هذا البيان عن القضايا التي رصدت وقائع وأحداث جماعية وقعت إبان الثورة, ومازالت المحاكمات عنها دائرة, سواء كانت أمام محكمة النقض, أو أمام محكمة الجنايات, أو معادة إليها بعد نقض الحكم, هذه القضايا جمعت وقائع وأحداثا مهمة, ليست ككل القضايا التي نظرتها أو تنظرها محكمة الجنايات, مهما كانت القيود والأوصاف التي رصدتها الجهات الرقابية والأمنية بالبلاد, وحققتها النيابة العامة, وأمرت بإحالتها إلي محكمة الجنايات, ونظرتها وأصدرت فيها حكمها, لأنها قد انفردت برصد وقائع جماعية وتاريخية مؤثرة في تاريخ البلاد.
هذه القضايا وقعت أحداثها خلال الفترة منذ يناير2011 حتي الآن, رصدتها الأجهزة المعنية في البلاد, وتناولتها سلطات التحقيق بالأدلة والمستندات, وشهود العيان, والتقارير الفنية, ودفاع المتهمين, مثل هذه القضايا لا يصح أن تضاف إلي قوائم الحفظ بعد الانتهاء منها, لتنضم إلي الملفات التي تأكلها الفئران.
أكتب ذلك بمناسبة مطالعة مدونات الحكم الصادر في إحدي القضايا من هذا النوع التي ترصد الوقائع والأحداث في كيفية اقتحام السجون إبان اندلاع أحداث الثورة في29 و30 يناير2011 سجن المرج.. وسجن أبوزعبل.. ووادي النطرون, وهي الجناية المقيدة برقم2013/56460, جنايات قسم أول مدينة نصر, ونظرتها الدائرة15 جنايات شمال برئاسة المستشار شعبان الشامي, وعضوية القاضيين ياسر الأحمداوي وناصر بربري, وصدر فيها الحكم بجلسة2015/6/16, ومازال الطعن عليها أمام محكمة النقض, وقد بلغت صفحات الحكم332 صفحة كاملة, وبلغ عدد المتهمين فيها129 متهما, منهم27 داخل السجون, بينهم المتهم محمد مرسي العياط رقم81, الذي صار بعد ذلك رئيسا للبلاد بالبلطجة والتزوير, وغيره من قيادات الإرهابية, وباقي المتهمين هاربان.
جمعت صفحات الحكم تصوير الأحداث والوقائع التي تناولتها المحكمة واستمعت فيها إلي الشهود, ورأت المشاهد والوثائق التي تعكس خطة مدبرة وممنهجة لإسقاط الدولة, وحتي صفحة188 تعرض المحكمة لهذه الوقائع, وكيف أحكم تدبيرها تخطيطا وإخراجا بواسطة جماعات إرهابية في الداخل والخارج, تمكنوا من التسلل داخل البلاد بمعدات وأسلحة ثقيلة قاموا بإطلاق القذائف الـآر بي جي, والأعيرة النارية, واستعمال مركبات وميليشيات بالاشتراك مع قيادات حزب الله اللبناني, وحركة حماس, والجهاديين, والتكفيريين, والإخوان المسلمين, والتنظيم الدولي للإخوان, وشاركوا جميعا في إعداد وتنفيذ مخطط إجرامي, وبتمويل وإمكانات تفوق إمكانات السلطات في البلاد, وتمكنوا بنجاح من تنفيذ مخططهم الإجرامي بالتسلل داخل البلاد, وباقتحام السجون, والإفراج عن المعتقلين في توقيت واحد, وبغرض إحداث الفوضي في البلاد.
يأتي رصد وتوثيق تلك الوقائع والأحداث التي تناولتها الأحكام, بحسبانها جزءا مهما من تاريخ الوطن وذاكرته, في أخطر مرحلة تعرضت لها مصر في تاريخها اعتبارا من ثورة2011, مثلما تعرضت له مصر من قبل من هجوم وحروب في تاريخ الاحتلال, أو العدوان الثلاثي علي مصر عام1956, وحرب يونيو1967, والانتصار في أكتوبر1973, لأن قضية اقتحام السجون, وقضية التخابر وقتل المتظاهرين والتخريب والإتلاف, وغيرها من القضايا المهمة والكثيرة التي تشكل علامات في تاريخ البلاد, لا يصح معاملتها معاملة باقي القضايا الجنائية المقيدة بجداول محاكم الجنايات مهما كانت خطيرة, والتي تنتهي إلي الحفظ أو الحرق, ولا يبقي منها إلا ما تقرره من مبادئ قانونية في الإدانة أو البراءة, لكن الذي أدعو إليه في هذا البيان, المحافظة علي تاريخ البلاد بتوثيق وقائع الأحكام, وترجمتها إلي جميع اللغات, وتصديرها إلي السفارات بالخارج وتسليط الأضواء عليها, وطرحها علي الإعلام ومراكز صنع القرار, وقوي الضغطThinkThank لتحظي بالعلم والمعرفة, وبالتحليل التاريخي والأمني بالبلاد, وتدرج في ذاكرة الوطن والمواطن, وفي مواجهة الإعلام المضاد بالداخل والخارج.
حضرات السادة: لا تتعاملوا مع وقائع وأحداث قضايا الإرهاب الجماعية, والأحكام الصادرة فيها, معاملة القضايا الجنائية العادية التي تنتهي إلي الحفظ بعد صدور الأحكام.
لمزيد من مقالات د . شوقى السيد
رابط دائم: