رئيس مجلس الادارة

أحمد السيد النجار

رئيس التحرير

محمد عبد الهادي علام

رئيس التحرير

محمد عبد الهادي علام

لمواجهة فوضى الأسعار
التسعيرة «الإرشادية» هى الحل

تحقيق ــ سيد صالح

لا أحد يعرف إلى متى ستظل الارتفاعات المتتالية فى أسعار السلع والمنتجات، وإلى متى سيظل المواطن البسيط يعاني، لتدبير نفقات المعيشة، وتلبية احتياجات أسرته، فى ظل ثبات معدلات الدخل، فى مقابل الارتفاع الجنونى فى أسعار السلع والخدمات. صحيح أن الدولة تدخلت للتخفيف من آثار موجة الغلاء من خلال طرح سلع ومنتجات بأسعار مخفضة، لكن حالة الفوضى التى ضربت الأسواق تحتاج إلى مواجهة حاسمة.

فى محاولة للسيطرة على الجشع والاستغلال والاحتكار الذى تشهده الأسواق حاليا، قرر مجلس الوزراء تشكيل لجنة برئاسة المهندس شريف إسماعيل، رئيس مجلس الوزراء، وتضم وزراء التنمية المحلية والتجارة والصناعة والمالية و التموين والاستثمار، والأمن القومي، وممثلاً عن الرقابة التجارية، والدفاع، ورئيس جهاز حماية المنافسة والمستهلك، لوضع الأساليب المناسبة، لتحديد هامش ربح للمنتجات والسلع الأساسية، وربطها بنظام متطور للتسعير بالتنسيق مع اتحادى الصناعات والغرف التجارية، ووضع ضوابط لمنع الاستغلال والاحتكار، ويبقى السؤال: هل ستنجح هذه اللجنة فى ضبط الأسعار، والتصدى لموجة الغلاء التى تشهدها الأسواق حاليا؟

المواطنون يصرخون

وبشكل عام، ألقى الارتفاع الجنونى فى الأسعار بظلاله على القوى الشرائية لمحدودى الدخل، وأدى لانخفاضها بشكل كبير ، خاصة فى ظل ثبات الدخول، فى مقابل ارتفاع الأسعار، حيث يقول محمد عبد الله «عامل باليومية»، إنه يعمل فى مجال المعمار، وإن ارتفاع أسعار مواد البناء، أثر على حركة البناء ، وأدى إلى حالة من الركود، مؤكدا أنه يقضى يومه على الرصيف فى انتظار من يطلبه للعمل، وأنه يستدين لتلبية احتياجات أسرته.

الأمر ذاته، يؤكده ملاك جرجس » موظف« ، حيث يشكو من ارتفاع أسعار السلع والمنتجات من يوم لآخر، فتزداد الأسعار بشكل غير مبرر، مشيرا إلى أن الأسعار غير مستقرة على الإطلاق، وأن التجار يرفعون الأسعار بمزاجهم، حيث لا توجد رقابة عليهم، ولا أحد يسألهم، ويقول «كل حاجه زادت»، والراتب ثابت كما هو، ويكفى فقط لتلبية احتياجات الأسرة الثابتة كالإيجار، وفواتير الكهرباء، والغاز والمياه، والإنفاق على تعليم الأبناء، ويتبقى مبلغ ضئيل، يكفى لتلبية احتياجات الأسرة لمدة أيام فقط من الشهر، ونعانى حتى وصول الراتب الجديد.

أما أصحاب المحال فيؤكدون أن ارتفاع الأسعار، أصابهم بوقف الحال على حد قولهم، إذ يؤكد محمود عبد العزيز صاحب محل بقالة أنه يدخل فى حالة شجار دائم مع الزبائن، الذين يتهمونه دائما بالجشع، غير مدركين أن الدولار أشعل النار فى الأسعار، وأن ارتفاع سعر الوقود أدى لرفع الأسعار نتيجة ارتفاع تكاليف النقل، فضلا عن ارتفاع تكاليف الإنتاج.

داخل أحد محال السوبر ماركت فى منطقة الجيزة، بادرنا على محمود «موظف»، بالشكوى من تكاليف الحياة المرتفعة، بدءا من فواتير الكهرباء، والغاز، والمياه، وتكاليف الطعام، والملبس، والعلاج، وغيرها من احتياجات أسرته البسيطة، مطالبا بتكثيف الرقابة على الأسواق لضبط الأسعار.

لجنة وزارية

وقد أعطى قرار رئيس مجلس الوزراء، بتشكيل لجنة وزارية على مستوى عال لتحديد هامش ربح للمنتجات الأساسية والسلع الغذائية كما يقول الدكتور عبدالنبى عبدالمطلب الخبير الاقتصادي- أملا لدى المواطن المصرى فى إمكانية ضبط الأسعار، واستقرار أسواق السلع الأساسية.

وللتعرف على أهمية هذا القرار ، وإمكانية تطبيقه فى الواقع العملي، علينا أولا التعرف على أسباب انفلات الأسعار خلال الفترة الحالية. وهنا نتساءل: ماهى أسباب الارتفاعات المتتالية فى أسعار السلع الغذائية خلال هذه الفترة؟ وهل ستشهد الأيام المقبلة اختفاء لسلع غذائية أخرى كما حدث مع السكر؟

الأسباب فى تقديرى والكلام مازال للدكتور عبد النبى عبد المطلب- كثيرة ومتنوعة ومنها : إقرار ضريبة القيمة المضافة ، وهذا فى اعتقادى هو السبب الأول فى زيادة أسعار جميع السلع خلال الفترة الماضية ، فمنذ توقيع مصر لاتفاق على مستوى الخبراء مع صندوق النقد الدولى للحصول على قرض قيمته 12 مليار دولار على مدى ثلاث سنوات، انطلقت توقعات التجار بارتفاع أسعار السلع والخدمات لا محالة، خاصة أن مصر كانت مطالبة بوضع إصلاحات ضريبية تمكنها من زيادة إيراداتها بنحو 32 مليار جنيه، وبالفعل تم إقرار قانون ضريبة القيمة المضافة، وبذلك ارتفعت الضريبة المحصلة على السلع من 10% كما كان فى ضريبة المبيعات، الى 13% فى القانون الجديد.

سعر الصرف

أما السبب الثانى لارتفاع أسعار السلع والمنتجات، فيتعلق بما حدث من اختلالات فى سعر الصرف، إذ لا يخفى على أحد وجود أكثر من سعر للجنيه أمام الدولار فى السوق المصري، وكذلك وجود فجوة كبيرة بين السعر الرسمى والسعر فى السوق الموازية، ومن المعلوم أيضا أن هذه الفجوة تزيد كل يوم، حيث وصل متوسط سعر صرف الدولار أمام الجنيه خلال الفترة أغسطس/ أكتوبر 2016 إلى نحو 14 جنيها لكل دولار، بزيادة تقدر بنحو 55.6% عن السعر الرسمي، ونظرا لعدم تمكن عدد كبير من المستوردين، من توفير الدولار من المصادر الرسمية (سواء من أجل الاستيراد، أو لعدم قدرتهم على الإفراج عن سلعهم وبضائعهم، التى تم الحجز عليها فى الجمارك لحين سداد الرسوم الجمركية)، اتجه هؤلاء لتوفير الدولار من خارج السوق الرسمية بأسعار مرتفعة، وتم تضمين هذه الزيادة على تكاليف الإنتاج أو الاستيراد، وبذلك تم رفع أسعار السلعة عند عرضها للمستهلك النهائي.




يضاف إلى ذلك، القرارات الحكومية غير المدروسة ، والتى تعد - فى تقديرى - أحد أهم أسباب ارتفاع الأسعار، وفى اعتقادى أن أزمة السكر الأخيرة كانت بسبب قرار زيادة أسعاره خارج منظومة التموين، وبذلك أصبح هناك أكثر من سعر للسكر، ومن المعلوم أنه فى مثل هذه الحالات، يرتفع الطلب على السلعة الأقل سعرا، سواء بغرض الاستهلاك المباشر أو التخزين، أو حتى الاتجار للحصول على فارق السعر. ويمكن لأى متابع للسوق المصري، أن يلمس بما لا يدع مجالا للشك ارتفاع كافة السلع، سواء تلك المنتجة محليا بالكامل، ولا يدخل فى انتاجها أى من مستلزمات الإنتاج المستوردة، مثل (الخضراوات والفاكهة والأرز)، أو تلك التى يتم استيرادها بالكامل، او يدخل فى انتاجها مستلزمات انتاج بنسب متفاوتة.

وفى اعتقادي، أن استمرار هذه الأسباب دون معالجة، سيؤدى بالضرورة الى انتقال عدوى أزمة السكر لغيره من السلع الغذائية، وقد يؤدى ذلك لارتفاع أسعار باقى السلع بشكل كبير، حيث إن ارتفاع أسعار السكر، تسبب فى ارتفاع جميع المنتجات التى تستخدم السكر فى إنتاجها بنسب تتراوح بين 20% الى 50% دفعة واحدة ، وخلال فترة قصيرة جدا. بل وصل الأمر إلى أن صرح أحد كبار المستوردين بأن أسعار السلع سواء المستوردة أو التى تدخل فى صناعتها خامات ومواد مستوردة، قد ترتفع بنسب قياسية تصل إلى 100% فى بعض الأحيان، فى ظل استمرار أزمة الدولار، وأن المراقبة على الأسواق، وتحديد الأسعار يحدث بالفعل، لكن التجار ليسوا فى حالة جشع فى الوقت الحالي، لكن أسعار السلع الغذائية هو الذى ارتفع بشكل غير مسبوق خلال الأيام الماضية؛ بسبب سياسات البنك المركزي، وشح الدولار من الأسواق.

سألناه: ألا تعتقد أن تشكيل لجنة لتحديد هامش الربح للمنتجات السلع الأساسية قد تكون خطوة على طريق الاستقرار فى الأسعار، على الأقل بالنسبة للسلع الغذائية والسلع الأساسية؟

- عبد المطلب: فى اعتقادى أن قرار رئيس مجلس الوزراء بتشكيل لجنة لتحديد هامش للربح فى المنتجات الأساسية والتى تضم فى عضويتها وزراء التنمية المحلية والتجارة، والصناعة، والمالية، و التموين، والاستثمار، ورئيس جهاز الأمن القومى ورئيس جهاز حماية المنافسة والمستهلك، يعد قرارا جيدا جدا من الناحية النظرية، لكنه صعب التنفيذ ـ إن لم يكن مستحيلا ـ على أرض الواقع، إذ إن تحديد هامش الربح، هو مجرد إجراء إعلامى لا أكثر، حيث سيكون لدى المواطن فرصة للتعرف على الأسعار الاسترشادية للسلع فى الأماكن المتفرقة من الجمهورية، وفى اعتقادى أن هذا ليس جديدا، حيث إن الغرف التجارية بمختلف محافظات الجمهورية، تحدد قيمة السلع الغذائية، وتنشرها على الموقع الخاص بها، ولذلك فإن تحديد الأسعار ليس هو المشكلة، فالمشكلة تكمن أساسا فى قلة المعروض من السلعة، ولا يخفى على أحد، رحلة البحث عن السكر، او الوقوف فى طوابير للحصول على كيلو سكر.

وعلى ذلك، فالمشكلة ليست فى السعر الاسترشادي، ولكنها تتعلق بتوافر المنتج من عدمه، واعتقد أن تصريحات رئيس مجلس الوزراء تؤكد على عدم وجود نية لوجود تسعيرة جبرية، مشيرا إلى أن القرار الذى تم اتخاذه يختص بتشكيل لجنة وزارية فقط، وهو ما أكده الناطق باسم مجلس الوزراء ، والذى أكد أن تحديد هامش ربح المنتجات الأساسية والسلع الغذائية، ليس تسعيرا اجباريا، لكنه إجراء قد يساعد فى القضاء على جشع التجار، ويقلل من الممارسات الاحتكارية. ومن هنا فاننى لا أعتقد أن تشكيل لجنة لتحديد هامش ربح لسلع الأساسية، سيساعد على ضبط الأسواق او الحد من ارتفاع الأسعار.

وإذا كنت أرى عدم جدوى قرار تحديد هامش الربح للمنتجات الأساسية والسلع الزراعية والكلام مازال للدكتور عبد النبى عبد المطلب- فدعونا نعود قليلا الى ازمة السكر، حيث سنجد أن السبب الاساسى فيها، هو القرار الخاص برفع سعر السكر خارج منظومة البطاقات التموينية، وذلك رغم عدم وجود قواعد لصرف السكر التمويني، او تحديد حصة لكل فرد او لكل بطاقة تموينية، ولذلك فانك تستطيع شراء اى كمية من السلع التموينية مادمت حاملا لبطاقة التموين، وقادرا على دفع القيمة الإضافية لاثمان السلع التى حصلت عليها، فمثلا اذا اخذت سلعا تموينية قدرها 28 جنيها، فسوف تدفع 10 جنيهات فرقا لنصيبك من الدعم، ـ والذى يبلغ 18 جنيها تقريبا للفرد ـ وبين قيمة السلع التى حصلت عليها، ولذلك ارتفع الطلب على السكر التموينى لانه يقل بنحو 1.5جنيه عن السكر فى المحال التجارية خارج منظومة التموين. وقد أدى وجود سعر استرشادى معلن من قبل وزارة التموين الى وضع كل المحال التجارية التى تبيع السعر للمستهلك تحت طائلة القانون حال مخالفتها للسعر الذى أعلنته الوزارة. بل وصل الامرالى إعطاء الحق لمفتشى التموين ومباحث التموين لتحرير محاضر مخالفة لكل من يعرض السكر بغير السعر المعلن، مهما يكن شكل وطبيعة هذا السكر. وقد تابعنا جميعا الاخبار وحملات المداهمة للمخازن والمحال التجارية، بل وصل الامر الى تحرير محضر تهريب سكر لقهوجى تم ضبطه وبحوزته نحو10 كيلوات من السكر.

وهذه الإجراءات جعلت المحال التجارية تحجم عن التعامل فى السكر، وبذلك لم يعد المواطن المصرى قادرا على إيجاد السكر فى موطن اقامته، واصبح عليه ان ينتقل الى حيث المجمعات الاستهلاكية الحكومية، او البقال التموينى اذا كان لديه بطاقة تموين. ومن هنا يتضح ان وجود سعر استرشادي، او سعر محدد طبقا لتحديد هامش الربح، قد يؤدى لاختفاء العديد من السلع الغذائية، مثلما اختفى السكر من التداول، رغم توافره فى مخازن الدولة.




ومن ناحية أخري، - كما يقول عبد المطلب- فإن وجود هامش ربح يتم على أساسه التسعير، هو أمر صعب التطبيق فى الواقع العملي، لان الإنتاج فى كل منطقة يختلف عن المنطقة الأخري، فعلى سبيل المثال يتم حاليا حصاد الأرز فى محافظات زراعة الأرز، ولاشك ان أسعار الأرز فى هذه المناطق ستكون اقل من المناطق التى يتم نقل الأرز اليها، فكيف سيتم تحديد هامش الربح، وبالتالى تحديد السعر؟.ثم هل سيتم تحديد السعر على أساس التكاليف النهائية؟ ومعلوم انها تختلف من مكان الى آخر، ولذلك فإن ذلك سيكون أمرا صعبا جدا.

وهناك أمر آخر فى غاية الأهمية ، وهو أن تحديد هامش للربح سيجعل هناك اكثر من سعر للسلعة، طبقا لطبيعة المكان، وهذا مقبول حاليا، لكننى اعتقد انه سيكون مجرما حال وجود قرار او قانون بتحديد هذا الهامش بشكل عام، وعلى مستوى الجمهورية، وهذا التجريم قد يدفع المحال التجارية الى التوقف عن التعامل فى هذه السلع حتى لا تقع تحت طائلة القانون، مثلما حدث مع السكر.

وفى اعتقادى والكلام مازال للدكتور عبد النبى عبد المطلب- إن هذا الإجراء قد يزيد من حالة عدم اليقين وعدم الثقة الموجودة حاليا بين رجال الأعمال والاستثمار ورجال الحكم، والتى اعتقد ان استمرارها سيقوض كل محاولات النمو والتنمية فى مصر.

6 حلول للمواجهة

ونؤكد مرة أخري، ان قلة المعروض وسوء الإدارة هما السبب الأساسى فى انفلات الأسعار، ولذلك فإن الحلول بسيطة وسهلة ويعرفها الجميع ، وتكمن فى ضرورة إنشاء كيانات مدنية لحماية المستهلك، واقصد هنا جمعيات أهلية وليست حكومية، فكما يوجد لرجال الأعمال والاستثمار كيانات واتحادات تدافع عنهم وعن مصالحهم، يجب ان يكون هناك أيضا جمعيات واتحادات للمستهلكين بنفس الحجم وبنفس القوة، ولا يدخل جهاز حماية المستهلك ضمن هذه الجمعيات لانه مؤسسة حكومية، وتشجيع إقامة جمعيات استهلاكية أهلية فى كل حى وفى كل قرية، يتولى اهل الحى او القرية اقامتها بأموالهم، وادارتها بأنفسهم، وهذا سيسهم فى توصيل السلع الأساسية الى الأحياء والقرى بأسعار مقبولة من ناحية، وتحقيق دخول إضافية للمسهمين فى هذه الجمعيات من جهة أخري، وكذلك ضرورة التوسع فى الإنتاج الصناعى والزراعي، من خلال السلالات الزراعية ذات الإنتاجية العالية، وتوفير الأسمدة والمبيدات الزراعية الملائمة للمحاصيل، ووقف الاعتداء على الأرض الزراعية، والبدء الفورى فى تنفيذ تكليفات السيد رئيس الجمهورية بتمليك نصف مليون فدان للشباب، والبدء فى زراعتها بشكل فوري، وتذليل كل العقبات امام زراعة هذه الأرض، وفى اعتقادى ان انتاج هذه الأرض سيسهم بشكل فعال فى زيادة انتاج السلع الغذائية للسوق المحلي، مما سيقلل أسعارها، مع إمكانية وجود فوائض للتصدير تسهم فى حل مشكلة الميزان التجاري، وتعزز قيمة الجنيه امام الدولار، واستخدام التكنولوجيا والأساليب الحديثة فى زراعة هذه الاراضي، ولا شك ان هناك مشروعات الصوب الزراعية التى تستخدم التقنيات العلمية الحديثة لزيادة الإنتاج وتقليل استخدام المياه، والأسمدة والمبيدات الزراعية، هى تجارب جيدة يمكن دراستها والاستعانة بها فى المشروعات والزراعات التى ستقام فى الأرض الجديدة، بالإضافة إلى دعم مبادرة الجهاز المصرفى المصري، لتوفير التمويل للمشروعات الصغيرة والمتوسطة بمعدل 5% على الاقتراض، وتذليل كل العقبات البيروقراطية التى تعرقل حصول الشباب او المشروعات على مثل هذا التمويل، ولا شك ان زيادة عدد الورش والمصانع ، سيؤدى فى النهاية لزيادة الإنتاج، وزيادة المعروض من السلع.

آليات محددة

وبشكل عام كما يقول الدكتور فؤاد أبوستيت أستاذ الاقتصاد والتمويل بجامعة حلوان- فإن تحديد هامش ربح للسلع هو أمر غير منطقي، ولكن يمكن التحكم فى الأسعار من خلال هامش ربح استرشادي، لكن ذلك الحل يحتاج أيضا إلى آليات واضحة ومحددة لتطبيقه، إذ يلزم لتطبيق ذلك تكثيف الرقابة على الأسواق، وهو أمر يبدو صعبا، لقلة عدد العاملين بأجهزة الرقابة على الأسواق، وكثرة عدد الأسواق، وانتشارها فى مناطق عديدة على مستوى الجمهورية، وبعضها يقع فى مناطق بعيدة، كالقرى والنجوع التى يصعب الوصول إليها.

يضاف إلى ذلك، أن السلع الغذائية كثيرة، ومتنوعة، ومن ثم فإنه من الصعب بمكان مراقبة الأسعار، ومادامت الدولة قد قررت تعويم الجنيه وتركه للعرض والطلب، فإن السلع تخضع بطبيعة الحال لنفس قاعدة العرض والطلب، وعلى ذلك فإن السيطرة على الأسعار، تعد أمرا صعبا للغاية، وفى المقابل يمكن دعم محدودى الدخل وغير القادرين بمبالغ مالية لمساعدتهم على مواجهة غلاء الأسعار، وقد اتجهت الدولة أخيرا لزيادة الدعم المقدم للفرد على البطاقات التموينية من 18 جنيها إلى 21 جنيها شهريا، واقترح أن تتم زيادته إلى 25 جنيها للفرد، وإذا كانت تلك الزيادة ستحمل الميزانية أعباء كثيرة، لكنها تمثل حلا مناسبا فى الوقت الحالي، كما ينبغى تنقية البطاقات التموينية من غير مستحقى الدعم، لكى يصل الدعم لمستحقيه.

الجشع والاحتكار

وهكذا، أدى ارتفاع الأسعار كما يقول الدكتور عادل عامر مدير مركز المصريين للدراسات السياسية والقانونية والاقتصادية، والخبير بالمعهد العربى الأوروبى للدراسات الإستراتيجية والسياسية بجامعة الدول العربية إلى تراجع الوضع المعيشى للمواطن، ويظهر بشكل مباشر فى انخفاض قوته الشرائية ، خاصة لمحدودى ومعدومى الدخل، لذلك أرادت الحكومة والقوات المسلحة، أن يكون لها دور فعال ومؤثر فى السوق، فاتجهت لإنشاء منافذ بيع للسلع الغذائية الاساسية لمواجه الارتفاع الجنونى للأسعار، والتصدى لجشع التجار ، وتحقيق التوازن المطلوب فى الأسواق، لكى تتناسب الأسعار مع الظروف المعيشية للمواطن البسيط، إذ أعلنت وزارة التموين والتجارة الداخلية تطوير 3600 منفذ تعاونى استهلاكى على مستوى الجمهورية، لبيع كل السلع الغذائية للمواطنين بأسعار منخفضة عن الأسواق، وإدخالها فى منظومة صرف قيمة الدعم المخصص للمواطنين على البطاقات التموينية ، وتهدف هذه المنافذ لخدمة المواطنين وليس الربح ، كما يتم طرح السلع بأسعار تقل عن السوق بنسبة تتراوح بين 15 و 25%.

كما أطلقت وزارة التموين حملة تخفيضات خلال الأيام العشرة الأخيرة من كل شهر على 25 سلعة غذائية من سكر ولحوم وزيوت ودواجن وأسماك وغيرها من سلع بأسعار أقل من السوق. كما تم تخصيص 15 سيارة متنقلة تابعة للقوات المسلحة لبيع الخضر والفاكهة والبقوليات للمواطنين بأسعار منخفضة لتيسير على المواطن محدودى الدخل. فيما طرحت وزارة الزراعة كميات من اللحوم والسلع الغذائية والتموينية من منتجاتها بأسعار منخفضة ومدعمة، وتسعى الوزارة إلى أن تكون أسعار المنتجات المباعة عبر منافذها فى متناول الجميع. كما أسهمت القوات المسلحة فى مواجهة الغلاء فقامت بإنشاء منافذ لبيع اللحوم فى كل المناطق بأسعار تقل عن السوق بنسبة 30%، بالإضافة لسيارات متنقلة كمنافذ لبيع المنتجات الغذائية قادمة من مزارع الجيش لبيعها للمواطن بأسعار رخيصة. وتدخل الدولة أصبح ضروريا بعد ان شهدت الاسعار ارتفاعاً جنونياً وبصورة غير مسبوقة بسبب تحكم التجار فى الأسعار .

استراتيجية لضبط الأسعار

ومن الضرورى أيضا ، وضع إستراتيجية لضبط الأسعار ، والعمل على استقرارها حتى تستطيع الحكومة ان تحقق استقرارا ونموا وذلك لن يتحقق دون ضبط الأسعار. خاصة أن ارتفاع الأسعار واستمرارها لا يقابله ارتفاع فى الأجور ، ما يجعل المواطن يعانى معاناة شديدة ، لاسيما ان معدلات التضخم فى الاسعار مرتفعة فى مصر مقارنة بالدول الاخرى ، وتشهد الاسعار ارتفاعات غير مبررة خاصة فى السلع الاساسية التى شهدت ارتفاعا جنونياً . ويجب على الحكومة فى ظل احتكار التجار أن تقوم بتحديد هامش ربح بما يرضى التجار والمستهلكين فى وقت واحد ، ولا تتركهم لجشعهم وأهوائهم ، مع تفعيل دور المراقبة من جانب الجهات الرقابية وتشديد دورها . وكانت مبررات التجار وحجتهم فى رفع الاسعار فى ارتفاع سعر الدولار ونسوا تماما انخفاض أسعار البترول التى انخفضت بشكل كبير ، وأدت إلى انخفاض السلع فى جميع الدول ما عدا مصر .

ويأتى فى هذه الحالة دور وزارة التموين ، والمطلوب القيام بدورها الحقيقى فى ضبط الأسعار وضرورة تفعيل دور هيئة السلع التموينية لتستورد السلع الغذائية بأسعار حقيقية. وينبغى أن تتدخل الدولة فى ظل المنافسة غير الشريفة والاحتكار وتركيز القوة الاقتصادية فى أيدى مجموعة من الشركات والأشخاص للتخفيف من الآثار السلبية لذلك على المواطنين، لتحقيق عدالة أفضل فى توزيع الدخل .

ولا شك أن قيام جهاز مشروعات الخدمة الوطنية، بمضاعفة كميات المعروضات من السلع والبضائع والمنتجات والسلع المعمرة التى تلبى احتياجات الأسر المصرية فى أكثر من 87 مجمعًا تجاريًا منتشرة على مستوى الجمهورية، يأتى انطلاقًا من المسئولية الاجتماعية للقوات المسلحة والمشاركة فى التخفيف عن كاهل المواطنين وتوفير الاحتياجات الأساسية لهم، خاصة بعد أن ضربت موجة من الغلاء جميع السلع الأساسية كاللحوم والخضراوات والفواكه وأيضا الأسماك، مما أثر بشكل كبير على القوة الشرائية لمحدودى الدخل، الذى أصبحوا يعانون لتدبير نفقات المعيشة، مشيرا إلى أن الارتفاع غير المسبوق فى الأسعار التى تشهدها الأسواق المصرية فى الوقت الحالى ليس لها مبرر، لكن هناك تحليل اقتصادى يؤكد نظرية العرض والطلب لكل منتج أو سلعة فالعرض يقل بسبب الزيادة السكانية، فى المقابل فإن الطاقة الإنتاجية تقل أيضًا بسبب الزيادة السكانية، وهنا يكمن الحل فى زيادة الإنتاج لتوفير السلع الأساسية للمواطن البسيط ، الذى لم يعد يتحمل غلاء الأسعار فى الوقت الحالي.

لذلك لا بد من كسر هذا الاحتكار عن طريق زيادة درجة المنافسة فى الأسواق، فإذا كان سوق الاستيراد يعمل فيه نحو 50 مستوردا، فإن المنافسة ستكون كبيرة ولا يمكن أن يتفق هذا العدد فيما بينهم، بينما إذا كانوا خمسة أو عشرة فإنه يمكن الاتفاق، هذا بخلاف ضرورة تفعيل الأجهزة الرقابية مثل جهاز حماية المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية وجهاز حماية المستهلك.

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
الاسم
عنوان التعليق
التعليق