رئيس مجلس الادارة

أحمد السيد النجار

رئيس التحرير

محمد عبد الهادي علام

رئيس التحرير

محمد عبد الهادي علام

الفعـل فاعـل .. المسكـوت عليـه!.

>> هى رياضية أم اجتماعية؟.
أنديتنا هويتها «إيه» بالضبط؟. أندية رياضية أم اجتماعية أم «خلطة» من الاثنين لا أحد يعرف مقاديرها على وجه الدقة؟!.

هذه الحدوتة هى ما بدأت وأنهيت بها كلامى الأسبوع الماضى فى هذا المكان موضحاً أن الفارق هائل بين الرياضية والاجتماعية وأن عدم اكتراثنا بحجم هذا الفارق هو أحد أهم أسباب كوننا «مربوطين» على «درجة» التمثيل المشرف!.

قد يقول قائل اليوم: وما دخل الأندية بالتمثيل المشرف؟. أليست المنتخبات الوطنية وبمعنى أدق الاتحادات الرياضية هى المسئولة مسئولية تامة ومباشرة عن المنتخبات ومستواها ونتائجها فى البطولات.. إفريقية كانت أو عالمية؟.

أقول أنا: بحكم نظامنا الرياضى الذى لا يعرف أحد له نظاماً.. النادى فى الواقع هو وحده الذى يصنع قاعدة البطولة وأساسها وقوامها وعلى عاتقه وحده ولا جهة غيره تقع عليها المسئولية وتتحدد المستويات المستقبلية!. كيف؟. هذه النقاط ربما توضح الأمور!.

1ــ النادى بإمكاناته المادية والفنية والإدارية ــ كَبُرَت أو صَغُرَت ــ هو الذى ينتقى النشء الصغير الذى يتوسم فيه صلاحيته لقطاع البطولة فى أى لعبة!. النادى معذور فى عملية الانتقاء.. لأن عدد الأطفال المتاح أمامهم فرصة ممارسة الرياضة.. قليلة قليلة قليلة إذا ما قورنت بعدد الأطفال الذين لا يمارسون الرياضة لعدم وجود مساحات أرض يلعبون عليها!. النادى معذور.. لأن العدد القليل الذى يبحث النادى عن المواهب بينهم.. طبيعى ومنطقى أن ما سيكتشفه سيكون قليل القليل الذى يبحث النادى عن المواهب بينهم.. طبيعى ومنطقى أن ما سيكتشفه سيكون قليل القليل إن وجدهم أصلاً.. وهذا ما يجعله يتغاضى عن مواصفات فى عملية الانتقاء ويجعله يرضى بالموجود وبمنطق شىء أفضل من لا شىء.. والدليل!.

2ــ الأهلى والزمالك هما أكبر الأندية وأكثرها تحملاً لمسئولية قطاع البطولة فى أغلب اللعبات وفى مقدمتها كرة القدم.. ماذا عنهما فى قطاع الناشئين؟.

الناديان عندهما فرق ناشئين كرة قدم فى جميع مسابقات المراحل السنية التى ينظمها اتحاد الكرة ومنطقتى القاهرة والجيزة.. هذه حقيقة والثانية.. أن أى فريق فى أى مرحلة سنية فى أى من الناديين لو استفسرنا عن عدد الناشئين الواعدين المنتظر أن يكملوا المشوار ويوماً سيلعبون للفريق الأول.. سنكتشف أنهم ثلاثة وربما على أفضل تقدير أربعة!.

على فكرة.. هذه حقيقة تتفق عليها الأجهزة الفنية وأيضاً الجماهير العاشقة التى تتابع تدريبات ومباريات ناشئيها!. الجميع يعرف بالاسم هؤلاء الواعدين.. وهم قليل جداً وسط الكثير!. «يعنى إيه»؟.

3ــ المعنى..أن أى مرحلة سنية أو فريق للنادى فى هذه المرحلة مقيد فيه 25 أو 30 لاعباً وهؤلاء يمثلون النادى فى المباريات الرسمية.. والنادى يتحمل تكلفة تدريب وتغذية ومواصلات وملابس وعلاج وربما دروس خصوصية.. يتحمل كُلفَة 25 أو 30 رغم أن الواعدين منهم ثلاثة أو أربعة.. إن حماهم الله من أنفسهم.. من سلوكياتهم التى قد تصادر مستقبلهم الكروى!.

4ــ لأن قاعدة ممارسة الرياضة معدومة بالقياس لتعداد يوضح أنه عندنا فق الـ 20مليون طفل وطفلة فى مرحلة الطفولة.. والمواهب الموجودة فى العشرين مليونا مؤكد أنها أضعاف أضعاف أضعاف المواهب التى نبحث عنها وسط بضعة الآلاف المتاح لها ممارسة الرياضة!. لو قاعدة ممارسة الرياضة فيها ملايين .. النادى سيجد أمامه مئات المواهب يختار من بينها الأفضل للقيد فى أى مرحلة!. وهذا كان واقعاً بالفعل وقت كانت المدرسة قاعدة الممارسة!. وقت كانت المدرسة تأخذ على عاتقها مهمة اكتشاف المواهب.. لأن كل مدرسة فيها على الأقل 4000 تلميذاً.. يمارسون الرياضة والممارسة هى فقط التى تكشف عن الموهبة!. وقتها كانت المدرسة قاعدة ممارسة وقاعدة منافسة.. وفرق السعيدية والخديوية والتوفيقية.. قدمت للكرة المصرية نجوم الكرة المصرية فى أكبر ناديين!. وقتها المقيدون فى أى مرحلة سنية أغلبهم إن لم يكن كلهم موهوبين!.

5ــ عندنا مواهب مثل التى نشاهدها فى كل العالم.. كماً من حيث العدد وكيفاً من حيث قيمة الموهبة.. الفارق بيننا أننا نكتشف نسبة ضئيلة جداً من مواهبنا والباقى وهو كثير لا نراه أصلاً.. وما نكتشف.. إما أن يكون فى سن متأخرة يصعب فيها تطويع الموهبة.. والقليل فى سن مبكرة لكننا لا نحسن رعاية هذه الموهبة.. لأن نظام الانتخابات فى الأندية وهو نظام أندية اجتماعية.. صعب أن يفرز مجالس إدارات تعرف متطلبات قطاع البطولة وأهمها على الإطلاق العناية الفائقة بالنشء الصغير الذى سيكون بطلاً يوماً!. عندهم يضعون أيديهم على مواهبهم فى سن مبكرة لأن كل أطفالهم تمارس إجبارياً فى المدرسة كل الأنشطة التربوية وفى مقدمتها وعلى رأسها الرياضة!. يكتشفون مواهبهم مبكرا ويخضعون للإعداد العلمى مبكراً لذلك يصلون لأعلى المستويات العالمية!.

ميسى أحد أهم مواهب الكرة فى العالم.. اكتشفوا موهبته فى مرحلة سنية صغيرة.. فبدأ الاهتمام وبدأت الرعاية مبكراً!. طفل موهوب فى الكرة لكنه يعانى مشاكل صحية كبيرة!. عنده مشكلة فى العظام.. لكنها ليست مشكلة إن تمت مواجهتها مبكراً!.

6ــ الحكاية عندنا صعبة وتزداد صعوبة!. صعبة لأننا من سنين طويلة قلبنا الآية.. وبدلاً من أن تكون ممارسة الرياضة فرض عين على كل طفل وهى الهدف الأهم باعتبار الرياضة حق لكل طفل.. حقه أن يمارسها بصرف النظر سيكون بطلاً أو لا!. إن ظهرت موهبته كسبناه فى المنافسة.. وإن لم يكن موهوباً كسبناه إنساناً متوازناً بدنيا وصحيا ونفسياً وما أعظمه مكسب للوطن!.

نحن عكسنا المنطق وجعلنا المنافسة أو البطولة هى الأهم!. طيب كيف سنعثر على الموهوبين والملايين لا تمارس الرياضة أصلاً؟. وكيف سيكون مستوانا فى المنافسة ونحن تخلينا بإرادتنا عن الغالبية العظمى من مواهبنا المدفونة التى لم نرها لأنها لم تلعب!.

لم نهتم كثيراً بموضوع المستوى والنتائج لأننا اخترنا نظرية التمثيل المشرف وكأنه ليس بالإمكان أفضل مما كان.. والحقيقة أنه بالإمكان أن نكون مثلهم وربما أفضل!.

7ــ نعم بإمكاننا وفى متناولنا أن نكون مثلهم وربما أفضل لأن تعدادنا كبير وكل يوم نزيد عددا هائلا وهنا أمر لا يوجد له مثيل فى العالم ولا حتى في الصين أكبر دولة تعداداً!. نحن معدل الزيادة السكانية عندنا خمسة أضعاف معدل الزيادة فى الصين.. ما علينا!. عندنا يكون تعدادنا 90 مليوناً منهم 60٪ شباب وداخلهم 20 مليون طفل وطفلة والعشرين مليونا هم القاعدة المثالية لاكتشاف المواهب حيث مرحلة العمر صغيرة فيها الطفل خامة نقية.. لا شوائب سلوكية أو ممارسية بعد فى مخزونها التراكمى وهذا أمر بالغ الأهمية يسهل مهمة الإعداد ويُعَظِم حجم المردود!.

8ــ عندنا البشر الموجود داخله كم مواهب كبير فى جميع المجالات.. لكننا لا نراهم وانحرمنا منهم من نصف قرن على الأقل.. من يوم إعدام الأنشطة التربوية فى مصر بقرار إلغائها من المدارس المصرية بحجة بناء فصول على الملاعب وتحويل غرف الأنشطة الأخرى لفصول!.

وقت كانت الأنشطة التربوية فى المدرسة.. كنا نضع أيدينا على كل المواهب الموجودة فى مدارس مصر.. لأن كل الطلبة تمارس الرياضة وغير الرياضة والطلبة فى المدارس هم أكبر قاعدة بشرية فى مصر وحالياً هى 20 مليون طالب وطالبة!.

وقتها الوطن لم يُحرَم من مواهبه وكانت بصمة المواهب الكثيرة واضحة وجلية فى كل مجال! عمالقة كبار وليسوا واحداً أو اثنين إنما عدد كثير جداً!. انتاج المدرسة المصرية من المواهب وقت كانت المدرسة فيها الأنشطة التربوية.. هذا الإنتاج وصل إلى قمته فى الستينيات التى كانت حصاداً للمواهب التى اكتشفتها ورعتها المدارس فى السنوات السابقة!. فى الستينيات عمالقة فى كل مجال.. فن.. رياضة.. ثقافة.. شعر.. موسيقى.. غناء.. كل المجالات!. فى أواخر الستينيات توقفت الأنشطة التربوية.. وانغلق «محبس» اكتشاف المواهب.. ومن عبد الوهاب وعبد الحليم.. إلى من كل ما يقولوه.. «إيه»!.

9ــ المناهج الدراسية هى فى الواقع العدو الأول لمصر والمصريين!. «إزاى»؟.

يقينى أن قرار إلغاء الأنشطة من المدرسة.. قرار مقصود وهدفه معروف لمن أصدره!. الهدف حرمان وطن من مواهبه!. أيضاً يقينى القائم على تجربة خضتها بنفسى وقت قيامى بحملة لأجل تطوير المناهج التعليمية التى حرمت الشاب والفتاة فى مصر من كل شىء وأى شىء!. هذه المناهج قامت بتأميم شباب مصر لصالح التخلف العلمى بواسطة هذه المناهج!. وليت الأمر يُبْقى على فائدة أو مخزون معروف إنما المحصلة صفر لأن منهج العلم فى مصر.. قائم على الحفظ والتلقين وما يحفظه الطالب يُمحى من ذاكرته بعد الامتحان بأسبوع.. وهذا بات واضحاً أنه أمر مطلوب وبشدة لأجل أجيال حرمناها من الحياة السوية عندما حرمناها من ممارسة الأنشطة التربوية .. وهنا مربط الفرس والنتيجة المطلوب تحقيقها.. لأن التوازن البدنى النفسى الذى تغرسه الأنشطة فى الطفل والشاب.. انعدم.. وفاقد الشىء لا يعطيه.. والذى كنا ننتظره بطلاً إن كان موهوباً أو أديباً أو شاعراً أو ملحناً.. فوجئنا به فريسة سهلة للإدمان أو التطرف.. وخامة صالحة للفوضى!.

قولاً واحداً.. لن نضع أيدينا على مواهبنا فى كل المجالات.. ومناهج الحفظ والتلقين موجودة فى المدرسة المصرية!. هى إن وجدت من سنين بفعل فاعل وللأسف هى موجودة إلى اليوم!.

10ــ التعليم ومناهجه فى الدول الأكثر تقدماً.. نقطة مهمة أساسية كانت على أجندة زيارة الرئيس السيسى فى سنغافورة التى بها أحدث مناهج تعليم فى العالم واليابان المتقدمة تعليماً على العالم!.

السادة المسئولون عن المناهج واضح أنهم لم يلقوا بالاً لتوجيهات الرئيس ولم يهتموا بزيارة الرئيس لمدرسة ابتدائية فى اليابان!. غضوا البصر عن كونها رسالة بأن الإصلاح يبدأ من هنا من الطفل الصغير !. السادة المسئولون عن مناهج التعليم.. فيما يبدو والله وحده الأعلم.. أنهم لن يغيروا المناهج.. ستبقى المناهج الكبيرة الكثيرة حتى لا يبقى للطفل والشاب لحظة وقت يستمتع فيها بشىء يحبه!. ستبقى المناهج التعليمية الكبيرة الكثيرة المنزوعة الفائدة العلمية.. لأجل أن يبقى مستوى التعليم المتخلف الهابط ولأجل أن يحرموا أطفالنا وشبابنا من الاستمتاع بأفضل مراحل عمرهم.. وأجيال بلا أنشطة تربوية يمارسونها.. أرض خصبة للإدمان.. للتطرف.. للاكتئاب.. وهذا ما نحن فيه بالفعل!.

11ــ عندى اقتراح لتعويض غياب الأنشطة من المدرسة.. لكنه سيبقى منقوصاً مادامت المناهج التعليمية على حالها.. لأنها تمنع أو تُحِد الطفل والشباب من ممارسة الأنشطة إن وجد فرصة لممارستها!.

اقتراحى وأرجو تنفيذه.. أن تقوم الدولة ممثلة فى وزارة الشباب والرياضة.. بإنشاء هيئة رياضية جديدة.. تضاف إلى الهيئات الموجودة.. مراكز الشباب والأندية والاتحادات واللجنة الأوليمبية!. الوزارة تنشىء هيئات ممارسة الرياضة!.

ببساطة.. مطلوب عشرات المئات من مساحات الأرض ملاعب مفتوحة. كل مساحة بها ملعب أو ملعبان أو ثلاثة.. تلعب عليها كرة خماسية أو يد أو طائرة أو سلة. كل هيئة بها ملعب أو أكثر.. أرضيته نوع معين من الأسفلت «الرخو» وهو أقل صلابة من التارتان أو الباركية.. والمعنى أنه يتم اللعب عليه وصيانته بسيطة ومعدل الأمان مرتفع وعمره أطول وتكلفته ربع تكلفة ملاعب التارتان الموجودة فى مراكز الشباب!.

هيئة الممارسة يديرها موظف من الجهة الإدارية.. ومهمتها والهدف منها.. إتاحة الفرصة أمام كل طفل وشاب لممارسة الرياضة فى محاولة لتوسيع قاعدة الممارسة التى ستنعكس إيجاباً على قاعدة المواهب!. أعلم أن المنهج التعليمى سيبقى عائقاً لأن المنهج لم يترك للطالب أى وقت.. لكننى أدرك أن إنشاء مئات بل آلاف الملاعب سيكون نقطة تحول رائعة وعناصر جذب رائعة متاحة مجاناً أمام الشباب.. ليخرج فيها وعليها طاقات هائلة مختزنة داخل الشباب.. إن بقيت مكبوتة تتحول إلى قنابل موقوتة لا أحد يعلم متى وأين تنفجر؟!. تنفجر فى المخدرات والإدمان أم فى التطرف والإرهاب؟!.

12ــ إذا أضافت وزارة الشباب والرياضة هيئة الممارسة إلى الهيئات الرياضية.. وإذا اقتنعت الحكومة بأن الملعب أهميته مثل أهمية المدرسة والمستشفى!. إذا اقتنعت ووفرت مساحات أرض فى كل المحافظات لأجل أن تكون هيئات ممارسة ولا شىء غير الممارسة.. وهذا كان الهدف من إنشاء مراكز الشباب.. تلك الفكرة الرائعة التى قدمها ونفذها الراحل جلال قريطم.. الذى خطط لأن يكون مركز الشباب أصغر خلية رياضية فى أصغر قرية مصرية لأجل إتاحة فرصة ممارسة الأنشطة التربوية أمام كل طفل وشاب!.

الهدف الرائع دمرناه عندما جعلنا لمراكز الشباب مجالس إدارات.. لأنك إذا أردت تقسيم المُقسَّم وإنتاج الخلافات وتعميق الانقسامات.. «إعمل» انتخابات وهى كفيلة بالقضاء على اليابس قبل الأخضر!. هذا ما حدث.. وباتت مراكز الشباب محور صراع قبلى وأسرى فى القرى والنجوع والكفور!. أصبحت محور خلاف وانقسام لا مجال جذب للنشاط والممارسة!. مراكز الشباب ومجالس إدارتها.. تخلت عن الهدف الذى لم ير النور!. مجالس الإدارات لم تسمع عن حكاية الممارسة التى أنشأ جلال قريطم مراكز الشباب لأجلها!.

مجالس الإدارات هى الأخرى راحت تبحث عن المنافسة وأقحمت نفسها فى قطاع البطولة وراحت تنفق ميزانيتها القليلة على 30 لاعباً هم فريق مجلس الشباب.. بدلاً من أن تفسح ملعبها للمئات ليمارسوا الرياضة للرياضة!.

إذا أضافت وزارة الشباب والرياضة هيئة الممارسة إلى الهيئات الرياضية.. سيكون ذلك إضافة عظيمة للرياضة بمفهومها الحقيقى.. وتعويضاً حقيقياً عن الدور الذى غاب لمراكز الشباب.. ومساحة كبيرة متاحة لممارسة الرياضة التى انقطعت ممارستها فى المدرسة المصرية من نصف قرن!.

فى انتظار رد السيد الوزير.


لمزيد من مقالات ابراهيم حجازى

رابط دائم: