رئيس مجلس الادارة
أحمد السيد النجار
رئيس التحرير
محمد عبد الهادي علام
يظل الصحفى مهموما طوال عمره المهنى بالبحث عن الخبر، حتى يلقى وجه ربه الكريم، فيتحول هو نفسه إلى خبر، ولا يحزن عليه ـ كإنسان ـ أسرته واصدقاؤه وزملاؤه ومحبوه فقط، ولكن قراؤه وتلاميذه وكل من تأثر بكلمة كتبها طوال عمره المديد. وعندما يجمع الصحفى بين الاقتدار المهنى والخلق الرفيع، تكون الخسارة مضاعفة، وهو ما شعرنا به برحيل الزميل والصديق الخلوق سعيد عيسى مدير تحرير الأهرام، الذى يستحق وبحق أن نطلق عليه لقب «الجورنالجى» وهو لقب يعنى فى الوسط الصحفى أن صاحبه وصل إلى أعلى درجات المهنية، وأصبح «أسطى» كبيرا فى هذا المجال. واثبت عيسى ذلك فى كل الأماكن التى عمل بها سواء خارج مصر، أو عندما عاد ليسهم فى تأسيس مجلة الأهرام العربى ثم تستعين به إصدارات الأهرام المختلفة من الأهرام الرياضى للطبعة العربية والدولية لينتهى به المطاف فى الدسك المركزى للأهرام اليومى ـ المطبخ الصحفى الذى تمر من خلاله كل صفحات الجريدة وأعلى مستوى فى إدارة التحرير ـ ليكون أحد كبار المسئولين الأساسيين عن أعرق وأكبر صحيفة عربية. وطوال هذه المسيرة، كان حريصا على الاهتمام بالأجيال الجديدة وأن ينقل لها خبراته ولا يضن عليها بنصائحه، ليس فى العمل فقط ولكن على المستوى الشخصى أيضا، حتى أصبح تلاميذه رؤساء تحرير لصحف ومواقع الكترونية مختلفة وإعلاميين على شاشات الفضائيات. ورغم أن سعيد عيسى لم يحصل على المكانة الصحفية التى يستحقها، لأنه لم يكن يوما عضوا فى شلة أو تابعا لجماعة أو تيار، وتعرض للغبن بسبب قوانين الصحافة العتيقة وبعض المسئولين عنها الذين يعاملون الصحفى على أنه موظف لا يهمهم من عمله سوى قواعد الحضور والانصراف والتخلص منه فور بلوغ سن الستين على طريقة «خيل الحكومة»، إلا أنه حرص على الاستمرار فى العمل حتى آخر لحظة من حياته بنفس الجدية والمهنية والالتزام التى اشتهر بها دائما. وفى السياق نفسه نفتقد زميلنا الراحل محيى الدين فتحى، الذى كان أيضا مثالا لدماثة الخلق والحس المهنى الرفيع، ورغم أنه عمل خلال رحلته بالأهرام فى أقسام مختلفة ليس لها علاقة بالفن آخرها القسم الاقتصادى، إلا أنه كان ناقدا فنيا من طراز رفيع وشارك فى تأسيس جمعية كتاب ونقاد السينما، ورغم الغبن الذى عانى منه والآلام التى تعرض لها ظل كعادته مبتسما دائما حتى غادرنا إلى دار اليقين التى لا يوجد بها ظلم أو شللية. إن الحديث عن هموم الصحفيين يطول كثيرا خاصة فى هذه الأيام، التى تمر فيها الصحافة ونقابة الصحفيين بظروف صعبة على جميع المستويات، خاصة فى ظل الموقف الملتبس للدولة من هذه الأوضاع. لقد طال الانتظار طويلا لقانون ينظم الصحافة والإعلام طبقا للدستور، ويحقق آمال المجتمع فى عهد جديد من حرية الرأى والتعبير المسئولة بعيدا عن الفوضى، وبعد صبر طويل ومماطلات وشد وجذب، ومفاوضات بين اللجنة الوطنية للتشريعات الصحفية والإعلامية وبين الحكومة، وصل مشروع قانون تنظيم الصحافة والإعلام إلى قسم التشريع بمجلس الدولة الذى بدأ فى مراجعة بعض بنوده مع ممثلى الحكومة واستطلع رأى بعض الهيئات طبقا للدستور. لكن الغريب أننا فوجئنا بتعديلات كثيرة أدخلتها الحكومة على المشروع بخلاف ماتم الاتفاق عليه مع ممثلى نقابة الصحفيين والمجلس الأعلى للصحافة خلال المفاوضات مع اللجنة الوطنية للتشريعات الصحفية والإعلامية. والأغرب أن معظم التعديلات تنصب بالدرجة الأولى على الانتقاص من حقوق الصحفيين، وكأن الحكومة فى حالة حرب معهم، من إلغاء المادة الخاصة بصندوق العلاج، إلى خفض نسبة الأرباح التى توزع على العاملين بالمؤسسات الصحفية القومية إلى 10% فقط، مرورا بعدم التوازن بين نسبة المنتخبين والمعينين فى مجالس الإدارات والجمعيات العمومية، وغياب أى إشارة إلى مكافأة شهر عن كل سنة التى يحصل عليها العاملون عند بلوغ سن المعاش، وإلغاء المادة الخاصة بالمد الوجوبى للصحفيين حتى سن الخامسة والستين خلافا لقرارات الجمعية العمومية لنقابة الصحفيين، وتقنين عملية الفصل التعسفى بدلا من حظرها نهائيا .. وغيرها. لقد ظن الصحفيون أنهم بعد ثورتين مجيدتين كانوا فى طليعتها، سيحصلون على جميع حقوقهم مثل باقى فئات المجتمع، لكن يبدو أن الحكومة لها رأى آخر. لمزيد من مقالات فتـحي مـحـمود