رئيس مجلس الادارة
أحمد السيد النجار
رئيس التحرير
محمد عبد الهادي علام
رغم مرور ما يزيد عن 10 سنوات علي زيارتي لهذا المكان الفريد علي أرض الأندلس في مدينة قرطبة الأسبانية فإنني ــ حتي اليوم ــ لم أستطع أن أسرح ولو للحظة واحدة بعيدا عن مشاعر الانبهار واسترجاع ذاكرة التاريخ من خلال تلك الغابة الكثيفة من أعمدة المرمر التي تنتشر في أرجاء المسجد الجامع الذي يحمل الآن اسم كاتدرائية «عذراء الصعود».. ثم يحل السكون والصمت والاحترام ويسرح الخيال بالمرء وهو يتخيل جموع المصلين عندما كانوا يفدون إلي داخل المسجد بعد أن خلعوا نعالهم وغطت العباءات البيضاء أجسادهم أيام مجد العرب والمسلمين! مازال يطاردني الإحساس أن قرطبة المسلمة لم تزل حية. والحقيقة أن المسجد الجامع في قرطبة يعتبر أحد أهم المزارات السياحية في أسبانيا إلي اليوم وعلي الرغم من طمس هويته الأصلية وتحويله إلي كاتدرائية تحمل اسم «عذراء الصعود» فإن المرشدين السياحيين الأسبان لا يجدون مفرا من ذكر الحقيقة لكي يفسروا لأي زائر سر هذه النقوش الفريدة والأعمدة المرمرية والتيجان المزخرفة التي تشهد للعمارة العربية والإسلامية. بل إن المسجد الجامع يعتبر من أعظم وأروع الآثار الإسلامية الباقية في أسبانيا علي الرغم من كل ما جري عليه بفعل الزمن أونتيجة ما تم إدخاله من تعديلات عليه ويحتل المسجد الجامع رقعة فسيحة من الأرض قرب نهر الوادي الكبير ( 180م طولا و 175 م عرضا) ويشغل بيت الصلاة ثلثي المساحة والثلث الباقي يشكل بهو المسجد المغروس بأشجار النخيل والبرتقال. وتاريخ المسجد يرتبط بتاريخ دخول المسلمين بلاد الأندلس (عام 711 م) إذ اتبع الفاتحون المسلمون مع النصاري الأسبان سياسة خالد بن الوليد مع أهل دمشق فشاطر المسلمون نصاري الأندلس كنيستهم التي كانت علي اسم القديس منصور ثم جاء عبد الرحمن الداخل فاشتري القسم الخاص بالمسيحيين فهدمه ورفع بناء جديدا علي أنقاض القديم خلال سنة واحدة (عام 785م) والذي ساعد علي سرعة الإنجاز أن البنائين استفادوا من بقايا قائمة أو متهدمة من الكنيسة القديمة ولكي يستفيد من بعض جدران الكنيسة اضطر عبد الرحمن إلي جعل المحراب باتجاه الجنوب وليس باتجاه الكعبة كما جمع أعمدة بعض الأبنية المهدمة من أجل تزيين أروقة المسجد التسعة. وغدا نواصل الحديث [email protected]لمزيد من مقالات مرسى عطا الله