رئيس مجلس الادارة

أحمد السيد النجار

رئيس التحرير

محمد عبد الهادي علام

رئيس التحرير

محمد عبد الهادي علام

عقب خامس تجاربها النووية.. كوريا الشمالية تخترق غابة التوازنات

طارق الشيخ
لحظة الإعلان عن التجربة النووية الجديدة
تزامنا مع إحتفالها باليوم الوطنى لتأسيسها أجرت كوريا الشمالية صباح يوم 9 سبتمبر 2016 تجربتها النووية الخامسة. وطرحت تلك التجربة وقوتها ـ حيث كانت الأكبر منذ بداية التجارب النووية الكورية ـ الكثير من التساؤلات عن مدى تأثر بيونج يانج بالعقوبات الدولية ومدى جدية وتمسك الأطراف الدولية بالتطبيق. أما السؤال الغامض الكبير فتمثل فى أثر توازنات القوى فى شرق وشمال شرق آسيا على الطموحات النووية لكوريا الشمالية.

تم رصد زلزال صناعى بقوة 5.0 درجة فى الساعة 9:30 صباح يوم الجمعة 9 سبتمبر (بتوقيت كوريا الشمالية) فى منطقة بالقرب من موقع بونجكى - رى للتجارب النووية بكوريا الشمالية. كان ذلك بيانا مقتضبا صدر عن هيئة الأركان المشتركة بكوريا الجنوبية. وبعدها إرتج العالم.

فقد ذكر تقرير لوكالة الأنباء الكورية الشمالية الرسمية أن «العلماء والفنيين نفذوا تجربة تفجير نووى لتقييم قوة رأس حربى نووى، مضيفة أن التجربة أثبتت أن البلاد أصبحت قادرة على وضع رأس حربى نووى على صاروخ باليستى متوسط المدى، وبات بإمكانها إنتاج أسلحة نووية متنوعة «أصغر حجما وأخف وزنا» وبالعدد الذى تريده.

وجاءت التجربة النووية لكوريا الشمالية بعد مرور 8 أشهر من التجربة النووية الرابعة فى يوم 6 يناير 2016 التى قيل أإنها تعلقت بتجربة قنبلة هيدروجينية.

وقال بيان صادر عن كوريا الشمالية أنها ستواصل اتخاذ الإجراءات الضرورية لزيادة كمية الأسلحة النووية للحفاظ على كرامتها وبقائها من التهديدات الأمريكية المتنامية بشن حرب نووية ضدها ومن أجل الحفاظ على «السلام الحقيقى». وفى بيان تالى طالبت بيونج يانج الولايات المتحدة بالاعتراف بها «كدولة تمتلك أسلحة نووية».

غابة التوازنات

وقد أدت التجربة النووية الخامسة إلى إثارة التساؤلات حول طبيعة رد الفعل والعقوبات المتوقعة التى يمكن ان تطال دولة نووية فعليا وتمثل طرفا مؤثرا فى توازن القوى بشرق وشمال شرق آسيا مثل كوريا الشمالية.

وكما هو متوقع أدان ممثل المجتمع الدولى والأمين العام للأمم المتحدة بان كى مون بأشد العبارات الاختبار النووى الذى أجرته كوريا الشمالية، وقال «هذا عمل غير مقبول، يعرض السلام والأمن فى المنطقة للخطر».

وأضاف الأمين العام: «أعول على مجلس الأمن الدولى أن يبقى متحدا ويقوم بالعمل الملائم. يتعين أن نتصدى بشكل عاجل لدوامة التصعيد المتسارعة تلك».

وقال يوكيا أمانو المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية، مناشدا كوريا الشمالية: «.. وسنبقى على استعداد للمساهمة فى التوصل إلى حل سلمى من خلال استئناف أنشطة التفتيش فى البلاد بمجرد التوصل إلى اتفاق سياسى بين البلدان المعنية».

وقال سونج كيم المبعوث الأمريكى الخاص لكوريا الشمالية إن واشنطن ربما تقوم بعمل منفرد ضد بيونج يانج، وأوضح أن بلاده ستعمل فى مجلس الأمن الدولى و»أبعد من ذلك» للتوصل إلى أقوى التدابير الممكنة ضد بيونج يانج.

وبالنظر إلى ردود الأفعال الدولية التى أعقبت التجربة النووية الكورية الشمالية يلاحظ أن أغلبها اتجه إلى الإدانة والإستنكار والإعراب عن القلق.

وجاءت الإدانة والاستنكار أمرا متوقعا ومنطقيا من قبل الدول المناوئة لكوريا الشمالية (فى مقدمتها الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية واليابان)، لأنه رد فعل طبيعى ناتج عن التخوف من ظهور قوة نووية جديدة «مطلقة العنان وغير مقيدة» على الساحة الدولية بوجه عام وفى المنطقة على وجه الخصوص انطلاقا من عدة عوامل ابرزها مايلى :

1ـ ان كوريا الشمالية النووية تمثل مصدر قلق دائم للكثير من دول شرق وشمال شرق آسيا خاصة أنه لم يتم التوصل إلى حل ينهى الصراع العسكرى مع كل من الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية وحلفائها.

2ـ إصرار الولايات المتحدة منذ خمسينيات القرن العشرين على محاصرة كوريا الشمالية عسكريا من خلال نشر قواعد لها وعدد كبير من القوات فى محيطها الإقليمى والتلويح الدائم بهذا التواجد.

3 ـ وقوع كوريا الشمالية فى منطقة مليئة بالنزاعات الدولية ذات الطبيعة المتشابكة المتراكمة مما يؤكد أن المنطقة بأسرها مهددة بالانفجار فى أى لحظة يختل فيها توازن القوى بين الأطراف.

4 ـ امتلاك اكثر من دولة فى المنطقة قدرة نووية أو قدرات تؤهلها لشن حرب بأسلحة غير تقليدية.

5 ـ امتلاك كوريا الشمالية قدرات نووية عسكرية دون قيود إزاء المجتمع الدولى يفتح الباب امام تكرار ذات النموذج مما يجعل العالم عرضة لنشوب عدة صراعات نووية.

الصمود الغامض

وعلى الرغم من الغضبة الدولية ومظاهرها فإن الواقع يقول إن كوريا الشمالية صمدت منذ سنوات لكافة القرارات الدولية ذات الصلة وتمكنت من تطوير برنامجها النووى العسكرى بل وتطوير برامجها الخاصة بوسائل الحمل والتوصيل عبر تجارب صاروخية مكثفة سبقت التفجير النووى الأخير بأيام قليلة.

وكان مجلس الأمن قد أدان بأشد العبارات، فى القرار رقم 2270، الصادر بتاريخ 2 مارس 2016 إجراء كوريا الشمالية لتجارب نووية سابقة فى السادس من يناير عام 2016، وطالبها بالتخلى عن جميع أسلحتها وبرامجها النووية الحالية، بشكل تام يمكن التحقق منه ولا رجعة فيه، وأن تتوقف فورا عن جميع الأنشطة ذات الصلة.

وقد تم فرض عقوبات فعلية وصارمة على كوريا الشمالية.

وعلى الرغم من تلك العقوبات «الخانقة» استمرت كوريا الشمالية فى برامجها النووية والصاروخية العسكرية وهو ما يدل على أن هناك من يساعد كوريا الشمالية على تجاوز كافة الخطوط الدولية الحمراء التى نصت عليها قرارات مجلس الأمن الدولى.

إن ما يحدث تحت السطح ومن وراء الكواليس يشير إلى أن توازنات القوى فى المنطقة تتطلب من بعض أطرافها أو من الأطراف الدولية إتباع سياسات متعددة الوجوه.

فقد أملت التناقضات فى وجهات النظر والتضارب فى المصالح بين دول شرق وشمال شرق آسيا إتباع سياسات متعددة الوجوه (ولو فى الخفاء) عند التعامل مع الملف النووى الكورى الشمالى. وكان ذلك من العوامل الأساسية التى أدت إلى التباطؤ فى تنفيذ عقوبات مجلس الأمن حتى اليوم.

فعلى سبيل المثال لا الحصر قامت الولايات المتحدة بالإعلان عن إتجاهها لنشر منظومة صواريخ «ثاد» الخاصة بالدفاع الجوى والصاروخى فى كوريا الجنوبية لحمايتها وحماية القوات الأمريكية هناك من اى هجوم كورى شمالى. ولكن جاء الرد على التوجه الأمريكى ـ الكورى الجنوبى المشترك بأن أبلغ الرئيس الصينى شى جين بينج رئيسة كوريا الجنوبية باك جون هاى معارضة بلاده لنشر تلك المنظومة فى بلادها نظرا لما يعنيه ذلك من إخلال بتوازن القوى السائد.

وانسحبت معادلة التوازنات على الساحة السياسية الداخلية أيضا. فداخل كوريا الجنوبية ذاتها ظهرت أصوات معارضة لنشر نظام «ثاد» على الأراضى الكورية الجنوبية!

وهكذا وعلى مايبدو فإن لعبة التوازنات فى شرق وشمال شرق آسيا قد دخلت منعطفا جديدا وخطيرا مما يدعو إلى أهمية اللجوء إلى التفاوض الجاد وإختراق «غابة التوازنات» بحلول سلمية بدلا من اللجوء إلى التلويح بالقوة، خاصة القوة النووية، وهو ما يعد تهديد لأمن وسلام العالم أجمع.

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
الاسم
عنوان التعليق
التعليق
  • 1
    مصطفى قطب
    2016/09/14 09:15
    0-
    0+

    الدروس المستفادة
    ولكم فى القصاص حياة يا أولى الألباب
    البريد الالكترونى
    الاسم
    عنوان التعليق
    التعليق