رئيس مجلس الادارة
أحمد السيد النجار
رئيس التحرير
محمد عبد الهادي علام
الامر الذى يساعد كثيرا فى اثراء النقاش والحوار والوصول الى أفضل الممارسات الدولية فى هذا المجال والتى يمكن ان تساعد فى التعامل مع المشكلة فى مصر.وهنا تجدر الإشارة الى ان معدل الاستثمار الحالى مازال دون المستوى المأمول اذ لا يتعدى 15% من الناتج المحلى بينما أجمعت كل الدراسات العلمية على ان احداث العملية التنموية المطلوبة لامتصاص البطالة بالبلاد والحد من الفقر، يحتاج الى معدل استثمار يتراوح بين 25% و30% ونظرا لضعف معدل الادخار المحلى والذى يصل الى 6% فقط، فان هناك فجوة موارد كبيرة لا يمكن سدها الا عن طريق الاستثمار الأجنبى المباشر. من هنا تأتى أهمية وضرورة العمل على جذب هذه الاستثمارات وتشجيعها وتنميتها، جنبا الى جنب مع الاستثمارات المحلية.اذ ان نجاح أى مشروع جاد، فى المدين المتوسط والطويل يتوقف على حسن أداء الاقتصاد فى مجموعه. ومن ثم فان اجتذاب المدخرات الخارجية يتطلب اولا زيادة الاستثمارات المحلية. وللأسف فغالبا ما يتم الحديث عن هذا الموضوع بطريقة غير صحيحة حيث يتم الخلط بين اجمالى الاستثمارات الأجنبية المباشرة الداخلة للبلاد وصافى الاستثمار الأجنبى وهو عبارة عن الفرق بين الاستثمارات الأجنبية المباشرة الداخلة للبلاد والخارجة منها. اذ انه وعلى العكس من الانطباع السائد فهناك زيادة فى حجم الاستثمارات الأجنبية المباشرة الداخلة للبلاد والتى ارتفعت من 10.3 مليار دولار عام 2012/2013 الى 10.9 مليار عام 2013/2014 ثم الى 12.4 مليار عام 2015/2016 بينما على الجانب الاخر ارتفعت قيمة التدفقات للخارج من 6٫5 مليار دولار الى 6.8 مليار قبل ان تنخفض الى 5.6 مليار خلال السنوات الثلاث على الترتيب الامر الذى اثر على صافى الاستثمار الأجنبى المباشر. من هذا المنطلق فإنه يصبح لزاما علينا الاهتمام بشدة بالبحث عن أسباب زيادة التدفقات للخارج وبعبارة اخرى فبقدر ما يكون الاهتمام بجذب المزيد من الاستثمارات للداخل مهما فإنه يصبح وعلى نفس درجة الأهمية البحث عن علاج أسباب التدفق للخارج وهى المسألة التى غالبا ما تغيب عن الاهتمام والدراسة. من هذا المنطلق يمكننا مناقشة مشروع قانون الاستثمار المقترح والذى يعانى مشكلات عديدة يأتى على رأسها الإصرار على تكرار الأخطاء الماضية بصورة غريبة وخاصة فيما يتعلق بالإعفاءات الضريبية، والتى بنى عليها المشروع وهى النظرة التى ثبت فشلها تماما فى التجربة المصرية وخير دليل على ذلك ان اعلى حجم للاستثمارات الأجنبية المباشرة التى دخلت البلاد جاء عام 2007/2008 حيث وصلت الى 17.8 مليار دولار مقابل 13.1 مليار فى العام الذى سبقه ونحو 9 مليارات عام 2005/2006 وكلها تحققت بعد تطبيق قانون الضرائب رقم 91 لسنة 2005 والذى الغى الإعفاءات الضريبية تماما. وبالتالى فالضرائب لا تشكل عائقا أساسيا امام القرار الاستثمارى وهو ما أكده تقرير الاستثمار العالمى عن عام 2016 والصادر عن مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (الاونكتاد) والذى أشار الى عشرة مسارات للإصلاح من ضمنها الشفافية فى صنع القرار الاقتصادى بالمجتمع والقدرة على التنبؤ بالسياسات الاقتصادية ومدى اتساقها وتناغمها وتحسين كفاءة وفعالية الإجراءات الإدارية بالإضافة الى ضرورة إيجاد جهة واحدة تعمل فى مجال تسهيل الاستثمار والحصول على التراخيص وحل المنازعات وغيرها ولم يأت بذكر على الإعفاءات الضريبية. وعلى نفس المنوال سار تقرير البنك الدولى عن معوقات القطاع الخاص فى المنطقة والذى صدر اخيرا مشيرا الى انها تكمن فى الاستقرار السياسى وصعوبة الحصول على التمويل بالإضافة الى الفساد والتراخيص والتصاريح واتساع نطاق القطاع غير الرسمى وتزايد الجريمة، ولم تستحوذ الضرائب الا على نسبة ضئيلة للغاية. وهو نفس ما سار عليه أيضا تقرير ممارسة الاعمال مع الاخذ بالحسبان انه يأخذ بتعريف أوسع للضرائب يشمل كل ما تلتزم به المنشآت من رسوم واعباء مثل التأمينات والضرائب وغيرهما. كما اوضح تقرير التنافسية العالمى عن عام 2016/2017 ان اهم المشكلات التى تصادف الاعمال فى مصر هى على الترتيب استقرار السياسات والحكومات والوصول الى التمويل وتنظيم التعامل بالنقد الأجنبى والفساد وعدم كفاءة البنية الأساسية وضعف اخلاقيات الاعمال ونقص التعليم وقيود سوق العمل ثم معدل الضريبة والتضخم والتنظيم الضريبى وعدم كفاءة الإجراءات الحكومية ونقص القدرة على الابتكار وضعف السياسة الصحية، وبالتالى احتلت الضرائب مرتبة متأخرة فيما يتعلق بمشكلات الاستثمار. وعلى الجانب الاخر جاء مشروع القانون بتعميق العمل بنظام المناطق الحرة العامة والخاصة وكذلك نظام السماح المؤقت وهى الأنظمة التى اثبتت كل الدراسات العلمية انها كانت منافذ كبرى للتهريب حيث لا توجد رقابة فاعلة عليها او على حركة التجارة العابرة داخل البلاد والتى كان يتم من خلالها استبدال شحنات كاملة بواسطة المهربين المحترفين، وبالمثل يتم استيراد كميات معينة من سلعة بهدف التصنيع ( مثل المنسوجات) واعدة التصدير ولكن لايتم تصدير الا نسبة ضئيلة للغاية وهى الظواهر الواضحة بشدة فى قطاع الغزل والنسيج الامر الذى ادي, جنبا الى جنب مع عوامل اخرى الى تدهور هذه الصناعة. مع تأكيد ضرورة التفرقة بين (الاستثمار الفعلي) و(الاستثمار المرغوب فيه) اذ انه وعلى الرغم من اهمية تراكم رأس المال فى حد ذاته، الا ان تحسين نوعية الموارد وفاعلية استخدامها له اهمية كبيرة ايضا. وبالتالى لابد من معرفة طبيعة المناخ الاقتصادى السائد ومدى قدرته على جذب الاستثمارات. كل هذه الامور وغيرها تؤكد ضرورة إعادة النظر من جديد فى الفلسفة التى بنى عليها مشروع قانون الاستثمار الحالى بغية جعله أكثر قدرة على تشجيع الاستثمار الجاد وإيجاد مناخ استثمارى يساعد المستثمرين على تقدير العوائد والمخاطر الاقتصادية مع العمل على اتساق السياسات الاقتصادية، وتأكيد مبدأ الشفافية. وإزالة المعوقات القائمة التى تعوق قدرة بعض المؤسسات على الاضطلاع بمهامها.والإعلان عن توجهات الحكومة وسياساتها بشكل واضح. جنبا الى جنب مع حصر التشريعات المعوقة للاستثمار واعداد التشريعات اللازمة لتعديلها وسرعة حسم المنازعات الاستثمارية.فإن ازدياد حجم الاستثمارات لن يكون قابلا للاستمرار الا إذا تحقق بشكل ينسجم مع وجود وضع اقتصادى سليم وبيئة استثمارية مناسبة وهو ما ينبغى ان ينشغل به قانون الاستثمار الجديد. لمزيد من مقالات عبدالفتاح الجبالى