رئيس مجلس الادارة

أحمد السيد النجار

رئيس التحرير

محمد عبد الهادي علام

رئيس التحرير

محمد عبد الهادي علام

فى المواجهة
الهجرة إلي العالمية أم الموت؟

ملهاة مأساوية أقل مايوصف به حدثان وقعا متزامنين مؤخرا وكان المصريون أبطالهما‏,‏ولا استغراب في ذلك فنحن نستمتع بإبهار العالم بأزماتنا العجيبة ومتناقضاتنا المثيرة للدهشة والحسرة‏!‏


العشرات من إخواننا اختاروا طواعية لقاء ربهم غرقا في بحر مدينة رشيد لأنهم رأوها نهاية قادمة لاريب‏,‏فاختصروا طريق الكفاح والعرق وقرروا المغامرة بأرواحهم ليضعوا بأيديهم إحدي النهايتين‏,‏إما نجاح العبور إلي أوروبا ثم العودة لبناء المنازل الملك والتفاخر بالزواج من شقراء بتنور بالليل كما يحلو لبعض الشباب القول عند المقارنة مع الزوجة المصرية‏,‏وفتح حسابات اليورو والدولار لأن من سبقوهم إلي بلاد الحرية ليسوا بأفضل منهم‏,‏هكذا زين لهم سماسرة الهجرة غير الشرعية‏.‏أما النهاية السوداء التي وضعوها طواعية إذا خابت أحلامهم فهي تقديم أرواحهم طعاما شهيا لأسماك البحر‏,‏وربما شاهد بعضهم من قبل علي نفس الشاطئ جثث أقرانهم ممن سبقوهم إلي رحلة الموت وقد تحولت إلي بوفيه مفتوح بعرض البحر المتوسط‏!‏ لا أحد في بلدنا يتعلم‏,‏فأحلام الثراء تسيطر علي العقول ولا تمهل للتفكر والتريث ولا تظهر الإفاقة سوي عند وقوع المصيبة‏,‏وليستح من سيسرع بالقول‏:‏وأين دور الدولة في تشغيل الشباب؟ وسأرد عليه من فوري‏:‏وهل قامت الدولة بتشغيل اللاجئين السوريين؟
أنا شخصيا لم تقدم لي الدولة وظيفتي‏,‏ومن أجل بعض النرجسية أقول لقد اخترت العمل في مطلع حياتي المهنية بلامقابل وبلا وعد بالتعيين في جريدة كبري كي أتعلم‏,‏وكنت أنفق علي نفسي من عائد بعض الترجمات وهكذا فعل الآلاف من الزملاء في المهنة وخارجها‏.‏لكن لنترك مئات القصص الشهيرة التي اختلط فيها العرق بالثروة والجاه ونتحدث عن أحدث تجربة كفاح مصرية واكبت مأساة رشيد لشاب يدعي رامي مالك حصل علي جائزة إيمي الأمريكية كأفضل ممثل تليفزيوني وهي تعادل الأوسكار‏.‏ربما منعتنا مأساة رشيد من الاحتفاء بإنجاز مالك لكننا لن نبخسه حقه في أن نفخر به في زمن ندرت فيه مصادر الفخر‏,‏فهذا الشاب خاض تحديا مبهرا حين اختار أن يحفر اسمه بين نجوم هوليوود‏,‏وكان عمله في توصيل طلبات الشاورما والفلافل داخل معقل السينما الأمريكية نقطة انطلاقه إلي العالمية‏,‏ليقدم درسا مجانيا لمن يجهل الفارق بين طلب الموت وامتلاك مفاتيح النجاح؟
[email protected]
لمزيد من مقالات شريف عابدين

رابط دائم: