رئيس مجلس الادارة

أحمد السيد النجار

رئيس التحرير

محمد عبد الهادي علام

رئيس التحرير

محمد عبد الهادي علام

قصر مدة «الوالى»!

كانوا- عندما كنا فى سنة سادسة إبتدائى قبل أكثر من أربعين سنة - يدرسون لنا فى مادة التاريخ أن أحد أهم أسباب

سقوط الدولة العثمانية « قصر مدة الوالى». ومعروف أن الدولة العثمانية كانت لها فى مشارق الأرض ومغاربها ولايات وولايات.. فعندما ضعفت- فسمّاها الأوروبيون الرجل المريض- صار كل همّ الولاة جمع المال من تلك الولايات بأى وسيلة وإرساله إلى العاصمة الآستانة.

.. وهكذا كان الولاة على هذه الولايات يعصرون شعوب ولاياتهم عصرا حتى آخر قطرة دم لاستخراج أى فلس من عظامهم. إن الوالى كان يعرف جيدا أنه ما لم يرسل أكبر مبلغ ممكن إلى العاصمة فسوف يعفيه السلطان من منصبه. وبالفعل عرفت السلطنة عددا لا حد له من الولاة فى سنواتها الأخيرة، وكان «أجعصها» وال لا يستمر لأكثر من سنة.. فماذا كانت النتيجة؟

طبعا لم يعد الوالى يهتم بشئون الولاية، ولا بمواطنيها( عفوا نقصد رعايا حضرة السلطان إذ لم تكن المواطنة قد اخترعت بعد!) .. ولا بزيادة الإنتاج، أو جذب الاستثمارات، أو النهوض بالصحة والتعليم والمحليات والصرف الصحى، ولا بالطرق والكبارى والمترو، ولا بأى شىء.. وكيف يهتم وكل ما يهمه هو البقاء فى منصبه لأطول وقت والتكويش على قلبه بأكبر ثروة ممكنة؟

غير أن الأخطر من ذلك، أن الوالى أصبح غير قادر على اتخاذ القرارات.. وبات مرتعش اليد.. مشتت الفكر.. موزع الوجدان.. بلا ولاء( اللهم إلّا للثروة التى يسعى لشفطها فى بطنه!). وكان من الطبيعى أن تنهار الولايات، ويتفشى فيها الفساد والرشوة والمحسوبية، وينتشر قطّاع الطرق، والبلطجية، والحرامية ولاد الكلب. وهنا كانت الفرصة سانحة ليقفز المغامر محمد على باشا على مصر فيلتهمها من السلطنة هنيئا مريئا.. ويستقل بها لتصبح ولاية وراثية خالصة له ولأبنائه من بعده!

يا عمّ.. وما مناسبة درس التاريخ الحامض المحفوظ عن ظهر قلب هذا الآن؟ أتريد تسلية صيامنا؟ أبدا.. إنما نحن( خل بالك من نحن دى!) وجدنا أن بعضا مما جرى فى الماضى يجرى الآن.. وكأننا لا نتعلم من دروس التاريخ.. أو كأننا ناس فقدوا الذاكرة. كيف يعنى؟ إشرح.. حاضر: إن أحد «البوستات» التى يتم ترويجها حاليا على «الفيس» تقول إن الدكتور وزير التربية والتعليم يجهز أوراقه للرحيل عن الوزارة.. بل وأشاعوا أنه دعا على الذى كان السبب. طبعا قد يكون كل هذا الكلام مكذوبا.. وقد يكون به من المبالغات ما به.. إلا أنه أيا كان الأمر فإن حال وزارة التعليم لا يخفى على أحد.. واسألوا مهزلة الثانوية العامة إن كنتم تتشككون.

طيب.. وما علاقة هذا بحدوتة قبل النوم التى حكيتها لنا قبل قليل عن السلطنة والوالى والرعية وما اعرفش إيه؟ يا سيدنا العلاقة واضحة جدا. إن أى وزير- بل وأى مسئول كبير- يتولى أى منصب يبدأ فى لمّ أوراقه حتى قبل أن يقول يا هادى لأنه يعرف أنه سيرحل فى أى لحظة، (أو نتيجة لحتّة تليفون صغيّر).. فكيف بالله عليك تريده أن يركز فى عمله، أو أن يتخذ القرارات؟

وما دمنا قد تحدثنا عن وزير التعليم- وحتى لا نظلم الرجل الطيب- قولوا لنا: كم وزيرا تولى تلك الوزارة فى السنوات العشر الأخيرة؟ آلاف الوزراء. فمتى سيجلس الوزير على كرسيه ليضع الخطط، ثم ينفذ الخطط، ثم ينزل إلى الشارع لمتابعة ما تم تنفيذه من الخطط؟ قصدك يعنى إن قصر مدة الوزير تشبه قصر مدة الوالى أيام الأتراك؟ الله ينوّر علييييييك. إذن ما الحل يا آبا الحاج؟ الحل أن تختاروا الوزراء بعد بحث جاد ودقيق وتمحيص ودراسة.. ليس أمنيا فقط، بل ومن ناحية الكفاءة أيضا.. فإذا اخترتموه فأعطوه الفرصة لينجز.. والأجر والثواب على الله!

لمزيد من مقالات سمير الشحات

رابط دائم: