رئيس مجلس الادارة

أحمد السيد النجار

رئيس التحرير

محمد عبد الهادي علام

رئيس التحرير

محمد عبد الهادي علام

ليبيا والأمن المصري

فى الحادى عشر من الشهر الحالى نجح الجيش الوطنى الليبى بقيادة الفريق أول خليفة حفتر (رُقى بعد هذا النجاح إلى

رتبة المشير بقرار من مجلس النواب الليبى الشرعي) فى الاستيلاء على ما يُسمى بمنطقة الهلال النفطي، بحيث أصبحت الحكومة المؤقتة المنبثقة عن مجلس النواب الشرعى تسيطر على المورد الاقتصادى الأول بالبلاد، الأمر مما يعنى تغيراً يُعتد به فى ميزان القوى فى الصراع ، ولا يوجد ما يكشف الوجه القبيح للتدخل الدولى فى الشأن الليبى من ردود أفعال القوى الأوروبية المتورطة فى الصراع الليبي، فالولايات المتحدة أدانت العمل الذى قام به الجيش الليبى وطالبته بسحب قواته من المنطقة، وامتد الأمر لاحقاً إلى محاولة استصدار قرار من مجلس الأمن بإدانة الخطوة التى أقدم عليها هذا الجيش لولا الاعتراض الروسى والصينى والمصرى ، أما مارتن كوبلر المبعوث الأممى إلى ليبيا فقد قال عجباً، فخطوة الجيش الليبى ضربة عنيفة للسلام الهش وتُعَرِض المنشآت النفطية للأضرار، وتُزيد من المعوقات أمام صادرات النفط، وتحرم ليبيا من المصدر الوحيد للدخل، وتُزيد من تقسيم البلاد ولهذا كله فإن الأمر وفقاً له «يجب أن يتوقف» ، وهكذا فإن التدخل الأمريكى والأوروبى فى الشأن الليبى الذى يبدو السيد كوبلر معبراً أميناً عنه يرى أن استيلاء جيش نظامى على المصدر الرئيسى لثروة البلاد من أيدى الميليشيات عمل ممجوج، وأن توسيع الجيش نطاق سيطرته يُزيد من انقسام ليبيا ، ولم يعدم هذا الموقف بطبيعة الحال من يؤيده بحرارة من قوى ليبية وعربية، فالجيش الوطنى الليبى وفقاً لهم ليس سوى مجموعة من المرتزقة التى لا حول لها ولا قوة بدون رعاتها الخارجيين وبالتالى فهم حتى لا يعترفون به كطرف أصيل فى صراع دائر، مع العلم بأن عملية «البرق الخاطف» لم تكن لتتم على هذا النحو دون عمل سياسى بمعنى أنه استند إلى ولاءات قبلية سهلت منها فضلاً عن تآييد شعبى تحدثت عنه تقارير عديدة تمثل فى مظاهرات شاركت فيها الآلاف تأييداً لما قام به الجيش تجاوزت مدينة بنغازى إلى مدن ليبية أخرى بما فيها طرابلس ، وسرعان ما جاء الرد صاعقاً لقوى التدخل الخارجى وأنصارها فأعلنت الحكومة الليبية المؤقتة التى يتبعها الجيش الوطنى صدور تعليمات لها من قبل رئيس مجلس النواب بصفته القائد الأعلى للقوات المسلحة بتسليم موانئ منطقة الهلال النفطى إلى المؤسسة الوطنية للنفط ، وأكد حفتر أن السيطرة على موانئ تصدير النفط لم تكن بهدف التحكم فيها أو بمثابة عمل مضاد لحكومة الوفاق وإنما جاءت لتحريرها من قبضة الميليشيات الخارجة على القانون والتى تسببت فى انهيار شبه تام للاقتصاد الليبى وخسائر قدرت بعشرات المليارات من الدولارات ، وأكد رئيس المؤسسة الوطنية للنفط أنه تسلم الموانئ بالفعل من قوات حفتر، وأن ثمة قراراً برفع حالة الإغلاق عن الموانئ تم بالاتفاق بين حكومة الوفاق ومجلس النواب مما يفتح الباب للأمل فى فتح صفحة جديدة للتعاون بين طرفى الصراع .

لا شك أن ما يجرى فى ليبيا شديد التأثير على مصر وأمنها لأسباب معروفة للجميع، وهو ما يُفسر أن أكثر المواقف المصرية تجاه الصراعات العربية الدائرة وضوحاً وقوة هو الموقف من الصراع الليبى ، فبينما لا يكاد يكون لمصر دور فى الصراع السورى ولها دور محسوب فى الصراع اليمنى تجيء الموقف من الصراع الليبى على النحو الذى عبر عنه الرئيس السيسى فى حواره المنشور فى الأهرام فى الثانى والعشرين من الشهر الماضى والذى أشار فيه إلى أن مصر تسهم فى تدريب الجيش الليبي، وشكل الرئيس لجنة برئاسة رئيس الأركان لإدارة الأزمة الليبية من الواضح أنها تُجرى اتصالات بكل الأطراف وربما تكون قد أحرزت تقدماً فى هذا الشأن ، وأعلن وزير الخارجية المصرى تأييد مصر لما قام به الجيش الليبى ووصف بيان الدول الأوروبية الخمس والولايات المتحدة بالتسرع وعدم مراعاة الاعتبارات الخاصة بالأزمة الليبية، ويلاحظ أن القاهرة عقب هذه التطورات أصبحت عاصمة لإدارة الأزمة فأتى إليها كل من رئيس المجلس الرئاسى الليبى ورئيس مجلس النواب والمبعوث الأممى ، وليس الموقف المصرى سهلاً بطبيعة الحال لأنه يقف ضد إرادة قوى دولية عديدة ولكن مصر لا تعدم مؤيديها من العرب كالإمارات ومن بين القوى الكبرى كروسيا والصين، ويرى البعض أن الموقف المصرى مناقض للشرعية أى شرعية حكومة الوفاق وهو رأى غير سديد لأن مصر تعترف بحكومة الوفاق، لكنها فى الوقت نفسه محكومة بالموقف من مجلس النواب الشرعى وتطالب بالتوفيق بين الطرفين وقد عبر الرئيس عن هذا المعنى فى كلمته الأخيرة أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة ، وعلينا أن ندرك أن التهديد موجود لكننا لا نملك إلا التصدى له دفاعاً عن حقنا فى مستقبل آمن .

لمزيد من مقالات د. أحمد يوسف أحمد

رابط دائم: