رئيس مجلس الادارة
أحمد السيد النجار
رئيس التحرير
محمد عبد الهادي علام
نتحدث كثيرا عن أهمية الفنون المختلفة والأدب والثقافة، التى كانت دوما وفى كل العهود قوة مصر الناعمة التى لا تتوافر لأى دولة عربية أخري، ولكن هناك جانبا آخر من قوة مصر الناعمة تتفرد به مصر وسط العالم الإسلامى بأكمله، ولا نتطرق له كثيرا، يمثله قراء القرآن الكريم. يقولون دائما إن القرآن الكريم نزل فى مكة والمدينة وقرئ فى مصر، حيث انجبت مصر ولاتزال أعظم قراء القرآن الكريم تجويداً وترتيلا،ً يمتازون بحلاوة الصوت ووضوح المخارج، والتمكن من الأحكام والضوابط الشرعية. وهناك الكثير من الدراسات والكتب التى تحدثت عن قراء القرآن المصريين، أشهرها كتاب «الحان السماء» للكاتب الراحل محمود السعدني، الذى حظى فيه الشيخ محمد رفعت بالجانب الاكبر من الثناء والاشادة، فأطلق عليه السعدنى صوت الشعب وانه استمد جمال صوته من اصوات الشحاذين والمداحين والندابين والباعة الجائلين لذلك خرج مشحونا بالالم والامل، وأكد انه موسيقى بفطرته يزجى الى النفوس أرفع انواعها واقدس وازهى الوانها ليأسرنا ويسحرنا دون ان يحتاج الى أوركسترا. ومن الشيخ رفعت إلى الشيوخ العظام ابوالعينين شعيشع ومحمد صديق المنشاوى ومصطفى اسماعيل وعبدالباسط عبدالصمد والحصري والبنا والشعشاعى ومحمد محمود الطبلاوى والرزيقى والفشنى.. وغيرهم، جاءت مفاجأة الزميل المبدع سامح الكاشف فى العدد الثانى من مجلته الفصلية المتميزة «داليدا»، الذى قدم عددا متكاملا عن التلاوة المصرية للقرآن الكريم. ولعل المقال الذى خص به الكاتب الكبير الدكتور محمد المخزنجى هذا العدد، تحت عنوان «نجوم بوليوود ينحنون لنجم مصري»، يكشف عن الأهمية الضخمة التى يوليها المسلمون فى كل مكان بالعالم لقراء القرآن المصريين، عندما يتحدث عن واقعة حضرها بنفسه فى بومباى بالهند استضاف خلالها أحد أثرياء المسلمين هناك قارئا مصريا غير معروف فى شهر رمضان. ويصف المخزنجى وصول هذا القارئ إلى مكان الاحتفال قائلا: صار المقرئ المصرى الريفى فى الزى الأزهرى نجما ساطعا يشق موكبه مليونية هندية حقيقية تنتشر حشودها فى نهر شارع «محمد على رود» الفسيح وتفرعاته، ترحب به الأصوات وتلوح له الأيادى وتُلقى على السيارة التى يظهر وراء زجاجها الأمامى زهور غامرة، وكانت الحلويات والأطعمة تعمر المكان المعروف بأنه من أفضل الأماكن فى بومباى لتناول الطعام والتحلِّى بعده. ويضيف: نزل شيخنا من سيارته ونزلنا من سياراتنا ومضينا فى معيته إلى شارع جانبى تقودنا وترحب بنا مجموعة من وجهاء مومباى المسلمين ، والمسلمون فى مومباى لهم شأن كبير ومنهم أثرياء وصناعيون وتجار وأطباء وفى كل شأن رفيع من شئون الحياة، وقد عرفت يومها أن كثيرين من نجوم السينما الهندية وصناعها مسلمون، ينتمون إلى قلعة هذه الصناعة التى تُدعى «بوليوود» على غرار قلعة صناعة السينما الأمريكية «هوليوود»، وهى فى مومباى ثانى أكبر قلاع السينما فى العالم بعد تلك الأمريكية. وكل هؤلاء راحوا يهشون ويبشون مرحبين بالشيخ الذى صرنا نمشى فى معيته ونشع ببعض ما ينهال عليه من توقير وتبجيل من ملايين بلا حصر، تعودوا أن يسهروا مع تلاوته فى تلك الليالى الرمضانية العامرة فى هذا المكان ، يأكلون ويتحلون حتى يقترب الفجر، فيختم مقرئنا تلاوته، ويرفع الأذان. وتنتهى ليلة لم أر مثلها من ليال رمضانية فى أى مكان، حتى فى مصر المشهورة بلياليها الرمضانية، بحجم الحشود التى تحيى الليلة، والنشوة بجمال التلاوة القرآنية التى تطلقها فى سماء قلب مومباى عشرات مكبرات الصوت، من مقرئ مصرى من «جيش» المقرئين الرائعين والذين يعدون بالمئات، الذين اكتشفت أنهم ما أن يقترب الشهر الكريم حتى ترسلهم مصر هدية رمضانية للمسلمين فى جميع بقاع العالم، لإحياء ليالى رمضان بتلاوة الذكر الحكيم ، بأصوات مصرية تنتزع صيحات التكبير والإعجاب من صدور من يرون مصر منارة المسلمين فى الدنيا أكثر من أى مكان آخر. لقد لخص المخزنجى بهذه الكلمات مدى قوة مصر الناعمة المتمثلة فى شيوخ التلاوة المصرية للقرآن الكريم. وأتمنى أن يكون هذا العدد الرائع من مجلة «داليدا» بداية حقيقية للاهتمام بهذه القوة الناعمة الضخمة التى نتفرد بها، من إيجاد حل عصرى لمشكلة اندثار الكتاتيب التى أخرجت لنا هذه الأصوات الشجية، إلى تنظيم البرامج التليفزيونية والإذاعية والمسابقات لاكتشاف مواهب جديدة فى هذا المجال، تستكمل مسيرة التلاوة المصرية للقرآن الكريم. < كلمات: إن الأيام كالأفراد تتفاوت فى المظهر والخطر والأثر د.نعمات أحمد فؤاد لمزيد من مقالات فتـحى محـمـود