رئيس مجلس الادارة
أحمد السيد النجار
رئيس التحرير
محمد عبد الهادي علام
إدارتها آنذاك الذى كان محسوبا بل قل متقدما فى مكانته لدى أمين لجنة السياسات بالحزب الوطني، ويعرف بأنه خبير استراتيجي، طالب بأن يتدخل سلاح الطيران ويدك ميادين المظاهرات فى ثورة يناير، وفى مقدمتها ميدان التحرير، وقال الاستراتيجى الذى عاد للبث بقدرة قادر إن السلطات الصينية فعلت ذلك فى أحداث الميدان السماوى ولم يعترض أحد فى العالم، ومر الأمر كأن لم يكن، ومضت الصين فى طريقها حتى وصلت إلى ما هى عليه الآن!... سمعت ذلك مع آخرين مستعد أن أذكر أسماءهم إذا لزم الأمر!.. وكان رئيس التحرير نفسه هو من استضيف فى الصالون الثقافى بمنزل أحد السفراء العرب بالقاهرة، وكان ذلك قبل ثورة يناير بفترة وجيزة، وعندما اتجه الكلام لاحتمالات الغضب الشعبى ضد نظام مبارك، رد حضرته بثقة شديدة إذا حدث غضب شعبى فإن الجيش المصرى سينزل وسيمسكهم من قفاهم إلى السجون، ومد أصابعه وكأنه يمسك أحدا من قفاه ليؤكد بالحركة ما يتحدث عنه بالكلمة!. وفى جلسة لمجموعة من علية القوم وظيفيا - سابقين فى معظمهم- منذ عدة أسابيع جاء ذكر ما جرى فى ثورة يناير، وإذا بالسيد رئيس التحرير السابق نفسه يقول بغضب شديد إن المتسبب فى نجاح تلك الجريمة هو المشير طنطاوى!. أنا لا أتحدث عن أموات، وعلى استعداد لذكر الأسماء التى كدت أن أقول حروفها كاملة من خلال الوصف، وسبب تقليب هذه المواجع والإشارة إلى ما قالوه ليس أهميتهم مع احترامى لهم على المستوى الإنساني، ولكن السبب هو أن ثمة من يظن أو يعتقد أن نظام مبارك قام من الرماد وأنه يحكم عبر فلوله من جديد، وأنهم وهم محسوبون عليه، وهم أيضا من ضحايا يناير، لهم الحق فى أن يقولوا ما يشاءون فى حق الحراك الشعبى الهائل الذى جرى، ثم إنهم - وهذا هو بيت القصيد ومربط الفرس- يعتقدون أن الجيش المصرى هو الذى سيضرب ويقمع ويبيد أى تحرك شعبى محتمل قد ينشب ويستهدف استئصال رموز ومضامين نظام مبارك، ومن بينهم عينات معروف عنها الآن المباهاة الفاجرة بأدوارها وأفكارها!. لقد ظنوا وهم يدمرون حياة هذا الوطن عبر الفساد والإفساد والاستبداد والفشل فى الإدارة، حتى على مستوى جريدة، أن الجيش المصرى هو «الغفير» الواقف على باب دوار العمدة بلغة أهلنا زمان، أو هو «السكيورتي» الواقف فى مدخل الكومبوند وعلى باب الفيلا يقال له امنع واضرب فيمنع ويضرب!!. إننى أذكر الرد الذى رددت به على ما طرح فى الصالون الثقافى إياه، وأكدت فيه أن الجيش المصرى ليس عصابة فى أمريكا اللاتينية، ولن ينحاز لحظة ضد إرادة الشعب وأيدنى البعض إلا أن المتحدث ضحك بمودة وقال: «فلان خايف يتمسك من قفاه»!!. ولم تمض شهور قليلة حتى وقعت الواقعة وانحاز الجيش للشعب وانزوى رئيسا التحرير والإدارة بل واجه كلاهما أو أحدهما توجيه الاتهام بالفساد!. أظن، وليس كل الظن إثما، أن هؤلاء الذين تبددت مصالحهم وتبعثرت طموحاتهم مع كرامتهم بسبب ثورة الشعب المصرى فى يناير، يراهنون على العودة تدريجيا إلى ما كانوا عليه قبلها، ويمعنون فى الهجوم عليها وعلى قيادة الجيش المصرى آنذاك ممثلة فى المشير طنطاوي، ويسعون إلى اصطناع فجوة وتعميقها بين الجيش المصرى والشعب، وأيضا بين أجيال القيادة فى جيشنا الوطنى العريق، وأظنهم لن يتوقفوا عن التحريض على أن يمارس الحكم أقصى وأقسى أنواع العنف ضد أية احتمالات لتحرك شعبي، مثلما فلسفها الاستراتيجى إياه لنظام مبارك بحكاية «ميدان تيانانمن» أو «الميدان السماوي» فى الصين!. إنهم ليبراليون عند الاستعراض فى وسائل الإعلام، وأحرار فقط عند مصالحهم ووطنيون بدون حدود عند تأييد الأسرة الحاكمة السابقة، أما فيما عدا ذلك فالطائرات القاذفة والمدرعات كفيلة بتحقيق استمرار ليبراليتهم وحريتهم ووطنيتهم!. ولقد انتظرت مثلى مثل غيرى أن ينطق باشاوات الرأسمالية المصرية ومنظروها ومقعروها ليقولوا للشعب أين وكيف السبيل لمواجهة احتكارات القمح والأرز ولبن الأطفال والسكر، ومواجهة الفساد البشع الذى تكشفت بعض جوانبه أخيرا، وليوضحوا رأيهم فيمن يذهب لسداد سبعين أو ثمانين أو مائة مليون جنيه وهو واقف حتى يتم الإفراج عنه، ومن ثم ماذا عن ثروته أصلا ومنذ متى وهو يسرق فى القمح وغير القمح؟!. إنهم يظنون أن معسكر أعداء النجاح وأعداء الاجتهاد وبتوع الشعارات الحنجورية يضعون العراقيل أمام كل ناجح مجتهد فى عمله وبعرقه، ولطالما كتبوا متسائلين باستنكار عن أية جريمة تلك التى يرتكبها من يعمل ويجتهد فيكسب وتتعاظم ثروته، ولكنهم صمتوا صمت القبور عندما ظهر أن ليس كل من دخل الجامع متدينا وليس كل من دخل الخمارة عاصيا سكيرا، لأنه قد يدخل الجامع حرامى أحذية ونشال جيوب، وقد يدخل الخمارة من يبحث عن ابن أو أب لينقذه مما هو فيه!. لقد تعمدت أن أخالف تقاليد يراها البعض غير قابلة للمخالفة، وأعنى بها كتمان ما يدور فى جلسات عفوية بين أصدقاء ومعارف وضيوف، ولكن خطورة ما سمعته وما أسمعه وما أتابعه قد تدخل الأمر فى باب الضرورات التى تبيح المحظورات.. ذلك أنهم يحاولون وضع الجيش المصرى فى مواجهة الشعب وفى معادلة لم يعرفها من قبل، وهى أن تلعن أجيال الحاضر أجيالا سبقت. لمزيد من مقالات أحمد الجمال