رئيس مجلس الادارة

أحمد السيد النجار

رئيس التحرير

محمد عبد الهادي علام

رئيس التحرير

محمد عبد الهادي علام

النفاق و الإخفاء .. عقبات فى طريق الإصلاح

فى بداية طريق الإصلاح والنجاح يتعين مواجهة الواقع والحقيقة ، والبدء منها حتى لو كانت صعبة أو مؤلمة أو صادمة،

ثم تأتى بعدها المكاشفة وفتح أبواب الحوار والنقاش مع الخبراء والمتخصصين ، بعيداً عن المنافقين والمتسلقين للوصول الى طريق الإصلاح وخطة النجاح ، العاجل منها للإنقاذ .. والحال منها للحاجيات، والآجل منها للتحسينات ، ووسط كل هذه الحلقات، تواجهنا بعض صور النفاق وإخفاء الحقائق، وعلينا إزالتها من الطريق لأنها أخطر العقبات والمصادمات، حيث آية النفاق الكذب عند الحديث .. والخيانة عند الائتمان .. وآية الإخفاء التزييف والتزوير . ويزداد الأمر خطراً، اذا وقع النفاق بسوء نية تقرباً وزلفي، أو أتى الإخفاء والتزييف اصراراً على البقاء وخشية التغيير ، ويظل الخطر قائماً حتى لو تم ذلك بحسن نية، والأخطر من هذا وذاك ، اذا بلغ النفاق أو الإخفاء مقصده ، وتسلل الى السلطات ليجد الآذان صاغية ، فينفذ أثره ، وهنا تقع الواقعة وما أدراك ما هى !! يحدث ذلك ياحضرات منذ قديم فى كل زمان ومكان ، وقد حذَّرنا منه العلماء والفلاسفة الأوائل، ففى التاريخ الحديث زيف الناس الحقائق نفاقاً وزلفي، حتى أدمجوا مصر فى شخص الرئيس وهتفوا «بالدم والروح» فداء للرؤساء ونسوا مصر ، فقال البعض للرئيس عبد الناصر أنه فى أقل القليل زعيم الأمة العربية ، وقالوا عن السادات أنه الرئيس المؤمن، وأكد له البعض أنه لو رشح نفسه رئيساً للولايات المتحدة لاكتساحها بنجاح ساحق ، وقالوا لمبارك أنه بانى مصر الحديثة فى مقارنة بينه وبين محمد على مفجر النهضة ،

حتى «مرسى العياط» قالوا له إنه «الرئيس الملهم» !! تصوروا !! والمثير للدهشة والعجب أن هؤلاء المنافقين منهم من مد الله فى عمره مازالوا يعيشون بيننا بذات المنهج .. وآخرون حتى لو قلة يسيرون على ذات الدرب .. وقد شاهدهم الناس فى مؤتمر الشباب وكأنهم يعيدون الينا صورة منظمات الشباب قديماً .. ومنهم من تفوقوا على ذلك نفاقاً وإخفاءاً !!

وقديماً سألت أحد المقربين عما اذا كان النفاق أو الإخفاء يجلب الاسرار ، أو يُثلج الصدور ، فأجاب بنعم !! وأضاف أن المحيطين والمقربين ، يحاولون إبعاد الحقيقة عن المشهد خشية الغضب .. أو الإحباط .. أو عدم الرضا !! لكن مثل هذا النفاق أو الإخفاء، لا يخفى على الناس ، لأن الحقيقة أقوى من الزيف والبهتان لأن الصدق أقرب طرق النجاة ، خاصة اذا كنا نعيش ضوائق أو أزمات .. ويأتى حصاراً متعدد الجوانب وبفعل فاعل !! يفرض علينا البحث عن الطريق الى النجاح والإصلاح بغير زيف أو بهتان ، واذا كان علينا أن ننظر الى الإيجابيات أو الجزء الممتلئ من الكوب ، فأن علينا وبكل الصدق أن ننظر الى السلبيات والعقبات فى طريق النجاح دون تهويل أو تهوين ، وعلينا أيضاً أن نضع الحوارات وملفات القضايا منها ما أثير فى مؤتمر الشباب على مدى ثلاثة أيام بمدينة السلام ، وما انتهت اليه من توصيات بكل إيجابية.. وأن نضع تلك التوصيات موقع التنفيذ بشرط أن نتفادى التصادم بين السلطات أو تجاوز القانون مهما يكن النفاق أو الإخفاء ، وأن تقَّوم الأعمال بنتائجها.

وعندنا فى مؤتمر الشباب .. جرت المناقشات بموضوعية وإيجابية ، انطلقت من الشباب بشجاعة وجدية .. ومع ذلك أطلت علينا أصوات عالية لم تخلوا من النفاق والإخفاء .. فأفسدت الصورة .. وشوهت بعضها .. ولم يخجل هؤلاء من ذلك النفاق أو الإخفاء .. وتخيلوا أنهم أبطال أو بلغوا مقصدهم من التقرب والوصول !! ولم يقف الأمر عند حد مؤتمر الشباب .. فلدينا فى كل موقع .. بعض صور من النفاق أو الإخفاء .. فبعض الوزراء يعلنون عن ناتج أعمالهم .. وينشرون البيانات .. ويقولون لنا أن عدد شركات الاستثمار وبالأرقام ، فى شهر واحد - سبتمبر الماضى - قد بلغ 876 شركة برأسمال 2 مليار ، وفرص عمل 4795 .. بينما يكذب الواقع تلك الأرقام أو البيانات !!

كذلك ظهر الإخفاء ، عند الإعلان عن تشكيل لجنة لبحث الإفراج عن المحبوسين .. ممن لم تصدر بشأنهم أحكام .. وضجت القاعة بالتصفيق الحاد بما يكشف عن أن عددهم كبيرً ولا يعلم أحد عن هذا العدد شيئاً، وتطالعنا الصحف بأنباء متصادمة .. فمنها ينشر عن 600 وآخرون يقولون إن عددهم بالآلاف رغم أن الحبس والإفراج أو العفو من الحقوق الدستورية التى لا يصح فيها الإخفاء ، وتوجب علينا الإفصاح سواء عن الشباب أو غيرهم .. فمنذ عدة شهور صدرت ثلاث قرارات للعفو منذ أعياد سيناء .. ومع ذلك ظل البعض مقيداً حتى الآن دون بيان أو إفصاح !!

كذلك فى جانب السلطة التشريعية فمازال مجلس النواب صامتاً عن مناقشة القضايا الأساسية .. ويتمسك بمخالفة الدستور ونصوص القانون ، التى أتت حديثاً ، لمنع تعارض المصالح .. وأيضاً تفرغ النواب .. وصحة العضوية .. ومازال البعض يصفق نفاقاً .. ويغمض عينيه إخفاءاً للحقيقة !!

كل ذلك ياحضرات يتصادم مع الإصلاح ويقف فى الطريق بما يفرض علينا مواجهة ذلك السلوك اللعين .. حتى لا تتوارثه الأجيال، خاصة أنه لم يعد صالحاً لهذا الزمان ، فعلى السلطة أى سلطة يصل إليها هذا النفاق والإخفاء أن ترد ذلك على صاحبه بدرس وعقاب، وعلى الجهات الرقابية الكشف عن ذلك النفاق والكذب أو إخفاء الحقائق فى كل مناسبة ، وأن تضع الحقائق كلها أمام صاحب القرار، وعلى من يملك إصدار القرار أن يطرد هؤلاء المنافقين والمزيفين من كل مكان ، وأن ينقبوا عن الخبراء والعلماء الأمناء الصادقين .. وألا يظلموا الصامتين الذين آثروا الصمت حتى يختفى النفاق والإخفاء اللعين من الطريق لأنه يعد عقبة كؤود فى طريق النجاح والإصلاح .. فهل تسمعنى شكراً !!

لمزيد من مقالات د. شوقى السيد

رابط دائم: