رئيس مجلس الادارة
أحمد السيد النجار
رئيس التحرير
محمد عبد الهادي علام
بات أمرا مثيرا للدهشة ، ذلك التعاطى من قبل وزارة الخارجية المصرية، وردود الفعل الغزيرة من طرف المتحدث الرسمى بها، عن بعض الإشارات السلبية أو المراوغة التى تأتينا من قبل المسئولين الأتراك، وفى مقدمتهم بن على يلدريم رئيس الوزراء، أو وزير خارجيته جاويش مولود أوغلو بشأن رغبة أنقرة فى إمكانية عودة وتطبيع العلاقات مع القاهرة، فيخرج المتحدث الرسمى لخارجيتنا فى الحال بتصريحات شبه مرحبة، أو تفتح ثغرة للأتراك فى جدار الأزمة، لكن سرعان ما يزيد الرئيس أو السلطان التركى الجائر رجب طيب أردوغان، الطين بلة، بتصريحات صادمة ويكيل الاتهامات والبذاءات من جديد ضد مصر، فترد الخارجية بنفس اللغة، فتشكك فى أهلية وتخبط سياساته وقراراته. مبعث قلقى ولومي، أننا ما كان يجب أن نهرول فى الحال على كل ما يصدر من تركيا، سواء بالإيجاب أو السلب، فهذه حكومة ورئيس غير مضمونين وغير مؤهلين للأخذ بجدية مواقفها والتزاماتهما، بل هى دولة متأرجحة مارقة وكل يوم فى واد، حيث منطق الأمور يدعونا إلى عدم الالتفات أو الوثوق فى تلك الدولة أو ذاك الرئيس المغرور، الذى ركعته وكسرت أقدامه كل من روسيا الاتحادية وإسرائيل فى الفترة الأخيرة، فخضع لشروطهما ولائحة مطالبهما وعاد فخر راكعا لهما. وبالتالى يجب أن تكون الدولة والدبلوماسية المصرية على يقين، بأن تلك الاستراتيجية فى التعاطى هى التى تنفع وتؤتى ثمارها مع هذا السلطان العاجز المتخبط المترنح، الذى يسكن قصر اسطنبول. ولذا فإن حصيلة الأشهر والأسابيع الماضية قد أثبتت للجميع هنا فى مصر عن قناعة، تلامس اليقين أنه لا أمل ولا جدوى من مد يد التلاقى أو التعاطى مع هذه الدولة، وهذا السلطان المترنح الذى يناصب دولتنا ورئيسنا وشعبنا العداء السافر، من أجل حفنة من الأشرار من جماعة الإخوان الإرهابية، التى وفر لها الملاذ الآمن والمنصات الإعلامية المنفلتة لتصب حمم أكاذيبها وضلالها وقذارتها ضد الوطن، حيث تلعب تركيا أردوغان كل هذا الدور المشبوه بتلذذ وانتقام وكيدية.. بل لابد أن تكون لنا استراتيجية حديدية لا تلين ولائحة مطالب لا يتم تجاوزها بشأن سلة شروط والتزامات لا يمكن التغاضى عنها أو تقديم تنازلات بشأنها فى المفاوضات فى أى ساعة مع حكومة أردوغان وليكن أولها طرد وإزاحة كل قيادات وعناصر جماعة الإخوان الإرهابية من تركيا. وثانيها، توقف كل المنصات الإعلامية التابعة للإخوان وغيرهم عن النيل أو التناول لمصر ورئيسها أو التدخل فى الشأن المصرى على إطلاقه. ثالثها: ضرورة التوقف الفورى من قبل أردوغان وحكومته ووزارة خارجيته، عن النيل من سياسات مصر الداخلية وسياساتها الخارجية. ورابعا، وهذا هو الأهم، ضرورة الاعتراف من قبل أردوغان وحكومته بشرعية الرئيس السيسى واحترام خيار الشعب المصرى لقيادته وخياراته، مع التمسك بطلب الاعتذار الواضح والصريح من قبل أردوغان نفسه عن مجمل إساءاته لمصر ورئيسها طيلة السنوات الثلاث الماضية، فنحن لسنا أقل من روسيا بوتين التى اعتذر لها أردوغان غصبا عن إساءاته بحق إسقاط طائرتها وقتل طيارها داخل الأراضى السورية. ودون التعاطى مع كل هذه المطالب، فلا يمكن اعتماد أى مصالحة أو تقارب مع تركيا حتى لو أرسلت لنا وفدا رفيعا فى قادم الأيام، كما تخطط حاليا للتباحث فى مجمل العلاقات، فنحن لسنا دولة فاقدة للذاكرة، خاصة أن منسوب الغضب والرفض لسياسات تركيا ضدنا مازال محفورا فى العقول، خاصة أننا كنا أمام حاكم ـ أى أردوغان ـ أفلت من كل عقال وأمعن فى كل انتهاك ضدنا، وخاصم الرشادة السياسية ضد مصر سنوات وأشهر وبالتالى الجرح الغائر الذى تسبب به السلطان التركى المنفلت فى صدور المصريين جميعا مازال ينزف دما، ولسانه الذى كان دوما يقطر سما ضد رئيسنا لم يغادرنا بعد. كما لابد أن تشرك القيادة فى مصر البرلمان فى أى قرار يتخذ بشأن مستقبل هذه العلاقات مع تركيا، حيث إن هذا الملف لم يعد مختوما بالشمع الأحمر ومطبوعا عليه «سرى للغاية» مثلما كان سائدا فى أزمات مماثلة فى سابق العهود. ولذا يجب أن تكون رسالتنا قيادة ووزارة خارجيتنا هنا فى مصر لأردوغان، أو سواه، نحن أمة ليست فى وارد الدخول فى تلك السجالات العقيمة ولا نملك ترف الوقت لنضيعه فى مهاتراتكم وانزلاقاتكم، بل نحن أمة مشغولة الآن بتكريس الجهود صوب بناء دولة عصرية عملاقة اقتصاديا وتنمويا تؤمن بالحوكمة والإدارة الرشيدة وعودة أذرعها الطولى بالعقلانية والرشادة فى الإقليم، وتسعى لنسف مؤامرات الخيانة والتواطؤ ضد مصر بكل صوره وأشكالة، فضلا عن إنقاذ الأمن القومى العربى وحماية وصد مناورات التفكيك والتشرذم ضد إخوانها العرب. ناهيك عن إبلاغه، أى أردوغان، بأن مصر مع السيسى تسعى لانتشال وطنها من رذائل وذيول الحروب والفتن ووضع الأسس السليمة لبناء دولة العدالة والحداثة. وبالتالى وسط كل هذا البركان وشلال المد الشيطاني، وغيض هذه الكراهيات التركية.. لماذا نقبل أو نهرول بالصلح مع هذا السلطان العارى الآن. لمزيد من مقالات أشرف العشري