رئيس مجلس الادارة

أحمد السيد النجار

رئيس التحرير

محمد عبد الهادي علام

رئيس التحرير

محمد عبد الهادي علام

مصر والهند.. مصالح كبرى متجددة

تؤسس العلاقات المصرية الهندية فى كل مرحلة من مراحلها التاريخية على معنى وهدف واضح تتمحور حوله هذه العلاقات وتتأثر به، ففى مطلع القرن الماضى كان التلاقى بين البلدين أساسه القضاء على الاستعمار البريطانى والتخلص من قبضته الغاشمة فى شبه الجزيرة الهندية وفى مصر على السواء،

حيث تبادل زعيم الامة سعد زغلول باشا والزعيم الهندى المهاتما غاندى الرسائل والتواصل والتأثر بما يحدث فى البلدين، وكان لتوجه ثورة الشعب السلمية فى مصر فى 1919 ضد الاحتلال أثره فى الخط الذى انتهجه المهاتما غاندى لمواجهة البطش البريطانى بالأسلوب السلمي، متأثرا بجوهر وروح ثورة 1919 فى مصر وبعلاقاته مع سعد زغلول باشا ، وبادلت مصر المهاتما غاندى «الروح العظيمة» الحب والتقدير، وتابعت جهود مسيرة الثورة الهندية على الاستعمار، حتى إن للعقاد كتابا عنه، ولأمير الشعراء احمد شوقى قصيدته الشهيرة التى حيا فيها المهاتما غاندى لدى عبوره قناة السويس عام 1931 متوجها لحضور مؤتمر المائدة المستديرة فى لندن، وهى القصيدة التى تضمنت أبياتا من الشعر الجميل اختار منها اشهرها :

سلام النيل يا غاندى ... وهذا الزهر من عندى

هكذا تواصل نسيج العلاقات فى مرحلة ما قبل الاستقلال حتى استقلت الهند أغسطس 1947، وقامت ثورة يوليو 1952 ليبدأ الزعيمان نهرو وناصر فى استكمال مسيرة العلاقات وفقا لأسس ومحاور جديدة تدعم حركات التحرر الوطنى فى العالم الثالث، وتؤسس لحركة عدم الانحياز التى أسهمت فى تحقيق التوازن فى العلاقات الدولية فى زمن الاستقطاب الحاد بين القوتين الأعظم، ومما جعل للعالم الثالث صوت مسموعا فى المحافل الدولية، وخطت الدولتان معا منذ ذلك التاريخ فى منظومة من التعاون السياسى والاقتصادى والعسكرى والثقافي،وتبادلتا التأييد فى جميع المحافل الدولية.

والآن.. ومع زيارة الرئيس عبد الفتاح السيسى التى تمت للهند من 1 ـ 3 سبتمبر الحالي، وما تحقق خلالها من مكاسب سياسية واستراتيجية واقتصادية واستثمارية وثقافية، يمكن القول إن عنوان المرحلة الثالثة للعلاقات المصرية الهندية سيكون مبنيا على البناء والتنمية والتنسيق الاستراتيجى وتحقيق مصالح إقليمية ودولية تهم البلدين ، لها ارتباط بأمن واستقرار المنطقتان المرتبطتان بمصالح كبري، وتلعب القاهرة ونيودلهى دورا أساسياً فى الدفاع عنهما، سواء كان الحديث عن الشرق الأوسط أو الخليج، أو الاستقرار فى شبه القارة الهندية وجنوب آسيا، لما تتعرض له المنطقتين من عوامل عدم استقرار يتقدمها الإرهاب العابر للحدود، والذى بات يهدد كيان الدول القومية، وهنا يجب التنويه أن الأساس الجديد لانطلاقه العلاقات المصرية الهندية مبنى على احتياج متبادل، سواء كان الحديث عن عملية تنمية تملك الدولتان العديد من العناصر المشتركة التى يمكن من تطويرها إطلاق طاقات تنموية وتعاون متعدد الأهداف والجوانب، أو كان الحديث عن خبرات متراكمة لهما فى مواجهة الإرهاب، أو كان الحديث عن قضايا أخرى مشتركة كضمان امن الخليج العربى الذى يشكل استقراره مصلحة متبادلة بين الجانبين المصرى والهندي، فمصر تعتبر امن الخليج جزء لا يتجزأ من أمنها القومي، وكذلك الهند المرتبطة باواصر الجغرافيا والتاريخ مع دول الخليج المهمة للهند بالنسبة لملف امن الطاقة أو لما يستضيفه الخليج من جاليات هندية كبري، علاوة على أن مصر ذاتها بثقلها ودورها الإقليمى والدولى المتنامى وعضويتها غير الدائمة حاليا فى مجلس الأمن، وما تملكه من قدرات اقتصادية وحجم سوق واعد وتأمينها لأهم الممرات الملاحية المتمثل فى قناة السويس والمرتبطة تاريخيا بمرور السلع والبضائع الهندية لأوروبا والعالم الخارجي، كل ذلك من شأنه أن يدفع هذه المرحلة الجديدة من مراحل العلاقات لأفاق غير مسبوقة، وبقى أن نشير إلى أن الهند اليوم هى دوله تحقق ناتجا قوميا إجماليا مقداره «2 تريليون دولار»، وهى رابع قوى عسكرية وسابع قوى نووية على مستوى العالم، وهى دولة تمتلك تكنولوجيا رئيسية يمكن أن تكون مصدرا لروابط جديدة مع مصر أهمها تكنولوجيا المعلومات التى تحقق منها الهند سنويا 146 مليار دولار، وتكنولوجيا الفضاء، ويمكن أن نتعاون مع الوكالة الهندية للفضاء «ايزرو» فى تأسيس وكالة الفضاء المصرية المزمع إنشاؤها فى القريب لاسيما، أن لدينا بالفعل مذكرة تفاهم موقعة بين البلدين من عام 2008 فى هذا الشأن، كما أن الاستخدام السلمى للطاقة الذرية هو مجال متاح على الأقل فى مجال التدريب وتبادل المعلومات والخبرات والتكنولوجيا الأخرى المهمة هى ما حققته الهند فى الهندسة الوراثية، وأضيف للتكنولوجيات الأربع السابقة التى هى عناصر تقدم أى اقتصاد بازغ ووسيلة أى أمة للالتحاق بالمستقبل، قطاع الزراعة، حيث حققت الهند من خلال ما أطلقت عليه الثورة الخضراء اكتفاء ذاتيا من الحبوب والتى تنتج منها 256 مليون طن سنويا، وباتت من البلدان المصدرة, والهند تملك ثانى أكبر مساحة زراعية على مستوى العالم تصل لنحو 180 مليون هكتار «الهكتار 2.4 فدان»، وتجربتها الزراعية رائدة، وفى إقليم جوجارات موطن رئيس الوزراء الهندى ناريندا مودى ذاتها تجربة زراعة ورى فريدة على مستوى العالم، ولعل المشروع المصرى لتأسيس ريف جديد حديث على مساحة مليون ونصف مليون فدان يأخذ من التجربة الهندية فى الزراعة والرى الكثير من عناصر النجاح وأساليب الإدارة والتعاونيات.

وهناك محاولات حققت فيها الهند طفرات كبرى كقطاع السكك الحديدية، والتى تبلغ أطواله نحو 36 ألف كيلومتر، وله وزارة مستقلة، وصناعة الدواء ومشتقاته، والطب التقليدي، وإدارة المستشفيات .

مشتركات هذه المرحلة التنموية كثيرة بين مصر والهند، وعلينا أن نخصص لجنة دائمة رفيعة المستوى لتحديد خطة التحرك واجتذاب التكنولوجيا والاستفادة من التجارب الهندية الرائدة فى المجالات التى اشرنا إليها , لنؤسس بالفعل لعلاقات مستقبلية رائدة تؤرخ من جديد بين حضارتين وشعبين هما الأقدم فى التاريخ ويجمعهما الكثير من الآمال والطموحات والمصالح.

مساعد وزير الخارجبة الأسبق ــ وسفير مصر السابق فى الهند





◀ سفير د. محمد حجازي





تؤسس العلاقات المصرية الهندية فى كل مرحلة من مراحلها التاريخية على معنى وهدف واضح تتمحور حوله هذه العلاقات وتتأثر به، ففى مطلع القرن الماضى كان التلاقى بين البلدين أساسه القضاء على الاستعمار البريطانى والتخلص من قبضته الغاشمة فى شبه الجزيرة الهندية وفى مصر على السواء، حيث تبادل زعيم الامة سعد زغلول باشا والزعيم الهندى المهاتما غاندى الرسائل والتواصل والتأثر بما يحدث فى البلدين، وكان لتوجه ثورة الشعب السلمية فى مصر فى 1919 ضد الاحتلال أثره فى الخط الذى انتهجه المهاتما غاندى لمواجهة البطش البريطانى بالأسلوب السلمي، متأثرا بجوهر وروح ثورة 1919 فى مصر وبعلاقاته مع سعد زغلول باشا ، وبادلت مصر المهاتما غاندى «الروح العظيمة» الحب والتقدير، وتابعت جهود مسيرة الثورة الهندية على الاستعمار، حتى إن للعقاد كتابا عنه، ولأمير الشعراء احمد شوقى قصيدته الشهيرة التى حيا فيها المهاتما غاندى لدى عبوره قناة السويس عام 1931 متوجها لحضور مؤتمر المائدة المستديرة فى لندن، وهى القصيدة التى تضمنت أبياتا من الشعر الجميل اختار منها اشهرها :

سلام النيل يا غاندى ... وهذا الزهر من عندى

هكذا تواصل نسيج العلاقات فى مرحلة ما قبل الاستقلال حتى استقلت الهند أغسطس 1947، وقامت ثورة يوليو 1952 ليبدأ الزعيمان نهرو وناصر فى استكمال مسيرة العلاقات وفقا لأسس ومحاور جديدة تدعم حركات التحرر الوطنى فى العالم الثالث، وتؤسس لحركة عدم الانحياز التى أسهمت فى تحقيق التوازن فى العلاقات الدولية فى زمن الاستقطاب الحاد بين القوتين الأعظم، ومما جعل للعالم الثالث صوت مسموعا فى المحافل الدولية، وخطت الدولتان معا منذ ذلك التاريخ فى منظومة من التعاون السياسى والاقتصادى والعسكرى والثقافي،وتبادلتا التأييد فى جميع المحافل الدولية.

والآن.. ومع زيارة الرئيس عبد الفتاح السيسى التى تمت للهند من 1 ـ 3 سبتمبر الحالي، وما تحقق خلالها من مكاسب سياسية واستراتيجية واقتصادية واستثمارية وثقافية، يمكن القول إن عنوان المرحلة الثالثة للعلاقات المصرية الهندية سيكون مبنيا على البناء والتنمية والتنسيق الاستراتيجى وتحقيق مصالح إقليمية ودولية تهم البلدين ، لها ارتباط بأمن واستقرار المنطقتان المرتبطتان بمصالح كبري، وتلعب القاهرة ونيودلهى دورا أساسياً فى الدفاع عنهما، سواء كان الحديث عن الشرق الأوسط أو الخليج، أو الاستقرار فى شبه القارة الهندية وجنوب آسيا، لما تتعرض له المنطقتين من عوامل عدم استقرار يتقدمها الإرهاب العابر للحدود، والذى بات يهدد كيان الدول القومية، وهنا يجب التنويه أن الأساس الجديد لانطلاقه العلاقات المصرية الهندية مبنى على احتياج متبادل، سواء كان الحديث عن عملية تنمية تملك الدولتان العديد من العناصر المشتركة التى يمكن من تطويرها إطلاق طاقات تنموية وتعاون متعدد الأهداف والجوانب، أو كان الحديث عن خبرات متراكمة لهما فى مواجهة الإرهاب، أو كان الحديث عن قضايا أخرى مشتركة كضمان امن الخليج العربى الذى يشكل استقراره مصلحة متبادلة بين الجانبين المصرى والهندي، فمصر تعتبر امن الخليج جزء لا يتجزأ من أمنها القومي، وكذلك الهند المرتبطة باواصر الجغرافيا والتاريخ مع دول الخليج المهمة للهند بالنسبة لملف امن الطاقة أو لما يستضيفه الخليج من جاليات هندية كبري، علاوة على أن مصر ذاتها بثقلها ودورها الإقليمى والدولى المتنامى وعضويتها غير الدائمة حاليا فى مجلس الأمن، وما تملكه من قدرات اقتصادية وحجم سوق واعد وتأمينها لأهم الممرات الملاحية المتمثل فى قناة السويس والمرتبطة تاريخيا بمرور السلع والبضائع الهندية لأوروبا والعالم الخارجي، كل ذلك من شأنه أن يدفع هذه المرحلة الجديدة من مراحل العلاقات لأفاق غير مسبوقة، وبقى أن نشير إلى أن الهند اليوم هى دوله تحقق ناتجا قوميا إجماليا مقداره «2 تريليون دولار»، وهى رابع قوى عسكرية وسابع قوى نووية على مستوى العالم، وهى دولة تمتلك تكنولوجيا رئيسية يمكن أن تكون مصدرا لروابط جديدة مع مصر أهمها تكنولوجيا المعلومات التى تحقق منها الهند سنويا 146 مليار دولار، وتكنولوجيا الفضاء، ويمكن أن نتعاون مع الوكالة الهندية للفضاء «ايزرو» فى تأسيس وكالة الفضاء المصرية المزمع إنشاؤها فى القريب لاسيما، أن لدينا بالفعل مذكرة تفاهم موقعة بين البلدين من عام 2008 فى هذا الشأن، كما أن الاستخدام السلمى للطاقة الذرية هو مجال متاح على الأقل فى مجال التدريب وتبادل المعلومات والخبرات والتكنولوجيا الأخرى المهمة هى ما حققته الهند فى الهندسة الوراثية، وأضيف للتكنولوجيات الأربع السابقة التى هى عناصر تقدم أى اقتصاد بازغ ووسيلة أى أمة للالتحاق بالمستقبل، قطاع الزراعة، حيث حققت الهند من خلال ما أطلقت عليه الثورة الخضراء اكتفاء ذاتيا من الحبوب والتى تنتج منها 256 مليون طن سنويا، وباتت من البلدان المصدرة, والهند تملك ثانى أكبر مساحة زراعية على مستوى العالم تصل لنحو 180 مليون هكتار «الهكتار 2.4 فدان»، وتجربتها الزراعية رائدة، وفى إقليم جوجارات موطن رئيس الوزراء الهندى ناريندا مودى ذاتها تجربة زراعة ورى فريدة على مستوى العالم، ولعل المشروع المصرى لتأسيس ريف جديد حديث على مساحة مليون ونصف مليون فدان يأخذ من التجربة الهندية فى الزراعة والرى الكثير من عناصر النجاح وأساليب الإدارة والتعاونيات.

وهناك محاولات حققت فيها الهند طفرات كبرى كقطاع السكك الحديدية، والتى تبلغ أطواله نحو 36 ألف كيلومتر، وله وزارة مستقلة، وصناعة الدواء ومشتقاته، والطب التقليدي، وإدارة المستشفيات .

مشتركات هذه المرحلة التنموية كثيرة بين مصر والهند، وعلينا أن نخصص لجنة دائمة رفيعة المستوى لتحديد خطة التحرك واجتذاب التكنولوجيا والاستفادة من التجارب الهندية الرائدة فى المجالات التى اشرنا إليها , لنؤسس بالفعل لعلاقات مستقبلية رائدة تؤرخ من جديد بين حضارتين وشعبين هما الأقدم فى التاريخ ويجمعهما الكثير من الآمال والطموحات والمصالح.

مساعد وزير الخارجبة الأسبق ــ وسفير مصر السابق فى الهند

لمزيد من مقالات السفير محمد حجازى

رابط دائم: