رئيس مجلس الادارة

أحمد السيد النجار

رئيس التحرير

محمد عبد الهادي علام

رئيس التحرير

محمد عبد الهادي علام

عـون .. وسـانـدى

خلال أيام قليلة أصبح لدى لبنان رئيس وملكة، جاءا بعد مخاض طويل وآثارا جدلا كبيرا وتباينت الآراء حول أحقيتهما وهل يستطيعان القيام بالدور المطلوب من كل منهما.

ميشال عون وساندى ثابت، الأول فى الثمانين من العمر والثانية فى بداية العشرينيات، يمثلان أجيالا مختلفة لكنهما يعبران بوضوح عن «لبنان»، ذلك البلد الصغير الذى لا تتعدى مساحته عشرة آلاف كيلو متر مربع، وتتحكم بأقداره قوى دولية وإقليمية متنوعة، ولم يصل عدد سكانه إلى خمسة ملايين نسمة على أرضه وضعفا هذا الرقم خارجه، يمثلون 17 طائفة ومذهبا تتعايش معا رغم كل التناقضات، يحمل بعضهم السلاح حتى الموت دفاعا عما يعتقدون، وتعشق الأكثرية الحياة وتتفنن فى الاستمتاع بها، وما بين الموت والحياة يبقى لبنان معجزة الشرق الأوسط التاريخية والجغرافية.

عون أصبح رئيسا للجمهورية بمساعدة خصومه، ليضمن الجميع استمرار لعبة تقاسم السلطة والثروة والنفوذ، داخل نظام يقوم على المحاصصة، وطوائف أقوى من الدولة.

وساندى أصبحت ملكة جمال لبنان لعام 2016، بعد صراع مع جميلات كثر، فى مسابقة عريقة بدأت منذ عام 1930(عندما فازت ليلى الزغبى بلقب ملكة جمال بيروت وسوريا) ، بينما أصبحت ساندى ملكة بعد نجاحها فى الإجابة عن سؤال يقول: لو كنت محل الرئيس الجديد ما هو أول شيء ستقومين به؟

وهكذا تتداخل الأدوار بين الرئيس والملكة.

ميشال عون أصبح رسميا ـ أمس ـ الرئيس الثالث عشر للبنان، لينهى أطول وأعقد أزمة شغور رئاسى عرفتها البلاد منذ الاستقلال عن فرنسا عام 1943، ولكن تبدأ بعد ذلك أزمات كثيرة أولاها تشكيل الحكومة التى من المتوقع أن يتم تكليف زعيم تيار المستقبل سعد الحريرى برئاستها، ولكن العقد أمامها عديدة لدرجة أن

رئيس البرلمان نبيه برى توقع فى أحدث تصريحاته أن تستمر عملية تشكيلها شهورا.

ورغم الاهتمام الدولى والإقليمى الكبير بحل أزمة انتخاب رئيس جديد للبنان، فالحقيقة أن نظام اتفاق الطائف الذى يسعى الجميع الآن للحفاظ عليه انقاذا للدولة ولأنفسهم، حول الرئيس الذى مجرد رمز بصلاحيات محدودة، وحتى رئيس الحكومة لا يتمتع بصلاحيات كبيرة، فالقرار الحقيقى حسب الطائف هو بيد الحكومة مجتمعة لأنها من المفترض أن تمثل جميع الطوائف، وفى الواقع فإن القرار بيد الرئاسات الثلاث، رئيس الجمهورية ورئيس البرلمان ورئيس الحكومة معا، ولذلك فإن لبنان هو البلد الوحيد فى العالم الذى يوجد به ثلاث رئاسات متساوية تتحكم بالقرار معا، فى نظام فريد لتقاسم السلطة بين أمراء الطوائف.

ويبقى السؤال عن لبنان فى عهد ميشال عون، هل سيتغير أى شئ به، وكيف سيتعامل مع الصراعات الإقليمية التى تحاصره من كل جانب وخاصة فيما يتعلق بالأزمة السورية، كيف سينأى بنفسه عن تداعيات ما يحدث فى سوريا وهناك حليف أساسى للرئيس الجديد هو حزب الله أضحى طرفا مهما فى الأزمة السورية عسكريا على الأرض وسياسيا من خلال توجهاته الإيرانية، فهل سيرعى رسمياً تورط حزب الله فى الداخل السوري؟ طالما أن الحزب كان اللاعب الرئيسى فى إيصاله الى السلطة ؟

والحقيقة أن الدولة اللبنانية ستكون لها صورتان تجاه سوريا خلال الفترة المقبلة، الأولى لرئيس الجمهورية الذى سيتعامل مع الرئيس بشار الاسد وسوريا ضمن حدود العلاقة بين دولتين جارتين عربيتين.

بينما جناح آخر فى الدولة يقوده رئيس الحكومة سعد الحريرى، سيهاجم سوريا ودورها.

أحد المحللين اللبنانيين القريبين من حزب الله يرى أن الحزب مندفع فى دعمه لانطلاق العهد الجديد ومرتاح للظروف الاقليمية والدولية المواتية لمحوره، فالعماد ميشال عون يعود الى قصر الرئاسة والحريرى الى رئاسة الحكومة، وشدّ الحبال داخل هذا الطرف وذاك قد يكون الطلقات الاخيرة فى مخاض ولادة التسوية حول تركيبة الحكومة، والصراع حول الحقائب السيادية ومصادر الثروة والثلث المعطل والبيان الوزارىً، مع ادراك الجميع بأن هذه التسوية اذا سقطت فلن يكون بعدها حكومة ولن يبقى استقرار، بل سقوط مدوٍ للبنان فى هشيم النار المشتعلة من حوله.

تباين الآراء داخل الرأى العام اللبنانى ليس فقط حول العهد الجديد بعد وصول عون للرئاسة، ولكن أيضا حول ملكة الجمال الجديدة ساندى ثابت، التى أجابت عن السؤال الحاسم فى المسابقة عما ستفعله إذا كانت مكان الرئيس الجديد بالقول: ثمة أمور كثيرة سأبدأ بها، مثل إعادة هيكلة المؤسسات، والطلب من النواب القيام بواجباتهم، وسأهتم بالقضايا الإنسانية التى نفتقدها، والقضايا البيئية، فمن غير المسموح أن يتكرر مشهد النفايات على الطرق.

لكن كثيرين لم تعجبهم طلتها، وانهالت التعليقات على السوشيال ميديا تهاجم الملكة الجديدة وتناصر آخرين من المتسابقات، لكنها فى كل الأحوال ستبقى الملكة، مثلما سيبقى الرئيس، فهذا هو العهد الجديد.

الخاسر الوحيد من انتخاب عون رئيسا للبنان، ليس أحدا من السياسيين الطامحين للمنصب، أو زعيما لم يضمن الحصول على نصيبه من التورتة، ولكنها أشهر عرافة فى لبنان، ليلى عبد اللطيف، التى أصرت حتى اللحظات الأخيرة على أن عون لن يكون رئيسا، وصدقها عدد كبير من اللبنانيين وهم يرونها تتحدث بثقة عبر شاشات التليفزيون، ولكن الواقع أصدق أنباء من التليفزيون.

< كلمات:

أول شئ تفعله فى الصباح ابحث عن شخص يجعلك تبتسم

باولو كويلو

لمزيد من مقالات فتـحي مـحـمود;

رابط دائم: