رئيس مجلس الادارة
أحمد السيد النجار
رئيس التحرير
محمد عبد الهادي علام
قد لا يختلف عاقل معى على أن حياة المصريين المعاصرين تنشطر إعلاميا إلى حقبتين رئيسيتين: حقبة ما قبل حرب الخليج الأولى؛ وحقبة ما بعدها؛ حيث انحصر الأمر خلال الحقبة الأولى فى إعلام تحت سيطرة الدولة بالكامل؛ بينما شهدت الحقبة الثانية انفتاحا غير محسوب تحول معه الإعلام شيئا فشيئا إلى ما يشبه آلة ضخمة خارجة عن السيطرة تماما بالمفهوم التقليدى القديم، ثم سرعان ما تسرب الزمام إلى تحالفات إعلانية راحت تملى إرادتها على الجميع بحجة (نسب المشاهدة)، وهى التى فى حقيقتها تسعى إلى إملاء توجهات بعينها وقواعد جديدة للعبة! وعلى الرغم من أن البعض قد يرى فى الحقبة الثانية نوعا من التحرر المقرون بهواجس (حلم الديمقراطية) المنشود، إلا أن الواقع قد أكد بما لا يدع مجالا للشك أن المجتمع كان أكثر استقرارا فى ظل الحقبة الأولى فيما لايمكن الحديث بشأنه؛ ذلك لأن الحياة قد علمتنا استحالة أن تعود عجلة الزمان إلى الوراء بأى حال من الأحوال. فصحيح أن أدوات توجيه الرأى العام كانت أكثر طوعا خلال حقبة ما قبل حرب الخليج الأولى من قبل أن يتم (إجبار) القيادة المصرية (آنذاك) على فتح الفضاء الإعلامي؛ فإذا بالميزة النسبية لمحدودية القماشة الإعلامية التى كانت تسهل توصيل الرسالة الإعلامية للرأى العام تتسرب من يد الدولة رويدا رويدا، فى مقابل قماشة فضفاضة فرضها تعدد المحطات الفضائية يصعب الإلمام بأطرافها متناهية التباعد! إلا أنه قد لفت نظرى خلال الفترة الماضية ما أعتبره كارثة إعلامية بكل المقاييس؛ حيث لاحظت شبه (تجاهل إعلامي) تام لنشاط السيد الرئيس عبد الفتاح السيسى جعل من جولاته الميدانية بل وخطاباته أمرا يسير فى طى الكتمان الإعلامى ويتعذر بلوغه فى غير وقت حدوثه، من بعد أن اقتصر بث النشاط على التليفزيون المصرى دون سواه؛ ففى حين يباهى المصريون بأن لديهم عددا لا بأس به من محطات فضائية تشهد فيما بينها منافسات طاحنة من أجل الحصول على (أعلى نسب مشاهدة)، إلا أن نشاطا مهما (لرئيس الجمهورية) يكاد يظهر على شاشة قناة أو اثنتين على أقصى تقدير! بحثت فى الأمر وحاولت استجلاءه... فعرفت السبب: السبب هو أن التليفزيون المصرى يتعامل مع نشاط السيد الرئيس باعتباره نشاطا حصريا لصالح ماسبيرو؛ وأن أى محاولة من قبل المحطات الخاصة لنقل هذا النشاط عبر التليفزيون المصرى يعنى (حتمية) دفع ما قيمته ألف دولار رسميا لخازينة ماسبيرو، دون حتى تسعير واضح لمدد البث؛ فأنت أمام ألف دولار سواء قمت ببث ثانية واحدة أو حتى عشر ساعات... المهم هو أن تدفع ألف دولار!! و الحقيقة أن فى هذا إجحافا ما بعده إجحاف، سواء على صعيد حجم انتشار هذا النشاط فى شرايين الرأى العام استنادا إلى نسبة مشاهدة التليفزيون المصرى وبالقياس إلى نسبة مشاهدة بقية المحطات الخاصة مجتمعة أو منفردة (فى بعض الأحيان)؛ أو على صعيد تجهيل الرأى العام بأنشطة الرئيس بالقياس إلى حجم جماهيرية المحطات الأخرى، ناهيك عن أن هذا التجهيل من شأنه أن يوحى خطأ للمشاهد العادى (بتعمد) هذه القنوات تجاهل أنشطة الرئيس، لا سيما وأن السبب الحقيقى لهذا التجاهل مجهول؛ إذ ما الذى يفسر للناس مثلا سبب إحجام قنوات (رجال الأعمال) عن بث ومتابعة أنشطة الرئيس وقت حدوثها ، إلا أن يكون فى الأمر شائبة عدم اكتراث؛ ذلك إذا ما وضعنا فى الاعتبار تلك الصورة الذهنية المترسخة التى تربى عليها العقل الجمعى المصرى عن حجم الاهتمام الذى يجب أن يحظى به رئيس الجمهورية (إعلاميا). نحن لا نتكلم حول مباريات لكرة القدم أو احتفالية هنا أو هناك، وإنما حول رئيس جمهورية مصر العربية الذى يتحتم ــ بتفعيل أبسط الأصول الإعلامية ــ توصيل أنشطته إلى أكبر عدد من أبناء شعبه؛ سعيا إلى تعزيز الصورة الذهنية بشأن سيادته من ناحية، وإطلاع الناس على فكره و طبيعة إنجازاته بالصورة الحية وليس بالوصف والشرح من ناحية أخرى. أما وإن كان هناك اتجاه لاستغلال هذا النشاط الحصرى لتليفزيون الدولة من أجل تعزيز موقف ماسبيرو المادي، فلا بأس من تطبيق هذا النظام على المحطات العربية والدولية وليست المصرية؛ ذلك لأن طبيعة هذه المحطات ستتعامل مع الموقف بحسب احتياجها الفعلى بالقياس إلى أهمية الحدث بالنسبة للمحتوى الإعلامى الذى تتناوله ؛ الأمر الذى يعطيها رفاهية الانتقاء والاختيار، أما المحطات المصرية فيجب أن يكون نشاط الرئيس متاحا لها بالمجان، حتى إذا جلس المشاهد أمام الشاشات وتنقل فيما بينها لم يجد بدا من تلقى الرسالة الإعلامية المطلوبة عن اليمين و عن الشمال. الأمر مرفوع إلى السيد المهندس شريف إسماعيل رئيس مجلس الوزراء لاتخاذ القرار المناسب. لمزيد من مقالات أشرف عبدالمنعم