رئيس مجلس الادارة

أحمد السيد النجار

رئيس التحرير

محمد عبد الهادي علام

رئيس التحرير

محمد عبد الهادي علام

البراءة.. تموت دهسا!

نحن في بلدنا التي اسمها مصر والتي سبقت أمم العالم كله في سباق التحضر والتنور والتعلم والإيمان بالله الواحد الأحد.. بوصفنا أول من عرف الله من البشر.. وأول من سجد للإله الواحد الأحد.. وأول من قال في البرية من بنى الإنسان عبارة: لا إله إلا الله.. وأول من أمسك بالقلم.. وأول من كتب وحفظ.. وأول من قال للدنيا من حولنا قبل الزمان بزمان استيقظي يا صبية فقد بدأ عصر التنوير..

نحن في بلدنا هذا الذي اسمه مصر الذي علم الدنيا ما لم تعلم.. يجيء علينا زمان.. علمنا فيه الإنسان كيف يقتل ولكن برعونة وبخسة ونذالة وقلة عقل.. أو بغياب العقل نفسه.. في ساعة نحس مستتر لتطيح بمن في طريقها.. طفلا كان أو إمرأة حالها أغلب من الغلب.. أو رجل يعول كومة لحم يخطيء في عدد أفرادها إذا سأله سائل فجأة تنتظر كل مساء أن يهل عليها بالخبز بالغموس الذي نسميه: «الهم المم».. فإذا به يعود إليها ملطخا بالدم.. أو حتي لا يعود بعد إذ أصبح جسدا بلا روح.. ملقي تحت كومة من ورق الجرائد غارقا في دمه علي قارعة الطريق؟

أنتم تسألون: لماذا كل هذه المقدمة الطويلة.. وهذا الكلام «الكبير قوي» الذي يصلح مقدمة في كتاب الحضارة لويل ديورانت.. أو في كتاب فجر الضمير لعمنا جيمس هنري بريستد؟

السبب أيها السادة.. هو ذلك النكد الأزلي الذي سقط علي رءوس أهل مصر كلهم.. وهذا الجرح الهائل الذي طرق باب كل بيت وكل قلب في ساعة نحس مستتر.. عندما أطاح سائق دس في دماغه كل أصناف المخدرات ـ بثلاثة زهرات من طبيبات أمتياز في المنصورة كن يعبرن الطريق.. مجرد يعبرن الطريق.. فإذا بقاتل «عتلُ أشر» يقود ميكروباص بسرعة الصواريخ ليطيح بهن دفعة واحدة.. «في أشنع موتة» دهسا ودعكا وسحلا وتكسيرا.. لمجرد الزهو الرخيص والسبق المجنون علي رفاق مثله.. في جنونه وفي مجونه ولكنه كان سباقا شيطانيا مجنونا لم يرحم شبابهن الغض.. ولا ضحكاتهن البريئة ليصعد بهن دفعة واحدة وفي غمضة عين.. ودونما رحمة إلي الموت.. واحزني يا كل أمهات الأرض!

......................

.......................

وقبيلة الحشاشين المبرشمين هذه.. الغائبين عن دنيانا السابحين في غيامة من سحابات زرقاء وعلي كل لون حسب نوع وماركة الصنف الذي يتناولونه.. بلبعة في الفم أو حقنا في الذروع.. أو وضعا تحت اللسان أو أنفاسا في جوزة بلدي.. ليتحول كل عنتيل منهم إلي وحش كاسر لا يلوي ولا يذر.. وكأنه شمشون الجبار الذي هدم المعبد فوق رأس ديدمونه كما جاءنا في أقاصيص وحكاوي عمنا شكسبير..

هذه القبيلة مازالت وسوف تظل إذا لم تتحرك.. تعيث في طرقاتنا بطول البلاد وعرضها.. قتلا وجرحا وموتا مستطيرا.. وإذا لم ننتبه أو نقرأ أو نستقرئ أرقام حوادث الطرق وعدد القتلي والجرحي الذي فاق أعداد من فقدناهم دفاعا عن فلسطين وعن حرمة الديار وأرض الأجداد من الصهاينة الملاعين! وهذه القبيلة من سائقي أتوبيسات المدارس التي تحمل أكبادنا التي تمشي علي الأرض.. تسلل إليها محششون مدمنون مردة ليصعدوا بهم إلي الجحيم!

وقد أمسكوا قبل أيام بتسعين سائقا لأتوبيسات المدارس من بين نحو مائتين.. في دمائهم ذلك المخدر القاتل اللعين!

أما الذين يقودون عربات النقل الثقيل ذات المقطورات التي لا توجد إلا علي طرقاتنا نحن.. والتي تتسبب في أكبر عدد من حوادث الطرق في بلدنا وفي العالم كله فحدث ولا حرج!

فالدهس والقتل في الظلام وهم يقودون التريلات ذات المقطورات علي طرق سفاجا والعين السخنة وراس سدر ونويبع وسانت كاترين وذهب وطابا.. كتابهم.. وهم.. أقصد السائقين القتلة مازالوا خلف عجلات قيادتها باقين جالسين دون أي سؤال من أي جهة كانت!

والأدهي والأنكي والأمر.. أن سائقي العجوز قد كشف لي لعبة السائقين المدمنين الذين يذهبون للكشف الطبي عند تجديد رخصة للقيادة الخاصة بهم.. اختبار التعاطي في أحد المستشفيات المعتمدة لدي الداخلية.. فإنهم يتناولون ليلة الاختبار «شربة» تغسل معدتهم تماما.. وعندما يذهبون للاختبار في المستشفي لا يظهر أي أثر للتعاطي أو أي مخدر في دمائهم.. ثم يعودون للادمان بعد الحصول علي الرخصة.. وحللنى بقي لما يجددوا الرخصة مرة أخري.. أفتكر بعد سنة أو سنتين موش عارف!

وإذا أردتم الدليل والبرهان علي اننا أصبحنا في ذيل الأمم تحضرا وأدبا.. وفي مقدمتها اجراما وتجرمة ـ وهي كلمة بلدي ولكنها تعني قمة الاجرام والسلوك الاجرامي فإن مصر الآن في سجلات الأمم لم تعد الأولي تحضرا وتأدبا وعلما ودينا وثقافة وفنا.. ولكنها الأولي علي العالم كله ـ وزغردى يا أم حسن ـ في حوادث الطرق.. بل إن مصر بلد الحضارة والفن والأدب بدون مزايدة وبدون طبل أو زمر قد فقدت في حوادث الطرق من بنينها وبناتها وشبابها وشيوخها وأطفالها بالموت.. أكثر ما فقدته في كل حروبها التي خاضتها في تاريخها كله من أجل الاستقلال والحرية.. واحزني مرة أخري وألبسي السواد.. يا كل أمهات الأرض!

>>ملحوظة من عندي: علي فكرة نحن لم نتحدث عن حوادث القطارات التي أصبحت مثل الهم علي القلب.. كل يوم والثاني حادث قطار اتقلب أو خرج عن القضبان.. ودوغري علي السائق والعطشجي ـ يعني مساعد السائق الآن ـ ومعهم عامل المزلقان المغلوب علي أمره ومعه عامل التحويلة للسؤال ثم الإدانة أما الباشوات القاعدون في التكييف هربا من الحر فلا مساءلة لهم ولا تحقيق!

................

................

وإذا كان قطار الهموم في بلدنا لا أحد يعرف عدد عرباته.. وعلي أي محطة يقف.. وليس له محطة نهاية أو محطة وصول..

فإن حملة هموم أهل مصر والناس في مصر من قبيلة أصحاب الجباه العالية.. في حالة اجتماع دائم من أجل الخروج من خندق المشكلات والأزمات والسقطات والتربصات ـ جاءت من فعل يتربص.. يعني يقف خلف الجدار بالشر و«الأذية» كما العفاريت الزرق.. فماذا وجدنا؟.. وماذا قلنا؟

>قالوا: معقول مصر كلها «تقف علي رجل».. وهو تعبير يعني أن المشكلة لا تجد حلا.. وتاهت في دروب الحيرة.. وتعني بها أزمة كروت الشحن حتي استقر الأمر في النهاية علي زيادة سعرها برضه 10%.. وبرضه هذه من عندي أنا ـ ؟

المجتمعون: أمال فاضل ايه بس مازودوهوش؟

>وقال قائل خبير في شئون المال والاقتصاد: يا عالم الاقتصاد المصري الآن يترنح!

سألناه: يعني ايه يترنح يا جهبذ الجهابذة؟

قال: سوف أقول لكم مثلا: أرجو أن تسعي الحكومة وراء عجز الميزانية 1% سنويا ـ وده علي فكرة موش عملية سهلة ـ تدوس علي زرار تقل.. وتدوس علي زرار تاني تزيد.. عندكم مثلا ما جاء فى مانشيت جريدة الشروق يوم 20 سبتمبر بالبنط الأحمر العريض في الصفحة الأولي: أسعار الطماطم تقفز بالتضخم السنوي إلي 16٫4%+ بعد ارتفاع أسعار الطماطم بنسبة 158% والبطاطس 29٫2% والخضراوات المجففة 51٫7% وسألنا عن أي أحد يفسر لنا المصيبة دي؟

حسب تقدير ريهام الدسوقي كبيرة محللي الاقتصاد في بنك الاستثمار: فإن ارتفاع معدل التضخم بهذا الشكل كان متوقعا.. نتيجة لزيادة قيمة الدولار مقابل الجنيه+ الاصلاحات الاقتصادية التي تقوم بها الحكومة من شأنها زيادة الأسعار!

قال قائل: سيبك يا عم من ده كله.. الأخطر هو ما جاء من اجتماع مجلس حقوق الإنسان في سويسرا؟

ونسأله كلنا: ايه هو ده يا جهبذ الجهابذة!

قال: هجوم علي ملف حقوق الإنسان في مصر.. وهو ما جاء في الصفحة الأولي من جريدة المصري اليوم يوم الثلاثاء 10 سبتمبر الماضي..ونقول: علي القاهرة أن تجهز ردا قويا علي هذا الادعاء!

قال قائل: هي القاهرة هترد علي مين واللا مين؟

.................

..................

لأن قطار المشاكل والمصائب والمتاعب التى لا تنتهى لا يأتي ولا يتحرك عادة إلا وهو يجر خلفه عربات بلا عدد.. ولكننا ونحن نقف علي محطة اسمها الأمل والعزم والهمة والإرادة سوف نرد كيد الكائدين.. قول: ياباسط!{


Email:[email protected]

Email:[email protected]
لمزيد من مقالات عزت السعدنى

رابط دائم: