رئيس مجلس الادارة

أحمد السيد النجار

رئيس التحرير

محمد عبد الهادي علام

رئيس التحرير

محمد عبد الهادي علام

عفـــوا... يا شـيخ المترجمين

نشر أستاذى الجليل المترجم والشاعر وشيخ المترجمين د. محمد عنانى مقالا بباب «قضايا وآراء» فى عدد 19 من يوليو

الماضى يحمل عنوان «عن ترجمة الأدب العربى» انتقد فيه مقالا لى عنوانه «نداء إلى رئيس الحكومة: كيف تدار الهيئة المصرية العامة للكتاب؟». وأود أن أؤكد، بداية، أن مقال شيخ المترجمين قد قدم للقارئ المهتم بأمر ترجمة الثقافة العربية إلى اللغات الأخرى تعريفا دقيقا وجديدا- فى ظنى- بالبدايات الأولى لحركة ترجمة الأدب العربى إلى الإنجليزية؛ فظهر مما قدمه وجودُ علاقة دالة بين تلك الحركة والنهوض القومى فى عقد الستينيات من القرن العشرين. كما عرض المقال بإيجاز شديد بعض تطورات ترجمة الأدب العربى إلى الإنجليزية فيما تلا عقد الستينيات، ورصد بعض التحولات التى ترتبت عليها. وأكد أهمية إتاحة ترجمات الأدب العربى على «الإنترنت» وهو أمر دقيق ومتصل بتلبية حاجة اللحظة الراهنة.

وبعيدا عن تلك الجوانب أرى أن شيخ المترجمين لم يكن موفقا فى عدد من القضايا والآراء التى أوجزُها على النحو الآتى:

1- أشار شيخ المترجمين فى بداية مقاله إلى أن مقالى نُشر على «الفيس بوك» وهذا ليس دقيقا فقد نُشر المقال ورقيا بجريدة المشهد فى عدد 28 من يونيو الماضي، ثم نُشر بعد عدة أيام إلكترونيا على موقع «حكايا» على «الفيس بوك». ولعلى أدعو شيخ المترجمين إلى مراجعة تعليقات القراء على النشرة الإلكترونية للمقال. كما أدعوه أيضا إلى متابعة بعض أصداء هذا المقال فى الوسط الثقافى من ردود أفعال.

2- صرح شيخ المترجمين بأننى نظرتُ إلى مشروع ترجمة الأدب العربى بمقاييس الربح والخسارة التى وصفها بأنها (المعيار الرأسمالى الوحيد) فى نظري. ومن يقرأ مقالى لن يجد أى إشارة - ولو كانت غير مباشرة- إلى مقياس الربح والخسارة فى مسألة ترجمة الأدب العربي، كما لن يجد أى تقدير للمعيار الرأسمالى فى هذا الأمر؛ لأن الرأسمالية الحقيقية علمتنا أن أمور الثقافة لا يُنظر إليها بمقاييس الربح والخسارة المادية. ولعل ما تقوم به كبريات المؤسسات الاقتصادية والمالية فى أمريكا وأوروبا من تشجيع مؤسسات الثقافة والعلم أن يكون أوضح من أن يتم شرحه أو تحليله.

3- من يراجع مطبوعات الهيئة المصرية العامة سيلحظ بيسر وسهولة أن أى مقارنة بينها وبين مطبوعات مؤسسات النشر الكبرى فى مصر والعالم العربى لن تكون- بكل يقين- فى صالح تلك الهيئة؛ فمظاهر سوء الطباعة والإخراج وتواضع مستوى الورق وظاهرة الأخطاء البشعة فى تلك المطبوعات، هذه كلها ظواهر لا تحتاج إلى خبير ليدركها؛ فبإمكان أى قارئ ملاحظتها. ويبدو لنا أن القائمين على أمر تلك المؤسسة القومية مشغولون بأمور كثيرة ليس من بينها تجويد مستوى المطبوعات والعمل على المنافسة الجادة فى سوق توزيع الكتاب محليا وعربيا، فما الذى يملكونه للمنافسة فى سوق نشر الكتب العربية المترجمة إلى اللغات الأوروبية؟! أعتقد من منطلق دراستى بأوروبا واحتكاكى الدائم بالدوائر الاستشراقية فى أوروبا وأمريكا وآسيا أن الهيئة المصرية العامة للكتاب لا تملك أى مقومات فى الإسهام فى حركة ترجمة الأدب.

4- من لديه خبرة كبيرة بدوائر الدراسات العربية فى أوروبا وأمريكا وآسيا سيؤكد أن أحداث الحادى عشر من سبتمبر 2001 وما تلاها كان لها دور كبير فى إقبال أعداد كبيرة من الطلاب فى تلك المناطق على مجالات الدراسات العربية والإسلامية. والسؤال هنا: كيف تفاعلت المؤسسات الثقافية العربية، مع هذا الوضع الجديد؟ الإجابة ستكون مخزية لنا جميعا؛ فلا تزال حتى الآن غافلة عن هذا الوضع الدقيق، فهل درست الهيئة العامة للكتاب هذا الأمر؟ وهل وضعت خططا مدروسة للاستجابة له وتقديم صورة حقيقية لثقافتنا وآدابنا وفكرنا؟ وهل تواصلت مع المؤسسات العربية المعنية بالأمر لوضع إستراتيجية مشتركة؟ لن أطلب أى إجابة عن هذه الأسئلة؛ لأن الإجابة يعرفها جيدا كل متصل بمجال الدراسات العربية والإسلامية فى أوروبا وأمريكا وآسيا. ويكفينا هنا أن نكرر ما ذكره شيخ المترجمين من أن رئيس الهيئة المصرية العامة لديه حس قومي؟! فيكفى أن يكون لديه هذا الحس القومي. ونحن ندعو الله أن يوفقه إلى إدراك أن وجود هذا الحس القومى دافعٌ بالغ التأثير لإنجاز عمل مفيد فى مجال ترجمة الأدب العربي، ولكن العمل بالعلم والاعتماد على التخطيط واللجوء إلى دراسة الميدان والتفكير على نحو واقعى ومستقبلى فى الآن نفسه- هذه كلها مقومات لإنجاح مشروع ترجمة الأدب العربي. ولهذا سنضطر آسفين للقول: عفوا.. يا شيخ المترجمين؟

< كلية الآداب ـ جامعة القاهرة


لمزيد من مقالات د.سامى سليمان أحمد

رابط دائم: