رئيس مجلس الادارة

أحمد السيد النجار

رئيس التحرير

محمد عبد الهادي علام

رئيس التحرير

محمد عبد الهادي علام

فى ذكرى الثورة الأم.. لا تقصموا ظهر مصر!

نحن الشعب ـ أبناء الأجيال المعاصرة والمتوالية إلي ما شاء الله ـ في حاجة إلي معرفة تاريخنا وزعمائنا وقياداتنا والمبدعين النابهين في كل المجالات عبر العصور. فإن هذه المعرفة مضافا إليها ثقافتنا وأصالتنا متمثلة في مجموعة المبادئ والقيم الأساسية تشكل وتصنع العمود الفقري الصلب لظهر مصر وهو الذي يجعلها تقف شامخة وتواجه أعتي وأصعب التحديات. ولا داعي هنا لأن أذكر أقوال المفكرين وعلماء الاجتماع والفلاسفة وغيرهم التي تقول إنك إذا أردت ان تسيطر علي شعب ما ابدأ بقصم ظهره.. بهدم عموده الفقري الذي يصلبه عن طريق محو ذاكرته وإبعاده عن ثقافته وقيمه ومبادئه وخلال ذلك عليك بتشكيكه في تاريخه وثوابته وزعمائه، واعطائه بأساليب مختلفة بدائل أكثر اغراء وابهارا لكنها لا تعدو أن تكون مظاهر استهلاكية.. ولقد لمسنا ورأينا ـ في مصر وسائر الأمة العربية ـ تطبيقا لهذه المقولات بعد انتصار أكتوبر 1973 عندما أدرك خصوم الأمة ـ وهم كثر ـ ان العرب قد صاروا القوة السادسة في العالم، فقرروا قصم الظهر بتحويلهم من الانتاج إلي الاستهلاك.. ومن الاعتزاز بالتراث والأصالة والتاريخ والزعماء إلي التشكيك في كل الرموز وإلي إغراق المجتمع المصري ـ والمجتمعات العربية ـ بالأفلام الهابطة ـ لكنها مثيرة ـ وبالأغاني والموسيقي المجنونة والمشحونة بالايحاءات الغريزية.. وضربوا الانتاج، وقدموا تيسيرات وتسهيلات مربحة لمشروعات استهلاكية واستفزازية.. وحاولوا تشويه ثورة 23 يوليو ـ التي يعتبرها العالم الثالث ـ أي دول الجنوب ـ النامية ـ الثورة الأم!.. وعندما وقفنا ضد هذا أشاروا إلينا ـ عن طريق اصدقائهم! ـ واتهمونا بالشمولية والانغلاق.. وتفاصيل عديدة تسارعت في عنفها وضراوتها بأسرع من موجات فيضان النهر ونوات البحر! وأشد من عواصف رياح الشتاء!

والمهم.. أننا الآن.. وبعد هذه التجارب، وفي ذكري الثورة الأم ـ التي تجري غدا ـ فهل نبدأ بجدية في تخليدها واحترامها؟

ومثلا.. فإنه بعد أربع وعشرين ساعة من رحيل جمال عبدالناصر ـ 28 سبتمبر 1970 ـ كتب توفيق الحكيم مقالا في الصفحة الأولي من الأهرام يطالب باقامة تمثال للقائد الخالد يوضع في ميدان التحرير.. ودعا إلي التبرع وبادر بنفسه وفتح »الأهرام« حسابا لهذا.. ثم توالت الأيام وانقلبت الأوضاع، ونام المشروع بعد أن أحالت الأهرام ـ فيما اعتقد ـ مبالغ التبرعات إلي محافظة القاهرة.. وحتي الآن لا يوجد تمثال لعبدالناصر في القاهرة.. مع أنني سألت منذ نحو خمسة عشر عاما.. وقال لي الفنان فاروق حسني ـ وكان وزيرا للثقافة ـ إن كوريا أرسلت لنا هدية عبارة عن ثلاثة تماثيل رائعة لعبدالناصر والسادات ومبارك، وهي موجودة ولا يمكن التصرف فيها إلا بإذن الرئاسة!

والآن.. لماذا لا يأمر الرئيس عبدالفتاح السيسي بالافراج والاحتفال غدا ـ أو خلال أيام ـ بوضع تمثال جمال عبدالناصر في ميدان التحرير في الحديقة المواجهة لمجمع التحرير.. أو في مكان آخر ملائم.. ثم بعد ذلك ـ وفي ذكري أكتوبر ـ يوضع تمثال السادات في موقع مناسب؟

ومثلا.. فلقد تقرر أن يتحول بيت عبدالناصر في منشية البكري الي متحف. وكنا قد طالبنا بهذا ـ وأيضا اتصل بي فاروق حسني ـ وقتها ـ وقال ان الرئاسة ستضمه إليها ليصبح »قصر ضيافة«.. ثم بعد ذلك تقرر أن يكون متحفا.. وأكدت التصريحات أنه سيفتتح آخر عام 2015.. لكن لم يحدث.. ولا أعرف أساسا هل بدأ العمل به أم لا؟ ومن هم أعضاء لجنة اعداده والاشراف عليه؟

ومثلا.. أين ما قيل عن متحف الثورة الذي تقرر أن يكون في مبني مجلس قيادة الثورة علي النيل في القاهرة؟ وهل وزارة الثقافة مسئولة عن هذا التقاعس.. أم أن هناك »لهو خفي« يمنع؟لقد كنت أتصور أنه بعد ثورة الثلاثين من يونيو التي استردت مصر من محاولة الاختطاف، أن تستقيم الأمور، وأن ندعم ظهر مصر ولا نقصمه.. وذلك بإبراز النقاط المضيئة في تاريخنا.. والقاء الضوء علي زعمائنا.. ونشر الحقائق التي استبسل خصوم مصر علي مدي السنوات في محاولة تشويهها وطمسها.. وهذه ـ حتي لا يتحرك المغرضون ـ من أساسيات التربية الوطنية والقومية. ولعلم الذين في نفوسهم هوي (!!) فإن الدول الكبري والصغري.. تفتش في تاريخها عن شخصيات بارزة ـ أو «قاموا بدور مجتمعي ما.. لتخليدهم.. بالتماثيل والمتاحف واطلاق اسمائهم علي مشروعات.

وهنا.. فإنني بالمناسبة أشيد بقرار القيادة باطلاق اسم جمال عبدالناصر علي حاملة المروحيات التي وصلت وانضمت إلي القوة البحرية المصرية.. واسم أنور السادات علي الحاملة الأخري التي ستجىء بعد شهرين.

وأرجو أن تصدر اليوم ـ في ذكري الثورة ـ قرارات بما سبق، وبتشكيل مجموعة عمل تبحث كيفية تخليد الثورة الأم.. ولدراسة كيف يكون الاحتفال العام المقبل بالذكري الخامسة والستين لها.. وهذه مهمة ضخمة تتطلب مجهودا كبيرا لذلك لابد أن يبدأ العمل الآن.. علما بأن نتائج هذا العمل من شأنها تأكيد واحياء علاقات مصر القوية والطيبة بدول عديدة شرقا وغربا.. كما ستخدم مشروعي متحف عبدالناصر ومتحف الثورة.. وقبل هذا وبعده.. ستخدم الأجيال المتعاقبة.. وتشد ظهر مصر.. ومصر أبدا ـ وبإذن الله ورعايته ـ لن ينقصم ظهرها.. ولن ينكسر!.


لمزيد من مقالات محمود مراد

رابط دائم: