رئيس مجلس الادارة

أحمد السيد النجار

رئيس التحرير

محمد عبد الهادي علام

رئيس التحرير

محمد عبد الهادي علام

وداعا.. يحيى الجمل

رحل (الخوجة) كما كان يطلق على نفسه احتفاءً بمقعد (المُعلم والأستاذ) قبل أى منصب آخر تولاه فى حياة حافلة بالنضال والعطاء، والاحتواء لأربعة أجيال على الأقل من تلاميذه الذين يذخر بهم كل موقع فى مصر وباقى الأقطار العربية ، يعملون فيه متسلحين بما علمهم أستاذى وأستاذ الأجيال العالم القانونى الأشهر فى أمته العربية الأستاذ الدكتور / يحيي الجمل كان فخرى دائماً انه الأستاذ الذى علمنى كل الحروف ، ومنحنى من الاهتمام ما جاوز به سنوات الدرس على يديه فى كلية الحقوق جامعة القاهرة أوائل سبعينيات القرن الماضى لأظل موضع اهتمامه بإبوة حانية واحتفائه بكل لحظة نجاح أو فرحة تقدم ، ساند خطاى لأحظى بالانتخاب كأول محامية فى مجلس نقابة المحامين المصرية ، وحين نجحت فى عضوية المكتب الدائم لاتحاد المحامين العرب ، كان يشاركنى فى كل مؤتمر للمحامين العرب يعقد فى العواصم العربية بأبحاثه الثمينة فى لجنة مناهضة الصهيونية والتمييز العنصرى ، ومدافعاً عن قضايا الأمة العربية وفى القلب منها القضية الفلسطينية التى منحها عمره مع قادة تيار القوميين العرب .

كدت أطير من الفرح حين وجدته فى قاعة المحكمة الدستورية العليا فى أول جلسة علنية لىَ بعد أن شرفت بأن أكون أول قاضية مصرية ، وحين توج جبينى بكلماته فى بداية الجلسة احتفاءً بحصول المرأة المصرية على حقها ا لدستورى فى تولى القضاء ، وكدت أغادر المنصة لأقبل يديه ورأسه وهو يقول بتواضع الأستاذ والعالم (أفخر بأن أقف إجلالا أمام تلميذتى التى أصبحت القاضى الدستورى) هو الذى علمنى حروف ومعانى الدستور والقانون وخضوع السلطة للقانون، وكان يردد دائماً على مسامعى (ان فلسفة القانون تسبق نصوصه) ويوصينى بالبحث عن الحكمة من وراء القانون كى أعرف كيف أطبقه بعدالة.

حين خرجت من منصبى «عزلا» بموجب النص الدستورى الذى وضعته الجماعة الارهابية فى دستورها وهى فى الحكم عام 2012 كان أول المحامين الكبار الذين صاغوا الطعن الماثل أمام المحكمة الدستورية العليا فى مواجهة هذا العدوان على القضاء المصرى ، وكان أول من اتصل بى ليشد من أزرى ويدعم موقفى المواجه للجماعه الارهابية .

وحين ناديت مائة شخصية وطنية عامة لتأسيس (حركة الدفاع عن الجمهورية ) بعد عزلى كان أسمه الأول فى قائمة المؤسسين وكانت كلماته المدوية فى المؤتمر التأسيسى للحركة عنواناً للدفاع عن القيم الجمهورية وقيمة تاريخ مصر فى بناء د ولة الدستور والقانون ، ومازالت كلماته وثيقة لمن يريد أن يتعلم معنى الدفاع عن الجمهوريه .

اليك أستاذى الراحل العظيم كل التحية والاكبار من شعب ووطن يعرف قدرك جيداً ، أنت الذى لم تخاصم مختلفاً معك فى الرأى ، أنت من أحاط كل من عرفوك بانسانيتك الرفيعة ، وعلمتنا قيمه أن يكون العلم متشابكاً مع قضايا الوطن ، أنت المثقف رفيع المستوى والمناضل الذى لا يهدأ ولا يلين ،

كيف لى أن أنسى دموعك على مكتبك وأنت نائب رئيس مجلس الوزراء خوفاً على سيناء من الضياع على يد الجماعة الارهابية العميلة ، كيف تحملت عبثهم وضلالهم ومؤمراتهم الرخيصة عليك وأنت تقود حواراً قومياً لتضع مبادئ الدستور بعد ثورة 25 يناير خوفاً عليها من الانتهاك على يد الجماعة الارهابية حين بدا أنها قد تحكم مصر !!

من ينسى رسائلك الى مبارك قبل أن تقوم الثورة عليه تطالبه بالاصلاح والتغيير ، كيف لتلاميذك ألا يجدوا مشورتك ونصائحك الغالية فى مرحلة فارقة وخطيرة فى حياة مصر والأمة العربية كلها والتى تواجه خطراً وجودياً عليها .

وهل ستقوم جامعة القاهرة بتدريس منهجك الدراسى فقط للأجيال المقبلة أم ستعُلم هذه الأجيال قصة حياتك ومنهجك فى الحياة وكيف تكون الحياة والعلم والوطنية والالتزام القومى العربى (أوانى مستطرقة) فى حياتهم بجوار العشق للفنون والآداب والجمال والانسانيات الرفيعة التى تفيض على كل من يعبر حياتهم كما فعلت .

سلام عليك أستاذى الجليل يحيي الجمل ، فى مستقر رحمة ربك وفى جوار الحق تنعم بما قدمت يداك لأجيال لن تنسى ما أودعته فيهم من فيض علمك ووطنيتك

أبنتك وتلميذتك


لمزيد من مقالات تهانى الجبالى;

رابط دائم: