رئيس مجلس الادارة

أحمد السيد النجار

رئيس التحرير

محمد عبد الهادي علام

رئيس التحرير

محمد عبد الهادي علام

د. فاروق الباز فى حوار بدأ حزينا وانتهى بضحكات من القلب
زيادة مرتب المعلم بحجة التفرغ للمدرسة «كلام فاضى»..الرئيس يحلم بأن يكون الطالب المصرى «راس براس» مع الأمريكانى

حوار : أنور عبد اللطيف
حضر الدكتور فاروق الباز فى الموعد المحدد صباح الأحد الماضى وغابت ابتسامته، كان الغضب واضحا على وجهه حين التقيته فى الجامعة البريطانية بمدينة الشروق، عرفت السبب قبل أن نجلس ونبدأ الحوار حين بادرنى مستغربا بسؤال: أى نوع من الفكر الإنسانى الذى يدفع شاب لتفجير دور العبادة فى أثناء الصلاة فى الكنيسة البطرسية فيطيح بأبرياء مابين شهيد وجريح، فتفجير أماكن العبادة عمل إجرامي وحشى لايقترفه إلا من فقد الإحساس بمعنى الوطن والمواطنة فى أى مكان بالعالم.

والأدهى من ذلك ـ واصل الدكتور الباز ـ أن يحصل هذا فى مصر بلد العبادة المصون منذ فجر التاريخ فهذا غير معقول. لقد أتى الى مصر العظيمة قادة وحكماء وأنبياء يحتمون بعقيدتهم بين أَهلها الكرام. من يقوم بمثل هذا العمل الإجرامى لا يمت بأى صلة الى شعب مصر العظيم ، أقباط مصر هم احفاد اجدادنا ودينهم يمجده القران الكريم الذى يأمرنا أنه «لا إكراه فى الدين». علينا جميعا ان نواسى أهل الشهداء وان نطلب من الله إسكانهم فسيح جناته. علينا ايضا ان نعمل جاهدين لإزالة أسباب مثل هذا العمل البغيض بالتأخى والمواطنة الصالحة،

فسألته ما هو أفضل إجراء نتخذه فى مواجهة هذا العمل الجبان الذى يهدف لزرع اليأس من اى خطوة للأمام؟ فقال على الفور : نتخذ الاحتياطات الأمنية والتشريعية التى تضمن محاكمة هؤلاء القتلة والتعليمية التى تضمن تحصين عقول أبنائنا من الفكر الذى يروجون له، ونواصل بجدية رفع شعار هيا بنا نعمل، بنفس الجدية ونفس الحماس .

وبنفس الجدية بدأنا الحوار :



> على خلفية مشاركتك أكثر من 100 شاب في الملتقى الشهرى الأول الذى حضره الرئيس عبد الفتاح السيسى ولفيف من علماء مصر ثم استعدادك لحضور مؤتمر علماء مصر الذى تنظمه وزارة الهجرة ..ألم يدعوك هذا للابتسام والتفاؤل ؟

أجاب الدكتور فاروق الباز بعد أن عادت إليه ابتسامته التى صارت جزء من ملامحه البشوشة :الحوار مع الشباب هو الأمل الحقيقى فى مصر، انتهى الزمن والجيل اللى تقول له «عيب» فيخجل وتقول له «ما تعليش صوتك» فيسكت، إذن لابد من الحوار معهم حتى لو تكلم بما لا يعجبنا يجب ألا «نسيبه ونمشى». فجيلى والجيل التالى لى لا يعرفون ما يجرى فى العالم مثل ما يعر ف ويعى الجيل الجديد، لذلك لا بد من التعامل مع الشباب على قاعدة انهم اصحاب المستقبل، وهم مهمون وآراؤهم مطلوبة، ولن تستقيم الأمور إلا إذا سمعناهم أو تركناهم يشتغلون ويقررون مستقبلهم، كما يفعل الرئيس دائما، يشعرهم أنه يريد أن يسمع رأيهم ويشركهم فى قراراته، ويشجعهم على التعبير، وقبل هذا يشعرهم دائما بأن مصر دولة كبيرة بشبابها وواثقة فى نفسها وعظيمة بمشاركتهم.

> الثقة بالنفس دائما كانت تواجه دعوات تحبيط وتيئيس وأننا أقل من الشعوب المتقدمة ونقارن أنفسنا دائما ونقول «إيش أوصلنا لأمريكا والدول المتقدمة».

ـ يقاطعنى الدكتور فاروق قبل أن أتم السؤال قائلا: هى دى عدم الثقة بالنفس. الثقة هى غاية هذا الحوار المطلوب مع الشباب، كنا أحسن من هذه الشعوب زمان، ومازال لدينا رصيد من الأفكار التى تعيدنا إلى صدارة الأمم كما كنا.

> هل هناك أفكار عن تطوير التعليم طرحت خلال المؤتمر وجدت نفسك معجبا بها ؟

ـ طبعا طبعا.. لكنها رؤوس جسور للقضايا الأساسية، لم يكتمل بعد الهيكل الأساسى للمخطط التعليمى الذى نعد له ونكرس كل جهودنا للوقوف وراءه وتنفيذه، نحن فى المجلس الاستشارى لدينا مخطط. ووزارة التعليم، والبحث العلمى لديهم مخطط، ومجلس الشعب لديه مشروعات لمخطط آخر، ورئيس الجمهورية لديه هدف شامل يسعى لوضعه على طريق التنفيذ، كل هذه الأفكار لم توضع فى بوتقة نخرج منها بخطة متفق عليها مع الخبراء والمجتمع بأكمله يقف وراءها، مازلنا نبحث وندرس كافة الخطط والأفكار والمشروعات ثم تجلس لجنة من الخبراء تشاهد أيضا تجارب الدول الأخرى التى سبقتنا فى هذا المجال ونأخذ ما يناسبنا منها.

ـ هل بدأت تظهر ملامح لخطتنا الرئيسية ؟

ـ الملامح كلها تجمع على أن نبدأ من الأول. المدرس لابد أن يكون له تدريب دائم كل سنة، وأماكن التدريس خربانة، التوافق المجتمعى ضرورى. الأساتذة والمدرسون والطلبة لابد أن يعرف الجميع من البداية كم تستغرق عملية إصلاح التعليم من الوقت وكم تكلفنا.

> هل هناك آلية لمناقشة هذه الأمور داخل المجلس الاستشارى التابع للرئيس ؟

ـ خصصنا أكثر من 75 فى المائة من اجتماعاتنا للتعليم رغم أننا لدينا لجان عن الطاقة الشمسية والكهرباء والمرأة، والصحة، لكننا خصصنا الجانب الأكبر من اجتماعاتنا حتى الآن للتعليم فقط.

> لماذا؟

ـ لأننى، والناس الأكبر منى فى مصر سنا كلهم تعلموا أصول التعليم حين كان التعليم فى بلدنا «عظمة»، حينما كنا جميعا فى المدارس والجامعات، فالمستوى الراقى من التعليم ليس جديدا على مصر ، عندما انتهيت من الحصول على البكالوريوس عام 1959 ، وعينت معيدا ثم حصلت على منحة للسفر إلى أمريكا للدراسة والعمل ، كانت «رأسى براس» أى طالب أمريكانى، لم يكونوا يعرفون أى شيء زيادة عما أعرفه. قرأت الكتب التى قرءوها ونجحت فى الاختبارات التى أجريت لنا جميعا باقتدار، لماذا؟. لأن أساتذتى فى مصر كانوا عظماء، لم يكن لهم هم سوى زراعة العلم كان تعليم طالب واحد عندهم أهم من مال قارون ،

لم نسمع عن الدروس الخصوصية فى الثانوى، كان غاية أهداف المدرس أن يربى بنى آدم ، لذلك كان المدرس محترما، عندما كنا «نزوغ»برة المدرسة فى الشارع لكى «نخمس» سيجارة ونشاهد مدرس العربى الذى ليس له وصاية دراسية علينا فى الناحية الأخرى من الشارع نخبى السيجارة «حتى تحرق كمنا» وحتى لا يرى المدرس هذه الجريمة البشعة التى يرتكبها أحد تلامذته، كان فيه احترام للأستاذ والمدرس والعلم، وكان الاستاذ بالنسبة لنا عظيما، وجدنا هذه القيم فى المانيا وفى أمريكا لأن اساتذتنا أيضا تربوا على أساس علمى وتربوى عالمى سليم، كان أحد أساتذتى هو الدكتور مراد إبراهيم يوسف ـ يرحمه الله ويحسن اليه ـ أتذكر محاضرة أعطاها لنا عن الجيولوجيا الاقتصلادية أى المعادن التى نحصل مقابلها على «فلوس». دخل وكتب على السبورة عناصر الموضوع، وقعد يرص بنود ومطلوب من الطلاب أن يختار كل واحد موضوع يتكلم فيه وهو دوره فقط أن يضيف أو يصحح ويشرح ويفك الغموض الذى يواجه كل طالب. كان هذا هو أسلوب التدريس فى الخمسينيات الذى تأخذ به أحدث الاكاديميات العلمية اليوم ، كتب الدكتور ابراهيم على السبورة: أكاسيد حديد ـ مناجم دهب فضة نحاس ـ و.. و.. وفى الآخر كتب كلمة «داياتومز» ، وجلس وطلب من كل طالب أن يختار موضوعا، ثم أشار إلى فاخترت آخر حاجة ... سألنى: أنت اخترت أصعب عنصر ليه؟ فقلت لأننى مش فاهمها، قال لى: برافو عليك أنا كتبتها لأنى عارف أنها صعبة ثم طلب منى أن استعد لشرحها، .. وهكذا.. كانت التربية العلمية كل طالب كان يقف يشرح المحاضرة.

> ماذا استفدت من هذه الطريقة ؟

عندما وقع الاختيار على لتحديد مواقع هبوط السفينة أبولو على سطح القمر من خلال الصور كنت مؤهلا لذلك رغم أننى قادم من بيت فلاحين فى السنبلاوين وليس على القمر !

المنهج الدراسى كله كل واحد يعد الدرس بالشهور ويقف يشرح للأستاذ والطلاب زمان كان التلميذ يعلم المدرس ، الآن المدرس يصب الدروس فى رأس التلميذ الذى صار آخر من يعلم، والمدرس مضطر لحشو الدروس فى رأس من يدفع أكثر.

> أين نحن الآن من النظرة السليمة للتربية والتعليم؟

ـ الرئيس يحلم بأن يكون الطالب المصرى «راس براس» مع الأمريكانى، لو سمعت كلمتى خلال المؤتمر أمام الرئيس كانت تدور حول هذا المفهوم الخاطئ للتعليم عندنا وكيفية تصحيحه، كل الشهادات التى نحصل عليها من الابتدائية والاعدادية والثانوية والجامعة هدفها عند النظم العلمية المحترمة هى انك تصلح للبحث فيما هو آت، من المراحل وليس أنك بار ع فى المرحلة التى حصلت فيها على الشهادة.

> اشرح يا دكتور من فضلك؟

ـ الشهادة معناها أنها تملك الأهلية «أنك تقدر تعلم نفسك فى المرحلة التالية».. عندما تحصل على الابتدائية ، تستطيع تعليم نفسك مابعد الابتدائية، وعندما تحصل على الاعدادية معناها أنك تلميذ صالح وتستطيع أن تعلم نفسك فى المرحلة الثانوية ، وكذلك الشهادة الثانوية أنك تقدر تعلم نفسك قواعد البحث العلمى فى الجامعة !

> معنى ذلك أن الدكتوراه معناها أنك وصلت «عفارم عليك»؟

ـ لا يا حبيبى الدكتوراه معناها انك تقدر تضيف إلى العلم فى مجالك، معناها أنك أصبحت قادرا على أن تقرأ المجلات العلمية المعتبرة والكتب ، وإذ لم تضف للعلم وللمجتمع برسالة الدكتوراه تصبح بلا قيمة «أنت وشهادتك» ياحضرة الدكتور!

> أخشى أن نستمر فى سلسلة من المؤتمرات والتوصيات وتقضية واجب كما يفعل طلاب الثانوية الآن ، كيف ننتهى من هذه المؤتمرات بخطة ملزمة على رقاب الجميع للتنفيذ ؟

ـ ما نفعله الآن هو محاولات للوصول إلى خطة ملزمة سواء مجموعة الشباب التابعين للرئاسة أو مجموعة المجلس الاستشارى أو مجموعات العمل الوزارية. كل ده ماشى فى مسارات عمل محددة فى المخطط هدفها الاجابة على سؤال (نعمل إيه ونعمله إزاى)

هذه المناقشات قد تستغرق سنتين أو ثلاث ـ ما يهمنيش ـ حتى نتفق على مخطط واحد نرى فيه الخلاص لمشاكلنا التعليمية.

> هل استقرتم على مسار أو بدايات مخطط دولة بعينها؟

ـ لا.. مازلنا فى مرحلة دراسة النماذج.. أمامنا نموذج الدول الآسيوية ونموذج الهند ونموذج اليابان، كل هذه النماذج تحت أعيننا، نموذج كوريا الجنوبية قائم على الفكر اليدوى، كيف يشغل الإنسان «بإيديه ورجليه» لكى يصنع ماكينة خياطة ملابس ، وفيه نماذج أخرى لابد أن أستفيد من كل النماذج ما يناسب حياة المصريين وقدراتهم، وارد أن نأخذ من النماذج اليابانى وهم على استعداد لشرح نموذجهم والمساعة فى تطبيقه.

> كما ذكرت أسلوب تدريس الدكتور مراد ابراهيم لكم فى الجامعة ونظرة الاحترام إلى المدرس، هل يمكن تجميع نموذج مصرى نبنى عليه يكون أكثر ملاءمة لنا وسبق تطبيقه بنجاح ؟

النموذج المصر ى نموذج عالمى، لأن كل دول العالم التى تقدمت كانت تأخذ من معين واحد طبقه من قبل المصريون بنجاح قبل أن يتعرضوا للخيبة التى حلت بهم، كل النماذج الناجحة كانت تقوم على : واحد..احترام المعلم، اتنين .. مشاركة الطالب والطالبة فى النقاش، والابتعاد عن التلقين .

كيف يكون المعلم محترما وماهو مفهوم الاحترام بدون اكتفاء ذاتى وتأمين حياته المادية والعائلية حتى لا يمد يده؟

ـ ما يقال عن تأمين حياة المدرس أو زيادة راتبه ليتفزغ للمدرسة «كلام فاضى» فى نظرى، فمن حق المعلم أن تتحسن أحواله إذا أخلص فى عمله كالطبيب والمهندس والكناس، لكن كيف أضمن للمعلم حياة مادية، ولا أضمنها للطالب ولا لوالد الطالب حتى يستطيع أن يتعلم، وربط الشرح بالفلوس هو المرض الحقيقى بعينه،لأن العلم لا يبنى على شرط تأمين الحياة المادية أولا، الأستاذ والمدرس إذا لم يكن فى نيته الخالصة وعائده أن يشاهد نتيجة عمله تكبر وتزدهر ويشعر بالفخر عندما يرى أحد تلاميذه على قمة العلم فلا لزوم للتعليم، ولا لوجع القلب، لا يهمه إذا كان يعيش فى غرفة واحدة أو غرفتين أو عنده قصر فتحقيق الذات من الناحية العلمية يختلف كلية عن تحقيق الذات من نواحى ترف الحياة ومباهجها، ربط رسالة التعليم المقدسة بالمكسب والخسارة هو البلوى بعينها..

كيف يشعر المدرس بأنه بذر البذور ثم نماها وتفتحت أمام عينيه، أجمل حاجة عندى وأنا أدرس لطلابى أن يعرف تلميذى معلومة لا أعرفها أنا، أو يسألنى سؤالا وأقول له أنا لا أعرف، تعال نبحث عن الإجابة سوا.

> كيف يا سيادة العالم ومعلم رواد الفضاء ، وهيبتك أمام تلاميذك ونظرتهم لك كأنك فى نظرهم أبو العريف ؟ علمنى أرجوك..كيف؟

ـ كل ما أحاول أوريهم أنى فاهم قوى كل ما كان ده غلط، لكن كلما تمكنت من أن أجعلهم يشتركون معى فى الفكرة العامة للدرس أكون قد نجحت، دورى أن أجعله هو الذى يفكر فى حاجة جديدة أو وسيلة أحسن ممكن يضيف لى لأن دورى فى الجامعة أن أحفز الطالب (هاو تو كنتربيوت).. كلما ابتعد عن المنظومة المكتوبة كلما كان ذلك عظيما، ربيت فيهم الشك فى المنظومة وربيت فيهم المشاركة فى كيفية تطويرها والاضافة اليها، وكيف اشرحها أحسن هذا هو دورى كمعلم وليس دورى أن «أفرد عضلاتى» عليهم وأثبت لهم دائما إنهم سميعة أو كراسى!

> هل التدريس لطالب ثانوى أو جامعى أصعب من التدريس لطالب دراسات عليا ؟

ـ ليست صعوبة ولكن اختلاف فى التدريس لطالب الثانوى أو الجامعة هناك أساسيات للعلم لا بد أن يأخذ بها الطالب أما فى الدراسات العليا فمهمة الطالب أن يضيف للأساسيات، وماذا يستطيع أن يزيد عليها ويطورها لمن يأتى بعده ، ألآن يأتينى رسائل من مصر نصفها منقول وحشو بطلت أشرف على رسائل من هذا النوع ، حتى بعض الرسائل منقول فى مكان غلط ، بطلت الاشراف على الرسائل الواردة من مصر بسبب الحشو الأكاديمى، وعدم جدوى الرسائل المنقولة فى خدمة العلم.

سد النهضة

> هل تتابع المفاوضات التى طالت زيادة عن اللزوم فى سد النهضة، هل بقى لهذه المفاوضات جدوى؟

ـ طبعا أتابعها، نمرة واحد كما قلت لك من قبل أننا نسينا أننا فى أفريقيا ونسينا علاقتنا بالدول الأفريقية وأجدادنا أدركوا ذلك فالوضع لن ينصلح إلا إذا نمينا علاقاتنا بأفريقيا، ونرجع لمركزنا وموقعنا فى أفريقيا، أما الكلام الذى يذكر عن مشروع نهر الكونغو كلام بعيد وصعب تحقيقه، ولو تحقق لا نضمن له الدوام، ففى المرحلة الأولى أنت تحتاج ماكينات رفع المياه من الناحية الأخرى لكى تصب فى الواطى المتجه نحو شمال القارة، هذا عكس طبيعة النهر، لابد أن يكون المجرى طبيعيا لأضمن له الاستمرار ، وممكن الزيادة،

انحدار النهر لابد أن يكون طبيعيا؟

ـ ومن يضمن أن يعطيك المياه ببلاش ، وارد جدا أن يكون هناك تعثر بين الدول.

هل أنت متفائل باستمرار التفاوض ؟

ـ نعم متفائل .. بتقدم المفاوضات لا خلاف على أهمية السد لأثيوبيا ، كل القصة هى ملء السد لو امتلأ فى سنتين سيؤثر على مصر لأنه سيقلل الكمية، لكن امتلاءه فى عشر سنوات لن نشعر بمشاكل فى الملء ، المياه مورد طبيعى من حقهم أن يستفيدوا منها بما لا يؤثر على حقوقنا، ولا يجب أن نحرمهم من استغلال المورد الطبيعى فى حدود القواعد القانونية والتاريخية المنظمة، كما ليس من حق أحد أن يأتى لياخذ تربة طينية من مصر أو رمالا من سيناء، المشكلة فى سرعة ملء الخزان، هذه هى القصة الدبلوماسية وهى محتاجة شغل دبلوماسى على مستوى عال، بما فيها أن نكون طرفا فى بناء السد، وشريكا فى حل المشاكل بصفتنا لدينا خبرة سابقة فى بناء اضخم سد من قبل، فالبديل الأفضل أن تتفاوض وتشارك.

> هل هناك مخاطر أمنية إذا انهار السد؟

كل سدود العالم هناك نسبة مخاطر أمنية، سد أسوان فيه مخاطر أمنية ونحن شركاء مع أثيوبيا فى التفكير والتخطيط، ولدينا مجموعات تشارك معهم ومع السودان ، والمخاطر يمكن التغلب عليها بالتكنولوجيا الحديثة ، لابد أن أساعدهم فى التغلب على أى مخاطر محتملة.

(فاصل لإشعال البايب على الماشى).

انتخبت هيلارى

> من واقع معايشتك للانتخابات الأمريكية هل انتخبت هيلارى أم ترامب؟

ـ انتخبت هيلارى طبعا لكنى كنت متخوف ألا تفوز.

> كيف ؟

لأن عندهم اتجاها عاما من الحكومة الأمريكية، وهيلارى ـ لو فازت ـ ستكون امتدادا للوضع القائم بخيبته وجموده وعلاقته المهببة بالارهاب ، الانسان الأمريكى عاوز يغير، يريد ربيعا أمريكيا كالربيع العربى، والربيع البريطانى والربيع الايطالى، انجلترا قررت أن تخرج من الاتحاد الأوروبى، الأمريكان أيضا قرروا التغيير ، الامريكان انتخبوا حد بيقول لأ وهناك وساطة وتواطؤ بين الحكومة ورجال الأعمال.

وكان موقف ترامب من مصر متحضرا عكس ما كان يتردد فى الكونجرس، كان عندهم وهم أن السيسى سيكون مثل صدام حسين والقذافى، لكن الحقائق أثبتت غير ذلك ، ودعمه لمصر كان جادا جدا، وكثيرون من الحزب الديموقراطى بدءوا يصلحون من مواقفهم، ولو أثبت ترامب أن ما كان يقوله أثناء الحملة صحيح وأثبت جدية فى ذلك سواء فى علاقاته الخارجية ومكافحة الارهاب ومساندة اصدقائه وتحسين الأحوال الاقتصادية سينجح.

> والمظاهرات ضده ألا تحمل ملامح «عالم ثالث» ؟

ـ المظاهرات ليست جديدة لكن هذه المرة الإعلام الموالى أو المعادى له لعب دورا فى تضخيمها ، الاعلام الأمريكى هو الذى أنجح ترامب ، لأن الناخب الأمريكى قال «لا» للإعلام وللحزب الحاكم، وترامب حتى اليوم يسب فى الاعلام علنا ويتهمه بسوء التقدير لانتقاده موقفه فى التقارب مع الروس.

> وماذا علينا أن نفعل وما هو المطلوب من مصر حتى نحافظ على صورته الجيدة عن دورها.. هل نعزز الشراكة الاستراتيجية مع أمريكا مثلما حدث زمان؟

ـ المطلوب من مصر أن تدعم علاقاتها مع جميع الدول، حتى تحترم أمريكا إرادتها ونشتغل وننتج لخلق مصالح مشتركة مع الجميع لكى نثبت أننا دولة كبيرة جدا، ومكانه فى محيطنا الأفريقى والعربى أولا، لكى نكون مفتاح أفريقيا فعلا يستشيرنا عندما يريد حل مشكلة أفريقية أو عربية ، مصر مع العرب لابد أن نكون يدا واحدة فى الحوارات العالمية.

وما هو مفتاح هذا الاحترام هل ما قاله الرئيس عن التعامل بعزة وكبرياء لا تكبر ؟

ـ ما قاله الرئيس السيسى روشتة هائلة أن نبنى علاقاتنا على أساس الاحترام المتبادل والثقة بالنفس دون تعال أو غرور، ولابد أن تكون هناك قنوات تحتية مع هذه الدول تمنع عدم تسرب أى خلافات أو تفاصيل إلى الإعلام.

> وهل يستطيع أحد أن يستغنى عن الاعلام؟

ـ ترامب نجح رغم أنف الاعلام، وأثبتت التجارب أن أى شيء يشترك فيه الاعلام بيخرب، فالبعد عن الاعلام غنيمة، مايمكن علاجه بالدبلوماسية لا يصلح للتداول فى الإعلام، شاهد ماذا فعل الاعلام فى العلاقة بيننا وبين السعودية بعض المواقع جعلت السعودية عدو مصر الأول، ونسينا عدونا الحقيقى، وهذا لا يليق فى علاقات الدول الكبيرة مع بعضها إذ لم نعترف بأن السعودية جزء من أمن مصر القومى ، صحيح حصل «لبخ إعلامى» بين الدولتين فى مرحلة ما وسوء تخطيط في توقيت إثارة بعض القضايا، فيما يتعلق بالجزيرتين عمانا مجموعة اتفاقيات بالمليارات ثم الاعلان عن إعادة الجزيرتين فى نفس التوقيت الأمر الذى فهم على أن الدولة تبيع الأرض، وهذه مقاربة خاطئة تماما ، قلت وقتها أن هذا «خلل ذهنى» وخطأ فى السياسة الخارجية ، كيف أعلن ملكية الجزيرتين فى نفس وقت توقيع اتفاقيات الفلوس، المعالجة الخطأ هى ما أوقعتنا فى الورطة حتى الآن !

> قلت إن من الخطأ تصوير السعودية على أنها عدو مصر الأول، رغم أنها لابد أن تكون سندى وأمنى من أمنها ولو مصر بعدت عنها سينفرط عقدها، وأنا معك تماما فى هذا لكن من هو عدو مصر الأول؟

ـ ليس هناك أعداء لمصر. ليس هناك سبب لعداء فلسنا دولة احتلال، ولا اغتصاب حقوق الغير وليس هناك مبرر للعداء مع مصر، ولكى نصلح علاقات بلدنا بكل دول العالم نصلح اقتصادنا.

> كان لك رأى فى مسألة تعويم الجنيه، وإصلاح موقف العملة المصرية فى مواجهة الدولار، وقلت أن هناك اتفاقا بين مصر والصين على التعامل بالعملة المحلية هل توضح ذلك؟

ـ حصل.. قلت هذا وهناك اتفاق بالفعل وهذا الاتفاق مع دولة كبيرة كالصين كفيل باصلاح وزن العملة فى البلدين ، لكن هذا لا يحل المشكلة ، لأن ديون مصر كبيرة جدا ، ونسددها بالدولار، لكن حين أسدد الديون باليوان الصينى تفرق 6 مليارات دولار، وممكن أن أطبق هذا مع الروس ومع اليابان.

> وخلاصة الكلام .. أكرر من هو عدو مصر الأول؟

ـ بجد ..بجد.. احنا إذا لم نؤكل نفسنا كما فعل أجدادنا لن نكسب احترام العالم، ولن يعيش لنا صديق وهنروح فى ستين داهية.

> فعلا دى الخلاصة يا دكتور فاروق «إذ لم نطعم أنفسنا هنروح فى ستين داهية»

عادت له ابتسامته وضحك بصوت مجلجل وقال:

وانت هتجيب لى مصيبة لو نشرت الكلام ده.. وبس !

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
الاسم
عنوان التعليق
التعليق