رئيس مجلس الادارة

أحمد السيد النجار

رئيس التحرير

محمد عبد الهادي علام

رئيس التحرير

محمد عبد الهادي علام

هذا بعض ما تريده مصر من ترامب

هذه لحظة تغيير فى البيت الأبيض، والرجل القادم يقول بصراحة إن «محاربة الإرهاب» على رأس أولوياته، وأنه يمد اليد إلى مصر، ويعلنها صراحة «أريد أن أكون صديقا لمصر ويمكنها الاعتماد عليه». هذه هى رؤية دونالد ترامب الرئيس الأمريكى المنتخب، وأعتقد أنه يجب ألا نفاجأ، خاصة فيما يتعلق «بوزن مصر»، ودورها فى استقرار منطقة الشرق الأوسط، فقد حاول أوباما أن يراهن على دول أخري، إلا أنه فشل، كما حاول ووزيرة خارجيته السابقة هيلارى كلينتون الرهان على جماعات الإسلام السياسي، إلا أن المصريين هذه المرة هم من أفشلوا المشروع كله، والآن نحن أمام «لعبة جديدة» بقواعد سيتم التفاوض عليها، إلا أن مصر بوزنها تفرض نفسها على الجميع: ترامب والاتحاد الأوروبى وإيران وروسيا وتركيا والخليج! لا يمكن القفز على الدور المصري، فإن ما يهمنا هو الاجتهاد فى تحديد بدقة ماذا تريد مصر من الولايات المتحدة؟.

والمسألة أن البعض لديه رؤية واضحة، فمثلا الخبير الأمنى اللواء خيرت شكرى يقول بوضوح إن الأمر يتوقف على إعلان ترامب جماعة الإخوان منظمة إرهابية، وهنا فإن المعيار واضح للحكم على سياسات الرئيس المنتخب، وبالتالى أعتقد أن ذلك سيكون رمانة الميزان فى مدى تجاوب القاهرة مع ترامب.

وفى الوقت نفسه، فإن الدبلوماسية المرموقة ماجدة شاهين مديرة مركز الأمير الوليد بن طلال للدراسات الأمريكية والبحوث بالجامعة الأمريكية تقول: وأخيرا حسم ترامب موقفه إزاء الإرهاب والإسلام المتطرف من البداية، وهو لا شك موقف سوف يدعم ويقوى من دور مصر الإقليمى وعلى الساحة الدولية. وإذا ما أراد ترامب ايجاد تسوية للنزاع الفلسطينى الإسرائيلي. فمرة أخرى مصر هى القوة الرئيسية الوحيدة التى يمكن الاستعانة بها فى هذا المجال. حوار مطول مع أحد الدبلوماسيين المصريين المتقاعدين قال لي: هل يمكن أن نطلب بصراحة من ترامب أن تتوقف إدارته الجديدة عن التدخل فى الشئون الداخلية المصرية من خلال استخدام منظمات المجتمع المدني»، وأشار إلى أن المسألة أصبحت فجة وتثير الاستياء. وأضاف الرجل أما الإعلام الأمريكى خاصة نيويورك تايمز وواشنطن بوست ـ فهذه حكاية أخري، وقال إن من يونيو 2013 وحتى يونيو 2016، فقد نشرت الجريدتان 100 افتتاحية كلها تنتقد الأوضاع فى مصر، وهى شديدة السوادوهذه حالة غضب من عملية التربص القائمة بشدة تجاه مصر، وهو الأمر الذى دفع الرجل الهادئ ـ ومعه كثير من المصريين والنخبة ـ ليقول بصراحة إن المرحلة الحالية ربما تكون فرصة مواتية لتقديم الشكر لواشنطن، والقول لها نحن لا نرغب فى المعونة الاقتصادية خاصة أنها أصبحت هزيلة بمالا يليق بمصر، وهنا فإن كل ما سبق يؤشر إلى عمق التصدع وعدم الثقة، وبصراحة «عمق الجرح» الذى يشعر به الجانب المصرى من الجانب الأمريكي. وأحسب أن ذلك يطرح تساؤلات جادة حول ضرورة المراجعة الشاملة لجوانب العلاقة، والتى فيما يبدو لا يعمل فيها بشكل معقول سوى التعاون الأمنى والعسكري.

علينا أن ندرك أن ترامب مثلما يقول أوباما ليس «إيديولوجيا» بل «براجماتيا»، والذين تابعوا الحملة الانتخابية وما بعدها يدركون أن الرجل يعرف ماذا يفعل، واستطاع أن يقود فريقا من «البراجماتيين» و«الإيديولوجيين» ليصل إلى الرئاسة.

وتمكن من أن يأخذ إلى البيت الأبيض معه المتشدد ستيف بانون لمنصب كبير الاستراتيجيين والمستشارين، وفى الوقت نفسه اختار المعتدل راينس بريبوس ليكون كبير موظفى البيت الأبيض.

وأحسب أن هذه الخطوة تقول لنا الكثير، فالرجل يريد أن ينجح، ومستعد لتعديل الأمر حتى يحظى بصفقة جيدة، وهنا لابد أن يكون لدينا استعداد دقيق بل «خلية أزمة» لكى تعد ماتريده مصر من ترامب، وقائمة بالقضايا واسئلة دقيقة بشأن ماهى طبيعة الالتزامات الأمريكية مقابل الالتزامات المصرية. باختصار لابد من إعادة الفاعلية لآلية «الحوار الاستراتيجي» المصرى الأمريكى ليكون برعاية القيادة السياسية المصرية والأمريكية، وأن تتضمن هذه الآلية الجديدة «وحدة اقتصادية» وذلك حتى تتم مناقشة تفصيلية لهذا البعد المهم فى العلاقة ما بين القاهرة وواشنطن فى بدء مرحلة المراجعة وتدشين مرحلة جديدة.

وبخصوص المراجعة فقد سبق أن طرحت مطالب مصرية من ترامب وأجد أن من المفيد أن نعيد التذكير بها: أولا: بدء الحوار حول صفقة معونات عسكرية بـ38 مليار دولار لمصر مثل إسرائيل، نظرا لأنها عقدت اتفاقية سلام، بالإضافة إلى الخدمات اللوجيستية، التى تقدمها مصر، والتعاون العسكرى والأمني، وأخيرا خوض مصر حرب ضارية ضد الإرهاب.

وثانيا: ضرورة إعادة التفاوض فيما يتعلق بالدعم الاقتصادى وفقا لاتفاقية كامب ديفيد، والالتزامات القديمة والجديدة على مصر فيما يتعلق باستقرار المنطقة. فلابد أن تتم مساعدة مصر لتتحول إلى قصة نجاح اقتصادية أو «نمر اقتصادى على النيل»، ويمكن البدء بتقديم معونة ضخمة بقيمة 30 مليار دولار على مدى 3 سنوات، وذلك من أجل المساعدة فى توفير الخدمات وتحسين الصحة وثورة تعليمية، ومكافحة التطرف.

وثالثا: تشجيع ومساعدة مصر فى جذب «الاستثمارات الكبيرة» بما لا يقل عن 50 مليار دولار فى مجالات التصنيع والزراعة الحديثة والتصنيع الزراعي، وتكنولوجيا المعلومات وصناعة السيارات، وقطاع التعدين، والأهم قطاع الملابس الجاهزة والمنسوجات حيث لمصر ميزة تنافسية هائلة، ويمكن أن تأخذ مصر حصة أكبر من السوق الأمريكية.

ورابعا: العمل على توقيع اتفاقية تجارة حرة مع مصر حتى يمكنها التعافى الاقتصادى بسرعة، وأحسب أن مصر سوق واعدة ونقطة انطلاق لـ17 مليار نسمة فى الشرق الأوسط وأوروبا وإفريقيا.

وخامسا: العمل على أن يتحول مشروع تنمية قناة السويس إلى «هونج كونج» الشرق الأوسط، وهذه منطقة لها أهميتها وحساسيتها للعالم بأسره.

وسادسا: دعم مصر فى أن تتحول إلى مركز عالمي للبترول والغاز خاصة فى ظل سياسة مصر المتزنة، وانفتاحها على الجميع، وخاصة فى القارة الأوروبية العجوز.

ويتبقى أن هذه بعض المطالب والاحتياجات المصرية، وبالتأكيد فإن التفاصيل الدقيقة للكثير من الأمور لدى الجهات المصرية المختصة، وهى التى سوف تتولى التفاوض بالتأكيد إلا أن المسألة هنا هى أننا نرسل رسالة للرئيس المنتخب بأن «النخبة الوطنية المصرية» تقف خلف هذه المطالب العادلة.


لمزيد من مقالات محمد صابرين

رابط دائم: