رئيس مجلس الادارة
أحمد السيد النجار
رئيس التحرير
محمد عبد الهادي علام
المشهد الأول: ينفتح الستار.. فيرى الجمهور.. السيد المدير والكوكبة المصاحبة له، تدخل إلى أحد فصول المدرسة، المكتظ بنحو خمسين طفلاً، ينظر المدير بشموخ إلى المعلمة الشابة الدائخة، التي سيطر الاحمرار على وجهها خوفاً وخجلاُ من زيارة السيد المدير، ثم يدور الحوار التالي: المدير: ما هذا يا مِس.. أين السبورة الذكية؟ المعلمة متلعثمة: موجودة يا افندم. ولماذا لا تستخدمينها؟ وكيف استخدمها ومعظم التلاميذ لا يجيدون القراءة والكتابة أصلاً؟ لا يهم.. لقد أنفقت الوزارة الملايين على تلك السبورات ولابد من استخدامها. في هذه اللحظة تقفز الكاميرا، فتتوقف على وجه عيّل مفعوص من الصفوف الخلفية وهو يقول: السبورة عطلانة يا ميستر.. والسيديهات ضاعت.. والمِس حاولت تشغلها وما اشتغلتش. يغتاظ الباشا المدير من كلام الولد المفعوص، فيصب جام غضبه على رأس المعلمة: إنت موش شايفة شغلك.. ولازم تتعاقبي. تبكي المسكينة، وتهمس: والله حاولت يا افندم.. والسبورة ما اشتغلتش.. أعمل إيه؟ يعود المفعوص فيزقزق قائلاً: يا ميستر.. يا ميستر.. على فكرة إحنا بناخد «إنجليش»، والسبورة الذكية بتكتبه من اليمين للشمال.. زي العربي بالظبط.. هنالك يتدخل مخرج المسرحية، فيعرض على شاشة مثبتة على يسار المسرح، مشاهد للعديد من المدارس المصرية بكل المحافظات، وكل السبورات الذكية عطلانة ولاتعمل. فى تلك اللحظة، يشير المخرج بيده، فيدخل مهرج يرتدي طرطوراُ أحمر له ذر أخضر، فيرقص ويغني: ( السبورة فين.. التعليم أهووه!).. ثم ينغلق الستار! المشهد الثانى: ينفتح الستار، فنرى سيادة المدير نفسه، وهو يمر بفناء المدرسة، فى الفسحة، وحوله المئات من الأطفال، يتضاربون، يتشاتمون، ويمزق بعضهم هدوم بعض، وكاد واحد منهم أن يصطدم به، يغضب المدير، فيصرخ: أين الناظر؟ هاتوا لي الناظر. يأتى الناظر مهرولاُ، فيصرخ فيه المدير: كنت فين يا أستاذ ؟ هنالك تدور الكاميرا، فنرى التلميذ المفعوص نفسه، يجذب المدير من طرف الجاكت، ثم يزقزق: يا ميستر.. يا ميستر.. الناظر كان واقف عند السور. يسأله المدير: بيعمل إيه عند السور يا ولد؟ يرد التلميذ ببراءة الأطفال: كان بيحوش العيال.. علشان ما ينطوش من فوق السور. تقترب الكاميرا، فتتسلط « زووم» على عينيّ المدير، فنراهما تكادان تطلقان الشرر، ويصرخ في المدير: سيادتك واقف عند السور وسايب المدرسة تضرب تقلب يا أفندى؟ يتحول الناظر إلى كتلة من الغضب هو الآخر، فيزعق فى وجه المدير: أعمل لكم إيه.. عيال شياطين وأهاليهم لم تربهم.. الموضوع أكبر منى ومنك يا باشا. يصرخ المدير: أهاليهم؟ أنا مالى ومال أهاليهم؟. في تلك اللحظة، يشير المخرج، فتتجه الكاميرا إلى عشرات الأطفال وهم يتسلقون الأسوار.. يقترب منهم المهرج ذو الطرطور الأحمر.. ويسألهم: رايحين على فين يا حلوين؟ فيزقزقون: رايحين نجيب « الكورة» مِن برّه!.. يغنى المهرج: (الكورة راحت فين.. التعليم آهووه).. ثم ينغلق الستار. المشهد الثالث: تدور الكاميرا.. فنرى البيه المدير العام متوجهاُ إلى البوابة الخارجية، .. ينظر متعجباً فى اندهاش هائل.. حيث رأى المعلمة نفسها، التى رأيناها فى المشهد الأول.. جالسة على أريكة خشبية عتيقة ( برزت المساميرمن كل جوانبها).. وكانت المعلمة تبكى بحرقة.. وتعمد المخرج أن يقترب «زووم» من عينيها الدامعتين. يقف المدير أمامها متأثراً، إذ تذكر ابنته، يهمس لها فى ود: مالك يا بنتى.. ما الذى أجلسك هنا؟ تمتمت هى بصوت لا يكاد يستبين: الناظر قال لى اقعدى « أمن».. انتفض المدير، فتعمدت الكاميرا الاقتراب من رموش عينيه الهائجتين: أمن؟ يعنى إيه أمن؟ قالت: كى أمنع العيال من الهروب من المدرسة. صرخ المدير صرخة رأينا معها مشاهد متلاحقة، من أفنية لمدارس عديدة بالبلد، يعارك فيها الأطفال بعضهم بعضاً: وهل أنت يا بنتى أمين شرطة؟ تستدير الكاميرا نصف دورة.. فنرى المدير عائدا يكاد يجرى.. فيمسك بالناظر من ياقة الجاكت.. ثم يهتف: اللائحة قالت لك تكلف المدرسين بالجلوس فى الأمن يا أفندى؟.. ألم تمنع الوزارة جلوس المدرسين والمدرسات على أبواب المدارس يا حضرة الناظر؟ المشهدالأخير: تقترب الكاميرا بهدوء، تصحبها موسيقى تصويرية لأغنية ( وطنى حبيبى الوطن الأكبر.. يوم عن يوم أمجاده بتكبر).. فتدخل بنا إلى أحد السناتر التعليمية.. وتدور الكاميرا في غرف السنتر.. ومعها البيه المدير.. وفي يده اشتبكت كف الولد المفعوص.. ونسمع المدير يسأله: من هذا يا بنى؟ فيجيب: ميستر الحساب.. ومن هذا يا بنى؟ ميستر العربى.. ومن هذه يا حبيبى.. فيجيب: ميس الفرنساوى! ننظر.. فنرى المدير.. ومعه الصغير المفعوص.. والميس الشابة.. والمهرج ذو الطرطور.. يجلسون على الأريكة الخشبية نفسها التى رأيناها فى المشهد الثانى. ينظر المدير في يأس إلى المهرج.. ويسأله: ما رأيك يا صديقى..هل هناك أمل؟ تنتقل الكاميرا إلى وجه المهرج فنراه جاداً جدا.. وقال بعد أن نزع طرطوره: يا باشا.. معركتنا مع التعليم أخطر من معركتنا مع الإرهاب وكلاهما وجهان لعملة واحدة .. وإذا نجحنا فى هذه .. فسوف ننجح فى تلك.. يهز المدير رأسه فى غير اقتناع.. بينما تنتقل الكاميرا إلى إحدى المدارس فى دولة أوروبية ما.. فتتوقف عند وجه مبتسم لإحدى التلميذات الصغيرات السعيدات.. وتكتب على الشاشة كلمة «البداية»! لمزيد من مقالات سمير الشحات