رئيس مجلس الادارة

أحمد السيد النجار

رئيس التحرير

محمد عبد الهادي علام

رئيس التحرير

محمد عبد الهادي علام

ورحل د. سويف رائد مدرسة «علم نفس الإبداع»

عماد عبد الراضى
د.مصطفى سويف
فقدت الثقافة المصرية مؤخرا أحد أمهر فرسانها، وهو د. مصطفى سويف أستاذ علم النفس بكلية آداب جامعة القاهرة، الذى رحل عن دنيانا عن عمر يناهز 92 عاما، تاركاً إرثاً ثقافياً مميزاً فى مجالات عدة أبرزها علم النفس والأدب.

كان د. سويف يعشق الأدب كعشقه الفلسفة وعلم النفس اللذين درسهما وتخصص فيهما، وكان له دور مؤثر فى حركة الأدب والإبداع، فهو يعتبر

مؤسس مدرسة «علم نفس الإبداع»، وذلك بكتابه «الأسس النفسية للإبداع الفنى فى الشعر خاصة»، وقد كان كتابة هذا بمثابة نقطة الارتكاز الجوهرية لأعمال هذه المدرسة التى تشعبت وتناول تلاميذها باقى الأجناس الأدبية، حيث أصبح للمنهج النفسى حضور قوى فى مجال البحث الأدبى فى عالمنا العربى المعاصر، وأصبح هذا المنهج يحظى باهتمام كبير من الباحثين، الذين بدأوا يؤلفون الكتب التى يؤصلون فيها لهذا المنهج، ويضعون قواعده لدراسة الأدب.

عمل د. سويف فى دراسته النفسية للأدب على تحليل شخصية الأديب، إذ أطر مجال دراسته عن عبقرية الشاعر فتساءل عن كيف يبدع الشاعر القصيدة؟ فوجد أن العبقرية تنتج عن الصراع بين (الأنا) الشاعر و(النحن) الجماعة، فكان توجهه إلى الاهتمام بالمرسل أى المبدع، فقد بحث فى كتابه عن كيفية إبداع الشعر، وأجاب عن عدد من الأسئلة التى طالما شغلت أذهان المثقفين عامة والأدباء بوجه خاص، تلك الأسئلة التى تدور حول الإلهام والصناعة والعبقرية.

وقد حرص د. سويف على أن يقيم هذه الدراسة على أساس من الملاحظة التجريبية، أجراها على عدد من الوثائق الشخصية كالرسائل ومسودات القصائد وغيرها من المصادر الخاصة بالمبدع، وقد حرص على أن يكون أصحاب هذه الوثائق والإجابات من الشعراء العرب إلى جانب عدد من الشعراء والفنانين الأجانب.

وقد تناول الراحل فى هذه الدراسة عددا من القضايا الإنسانية المهمة، منها: الصلة بين الفن والحياة، والصلة بين الفن والمجتمع، ومستقبل الشعر عامة كصورة من صور التعبير الفنى، ومستقبل الشعر العربى بوجه خاص، كما بالبحث بعض القضايا المنهجية الأساسية، وخاصة ما يدور حول صلاحية المنهج العلمى لدراسة الإبداع الفنى.

ومما عرف عن د. مصطفى سويف أيضا الدقة والبراعة فى اختيار عباراته، حتى إن نشطاء مواقع التواصل الاجتماعى قد أصبحوا يتناقلون بعض عباراته على صورة حكم وأمثال، ومن تلك الأقوال المأثورة عن د. سويف: «يبدأ الإبداع العبقرى فى المجتمع وينتهى فى المجتمع - كل نشاط نبدأه يحمل نهايته فى طياته - ليس هناك عمل فنى إلا وله ماض فى نفس صاحبه - إن العبقرى الفنان تنتظم علاقته بمجتمعه الخاص فى صورة تعارض واختلاف يصحبه الشعور بالحاجة إلى إنهاء هذا الخلاف وإقناع الآخرين بوجهة نظره».

وقد برع العالِم الراحل فى تحليل الشخصية المصرية وتداعياتها النفسية عبر كتبه التى مثلت الأساس العلمى والأكاديمى لدراسة التحليل النفسى المحلى، الذى يتخذ من التغيرات الداخيلة رافدا للتحليل، وأصدر العديد من الكتب التى عالجت مشكلات الشخصية المصرية والمجتمع المصرى بشكل عام، وكان مبدعا بحق فى هذا المجال، فأثرى المكتبة العربية بمؤلفات فى غاية الأهمية منها: الأسس النفسية للتكامل الاجتماعي: دراسة ارتقائية تحليلية ـ نحن والعلوم الإنسانية - مقدمة لعلم النفس الاجتماعى التطرف كأسلوب للاستجابة ـ مشكلة تعاطى المخدرات بنظرة علمية، وغيرها من المؤلفات المهمة.

وفى السنوات الأخيرة، بالتزامن مع بلوغه سن التسعين، كتب د. سويف مذكراته ونشرها فى مجلدين تحت عنوان «عوالم متداخلة.. يوميات فى الشأن العام والشأن الخاص»، حيث عمل على كتابة انطباعاته وأفكاره عما رصدته عيناه من ظواهر عامة فى مجتمعاتنا، وخاصة فى حياته الشخصية، وقد أكد أن كتابة هذه المذكرات استغرقت منه 46 عاما امتدت من 21 نوفمبر 1954 حتى أول ديسمبر 1990 حيث استقرت على صورتها النهائية بعد تحولات عديدة تعرضت لها.

ويقول د. سويف فى هذه المذكرات: «وعندما تعود بى الذاكرة إلى نقطة البداية (بدء كتابة المذكرات) أو إلى نقاط التحول (إلى اليوميات) أجد أن الأمر كله يتلخص فى إثبات شهادتى على التاريخ.. أنا لست أستاذا فى التاريخ، ولكنى مواطن عاصر وعايش أحداثا بعينها توالت على امتداد فترة زمنية معينة، وفى تواليها هذا تداخلت، وتشابك فيها العام والخاص وشديد الخصوصية، وأنا أزعم أنها بذلك تقدم للقارئ منظورا قلما يتوافر بغير هذا النوع من الكتابة، الذى هو طريق إلى تخلق وعى المجتمع بذاته».

يذكر أن الراحل قد ولد بالقاهرة فى ١٧ يوليه سنة ١٩٢٤، وحصل على الدكتوراه من جامعة القاهرة، وحصل علـى دبلوم عـلـم النفس الإكلينيكى من جامعة لندن، وعمل كأستاذ ورئيس قسم علم النفس بجامعة القاهرة، وشغل منصب رئيس الجمعية المصرية للدراسات النفسية عامي 1970 و1971، تولى العديد من المناصب منها منصب عضو لجنة الخبراء الدائم لبحوث تعاطى المخدرات بهيئة الصحة العالمية، ورئيس البرنامج الدائم لبحوث تعاطى المخدرات بالمركز القومى للبحوث الاجتماعية والجنائية، كما نال العديد من الجوائز، منها جائزة الدولة التقديرية فى العلوم الاجتماعية سنة 1989.

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
 
الاسم
 
عنوان التعليق
 
التعليق
  • 1
    ابو العز
    2016/07/12 11:25
    0-
    2+

    وعي المجتمع بذاته
    كان انسانا مبدعا وعالما فذا ورائدا من رواد علم النفس وشاهدا نزيها على تاريخ بلاده .رحمه الله
    البريد الالكترونى
     
    الاسم
     
    عنوان التعليق
     
    التعليق