آهات وأحزان، بكاء وصرخات، دعوات ومناجاة، توتر وغضب، هدوء ثم صدمة، هكذا كان حال مئات من أهالى ضحايا مركب الموت الذين تجمعوا أمام بوغاز رشيد
وجاءوا من محافظات عدة لتسلم جثث أبنائهم، وكلهم يمنى النفس أن يعثر على ابنه أو شقيقه ضمن الجثث التى تم انتشالها ليتمكنوا من دفن جثامين ذويهم، بعد أن فقدوا الأمل فى العثور عليهم على قيد الحياة.
ووسط هذا الجمع الغفير من أهالى الضحايا الذين اختلفت ملامحهم ولهجاتهم وزيهم، الذين كان وراء كل منهم حكاية ومأساة سواء لابن أو قريب أو صديق، وقال لنا خال أحد الضحايا إن ابن شقيقته أحمد 17 سنة من محافظة الغربية كان يعمل فى السيراميك إلا أنه كان لديه طموح للعمل فى أوروبا، خاصة بعد أن سافر العديد من أصدقائه بنفس الطريقة ، و راوده حلم السفر للخارج و نمت بذور الامل داخله بأن يركب البحر و يشد الرحال الى اوروبا لجلب المال حتى يرتاح من عناء العمل فى تركيب السيراميك و يدخر الاموال لافتتاح متجر كبير او شركة وباع والده كل مايملك لتحقيق حلم ابنه الا ان المثل «موت وخراب ديار» قد تحقق فقد مات الابن و ضاع البيت و لم يتبق سوى الحزن و الخراب
شاهدنا مأساة أخرى كانت بطلتها سيدة ترتدى عباءة سوداء، هذه السيدة ظل منتظرة وصول الزوارق البحرية التى تأتى محملة بجثث الغرقي، وعندما اقترب أحدها علمنا أنه يحمل جثث شباب مصريين، ولحظة وصوله وإخراج الجثث منه تقدمت تلك السيدة لتبحث عن ابنها وسط الجثث، وعندما قام المسعف بالكشف عن وجه جثة الشاب امتلأ المكان بالنحيب وصرخت السيدة صرخة عالية كادت من شدتها تفزع الطير المحلق فى السماء، بعدما رأت جثة ابنها و انكفأت عليه تقبل كل ذرة فى جسده و هى تعاتبه و تذكره بتوسلاتها بإلا يسافر عبر البحر لانها تخشى عليه من الموت الا انه ركب رأسه و اصر على السفر و راحت تقول باعلى صوتها «ياريتنى ضربتك و منعتك بالعافيه من السفر مكنش ده بقا حالك و رجعتلى جثه».
رابط دائم: