رئيس مجلس الادارة

أحمد السيد النجار

رئيس التحرير

محمد عبد الهادي علام

رئيس التحرير

محمد عبد الهادي علام

على هامش «ثورة فكرية فى جامعة القاهرة»

في مقاله الأسبوعي بعنوان «ثورة فكرية في جامعة القاهرة» المنشور تحت سلسلة «رؤيتي للقرن الحادى والعشرين» بتاريخ 27 سبتمبر الماضي، أشار الدكتور مراد وهبه إلي «منتدي ابن رشد». وأنا هنا بدوري كمؤسس مشارك والأمين العام ل«منتدي ابن رشد« ألقي الضوء علي هذا المنتدي.

تأسس «منتدي بن رشد» بمبادرة من الدكتور مراد وهبه وبمشاركة مني في مارس 2001 باعتباره الفرع المصري لـ«الجمعية الدولية لابن رشد والتنوير» التي تأسست في ديسمبر 1994 بالقاهرة وكان ذلك أيضاً بمبادرة من د. مراد وهبة وبمشاركة مني فى أثناء المؤتمر الدولي الأول بعنوان «ابن رشد والتنوير» الذي نظمته وعقدته الجمعية والذي شارك فيه لفيف من كبار المشتغلين بالفلسفة في مصر والعالم العربي والعالم من أمريكا وكندا وأوروبا وإفريقيا وآسيا.

وكان من أهم توصيات المؤتمر العمل علي تأسيس ونشر فكر ابن رشد وفلسفته باعتباره جسراً بين العالم الإسلامي وباقي بلدان العالم من أجل القضاء علي الفكر الديني المتطرف الذي يفرز العنف والإرهاب. ذلك باعتبار أن فلسفة ابن رشد تجسد التداخل الثقافي والتخصيب المتبادل بين الثقافتين العربية الإسلامية واليونانية والتي كانت في ذلك الزمان، أي في القرن الثاني عشر في العصر الأندلسي، تمثل ما نشير إليه اليوم بالغرب، فابن رشد كان ومازال النموذج الإيجابي علي هذا الالتقاء الثقافي الذي يعبر عن وحدة الحضارة الإنسانية، إلي جانب ابن سينا والفارابي وغيرهما من فلاسفة العرب الذين تأثروا بالفلسفة اليونانية.

بيد أن فلسفة ابن رشد تبقي هي الشاهد الأوحد علي تحقق الاندماج الثقافي بين العالم الإسلامي و الغرب حيث رحلت أفكاره إلي أوروبا وكانت هي الأساس الذي قام عليه تيار «الرشدية اللاتينية» الذي تبني نظريته في تأويل النص الديني استناداً إلي البرهان العقلي، أما لفظ اللاتينية فهو يشير إلي اللغة التي تم بها تطبيق نظرية ابن رشد في مقابل اللغة العربية.

والسؤال الآن، هل في الإمكان تأسيس تيار رشدية عربية اليوم؟ الجواب يستلزم الوعي بالأسباب التي أدت إلي غياب فكر بن رشد في العالم العربي والإسلامي لمدة 800 عام، من جهة، وانتشار التيار الرشدي في أوروبا إلي الحد الذي فيه كان هو الدافع والمحرك لإخراج أوروبا من تخلف العصور الوسطي إلي التقدم والحداثة, من جهة أخرى.

علي مدي ستة عشر عاماً، هي عمر «منتدي بن رشد»، حاول أعضاؤه المؤسسون وهم قلة من تلاميذ دكتور مراد وهبه وقرائه ومريديه، تأسيس تيار «الرشدية العربية». وقد واجهتنا الكثير من المقاومة والرفض إلي حد المؤامرات للقضاء علي المنتدي. لكن فرسان «منتدى ابن رشد» صمدوا بفضل قناعتهم الراسخة بأهمية وضرورة الرسالة التي حملوها علي عاتقهم. إلي أن جاءت دعوة دكتور جابر نصار، ذلك الفارس الذي يملك رؤية واضحة جعلها رسالة من أجل انقاذ المجتمع المصري من فكر التخلف وتأسيس فكر جديد يرسي دعائم التقدم ويكون هو السلاح الفكري الذي يقضي علي الإرهاب الذي يهدد الحضارة الانسانية بالفناء.

فطالما نادي الرئيس عبد الفتاح السيسي بضرورة محاربة الإرهاب بالفكر إلي الحد الذي فيه تبعه الغرب برمته منادياً بما قد نادي به من قبل. كما أن قيادات الغرب السياسية قد حملت مصر مسئولية ريادة تحقيق هذه الرسالة، حيث إن منبع الإرهاب ومصدره يكمن هنا في مصر والمنطقة المحيطة بها.

أما تحقيق هذا الهدف علي أرض الواقع فهو أمر ليس باليسير حيث إنه يشترط الوعي الكامل بمدي خطورة الفكر الإرهابي علي مستقبل مصر أولا ومستقبل العالم ثانياً. ومن شأن هذا الوعي أن يجعل صاحبه يتمسك بنشر رسالته مهما يكلفه هذا التمسك من تضحيات من منطلق أنها قضية وجود بمعني أن المقاومة الفكرية لفكر الإرهاب وتأسيس فكر بديل يقوم علي تيار «الرشدية العربية» هما أمران في صميم مسئوليات المثقف المتنور أو بالأدق ما أسميه «المثقف المنَوِر» (بفتح النون وكسر الواو)، وشعاره هو «كن جريئاً في إعمال عقلك» وهو شعار التنوير الذي أطلقه مؤسس التنوير الفيلسوف الألماني كانط منذ نحو مائتي عام وكان من أسباب تقدم أوروبا.

لمزيد من مقالات د. منى أبوسنة

رابط دائم: