رئيس مجلس الادارة

أحمد السيد النجار

رئيس التحرير

محمد عبد الهادي علام

رئيس التحرير

محمد عبد الهادي علام

مصر وصندوق النقد الدولى

صندوق النقد الدولى منظمة للائتمان النقدى بين الدول الأعضاء وميثاقه ينظم العلاقات النقدية بينها ويمنحها قروضًأ قصيرة المدى حينما تواجه مصاعب نقدية نتيجة لعجز فى المدفوعات. وقد تأسس الصندوق بقرار من مؤتمر بريتونوودز (1944) وبدأ أعماله عام 1947، ومقر مجلس إدارته فى واشنطن. ولم يشترك الاتحاد السوفيتى فى الصندوق آنذاك ولكن روسيا عضو فيه حاليًا. وللصندوق تأثير ملموس فى السياسة الاقتصادية للبلاد الأعضاء، وخصوصًا لتلك المستدينة منه. وهو محكوم بواسطة الولايات المتحدة التى تحتفظ بوضع قيادى فيه، كما تستعمله للحفاظ على مركز الدولار بوصفه العملة المحورية للعالم الرأسمالي. وهو الذى يتيح السيولة الدولية فى أثناء فترة أزمة مستمرة للنظام النقدى والمصرفي.

ولم تستغرق المفاوضات الحالية بين مصر والصندوق أكثر من بضعة أيام، وهى فترة غير كافية للوصول لتغيير كيفى فى السياسة المصرية، وهى سياسة لا يرفضها الصندوق، فهو لم يطلب من الحكومة أى إجراء لم تضعه هى فى برنامجها. وقد زاد المبلغ الذى طلبت مصر اقتراضه أكثر من ستة أضعاف ما طلبته حكومة شفيق في2012. وهو قرض طلبته الحكومة الآن لأنها تعانى أزمة شديدة فى نقص مواردها الدولارية. ويعانى الصندوق بدوره أيضًا أزمة فائض سيولة يصحبها كذلك تخفيض أسعار الفائدة. وتبدو تكلفة الدين الآن منخفضة، ولكن أسعار الفائدة تتعرض للتغيير مع تغيير أسعار الفائدة العالمية. وقد تقرر دولة كبرى رفع الفوائد لمحاربة التضخم المحتمل فترتفع معدلات الفائدة حول العالم، كما حدث فى السبعينيات من القرن العشرين. وتأخذ الباحثة سلمى حسين على الحكومة المصرية أنها كانت لديها قدرة تفاوضية أعلى لتطبيق برنامج إصلاح قائم على أجندة منحازة اجتماعيًا للمساواة، ولكنها فرصة مهدرة. ويرى نقاد كثيرون للصندوق أنه لا يوافق على نماذج تنمية بديلة ناجحة. لقد أوصت بعثة الصندوق عام 2014الولايات المتحدة برفع الحد الأدنى للأجور من أجل رفع طلب الطبقات الأفقر كوسيلة لدفع النمو، فى حين أنها لم تأت إطلاقًا على ذكر تلك الوسيلة فى الحالة المصرية. والتضارب نفسه ينطبق على السياسة الضريبية، فقد ارتضى الصندوق فرض الضريبة المضافة فى مصر، وهى ضريبة يراها كثير من المعلقين غير عادلة اجتماعيًا. والغريب أن دراسات الصندوق عن مصر الآن كانت قد اقترحت فرض حزمة متكاملة من الضرائب على رأس المال والثروة ودخول المهن الحرة، وهو أمر مخالف لما ظل فى جعبة الصندوق طويلاً، ولكنه لم يضع تلك الدراسات موضع التنفيذ، فطالما دعم من وجهة نظر اليسار سياسات ضد طريق التنمية والرخاء المعمم.

إن عالم المؤسسات المالية يفيض بقروض تبدو ميسرة منخفضة التكلفة متاحة دون شروط ثقيلة. ويقول الدكتور محمود الخفيف الخبير الاقتصادى الدولى إن أكثر من ثلاثين عامًا على سياسات فاسدة اقتصاديًأ تحت شعار الإصلاح الموصى به من قبل صندوق النقد الدولى أدت إلى الوضع الحالى للحكومة المصرية. فهل من المعقول بعد كل هذه السنوات الرجوع إلى الصندوق نفسه والذى يقترح التوصيات نفسها التى يسميها توصيات إصلاح؟ فلن يؤدى هذا إلا إلى المزيد من النتائج الفاسدة. والبديل عن الهروب إلى مصيدة صندوق النقد عند الدكتور الخفيف هو زيادة الإيرادات الحكومية من خلال سد الثقوب التى تنهشها وترشيد الإنفاق الحكومى لا خفضه وإعادة هيكلة أبواب الإنفاق بشكل يستهدف مصلحة الطبقات الفقيرة والمتوسطة. وأنجع طريقة لتحقيق ذلك هى تطبيق الحد الأدنى والأقصى للأجور فى كل أجهزة الدولة، الحكومة وقناة السويس، البترول والغاز، والقطاع المالى والمصرفي. وبالنسبة للدعم تجب زيادة كفاءته بأن يصل إلى مستحقيه وألا يرفع بشكل سريع عن القطاع الصناعى فيؤدى إلى إفلاس الصناعات المعتمدة عليه ومزيد من البطالة. وفيما يخص االثقوب السوداء لإيرادات الحكومة يمكن عمل الكثير لسدها وسد عجز الموازنة خلال عام أو عامين على الأكثر. ويبدو الدكتور الخفيف شديد التفاؤل فى تناول المشكلات الصعبة وحلها بسرعة. وهو يرى أن مصر ليست فى حاجة إلى خبراء الصندوق وقرضه لتمويل الموازنة، فكل ما تحتاجه مصر هو رؤية وطنية وقدرة جادة على تطهير مواقع الفساد ووقف هدر المال العام وسوء الإدارة.


لمزيد من مقالات ابراهيم فتحى

رابط دائم: