مما يثير الدهشة، هذه الانتفاضة من بعض أشهر منظمات حقوق الإنسان فى العالم تُنبِّه وتُحذِّر وتُهدِّد إذا ما تَعرَّض إرهابيو داعش فى الموصل لأى انتهاكات لحقوقهم القانونية والإنسانية أثناء القاء القبض عليهم من قبل القوات العراقية أثناء تحرير المدينة! وهو ما يفضح انحرافاً عن الشعارات التى ترفعها، بل عن نظامها العام وأهدافها الأساسية التى قيل إنها أُنشئت من أجلها، بعد أن قبلت على نفسها أن تقوم بدور الغطاء لسياسات أمريكا وحلفائها، إذا كانوا يعادون طرفاً فإن بيانات هذه المنظمات جاهزة تدين أقل الأخطاء، بل واختراع الأخطاء أحياناً، وإذا كانت أمريكا راضية عن نظام ما فهناك تجاهل شبه مطلق عن جرائم بحجم الفيل!
مثلاً، هناك مصالح هائلة لأمريكا وحلفائها مع دول لا تزال نظم الحكم فيها تعيش مجاهل العصور الوسطي، باستيلاء عائلة حاكمة على ثروات البلاد، واستبدادها بالحكم، وقهر شعوبها، واستخدام العنف الدامى المنظم ضد الأقليات والمعارَضة السلمية التى تمارس الحقوق الدنيا فى العقيدة والفكر والتعبير، فإذا بصمت القبور على هذه الجرائم، بل وإصدار البيانات التى تشيد بتطور كبير واقتراب ملحوظ من المقاييس العالمية فى توفير حقوق الإنسان! وبالتوازي، ودون أى اكتراث بالتناقض، تنخرط هذه المنظمات فى أعمال السياسة المباشرة، مع الزعم بأنها أبعد ما تكون عنها، وتصدر بيانات متوالية، يخرج بعضها عن أسس العمل المهني، بلغة تفضح انتماءات وانحيازات، وبالقفز على ما ينبغى إثباته، والتعامل مع مزاعم على أنها حقائق دامغة مادامت تدعم الهدف السياسى العملى الذى تتفانى فيه هذه المنظمات من أجل إدانة النظام الذى تستهدف النيل منه. ليت بعض الباحثين يتفرغون بالدراسة العلمية الدقيقة لتجربة هذه المنظمات مع تنظيم داعش الرهيب، الذى انتهك حق الحياة، الذى هو أول حق ينبغى أن تصونه هذه المنظمات، وليت الباحثين يتناولون البيانات المتتابعة لهذه المنظمات، فى جرائم أخرى مثل العدوان على حق العبادة، والتهجير القسري، وسبى النساء وإقامة أسواق النخاسة فى القرن الحادى والعشرين..إلخ
[email protected]
[email protected]لمزيد من مقالات أحمد عبد التواب; رابط دائم: