رئيس مجلس الادارة

أحمد السيد النجار

رئيس التحرير

محمد عبد الهادي علام

رئيس التحرير

محمد عبد الهادي علام

الإعلام فى عالم متغير

ليس هناك من شك فى الانتقال من المجتمع الصناعى الرأسمالى الذى كانت وحدة التحليل الأساسية فيه هى «السوق» - كما

أبرز ذلك بشكل فذ «كارل بولاني» فى كتابه «التحول العظيم» - إلى مجتمع المعلومات العالمى يعد أكبر تحول حضارى فى القرن الحادى والعشرين. ومجتمع المعلومات العالمى هو نتاج الثورة المعلوماتية التى تتمثل أولا فى البث الفضائى التليفزيونى الذى حول العالم فعلا إلى قرية صغيرة، بالإضافة إلى الثورة الكبرى التى تمثلت فى اختراع شبكة الإنترنت والتى أصبحت وسيلة الاتصال الأساسية بين البشر على كل الأصعدة. ومجتمع المعلومات العالمى وحدة التحليل الأساسية فيه هى الفضاء المعلوماتى Cyber space.

ونستطيع أن نؤكد أن الإعلام الجديد قد غير وجه الحضارة الإنسانية، لأنه أضاف إليها أدوات فعالة جعلت الاتصال بين المؤسسات على مستوى العالم وبين البشر - بغض النظر عن تعدد ثقافاتهم - مسألة ميسورة. ولذلك كله لم يكن غريبا أن يخصص المسح الاجتماعى للمجتمع المصرى فى مرحلته الثانية (1980 -2010) ـ الذى أصدر كتبه المركز القومى للبحوث الاجتماعية والجنائية فى القاهرة ـ مجلدا خاصا بالإعلام أشرفت عليه وحررته الدكتورة «سلوى العامري». وشاركت فيه بأبحاثها مجموعة متميزة من الخبراء هم الدكاترة «أمانى السيد» «ومها عبدالمجيد» و«رانيا أحمد» و«هبة جمال الدين» و«رحمة محمود» و«هند نبيل» و«عماد شلبي» و«وليد رشاد». والمجلد مقسم إلى اثنى عشر فصلا تتناول عديدا من الموضوعات، هى تشريعات الصحافة والإعلام فى مصر، وتطور الصحافة فى مصر، والصحافة المتخصصة والمجلات العامة، وصحافة الإنترنت فى مصر، وتطور الإذاعة المصرية والإذاعات المتخصصة، والتليفزيون فى مصر: القنوات المركزية والإقليمية والقنوات الفضائية الحكومية العامة والمتخصصة، والقنوات المصرية الخاصة، وإشكاليات الملكية والتمويل والإعلان، والإنترنت كإعلام بديل رصد بمنهجية «التحليل الثانوي» وأخيرا الكليات والأقسام والمعاهد التى تدرس الإعلام فى مصر.

ومعنى ذلك أن هذا المجلد فى الواقع يقدم مسحا لمشكلات الإعلام فى عالمنا الذى تغيرت ملامحه تغيرات أساسية بحكم الثورة المعلوماتية.

ونظرا لضيق المساحة سنقنع بعرض بحثين هما صحافة الإنترنت فى مصر الذى كتبته الدكتور «مها عبدالحميد»، و«الإنترنت كإعلام بديل رصد بمنهجية التحليل الثانوي» الذى كتبه الدكتور «وليد رشاد».

ويمكن القول بغير مبالغة إن ظهور صحافة الإنترنت يعد أبرز التطورات التى حدثت فى مجال الصحافة طوال تاريخها، لأنها تعد فى الواقع نقلة كيفية فى مجال الاتصال بين الصحفيين والقراء.

وتلخص الدكتورة «مها عبدالحميد» التطورات الكبرى فى مجال الصحافة بقولها... شهدت التسعينيات تزايد اتجاه المؤسسات الصحفية إلى توظيف تكنولوجيا الاتصال والمعلومات فى جمع الأخبار، وفى مراحل تصنيف المعلومات وتجزئتها كافة ومعالجتها، وتصميم طرق عرضها، وفى نشر المضمون الصحفى وتوزيعه. وهى أهم مرحلة شهدت تغيرا جذريا منذ ظهور «الإنترنت» و«الويب» فى التسعينيات حيث تحول نشر المضمون الصحفى من الأشكال التقليدية إلى النشر الإلكترونى التفاعلى عبر الشبكة العربية.

والباحثة تتعقب نشأة صحافة الإنترنت فى مصر، وتتحدث عن النشأة ومراحل التطور وبداية صحافة الإنترنت فى مصر، ثم ما تلبث أن تحدد أسباب اتجاه الصحف المصرية للنشر الإلكترونى على شبكة الويب وتوجزها فى ثلاثة أسباب رئيسية وهى لتوجه للجيل الجديد من القراء الشباب الذين تنخفض معدلات قراءتهم للصحف الورقية مقابل تزايد استخدامهم لشبكة الإنترنت وما عليها من تطبيقات مختلفة، وتحديد نطاق انتشار الصحف المطبوعة خلال إتاحة نسخ الكترونية منها عبر شبكة الإنترنت، ومعالجة القصور فى توزيع الصحف الورقية فى بعض المناطق.

بتوفير الجريدة لأكبر عدد من القراء خاصة الموجود منهم بعيدا عن الوطن، ومعنى ذلك بيع الجريدة دون التقيد بإجراءات الشحن والنقل والتوزيع، وأخيرا الاستفادة من تقنيات العصر الحديث ومحاولة تحقيق تقدم فى مجال النشر الإلكترونى عبر شبكة الإنترنت. ويمكن القول إن التقدم الحقيقى فى مجال صحافة الإنترنت هو تقديم مواقع تقدم محتوى صحفياً معد خصيصا للنشر على الإنترنت.

وتختم الباحثة دراستها بفقرة مهمة عن «صحافة الإنترنت فى مصر: الآفاق والتحديات». وهى تلخص هذه التحديات فى أمرين هما تحديات تكنولوجية تتمثل فى ضعف البنية التحتية لتكنولوجيا المعلومات والإنترنت على مستوى بعض المناطق فى عديد من محافظات الجمهورية، كما أن هناك تحديات مهنية تتمثل فى عدم توافر أعداد كافية من الصحفيين والإعلاميين المؤهلين على نحو مناسب لممارسة صحافة الإنترنت.

أما الدراسة الثانية الملفتة للنظر حقا فهى التى كتبها الدكتور «وليد رشاد» وهو من أوائل الباحثين الذين اهتموا أكاديميا بدراسة سوسيولوجيا الإنترنت. وقد أتيح لى مبكرا أن أتعرف على عمق معرفته بالمجال بعد أن شاركت فى لجنة الحكم على رسالته للماجستير التى أشرف عليها الدكتور «على ليلة».

موضوع بحث الدكتور «وليد» هو الإنترنت كإعلام بديل. ويلفت النظر العنوان الفرعى له، وهو «رصد بمنهجية التحليل الثانوي». وهذه المنهجية تقوم أساسا على المسح شبه الكامل للدراسات والبحوث فى المجال وإعادة تفسير وتأويل نتائجها وفق إطار نظرى جديد.

وهو يجيب على السؤال المنهجى الخاص لماذا اختار منهجية «التحليل الثانوي» مقررا أن المسألة متعلقة بمتغيرين، الأول مرتبط بطبيعة الموضوع حيث إن موضوع الإنترنت من الموضوعات التى شهدت مجموعة من الدراسات لم تتواكب مع تطوره، لأن معظمها انتحى المنحى الأفقى عن ساعات الاستخدام ومعدلات التردد وأبرز المواقع، أما المتغير الثانى فيرتبط بطبيعة الفترة الزمنية للمسح.

وبغض النظر عن هذه التفصيلات المنهجية فإن الباحث يتعقب بعض تطبيقات الإنترنت فى مصر كإعلام بديل، ويهتم بدراسة «الفيس بوك» ودخول الإنترنت للمجال العام، ويركز على استخدام الشباب المصريين المحتجين على نظام الرئيس السابق «مبارك» على «الفيس بوك» للدعوة إلى الإضراب احتجاجا على القهر السياسى والظلم الاجتماعي. وقد اهتم الباحث أيضا بدراسة «المدونات» وإن كان استخدامها كوسيلة للتعبير عن المعارضة فى مصر كان سابقا للفيس بوك والذى لم يكن قد ظهر بعد. وقد أتيح لى أن أقوم بدراسة استطلاعية كاملة للمدونات المصرية نشرت أبرز نتائجها، وكانت أن هناك ضحالة واضحة فى الفكر السياسى لأصحاب المدونات، وثانيتها أننى قررت وقد كنت قطعا مخطئا فى ذلك أن هؤلاء الشباب المحتجين لن يستطيعوا الخروج من وراء لوحة مفاتيح الكمبيوتر إلى الشارع لتنويره لأن ثورة 25 يناير التى قامت أساسا نتيجة عملية «تشبيك إلكتروني» موفقة هى التى دفعت بالملايين فى 25 يناير إلى ميدان التحرير، وكان لموقع كلنا «خالد سعيد» فضل كبير فى هذا المجال.

لمزيد من مقالات السيد يسين

رابط دائم: