على الرغم من القبض على مسئولين بالمطبعة السرية تقول السلطات إنهم سربوا الامتحانات لقاء مبالغ مالية، فقد غمرتنى دهشة كبيرة أثناء فصول تلك الأزمة، وأنا أراقب سيل التبريرات الخائبة الزرب الذى استدلقته علينا الحكومة المصرية ووزارة التربية والتعليم معلنة عن استحالة مواجهتها لأساليب الغش الإليكترونية متشحة بعدم القدرة متصورة أن ذلك يعفيها من المسئولية أو المحاسبة.. وأجدنى مضطرا إلى استعراض جهود الحكومة الجزائرية لمواجهة ظاهرة مثيلة سادت فى اختبارات البكالوريا هناك، لعل شخصا فى حكومتنا السنية يتعلم من الحكومة الجزائرية كيف يتصرف فى هكذا أزمات إن كان يملك قوة إرادتها السياسية أو يدها الثابتة غير المرتعشة.
الجزائر أوقفت ـ مؤقتا ـ الفيس بوك وتويتر لمنع تسريب الامتحانات، والجزائر منعت دخول أية أجهزة إليكترونية إلى لجان الامتحانات، والجزائر طلبت إلى قواتها المسلحة نقل أوراق الامتحانات بطائرات النقل العسكرية والمروحيات إلى جهات البلاد خارج العاصمة.
هكذا تتم المواجهة، وليس بالحجج الرخيصة التى يسوقها وزير التعليم أو رئيس حكومته.
بالعربي.. عملية تسريب الامتحانات فى بلاد مثل مصر والجزائر هى جزء من إثارة الفوضى التى تتواصل منذ عملية يناير 2011 لضرب الدول الوطنية وتفكيك مؤسساتها وإسقاطها، يعنى ما يجرى فى موضوع الامتحانات ـ بعيدا عن الاستعباط السياسى هو ملمح آخر من الحرب ضدنا.. والحرب عمل جاد تنخرط فيه الأمة بكل طوائفها وأنظمة الحكم بكل مؤسساتها، ولا ينفع فيه الهزل أو الميوعة أو قلة الحيلة.
وحين نواجه حربا خططت لها جماعة الإخوان الإرهابية أو عملاء الطابور الخامس ومن وراءهم من دول أجنبية وأجهزة مخابرات عالمية، لابد أن نكون جاهزين لفعل أى شيء، ولا نرتجف هكذا أمام فكرة مثل تعطيل الفيس بوك وتويتر، نحن نواجه تحديا استثنائيا ويجب أن تكون وسائلنا لمقاومته استثنائية، ولا ينبغى أن نترك موضوع تسريب الامتحانات ليتحول إلى ساحة ولولة وتحقير للذات وتصغير لشأن الدولة التى تحاول استعادة هيبتها، على أيادى مجموعة من الكتاب العملاء يكملون سيناريو المؤامرة، بإشاعة أجواء من السخط وتعزيز مظهر عجز الحكومة الذى يعلنه المسئولون دون أن يستقيل أحد أو يُرفت أحد، أو يقف أحد مثل الرجال ويعتذر أو يعترف بمسئوليته.
لمزيد من مقالات د. عمرو عبد السميع رابط دائم: