسمه إبراهيم عندما كان فى شبابه والذى نراه يتحرك أيامنا الآن بحمل معوله بين تماثيل هذا المعبد الكبير لالهة مدينة أور!

قال الموسوعة العلمية والأدبية والفلسفية التى اسمها د. مصطفى محمود: ما قالته تاناكانا هو كبد الحقيقة.. والغريب أن الذى صنع هذه التماثيل العملاقة هو أبو إبراهيم نفسه!

صاحت تاناكانا: انظروا يا رفاق أمام أعينكم مشهد لا يتكرر ولن يتكرر للأبد!

ها هو الفتى إبراهيم يتحرك وفى يده معول كبير وها هو ينهال به على كل تمثال يقابله هدما وتكسيرا.. ولكنه ترك تمثال كبير الآلهة واقفا وحده.. وقد علق فى رقبته المعول الذى حطم به كل تماثيل المعبد الكبير..

وها هم زوار المعبد قد بدأوا يتوافدون.. أنا اكاد أسمع الآن وقع أقدامهم يتقدمهم كبير الكهان الذى هاله ما يري.. كل التماثيل قد أصبحت حطاما.. فيما عدا أكبر التماثيل وقد تعلق فأس إبراهيم برقبته!

امام اعيننا سأله فى لهفة كبير الكهان: من فعل هذا يا فتى بآلهتنا تحطيما وتكسيرا؟

قال الفتى إبراهيم بكل هدوء: إنه كبيرهم هذا الذى مازال المعول الذى حطم الأصنام معلقا برقبته.. سلوه أنتم: من فعل هذا بآلهتكم.. إن كانوا ينطقون؟

صمت كبير الكهان لا يدرى ماذا يقول: لأن التماثيل حقا لا تنطق ولا تتحرك ولا تقول!

..............

..............

تركنا مركبة الزمن.. خلف المعبد الكبير وذهبنا نشاهد مشهدا عجبا.. مشهد احراق الفتى إبراهيم عندما كان صبيا..

أمامنا.. ونحن مختبئون خلف جدار بيت قديم هجره سكانه.. مشهد أشبه بيوم القيامة.. كل أهل بلدة أور مجتمعون ومحتشدون بعيالهم وأطفالهم وهم يتابعون بقلوبهم قبل أعينهم الفتى إبراهيم وحراس المعبد يقودونه وهو معصوب العينين مقيد اليدين إلى كومة من الحطب الجاف سريع الاشتعال يدفعونه وسطها.. ثم باشارة من الكاهن الأكبر للمعبد الكبير يلقى الحراس بشعلة نار على الحطب الجاف لتتحرك النار صعودا من الحطب إلى حيث يقف الفتى إبراهيم وحيدا إلا من رحمة الله.. لتمسك ألسنة النار بجلبابه القصير.. ثم ما تلبث أن تمسك ألسنتها بكل جسده النحيل..

تغطى تاناكانا وجهها من هول المشهد والقوم من حوله يهللون ويهتفون بأسماء آلهتهم الصماء البكماء التى حولها الفتى إبراهيم منذ لحظات أمام أعيننا إلى حطام وحجارة.. وابتسامة عريضة مرسومة على وجوه كهان الكفر والضلال.. بعد أن تخلصوا من الفتى الذى أراد سوءا بآلهتهم الصماء البكماء العرجاء!ولكن بديع السماوات والأرض يتدخل ويأمر النار أن تكون بردا وسلاما على إبراهيم كما جاء فى محكم آياته.

يهلل القوم وراحوا يهتفون لإبراهيم الذى لم تأكله النيران وخرج سالما معافيا.. ولرب إبراهيم الله الواحد الأحد..

تبتسم تاناكانا وتأخذ تنهيدة كبيره وتقول لنا: يا له من مشهد عظيم.. لقد آمنت برسالة إبراهيم ولكن أين ذهبت صحفه الأولي؟

يتدخل عمنا وتاج راسنا وقائد مركبة الزمن بقوله: تقصدين صحف إبراهيم وموسى التى تحدث عنها الله فى محكم كتابه العزيز.. لا أحد عثر عليها.. ولا أحد يعرف أين ذهبت؟

بل اننا لا نعرف زمنا محددا لظهور أبو الأنبياء سيدنا إبراهيم عليه السلام نفسه.. ولم يحفظ لنا التاريخ شيئا من صحف إبراهيم التى جاء ذكرها فى القرآن.

أتدخل أنا بسؤال للموسوعة العلمية والدينية والفلسفية والأدبية التى اسمها د. مصطفى محمود: ماذا بقى لنا يا ترى من تعاليم سيدنا إبراهيم أبو الأنبياء؟

قال: التاريخ بكل أسف لم يحفظ لنا شيئا من صحف إبراهيم التى ذكرها القرآن الكريم..

أسأله: وماذا بقى لنا من تعاليمه؟

قال: الذى بقى لنا من تعاليمه:

1 ـ أنه أبو الأنبياء جميعا..

2ـ أنه كان إمام الموحدين بين قومه من العبرانيين الذين عبروا نهر دجلة والفرات والأردن حسب معلوماتي..

3 ـ وأنه نبذ عبادة الشمس والقمر ونبذ الأصنام بل حطمها.. ودعا من قديم الأزل إلى عبادة إله واحد هو خالق الشمس والقمر والنجوم وخالق كل شيء.. ويعاقب على الخطايا ويثيب على الحسنات لخلقه الذين يبعثون بعد الموت.. يعنى هناك بعث وحساب وعقاب للإنسان بعد الموت!

أقاطعه بقولي: كما قالت شرائع القدماء المصريين أنهم أول من عرفوا البعث والثواب والعقاب بعد الموت!

قال: أنت مذاكر كويس يا فتى الفتيان..

قلت: والنص القرآنى يقول هنا:

(الذى خلقنى فهو يهدين (78) والذى هو يطعمنى ويسقين (79) وإذا مرضت فهو يشفين (80) والذى يميتنى ثم يحيين (81) والذى أطمع أن يغفر لى خطيئتى يوم الدين (82) سورة (الشعراء: 78 ـ 82)

ولكن العبرانيين انتكس حالهم إلى وثنية بدائية بعد موت إبراهيم. وجاء موسى من بنى إسرائيل، ليجدهم عاكفين على الأصنام والطواطم وعبادة الحيوان والأشجار كغيرهم من الأمم المتخلفة فى هذا الزمان الغابر.، فدعاهم إلى عبادة الإله الواحد الذى سماه «يهوا»

<<<<<

ولا تذكر لنا المخطوطات الإسرائيلية القديمة ولا التلمود نفسه ـ إذا لم أكن مخطئا فى ظنى هذا ـ التى تروى عن هذه الحقبة شيئا عن صفات هذا الإله الواحد.

ولا تذكر أيضا شيئا عن البعث والآخرة والحساب والعقاب التى تحدث عنها القرآن الكريم فى محكم آياته..

أقاطعه بقولي: وتحدث عنه أيضا يا عزيزى كتاب الموتى الذى وضعه كهان الديانات المصرية الذين عرفوا البعث بعد الموت.. والحياة فى الآخرة.. بعد الحساب والعقاب.. ولكن ذلك حديث آخر.{

Email:[email protected]

Email:[email protected]
لمزيد من مقالات عزت السعدنى;

رابط دائم: