رئيس مجلس الادارة

أحمد السيد النجار

رئيس التحرير

محمد عبد الهادي علام

رئيس التحرير

محمد عبد الهادي علام

صفات المؤمنين المخلصين

فى سورة الأنفال بين الله سبحانه عندما اختلف المسلمون فى غنائم بدر. أن حكم هذه الغنائم لله ورسوله، يقوم الرسول صلى

الله عليه وسلم بتقسيمها بين المسلمين، كما علمه ربه، وأمرهم بالتقوى وإصلاح حالهم، وطاعة الله ورسوله، ثم بين صفات المؤمنين الكاملين المخلصين، التى تجعل لهم منازل سامية فى الجنة. ومغفرة ورزقا كريما، دائما مستمرا، مقرونا بالإكبار والتعظيم، ومحاطا بالسعادة والرضوان والتمجيد.

وأولى صفات الكمال والإخلاص: وجل القلوب إذا ذكر الله، يقول سبحانه: «إنما المؤمنون الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم». ويدل ذلك على أنهم غشيهم جلاله، وهيمنت عظمته ومهابته، ووقفوا عند حدوده، وانتهوا عما نهى عنه، تعظيما وتمجيدا، وتحميدا وتسبيحا، وخشوعا وتكبيرا، لمالك الملك، فلا تقصير ولا عصيان، وإنما تكثير للطاعات والعبادات، وخشية تدعو إلى الخير وتثور على الشر، يقول عز وجل: »ولا يخشون أحدا إلا الله..«. إنهم يصبحون ويمسون، مراقبين لربهم، محاسبين لنفوسهم، متيقظين، متدبرين، لا يدعون ما ليس لهم، ولا يفعلون ما يخافون من حسابه، ولا يستعملون فى السر ما يستحيون منه فى العلن، إن ذكر الله يغير نفوسهم تغييرا تاما، ويخلص من شتى ضروب المعاناة، ويمنح الحفظ والوقاية، وزاد الهداية والنور، واليقين، ويقدم العون فى الشدة، والأمن فى الوحشة، والنعمة العزيزة الغالية، ويحذر من التفريط والاعتداء، ويجلب الاستقامة والسعادة فى الدنيا والآخرة.

والصفة الثانية: زيادة الإيمان إذا تليت عليهم آياته. يقول سبحانه: «وإذا تليت عليهم آياته زادتهم إيمانا». أى زادتهم تصديقا وزيادة فى الإيمان، تبلغ إلى الأطمئنان، إن الآيات تحمل الهدى، وتدفع الى الالتزام بالصدق فى كل حال، والعدل فى كل حين، وتقود إلى الراحة بعد التعب، والارتواء بعد الظمأ، والضياء بعد الظلمة والحيرة، والاستقرار بعد التخبط، وبفضلها يظفرون بكل الخير، ويتمتعون بثمار الرشد، ونفحات الفضائل، ومكارم الأخلاق. والقرآن المجيد يفيض دائما بالأنس النفيس، والنعيم الموصول، والسراج المبين، أما العلم الذى يبثه، فهو زاد المهتدين، الحافل بالبركات والخيرات والمحاسن والمكاسب الهائلة، وأما أحكام الشريعة فيه فهى تقدم وسائل الإسلام لحماية المجتمع، وتشرح ما بنى عليه الدين، والسعيد من اقتدى بها، والشقى من أعرض عن الصالحات التى حثت عليها، والبر الذى حضت عليه، والتربية التى جاءت بها. وحسبها أنها تعرف المؤمنين حسن الأخلاق، وتربطهم بمثل أعلى يرنون إليه، ويعملون له، ليوصلوا رسالة كبيرة، ويحققوا هدفا رفيعا، يؤكد الاعتصام بالتقوى، والتمسك بالصراط المستقيم.

والصفة الثالثة: التوكل على ربهم، يقول سبحانه: »وعلى ربهم يتوكلون». فهم لا يرجون سواه، ولا يقصدون إلا إياه، ولا يلوذون إلا بجنابه، ولا يطلبون الحوائج إلا منه، إن التوكل توقير لوحدانيته، وتبجيل لنعمه، واعتراف بفضله، والتجاء إلى ذى الجلال والمنة والإكرام، واعتماد على صاحب النعم والإحسان، وليس بغريب أن يتشبثوا برجاء سنده القوى المتين، وعطائه الواسع الجزيل، وأن يعولوا على مدده، مطمئنين، لن يمسهم سوء بعونه. يقول عز وجل: «الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم إيمانا وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل فانقلبوا بنعمة من الله وفضل لم يمسسهم سوء». ويقول: «ومن يتوكل على الله فهو حسبه..».

أما الصفة الرابعة فهى إقامة الصلاة، يقول سبحانه: «ويقيمون الصلاة»، أى يأتون بها بجميع حقوقها، إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر، وهى العلاج والاستقامة ونور الهداية ومرضاة الله، والسلاح فى معركة الحياة، يقول رب العزة: «واستعينوا بالصبر والصلاة..». إنها طريق الإيمان والإحسان، تربطهم برب العالمين، وبيان عملى يؤكد أن كل ما فيها خير وذكر ووجود فعلى للإصلاح والخشوع والخضوع والتوحيد، والتزام بنظام الإسلام وعقيدته وفضله.

قال صلى الله عليه وسلم: «إن الله فرض خمس صلوات فى اليوم والليلة من حافظ عليهن فى أوقاتهن وخشوعهن كان له على الله عهد أن يدخله الجنة».

وأما الصفة الخامسة فهى: الإنفاق مما رزقهم الله، يقول سبحانه: «ومما رزقناهم ينفقون».

ويبرز الإنفاق فى الزكاة وغير الزكاة، ويحتفل بالنفقة الواجبة والمندوبة يقول عز وجل: «وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة وأطيعوا الرسول لعلكم ترحمون».

والإنفاق رحمة وصدقة وصلة بين الغنى والفقير، وتعاون ومواساة جليلة وإحسان، وبذل يغسل الذنوب، ويمسح الخطايا، وعمل صالح يقوى صلة المسلم بدينه، ويثبت أن المنفق بعين الله وفى«كنفه» تصلى عليه الملائكة، ويفوز بالتطهير والتزكية. يقول سبحانه: «خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها».

إن الصفات الخمس تحقق الكمال والإخلاص، والفوز والرضوان، وتشهد بأن: «الموصوفين بها»،، »هم المؤمنون حقا لهم درجات عند ربهم ومغفرة ورزق كريم».

لمزيد من مقالات د. حامد شعبان

رابط دائم: