رئيس مجلس الادارة

أحمد السيد النجار

رئيس التحرير

محمد عبد الهادي علام

رئيس التحرير

محمد عبد الهادي علام

الناقد الكبير صلاح فضل:
لا أتوقع صدور وثيقة الأزهر لتجديد الخطاب الدينى

حوار : محمود القيعى
قال الناقد د. صلاح فضل إنه لا يتوقع صدور وثيقة الأزهر لتجديد الخطاب الديني، بعد نحو عام ونصف من المناقشات حولها ، متهما من سماها بـ «القوى المحافظة»، بالسبب فى عدم خروج تلك الوثيقة إلى النور، وواصفا تلك القوى بـ « الأشد شراسة والأكثر تماسكا » .

وصب فضل فى حوار مع « الأهرام « جام غضبه على حزب « النور» بسبب موقفه من قانون بناء الكنائس الذى تم إقراره أخيرا ، مؤكدا أن ‎الحزب فقد شرعيته بذلك الموقف الداعم للطائفية، ومطالبا بمنعه من ممارسة نشاطه السياسى .

‎ووصف فضل ثورات الربيع العربى بـ « الحلم الجميل » الذى ما لبث أن تحول إلى كابوس بسبب استغلال التيارات الدينية تلك الثورات للقفز على السلطة ، متهما الدول الاستعمارية الكبرى بأنها لم تترك للشعوب العربية الفرصة لتحقيق حلمها فى التحول الديمقراطى الصحيح، فتدخلت لدعم أطراف على حساب أخرى، وكانت النتيجة أن سادت الحروب الأهلية التى أتت على الأخضر واليابس .



وإلى نص الحوار الذى ضاق به ذرعا تارة ، وباح فيه بالكثير تارة أخرى .

> أين المثقف من الكوارث التى ألمت بعالمنا العربى بدءا من سقوط بغداد ، مرورا بدمار سوريا ، وانتهاء بخراب ليبيا واليمن؟

‎أظن أن الرؤية يتخللها كثير من الضبابية فى هذا الأمر ، وهناك محددات أساسية إذا توافقنا عليها ، ربما تتضح لنا الرؤية التى نبتغيها :

‎لاشك أن كثيرا من النظم العربية- إن لم نقل جلها - كانت ترزح تحت وطأة حكام مستبدين قهروا شعوبهم ، وضيعوا ثرواتهم، وانتهوا بشعوبهم الى قدر كبير من التخلف، بحيث لم تعد فيهم حركة علمية ناهضة، ولا انتاج اقتصادى عظيم مكتسب.

‎هؤلاء الحكام كان لابد من الثورة عليهم .

‎تطلعات الشعوب العربية للتحول الديمقراطى كانت تطلعات مشروعة وطبيعية وضرورية ، لأننا لسنا شعوبا ميتة ، ولسنا شعوبا خارج التاريخ ، ولسنا قدرا علينا أن نكون متخلفين .

‎فى تقديرى أن كثيرا من الثورات العربية نشأت بهذا الحلم الجميل الوردى للتحول الديمقراطي.

صعوبات التحول الديمقراطي

‎واجهنا فى التحول الديمقراطى صعوبتين، هما السبب الرئيسى فى تحول الحلم الى كابوس.

‎الصعوبة الأولى أن شعوبنا لم تكن قد مارست الديمقراطية من قبل ولا تعرف مبادئها ، ولا خبرة لها بها ، وسادت فيها تيارات تبغى السلطة، وتود أن تقفز عليها باسم الدين .

‎هذه التيارات عندما قفزت إلى الصدارة لكى تخطف هذه الثورات أحالت التحول الديمقراطى ، الى صراع عقائدى وطائفى مدمر لشعوبها.

‎كان لابد للتيارات الأخرى الأكثر تحررا من هذه النزعات الدينية أن تقاوم ذلك ، فنشبت الحروب الأهلية، هذا هو العائق الأول للتحول الديمقراطي.

‎العائق الثانى أن الدول الكبرى الاستعمارية ذات المصالح عند هذه الشعوب، لم تترك لتلك الشعوب فرصة لتحقق حلمها فى التحول الديمقراطى الصحيح، فأخذت تدخل بعنف وبشدة هذا الصراع ، لتقوى وتدعم بالاسلحة وغير ذلك جانبا على حساب آخر ، وكان من نتيجة هذه اللعبة أن تحول ذلك الصراع الى صراع دولى كما حدث فى سوريا، ويحدث فى ليبيا واليمن وغير ذلك .




‎الدولتان اللتان نجتا نسبيا من العائق الثانى – حتى الآن - هما مصر وتونس .

‎وطبقا لهذا ، فإن المخرج – فى تقديرى - هو التوافق الكلى على استبعاد الجانب الدينى من عمليات التحول السياسى والديمقراطي.

‎الدرس الحضارى الذى يمكن أن نستوعبه أن ادارة المجتمعات لا يمكن أن تتم بالرأى الواحد الذى يُفرض عليها ، ولا بالاتجاه الواحد الذى يقمع ما عداه .

‎يجب أن تتولى الأحزاب المدنية التى لا ترفع أية شعارات دينية بلورة مصالح كل قوى، وتقيم بينها صراعا راقيا متحضرا ، هو الصراع الديمقراطى على السلطة.

‎ضرب تحت الحزام

‎استخدام الخطاب الدينى فى البرامج السياسية ضرب تحت الحزام، ووجود كثير من الأحزاب على أساس دينى مثل حزب النور مناقض للدستور، لأنه وإن صفى مبادئه نظريا ليأخذ موافقة لجان الأحزاب، فهو فى الممارسة العملية لا يستطيع أن يستغنى عن الخطاب الديني، لأنه كسب به قاعدته الجماهيرية .

‎والاختبار الأخير الذى شهده البرلمان المصرى بانسحاب حزب النور عند مناقشة قانون بناء الكنائس، ودعمه للنزعة الطائفية، ولحرب فكرة المواطنة واهدار المساواة على الأخوة النصارى، هو اختبار عملى لابد أن يترتب عليه فقد حزب النور لشرعيته ، وإلغاؤه كحزب، ومن حق أى قوى الآن أن ترفع أى دعوى على حزب النور، لأن نوابه وقفوا ضد قانون رأوا أنه لا يتماشى مع مبدأهم الديني، فعززوا بهذا الطائفية.

‎وأذكّر أن لجنة صياغة الدستور حددت مفهوم الحزب الدينى بعد التوافق بأنه الحزب الذى تتضمن برامجه أو شعاراته أو أهدافه المعلنة أو خطابه العام تمييزا على أساس دينى أو يحض على كراهية غير أتباعه ويقوم بتكفيرهم أو السخرية منهم أو يدعو الى الانتقاص من حقوقهم، وكل حزب يثبت عليه ممارسة شيء من ذلك ، يفقد شرعيته ، ويمنع من ممارسة نشاطه.

> ما آخر أخبار وثيقة الأزهرالتى ملأت الدنيا وشغلت الناس والتى كُلفتَ بتحريرها؟

‎فى الواقع لم يكن هناك تكليف من الدولة ، إلا بالقدر الذى دعا إليه السيد الرئيس بتضافر الجهود للنهوض بمهمة تجديد الخطاب الدينى ، لمواجهة التيارات الظلامية والأصولية التى عصفت بالفكر المصري، وأدت الى إشتعال حرائق الارهاب كما نرى.

‎مهمة تجديد الفكر الدينى ، لا تقتصر على العلماء المتخصصين فى المؤسسات الدينية، لأن هذه المؤسسات بحكم تكوينها تميل دائما إلى المحافظة، وتميل إلى التمسك بالتقاليد المؤسسة لها، وتميل الى الجمود.

‎وإذا لاحظنا حركات التجديد، فسوف نجد أنها دائما فردية وثورية، وتمثل خروجا على النمط السائد للمؤسسات المهيمنة، وخروجا على سلطتها.

‎لذلك لم تكن وظائف هذه المؤسسات حتى فى التاريخ القريب الذى نعرفه فى السنوات المائة الاخيرة سوى مقاومة وعقاب من يخرج على مسلماتها وتقاليدها.

‎تم هذا مع أول مفكر عظيم حمل لواء التجديد، وهو الشيخ محمد عبده، لأنه يئس من تجديد الازهر، وكانت كل أفكاره خارجة عن اطار الأزهر، ودون أن أسرف فى التفصيلات، حدث هذا مع طه حسين، وكل المجددين الكبار الذين كانت لهم علاقة مع المؤسسة ثم تمردوا عليها بصفة فردية، وثاروا على تقاليدها.

‎طوفان التحولات

‎حدثت ظروف منذ قيام ثورة يناير 2011 أدت الى أن تشعر هذه المؤسسة أنها أمام طوفان من التحولات ، وأنها دفعت دفعا إلى أن تشارك فى الحياة العامة بشكل ما نتيجة لهذا الفوران الثوري، فطلب الإمام الأكبر الشيخ أحمد الطيب لقاء المثقفين، والتقينا به « كوكبة من المثقفين» ومجموعة كبار العلماء وفضيلة شيخ الأزهر، وتداولنا الرؤى ، ونشبت فكرة الوثائق، وقد أدت الفورة الثورية الى تبلور ونجاح ‎الوثيقتين اللتين بدأنا بهما عام 2011 و 2012 ، وهما وثيقة الدولة المدنية وهى بالغة الاهمية ، ووثيقة الحريات وهى لا تقل أهمية عن وثيقة الدولة المدنية، لأنها تشمل حريات العقيدة، وحرية الرأى والتعبير، وحرية البحث العلمي، وحرية الابداع الأدبى والفني، وقد أعلنهما شيخ الأزهر وأقرهما .

‎الطبائع المحافظة

‎بعد ذلك بدأت طبائع المؤسسات تغلب، وبدأ كبار رجال الدين يعودون الى مواقعهم الطبيعية فى التحفظ ، وفى مجابهة أى رأى جديد ، وعندما شرعنا فى مناقشة موضوع حقوق المرأة ، وكانت الانتخابات العامة قد أجريت، وكانت القوى الدينية قد ظفرت بأغلبية ما ، فانقلب الأمر تماما فى معادلة نزعة التجديد التى كانت غالبة أولا، وغلبت نزعات المحافظة، فتعطلت وثيقة حقوق المرأة .

‎ثم جاءت فكرة تجديد الخطاب الدينى وشرعنا مرة أخرى، وتقدمنا بالصيغة الأولى وتمت مناقشتها وتعديلها وصيغة ثانية وتمت مناقشتها وتعديلها، وصيغة ثالثة وتمت مناقشتها وتعديلها ، وتوقفنا إلى أن يتقدم الامام الأكبر بدعوة المجموعة من المثقفين والعلماء ، لإقرار الصيغة الثالثة والأخيرة .

‎مضى على هذا الأمر الآن عام ونصف، ولم تدع المجموعة لمناقشة واقرار الصيغة الثالثة من وثيقة التجديد الديني، فاعتبرت هذا التأخير غير المبرر إيذانا بالنكوص والعدول وعدم التصدى للقضية، وإيثار السلامة.

‎أعرف أن الامام الأكبر يواجه اعتراضات ، ويتعلل بأن أى وثيقة لابد أن تظفر بالاجماع، وأعرف أنه لا يمكن أن يجمع عناصر من المحافظين على أى خطوة تجديدية ، لأنهم هم أنفسهم أسباب تجميد الخطاب الديني، وبالتالى لن يوافقوا – عن رضا – على تجديد الخطاب أو تغييره .

‎فأعلنتها احقاقا للحق التاريخي، وإحاطة للرأى العام بما حدث، ووضعا لهم وللمؤسسة أمام مسئولياتهم التاريخية.

‎لن يُصدروا الوثيقة

‎وأتوقع أنهم لن يعاودوا على الاطلاق هذه الاجتماعات، ولا أتوقع أن يصدروا الوثيقة، لأننى أعرف أن القوى المحافظة أشد شراسة ، وأكثر تماسكا من القوى المجددة .

‎وفى تقديرى أن آخر من نتصور أنهم سيجددون الخطاب الدينى هم صانعوه ، لأنهم هم السبب فى تجميده وفى انحرافه وفى الوضع الذى صار اليه .

‎للأسف مرجعية السلطة الدينية طاغية على حياتنا، وهذا نوع من التفكير لابد أن نتخلى عنه .

‎> ولكن أليس هناك غلو علمانى يريد تهميش الاسلام وقصره على جوانب العبادة فقط؟

‎أولا مصطلح العلمانية نفسه أسيء شحنه بدلالات منفّرة، ودعنى أسأل : ما مفهوم العلمانية سواء بفتح العين أو كسرها ؟

‎أبسط مفهوم نتداوله فى هذا الصدد هو تنحية تحكم الدين فى السياسة ، بحيث تكون أمور السياسة وإدارة الحياة لها شئونها ونظرياتها وتجاربها وخبراتها الحضارية ، وأمور الدين تقتصر على الجوانب الدينية ، وما يتصل بالجوانب الاجتماعية مما استقر فى ضمير المجتمع (نظام المواريث مثلا )

‎أما تدخل الدين فى السياسة فهذا هو الخطر والخلط الشديد الذى حدث منذ تأسيس جماعة الاخوان فى القرن الماضي، وانتهى بنا الى تمزيق العقل المصري، وكاد أن ينتهى بنا فى الاعوام الثلاثة الأخيرة الى تضييع مستقبل مصر، لولا أن نجاها الله، وبالتالى ففصل الدين عن السياسة ( سمه ما شئت : علمانية ، مدنية ) أصبح ضرورة لا مفر منها، لأن اتخاذ الدين وسيلة للسلطة، والحكم باسم الله لن يؤدى فى العصر الحديث الا الى قيام فاشيات دينية مهيمنة تقتل أى تجربة ديمقراطية، وتعوق تطور الأمم .

‎أما ما يسمى بالغلو العلمانى ، فالدين فى صلبه عقيدة ، والعقيدة مسألة فردية.

‎الشكل الصحيح لادارة أى دولة هو الشكل الديمقراطى الذى ينتهى الى أن يكون هناك ممثلون للشعب يشرّعون له فى المجالس النيابية، هؤلاء الممثلون للشعب لن يتخلوا عن عقائدهم عندما يدرسون التشريعات، ولن يتركوا دينهم عندما يراجعون القوانين ، وإنما سيقومون بالفهم والتأويل وتغليب الصالح العام والأخذ من الأفكار الدينية بما يلائم التطور الحضاري، ويصوغون القوانين التى يلتزم بها المجتمع.

‎ليس من حق أى رجل دين أن يعقّب على قانون أو ينقده ، لأنه إذا توافق عليه المجتمع الديمقراطي، فعلى الجميع أن يتقبلوه .

‎ولو كان هناك شعب مر بأمر التجارب، لكى ينتهى إلى الايمان القطعى واليقين الثابت بهذه النتيجة التى أحددها بتلك العبارات، سوف يكون الشعب المصرى ، لأنه لولا ذلك لوقعنا فى بؤرة الارهاب ، ولأصبحنا نموذجا مثل البلاد التى تعانى من الحروب الأهلية حتى الآن .

> أن يأتى أمر تجديد الخطاب الدينى بطلب من السلطة السياسية ، يقودنا الى قضية شائكة ، وهى علاقة المثقف بالسلطة، تلك العلاقة التى يبيحها قوم ، ويحرّمها آخرون ويوصّفونها بـ « علاقة الخيانة»؟

فى تقديرى أن مفهوم المثقف هو الانسان المواطن الذى يمتلك قدرا عاليا من الوعى ومن الحس النقدى ، بحيث يكون قادرا على ابداء الرأى فى القضايا بمعرفة ووعى .

‎هذا المثقف هو فى حد ذاته يمثل جزءا من مكونات الرأى العام ، ويقوم بدوره فى توجيه الرأى العام ، ولابد أن يكون الأساس فى تشكيل وعيه هو أن يكون له منظور نقدى بمعنى أن يستطيع تمثل منظومة القيم ، ويحكم على القرارات والاجراءات والمواقف والاتجاهات .

‎لا يمكن للمثقف الحقيقى أن يبيع رأيه ويسوق ما تريده السلطة على حسابات قناعاته وإدراكه ورؤيته ، وإن فعل ذلك فقد انحاز للسلطة ، وفقد طبيعته وضميره .

‎لكن فى الوقت نفسه إذا اتخذ المثقف الموقف المعارض الدائم والمناوئه دائما للسلطة ، فهذه السلطة تملك وسائل كثيرة « الاعلام» ، وتملك أن تعزله عن قاعدته الشعبية ، وتحول بينه وبين نشر آرائه ، بل تملك أن تصادر حريته ، وسيكون حينها هو الخاسر .

‎إذن على المثقف أن يقوم بدوره بمهارة وحكمة ،فإذا أحسنت السلطة ، يشيد بها ، وإذا أساءت ينتقد برفق هذه الاساءة .

‎هناك بعض المثقفين أيديولوجيون سواء أكانت أيديولوجيتهم تنتمى الى اليمين أو اليسار ، وهؤلاء غالبا ليسوا أبرياء فى منظورهم ، وليسوا على صواب دائما فى توجهاتهم، ونقدهم للسلطة من هذا المنطلق الايديولوجى لا يراعى دورات الموائمة التى تقتضيها الحياة العامة .

> كيف ترى المشهد السياسى فى مصر الآن ؟

‎نحن نعيش فى فترة الضرورة، بمعنى أن ثورة 30 يونيو هى التى أنقذت مصر من الحرب الأهلية، ومن الدولة الدينية الشمولية، ومن كارثة سيطرة الاخوان والجماعات الدينية عليها .

‎تقبل الشعب 30 يونيو بترحاب شديد ، ولكن الظروف التى تلت ذلك من ضرورة استقرار الأمن أولا ، ودوران عجلة الاقتصاد ثانيا، واستكمال الاستحقاقات الدستورية ثالثا، فرضت الوضع الذى نحن فيه.

‎مآخذ على النظام

‎ما آخذه على النظام الحالى يتمثل فى ثلاثة أشياء جوهرية:

‎الشيء الأول: أننا فى مرحلة تحول ديمقراطي، هذا التحول لابد فيه من الاعتماد على الأحزاب،و أى محاولة لاضعاف الأحزاب أو ضربها فيه إضرار حقيقى بمصلحة مصر.

‎الأمر الثانى: أن لدينا دستورا لم نفعّل مواده الأساسية حتى الآن، أهم ما نفتقد تفعيله فى الدستور هو مواد الحريات، لدينا قانونان أحدهما يسمى قانون ازدراء الأديان، والثانى يسمى خدش الحياء، وكلاهما مناقض لمواد الدستور الصريحة فى ضمان الحريات .

‎وبالتالى يجب على مجلس النواب اليوم وليس غدا، فى الدورة التى تنفض الآن ، وليس فى الدورة التى ستعقد، أن يقوم بإلغاء هذين القانونين.

‎هناك قانون ثالث كان لابد من الطعن فى دستوريته (أعرف أن الظروف الأمنية هى التى فرضته على الدولة ، لكن انتهت هذه الضرورة) وهو قانون التظاهر ، فلا يعقل أن يتم حبس مواطن بعد ثورتين لمجرد أنه خرج فى مظاهرة تنادى بمصرية « تيران « و « صنافير» ، حتى لو كان رأيه خطأ .

‎قانون التظاهر ساقط منذ أن صدر، ومناقض للدستور، وإن لم تلغه الحكومة ، ستلغيه المحكمة الدستورية العليا فى أقرب فرصة ، لذلك يجب أن يكون القرار بيد الحكومة لا بيد عمرو ، وتبادر بإلغاء القانون.

> ما الخلل فى علاقتنا بتراثنا ؟

‎لحسن الحظ التراث الاسلامى مفعم بالدلائل التى تنفى تقديس أى فرد، وهو يختلف عن تراث الأديان الأخرى التى تعزز فكرة التقديس.

‎الرسول يقول «إنما أنا بشر مثلكم» ، وعمر قال «أصابت امرأة وأخطأ عمر»

‎والأئمة أنفسهم كانوا يقولون «إننا نقول الرأي، ورأينا صواب يحتمل الخطأ ، ورأى غيرنا خطأ يحتمل الصواب»

‎والخلل فى علاقتنا بتراثنا أن بعضنا يقدسه، وكلنا يجهله، ولا نعرف الجوانب المضيئة فيه، وهى الجوانب التى تمثل بذور الحضارة العربية و الاسلامية، ولا يتم تسليط الضوء عليها .

‎مثلا النزوع الى الاعتماد على العلم بالدرجة الأولى، وعلى العقل، وعلى ايثار مصلحة الناس.

‎ويتم تجاهل ما عدا تلك الجوانب المضيئة فى التراث ، لأننا لسنا بحاجة لاجترار التراث .

> كيف ترى المشهد النقدى الآن ؟

‎آخذ عليه ضعفه وفقره لأسباب جوهرية ، أهمها أن سياساتنا التعليمية منذ 50 عاما قطعت شرايين اتصال جامعاتنا بالمركز العالمية المتقدمة، بمنعها وتقتيرها وحصارها للبعثات العلمية، فأصبحت علاقتنا بالعالم الخارجى محدودة للغاية، وأصبحنا محليين، ولم نعوض ذلك بحركة ‎ترجمة نشطة، ولم نعوض ذلك باتاحة الفرصة للفكر النقدى فى وسائل الاعلام.

‎الفكر النقدى محاصر ومستبعد من وسائل الاعلام المصرية ، وهذا سبب جوهرى لضعفه .

‎> حدثنى عن أية صحيفة تفسح صفحاتها للمواهب النقدية؟

للاسف الصحف تفضل الثرثرة السياسية والكلام فى الشأن العام، وتحاصر الفكر الأدبى النقدى .

‎نشر الابداع يحتاج الى مصفاة نقدية بالغة الدقة والموضوعية ، وهذا غير متوافر لدينا .

> بيت شعرى تتمثله دائما ؟

‎هناك بيت من الشعر أستفيد منه كثيرا، وأردده لنفسي، وأحاول امتصاص حكمته ، وتمثلها وتطبيقها ، وهو بيت شوقى الذى يقول فيه :

‎رزقتَ أسمح ما فى الناس من خلق.. إذا رزقتَ التماس العذر فى الشيم

‎وهذا من قصيدته البديعة « نهج البردة « التى تغنيها أم كلثوم .

‎هذا البيت يؤنسنى كثيرا، لكيلا يشتد غضبى ممن أختلف معهم، أو ممن تغلب عليهم طباعهم ، فأعذرهم فى طباعهم ، لذلك أجنح الى السماحة قدر استطاعتي.

> ما الذى يغضبك ؟

‎الذى يستفزنى حقيقة هو انتصار الجهل، عندما أجد جاهلا ينتصر بجهله، وعندما أجد فاسدا يتباهى بفساده.

> متى يبكى د. صلاح فضل ؟

‎لحظات قليلة ،غالبا تكون تأثرا بقوة عمل فني، وليس بموقف مباشر من الحياة، مواقف الحياة مهما تكن صادمة تدعونى للتأمل أكثر ، ولشيء من الجلد والصبر.

ولست أعرف حينئذ أكان هذا بكاء أم أنه مجرد فيض من العواطف .

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
الاسم
عنوان التعليق
التعليق