رئيس مجلس الادارة

أحمد السيد النجار

رئيس التحرير

محمد عبد الهادي علام

رئيس التحرير

محمد عبد الهادي علام

فهـــل أخطـــأ الأقبــــاط ؟

السيد.. رفعت السعيد
أكتب إليك لأسألك بصفتك مؤرخا تعرف الواقعة .. لقد رفضنا فى دستور 1923 اقتراحاً بالتمثيل النسبى للأقباط تقدم به محمد على باشا للجنة الدستور.. فهل أخطأنا وهل يدفعنا الوضع الراهن إلى الندم على ذلك؟ الراسل أ.د. طلب عدم ذكر اسمه.

وعدت إلى مجلدين ضخمين أصدرهما مجلس الشيوخ عام 1940 بعنوان «الدستور - تعليقات على مواده من الأعمال التحضيرية - الجزء الأول ص 20 ونقرأ معاً فى محاضر اجتماعات اللجنة اقتراحاً من أحد أعضائها.

سعادة محمد على باشا: أليس فى تمثيل الأقليات بدعة مطلقاً، وأرى أن هذا جوهرى جداً لحفظ وحدة الأمة المصرية والدفاع عنها، وأتقدم باقتراح نصه كالتالى: «يجرى الانتخاب العام بالطريقة التى قررناها فإذا أسفرت النتيجة عن انتخاب عدد يتفق مع نسبة الأقليات انتهى الأمر، وإلا أجريت انتخابات يشارك فيها المسلمون والأقباط معاً لانتخاب العدد اللازم من الأقباط». ويتحدث حضرة عبد الحميد بك بدوى معترضاً «أن تقسيم التمثيل على هذه الصورة التى تميز بين أقلية وأكثرية يعمل على إحياء فكرة التعصب التى نرجو كلنا أن تمحى نهائياً. نحن نريد سياسة قومية خالصة لا تلتفت فى طريقها النبيل إلى الأديان والمذاهب، ولكنها تتجه دائماً إلى مصلحة الوطن. إننى أرجو أن نحتفظ بالوحدة القومية ، وإلا نضع بأيدينا نظاماً يفرق بين عناصر الأمة فيشطرها إلى أقليات وأكثريات. فالحياة لن تكون بعد ذلك إلا مشادة بينهما». وفى الجلسة التالية المنعقدة فى 7 مايو 1922 بدأ حسين رشدى باشا رئيس اللجنة بتلاوة رسالة وردته بالتلغراف «وصلنى تلغراف من الأستاذ وديع صليب المحامى بالمنصورة أرى أهمية تلاوته وهذا نصه» الأقباط قبل المسلمين يعارضون فى تخصيص مراكز برلمانية للأقباط الذين لا يقبلون ضمانات خاصة لمصالحهم خلاف الضمانات البرلمانية العامة لكل الشعب المصرى، وكل تخصيص من هذا النوع هدم للقومية المصرية التى حافظت عليها الأمة بهدر دمائها ولن يخرج قبطى على الأمة بتقدمه للانتخابات لتمثيل الأقلية. «وفتح النقاش من جديد فتحدث توفيق بك دوس عن واقعة بالغة الدلالة فقال» فى يناير الماضى كان انتخاب أعضاء المجلس المحلى لبندر أسيوط، وقد جرت العادة منذ عهد بعيد أن أعضاء المجلس الأربعة يكون ثلاثة مسلمين والرابع قبطى، وفى هذه المرة انتخب أربعة من المسلمين. وبالرجوع لقانون الانتخاب وجدنا أنه يقضى بأنه إذا استقال عضو أو توفى يحل محله من نال أكثر الأصوات بعد الأربعة المنتخبين وكان قبطيا فرجونا محمود بك بسيونى أحد النواب الأربعة أن يستقيل ويترك مكانه للمرشح الخامس ، فاستقال وحل محله عضو قبطى [ ص 25]. واستمر النقاش عبر عدة جلسات وتمايز موقفان .. توفيق بك دوس والأنبا يؤانس وعلى المنيلاوى بك ومحمد على باشا وإلياس بك عوض يؤيدون التمثيل النسبى للأقليات الدينية، وأقباط كثيرون ومعهم عبد الحميد بك بدوى يعارضون ذلك. وأخيراً وفى جلسة 25 أغسطس 1922 صوتت لجنة الدستور على الاقتراح وقررت بالأغلبية رفض اقتراح التمثيل النسبى.

والآن أتوجه إلى الأستاذ الدكتور صاحب الرسالة قائلاً.. الحقيقة أننى وقعت فى حيرة. فالحجة القوية التى ساقها الأستاذ وديع صليب المحامى بالمنصورة والتى تقول «إن الأقباط لا يقبلون ضمانات خاصة بهم خلاف الضمانات العامة لكل الشعب تستحق الاهتمام وهى بالفعل صحيحة فى الأوضاع العادية».. لكن ما قاله حضرة إلياس عوض بك عضو اللجنة أن مسألة الانتخابات إذا حلت لغير مصلحتهم نتج عن ذلك «امتعاض كبير» يستحق التأمل. كذلك فإننا نعيش الآن فى زمان ردىء تسود فيه نزعات متأسلمة معادية للمسيحيين كمسيحيين فالمتأسلمون يعترضون على مبدأ حقهم فى بناء دار عبادة لهم، ويحرضون العامة بأقوال لا علاقة لها بصحيح الإسلام بل هى ضد الإسلام الصحيح وضد ما كان من تراث التعايش الأخوى بين المسلمين والمسيحيين، وضد الدستور وضد القانون وضد أحكام قضائية باتة هى بذاتها تقف شامخة كعنوان للحقيقة. كما أن لدينا فى المنيا مثلا عشرات من الأحداث تتالت بما يوحى أنها موعز بها ومخططة مسبقاً، وبما يعطى للأجهزة التنفيذية من المحافظ ومدير الأمن فما دونهما.. صفراً ساطعا فى الأداء، وبما يؤكد استنفادهم لمرات الرسوب، ليس لأنهم كسالى ولا يستحقون النجاح فى امتحان الوحدة الوطنية وإنما ذ وفيما أعتقد [أكرر فيما أعتقد] أنهم يقصدون ذلك ولست أريد أن أزيد على ذلك. وأسأل فى مناخ كهذا، وحيث يتسيد فيه إعلام متأسلم هو أيضاً، ومعاد لمصلحة الوطن هو أيضا، ويفتح أبواب جهنم علينا وعلى مصر كلها، بالتحريض على فتنة طائفية وفى ظل ضعف حكومى يستسهل إصدار بيانات استنكار وتأكيدات شفوية يعلم من يعلنونها أنها كاذبة وأن الجميع يعرفون أنها كاذبة ولا يمكنها أن تحل المشكلة، لا مشكلة دور العبادة ولا مشكلة المساواة فى تولى الوظائف فى عديد من المؤسسات ولا مشكلة الانتساب إلى كليات محددة إلا بنسبة ضئيلة ولكن أليس الأفضل أن نناضل معاً ونحشد معنا جموع شعبنا لنبنى معاً مجتمعاً يحترم الآخر ويهدم التأسلم ويفرض مساواة كاملة تامة وغير منقوصة فى كل المجالات..وإليك يا سيدى العزيز كل الاحترام.. لا تندم وتعالى معنا لنعمل.


لمزيد من مقالات د. رفعت السعيد

رابط دائم: