رئيس مجلس الادارة

أحمد السيد النجار

رئيس التحرير

محمد عبد الهادي علام

رئيس التحرير

محمد عبد الهادي علام

الهدف القادم.. الأمن المركزى!

انشغلت مصر خلال الأيام المنصرمة بالحديث حول فيلم رخيص المعانى أطلقته القناة القطرية (الرسمية) ــ الجزيرة ــ تسعى من خلاله للنيل من شرف الجندية المصرية؛ وزاد الفيلم رخصا كونه مصنوعا بواسطة شخص شاءت الأقدار أن يولد فى مصر ويحمل جنسيتها، ولكنه أثبت للناس أجمعين ــ وبجهد شخصى بحت ــ أنه لا يستحق هذا الشرف!

والفيلم وإن جاهد من أجل التندر بالجندية المصرية عموما، فإنه أثبت ــ دون قصدــ أن صانعه هو أبعد ما يكون عن إدراك مفهوم العسكرية؛ ذلك أنه راح يسكب قفشاته التافهة على بديهيات الجندية، ويزج بتصوره الشخصى الساذج عن العسكرية من وجهة نظره البائسة فقط والمستوحاة فيما يبدو من أفلام هوليوود الخادعة؛ يتندر تارة بالتدريب على الخطوة العسكرية وطوابير العرض التى هى بالأساس ألف باء الإعداد العسكرى للمستجدين القادمين من غياهب (فوضى) الحياة المدنية؛ ويتندر أخرى بتدريب الجنود على طاعة الأوامر من خلال أوامر يقصد بها ألا تكون منطقية؛ متناسيا أن الهدف ليس هو فحوى الأمر الصادر فى حد ذاته بقدر ما هو تدريب الفرد (المقاتل) على إطاعته وقت البأس وإن لم يكن مقتنعا، بل وبلغ به حد السفه أن يبدى تعجبه من إجراء الكشف الطبى على المجندين قبل إلحاقهم بالخدمة؛ ويكأن فى ذلك امتهانا لآدميتهم.. أى كلام!

وبعيدا عن هذا الفيلم التافه من وجهة نظرى والذى أعطيناه أكبر من حجمه ، دعونا نثب فوق الحدث ونحلق فى رحاب المعنى، وهو ما كنت قد كتبت عنه من قبل فى المكان نفسه منذ فترة طويلة محذرا من حملة ممنهجة لشق صف الجيش المصرى من خلال العبث بمبدأ التجنيد الإجبارى؛ فإذا بالنسبة العظمى من قوام الجيش تتمرد فلا يجد القادة جنودا من حولهم!

فكرة خبيثة لا أمل فى تحقيقها سوى بالعزف على أوتار العبودية والتندر بمعانى الجندية و تصوير الأمر على أنه مسرحية هزلية عنوانها الشرف وواقعها السخرة ونهايتها الموت أو الإصابة بعاهة مستديمة؛ وحبذا لو تواكب ذلك مع حملة ممنهجة عبر مواقع التواصل الاجتماعى ترفع رايات التحريض كما أشرنا، ثم حبذا لو تم تأجيج الفكرة بعمليات إرهابية (غير مفهومة المغزى) على الأرض لتعزيز المعنى فى عقول المجندين وبخاصة المستجدين منهم أو من لم يصبهم الدور بعد.

وساذج جدا من يتصور أن هذا الفيلم هو نهاية المطاف، وساذج من لا يتصور ألا يستتبع ذلك ضربا فى قواعد منظومة جندية أخرى فى مصر ــ الأمن المركزي!

فبعيدا عن كونها منظومة جندية موازية فى مصر لا تقل أهمية عن نظيرتها، إلا أن مآخذ كثيرة قد تشوبها (نعلمها جميعا) ربما يتخذها المتربصون مدخلا لشق الصف؛ فلما نضيف نحن إلى ذلك المستوى التعليمى للمجندين فى هذه المنظومة والتى لا نفهم سببا واضحا (للإصرار عليه) حتى تاريخه؛ ثم إذا وضعنا فى الاعتبار حادثة سابقة فى أوائل الثمانينيات (لم يفصح أحد إلى الآن عن الأسباب الحقيقية من ورائها) كادت مصر تدفع ثمنا باهظا بسببها.

ذلك حينما انطلق المجندون من معسكراتهم يعيثون فسادا فى المدائن؛ ثم إذا وضعنا فى الاعتبار (أثرا محتملا) لمثل هذه الحملات الممنهجة التى تستهدف إضعاف الروح المعنوية بالتخويف و التحريض ربما يكون قد بلغ الأسماع ونفذ إلى العقول؛ إذا وضعنا كل ذلك فى الاعتبار، إذن فنحن أمام خطر محتمل لا يقل وطيسا إن لم يزد؛ ذلك لأنك ستتعامل فى هذه الحالة مع (جموع) بسيطة التفكير يجوز توجيهها بالسلب والتأثير على عقولها؛ تسرى الشائعات فى أوساطها سريان الدم وبسرعة البرق.

وأخيرا.. لنا سنوات نتشدق بعبارة (إدارة الأزمات) التى روج لها الإعلام الأمريكى عبر آلته الإعلامية الضخمة، دون أن نفرق للأسف بين معنيين أساسيين:الأول ،هو إدارة الأزمات حينما تقع الأزمات؛ والثاني، هو إدارة الأزمات (من قبل) أن تحدث الأزمات... والفارق كبير للغاية لمن يعلمون؛ إذ يبدو أننا لا نعى الأزمات (بطبيعتنا) إلا حينما تقع الواقعة، فى مقابل أنه ليس فى أدبياتنا ما يشير إلى فهمنا لفكرة (استشعار الأزمة) عن بعد والاستعداد لها بجميع السيناريوهات المحتملة لمواجهتها!

وفى ذلك، فأنا أدق ناقوس خطر داهم محتمل للعبث بهذا الملف، وأتمنى على الله عز وجل أن تفطن الجهة المسئولة بوزارة الداخلية من أجل الإسراع بعمل كل ما من شأنه أن يدحض ما قد يستعد المتربصون لتناوله من هذه الزاوية؛ حتى إذا شرعوا فيما هم ينتوون عمله صحنا جميعا: (قديمة والعبوا غيرها)!

فهل من مستجيب ؟!

لمزيد من مقالات أشرف عـبد المنعم;

رابط دائم: