أنا أرملة عمرى سبعة وخمسون عاما، وأشغل وظيفة مرموقة،
وتوفى زوجى منذ ثمانى سنوات، ولم يرزقنى الله بأطفال، وعشت وحيدة ليس لى سوى أشقائى.. نتزاور أحيانا, لكن وحدة الأيام ثقيلة ومملة وقد تقرب لى زميل فى العمل منذ ثلاث سنوات، لكنه متزوج وله من زوجته ولدان فى مرحلة التعليم الإعدادى، لكنها مريضة وأنه عندما يتبادل الحديث معى يشعر براحة وطمأنينة، وعرض عليّ الزواج بشرط أن يقضى نصف الأسبوع معى، والنصف الآخر مع زوجته وابنيه، ولم يبين لى ماهو مرض زوجته، أو يفصح عن أى تفاصيل خاصة بهذا الأمر، وقد تراجعت عدة مرات عن الموافقة على الارتباط به، لكنى بصراحة أميل إلى الزواج به أملا فى تعويض سنوات وحدتي، وأحس بأنه صادق فى مشاعره تجاهى، وعندما تحدثت مع أخى الأكبر فى هذه الزيجة لم يوافقنى فى رأيى لأسباب كثيرة منها أن هذا الزميل يصغرنى بثلاثة عشر عاما ــ نعم يا سيدى ــ فهو فى سن الرابعة والأربعين! لقد حاول شقيقى إثنائى عن التمادى فى هذا الموضوع مؤكدا أن زميلى يطمع فى شقتى التمليك التى جمعت ثمنها من غربتى وما آل إليّ من زوجى الراحل، وهى فى إحدى المناطق الراقية بالقاهرة، كما أننى ورثت عن أبواىّ ميراثا يدر عليّ دخلا سنويا لا بأس به، وأصدقك القول إننى لا أتميز بجمال ملحوظ، وقد أخبرته أننى متمسكة به، وأرى طوق النجاة فى ارتباطنا، فسن المعاش اقترب، وسوف أتقاعد عن العمل الذى يشغل جزءا من وقتى، وإذا كنت قد رفضت أكثر من رجل تزيد أعمارهم على عمرى فإننى غير قادرة على سماع أى صوت سوى صوت قلبي، فهل هذا الرجل صادق معى أم أنه سوف يستغل ظروفى طامعا فى مالى؟ وهل من الممكن أن يبحث عن زوجة ثانية تكبره بثلاثة عشر عاما لتعوضه عن حنان الزوجة؟ كما أننى لا أكذب عليك فشعورى تجاه أشقائى يجعلنى أظن أنهم لا يحبذون زواجى برغم أنهم أخبرونى بأن لى مطلق الحرية فى اختياراتي، ويكررون على مسامعى أن عدم التكافؤ العمرى عواقبه وخيمة، فهل هم على صواب؟ وما هذا الذى أعيشه ويسيطر على عقلى وقلبى؟
> ولكاتبة هذه الرسالة أقول:
أخوتك على حق فيما ذهبوا إليه من أن زميلك يستغل ظروف وحدتك، ويطمع فى مالك، فليس معقولا أبدا أن يبحث عن الحنان لدى زوجة ثانية تكبره بثلاثة عشر عاما .. أفهم أن يتزوج المرء بمن تكبره سنا لأسباب متعددة لكن أن يختارها زوجة ثانية بحثا عن الارتواء الجسدى والعاطفي، فإن فى ذلك مبالغة شديدة، بل وتأكيدا أنه ليس صادقا فى ادعاءاته، وبعيدا عما يدور فى ذهن أخوتك سواء بالموافقة الظاهرية على زواجك منه أو بأنهم لا يحبذونه، فإن حديثهم عن عدم وجود تكافؤ عمرى بينكما مع الأخذ فى الحسبان العوامل الأخري، هو عين العقل، لذلك اقطعى علاقتك فورا بزميلك، وافتحى قلبك لمن يرغبون فى الزواج بك، وسوف تجدين بينهم من هو أنسب لك، وأفضل منه بكثير، ستجدين زوجا يريدك لذاتك ويعيش نفس ظروفك، وستكونين معه شريكا أساسيا فى الحياة, لا زوجة على الهامش نصف الوقت، وحتى إشعار آخر. وأكرر لك أن قصر دائرة تفكيرك على زميلك سوف يؤدى بك إلى مالا تحمد عقباه، فكونى صريحة وقاطعة معه، حتى وإن كنت قد تعلقت به، فخير لك أن تقطعى علاقتك به الآن من أن تتمادى معه وتستجيبى لرغبته، فقد يعرض عليك مد أجل التفكير فى الأمر، وأن تعطى نفسك فسحة من الوقت إلى غير ذلك من الأساليب الملتوية التى يلجأ إليها أصحاب الضمائر الخربة، ولكن كونى حاسمة معه، وسيأتيك من يملأ حياتك ويعوضك عن سنوات وحدتك، وسيكون خير شريك لك فى الحياة حين يأذن المولى عز وجل.
رابط دائم: