علينا فتح الأفق والانفتاح على الآخرين والاطلاع على خبراتهم وتجاربهم وتقبل وجهات النظر الأخرى.
وعدم الإصرار على الرأى الفردى فليس نهاية الحياة إذا أخطأنا أو فشلنا فى بداية الطريق فعلينا المثابرة والصبر والاستمرار فى بذل الجهد والتفكير دون توقف ونتخذ من الأزمة فرصة للتقدم هذه الكلمات خلاصة تجربة وقصة نجاح وتميز للدكتور هانى عازر مستشار رئيس الجمهورية للشئون الهندسية والخبير الهندسى العالمى يقدمها للشباب المصرى من خلال حواره مع «الأهرام» والذى تحدث فيه بقلب مفتوح عن مشوار حياته وبدايته من الصفر دون الحصول على منحة دراسية كآخرين وكيفية تخطيه الصعوبات والتحديات وإصراره على تحقيق طموحه، كما تناول الحوار الجديد بشأن مشروعات أنفاق قناة السويس وتوقيت الانتهاء منها، ، بالإضافة إلى رؤيته لتطوير منظومة السكك الحديدية بالإضافة إلى
تفاصيل أخرى بالحوار..
عند لقاء العظماء والنابغين من العلماء تتبادر وتتلاحق الأسئلة والاستفسارات فى الذهن وتبدأ بكيفية تمكنكم من تحقيق هذا التفوق والوصول للعالمية وهل هناك روشتة للنجاح؟
لا مجال للنجاح والتميز بدون هدف للإنسان يرنو إليه و يعمل من اجله بضمير وإخلاص وتفان ويركز كل جهده من اجل تحقيقه، فمن الضرورى أن يكون للمرء هدف فى بداية كل يوم جديد وفى حياته كلها.
وهل تمكنتم من تحديد بلورة أهدافكم وطرق الوصول إليها من بداية حياتك العملية ودراستك بكلية الهندسة؟
نعم، فكان كل أملى فى الحياة أثناء دراستى بكلية الهندسة أن أكون مهندسا «شاطر» وهذا كان هدفى الأول كما أنى لم أقف على المستوى التعليمى الذى انتهيت منه فى مصر، وسعيت لمزيد من العلم والمعرفة لعلوم جديدة،، ومما أسهم فى تحقيق هذا الهدف شغفى بالبحث عن حقائق الأشياء والاستطلاع واكتشاف مرجعيات الأشياء، فلم يقتصر الأمر عندى على مجرد حفظ النظريات والعلوم وتكديسها بالعقل دون الاستفادة منها، ،بل تعداها لمرحلة الفهم العميق للنظريات ومرجعيتها ومحاولة تجربة تطبيقها واقعا، ولاسيما أن هناك نظريات علمية لم تبن على أسس علمية، بل نشأت لأسباب معينة، فعلى سبيل المثال نظرية الطفو فى محاولة فهمها والسر فى عدم مقدرة الإنسان على الطفو فى مغطس المنزل وبالبحث نقف على حقيقة مهمة أن وزن جسم الإنسان يزيد على وزن الماء مما لا يمكن من الطفو، وهذا تطبيق عملى لقانون الطفو لارشيميدس إحدى النظريات التى درسناها وواضحة جليا فى حياتنا العملية.
كان من المهم لديكم محاولة تطبيق النظريات العملية على الواقع والوقوف على واقع جدواها؟؟
نعم، ولاسيما انه بعد التخرج فى الجامعة والانغماس فى الحياة العملية نواجه أمورا مختلفة تماما عن دراسة المناهج نظريا فى المدرجات وحفظها دون الوقوف على كيفية تطبيقها، فمن الممكن أن تتلقى كثيرا من النظريات ولكن عند توقيت تطبيقها الواقعى تجد صعوبات كثيرة نتيجة عدم الدراية بالأبعاد والمسافات أو التفرقة بينها فى الرسومات وفى الواقع، فتطبيق النظرية واقعا يمكن المرء من استيعاب وتصور الأحجام والمسافات فى الواقع العملى . مع أن جميع النظريات التى نعرفها لا يمكن تطبيقها بالكامل، إلا أن الدراسة تحتم تكوين قاعدة عريضة من العلوم بالاطلاع على مجالات عامة لكن عند العمل يتم التركيز على مجال معين والتخصص فيه وتطبيق نظرياته واقعا.
هل واجهتك صعوبات فى سبيل تحقيق أهدافك؟
حياتى لم تكن سهلة، فلم احصل على منحة دراسية فى الخارج كآخرين، ولكنى سافرت من تلقاء نفسى وبدون لغة أجنبية، فلم يكن لدى أدنى فكرة عن اللغة الألمانية .
ولماذا ألمانيا بالتحديد؟
سفرى لألمانيا جاء مصادفة دون ادنى تخطيط، حيث توجهت لزيارة قصيرة لأقارب لي، ووجدت المناخ بألمانيا مشجعا، حيث كان هناك حافز قوى وفى حال النجاح فيه سأتمكن من البقاء وبدونه سأرحل عائدا إلى مصر،واجتهدت واجتزت هذه المرحلة، وانتقلت بعدها من نجاح لنجاح ومن هنا جاءت الاستمرارية، ،وقد حرصت على دراسة مجال جديد بعيدا عن دراستى الجامعية فى مصر لمجالات الرى أو السكك الحديدية ، واخترت احد المجالات الصعبة «التربة» والإنفاق كأحد الأفرع منها، ومن اجل التمكن من استكمال دراستى عملت فى كثير من الأعمال، فعملت فى بداية حياتى فى ألمانيا جرسونا، وبائع جرائد، وعملت فى مطابخ المطاعم وغسلت الأطباق، وذلك خلال فترة الأجازة لأتمكن من توفير نفقاتى للدراسة والمعيشة والسكن، وهذا لم يعنى انعزالى عن الحياة الاجتماعية بل كان لدى القدرة على تنظيم وقتى بين الدراسة والعمل و الانخراط أيضا فى الحياة الاجتماعية ولقاء الأصدقاء والتعاون مع بعضنا بعضا والمساعدة فى حل المشكلات التى قد تواجه احدهم.
متى بدأت تشعر أنك على بداية طريق النجاح؟
حياتى العملية بدأتها من الصفر وعملت فى مكتب الاستشاريين للإنفاق بألمانيا، وكانت مهمتى فى البداية إعداد حسابات القوى وردود الأفعال والمسافات بالعمل فى مشروعات الأنفاق يدويا، فلم يكن لدينا أجهزة كمبيوتر تضم جميع المعلومات والبيانات مثل الآن، ثم انتقلت بعد ذلك للعمل فى قسم إعداد حسابات المشروعات،ثم عملت فى قسم تحضير المشروعات، وبعدها عملت كمنفذ للمشروعات حتى وصلت لأكون مدير المشروع، ثم إدارة المشاريع.
ما الذى كان يؤهلك للانتقال من مرحلة لأعلى بتفوق؟
الداعم الأول لتحقيق نجاح من مرحلة لأخرى هو طموحي، فرئيسى المباشر كان يبلغ مدير العمل بكمية الأعمال التى أتولاها وأنجزها ورغبتى فى عمل المزيد، والذى كان يشعر بمدى الطموح الكبير لدى وانه لا يمكن لأحد وقف جموحه داخلي، ولذا كان يقرر أن يحملنى مزيدا من المهام ليقف على مدى نجاحى أو فشلى فى تنفيذها ولكن بهدوئى ودعوات والدى تمكنت من الاستمرار والتقدم عن طريق تنظيم تفكيرى وأسلوب حياتى ووضع الأولويات وفقا للظروف والأجواء المواتية والضغوط التى تصاحب العمل لتعود بالفائدة على المشروع الذى أتولاه وأجنبه الخسائر.
سبق وقدمت دعوة للشباب لتقديم أفكارهم والاستفادة من خبرات الكبار» فمن وجهة نظرك كيف نستوعب ونستفيد من طاقة الشباب الايجابية، ، ولاسيما أنهم يشعرون بعدم إتاحة الفرصة لإبداعهم؟
القضية تكمن فى انتظار الشباب لإتاحة الفرصة لهم، والسؤال المنطقى الذى يفرض نفسه أين دور الشباب أنفسهم فى إيجاد الفرص بأيديهم دون أن ينتظر من احد أن يوجدها أو يوفرها لهم؟!، وكيف ينتظر الشخص أن يطلب منه أن يذاكر أو يجتهد أو يعمل أو يتفوق؟!، ولماذا لا يفكر الشاب فى الوسيلة الأمثل للمذاكرة والتحصيل بشكل مفيد وابتكار أفكار جديدة ومحاولة تنفيذها؟!، وهل من الواجب أن تمنح فرص العمل و الإبداع و الابتكار؟!
فمن لديه القدرة على الابتكار لا يحتاج لمن يمنحه الفرصة، بل يوجدها لنفسه،، وكل ما يلزمه هو تشغيل عقله مع توفير بعض الإمكانيات، ، وإذا مثلت معوقا فى بعض الأحيان فهذا ليس بالجديد، ،فالمعوقات موجودة فى كل مكان بالعالم، ، ولا يمكن أن تعطلنا إذا توافرت الإرادة والعزيمة علي النجاح، فمعظم العلماء ومنهم أينشتاين كانت حياته مملوءة بالعوائق، فهل يعتقد احد انه تمكن من اكتشاف النظرية النسبية بسهولة، فإلى وقت ليس ببعيد كان هناك من يشكك فى جدواها و صحتها حتى ثبت من وقت قريب جدا أنها من أعظم النظريات..
وأرى بدلا من أن نشير بأصبع للآخر متسائلين عما منحنا وأعطانا، وعلينا الانتباه والتركيز على الأصابع الثلاث الأخرى التى تشير لأنفسنا وتسألنا عما قمنا به من جهد فى سبيل تحقيق أحلامي، ولا اعلم لماذا لا يبدأ الشباب بعمل أى فكرة جديدة ويحاول تجربتها بعد دراستها والوقوف على أبعادها وحجم فوائدها وتنظيم وترتيب أولويات العمل بها، ولا سيما أن الإبداع والابتكار والتفكير هو السبيل الأمثل للشباب لخلق فرصهم بأيديهم دون يأس أو إحباط أو ملل، فلابد أن نعلم أن الفرص دائما موجودة إذا سعينا وراءها وتابعناها بإرادة وصبر. بعيدا عن نظرة النفق المظلم، بل علينا فتح الأفق والانفتاح مع الآخرين والاطلاع على خبراتهم وتجاربهم وتقبل وجهات النظر الأخرى وعدم الإصرار على الرأى الفردي. فليس نهاية الحياة إذا أخطأنا أو فشلنا فى بداية الطريق فعلينا المثابرة والصبر والاستمرار فى بذل الجهد والتفكير دون توقف، ونتخذ من الأزمة ونحولها لفرصة للتقدم، وهذا أسلوب تتبعه دول أوروبا وليس مواطنيها فقط وابرز مثال لذلك أزمة البترول فى السبعينيات فى أوروبا والتي اتخذوها فرصة لإيجاد مصادر متعددة للطاقة سواء من الرياح أو المياه والطاقة الشمسية وخرجوا من أزمتهم بابتكارات جديدة يصدرون تكنولوجيتها للعالم كله، وهذه ليست مجرد كلمات نظرية بل عصارة حياة عايشتها بكل صعوباتها وتحدياتها حتى أكون هذا الإنسان الذى يجلس أمامك، فمن خلال تعبك فى الحياة تتمكن من تحقيق نجاحك سواء فى الدراسة أو العمل ولن يضيع الجهد هباء ابدأ.
وما الرسالة التى توجهها للشباب.. وللدولة أيضا؟
بالنسبة للشباب تواكب زيارتى الحالية لمصر موسم إجازة المدارس والجامعات، ولذا اسأل الشباب ما الذى فكروا فى القيام به خلال هذه الاجازة الطويلة وفى وقت فراغهم بدلا من النوم أو الجلوس على المقاهى أوالجلوس أمام مواقع التواصل الاجتماعي، ولماذا لا يفكرون فى عمل شيء مفيد لهم ولمجتمعهم، ، اقتداء بنماذج جميلة من الشباب الذين قاموا بمبادرة لركوب الدراجات كل يوم جمعه، فلماذا لا يتم تطوير تلك الفكرة وتعميمها فى فترات متلاحقة، والقيام بمبادرات تفيد المجتمع كأن يتفق مجموعة الشباب فى الأحياء على المشاركة فى تنظيف شوارعهم، أو تقديم المساعدة فى بيوت المسنين أو المستشفيات، أو بنك المعلومات.فالشباب المصرى تزيد أعدادهم على 65 مليونا من التعداد اقل من 40 سنة فهذه تعد ثروة لا يوجد نظير لها فى أوروبا، فلماذا لا يفكرون فى إقامة أعمال جماعية وتخطى الصعوبات والمشاكل دون الاستسلام لها، فلا يوجد شيء يمكن بناؤه فى يوم وليلة، فألمانيا عندما سقطت فى الحرب العالمية الثانية كانت فى حالة دمار وانهيار شامل حتى لبنيتها التحتية، وكذلك اليابان والصين، ، وقامت هذه الدول بالبناء من جديد بأيدى مواطنيها وليس بيد رؤسائها، فليس هناك رئيس جمهورية بالعالم قام ببناء بلد، فكل مهمة الرئيس هى المساعدة ومنح الطموح وتوفير الإمكانيات والدراسات والتخطيط،، والشعب من يقوم بالبناء والتعمير والعمل وتشغيل آلات العمل فى المصانع.
بالنسبة للدولة وفى مقدمتها رئيس الجمهورية يحب الشباب دون مبالغة وتدعمه بكل طاقته، وكذلك الحكومة التى خصصت عام 2016 كعام للشباب، وأقاموا بنوكا للمعلومات ويشجعون الشباب فى المشروعات الصغيرة، وذلك لوعى الرئيس والحكومة بأن مصر الحديثة لن تبنى إلا بسواعد شبابها لتجهيزها للأجيال القادمة، فعلى الشباب ألا يفكروا بأنفسهم فقط بل عليهم أن يفكروا فيما حولهم ويهتموا بالعمل الجماعى من اجل تقدم البلد.
ما الجديد بشأن العمل فى الأنفاق أسفل قناة السويس والتى تشرف على مراحل تنفيذها ؟
يجرى العمل فى كل من جنوب بورسعيد وفي شمال الإسماعيلية لإقامة ثلاثة أنفاق فى كل منهما، ، عبارة عن نفقين للطرق والثالث للسكة الحديد، ،بهدف ربط الشرق بالغرب بين سيناء والدلتا، ، بحيث يسهل الوصول بينهما خلال 15 دقيقة ويدعم مشاريع تنمية وتعمير سيناء، ، كما انه وبعد الانتهاء من حفر قناة السويس الجديدة، والتى كانت معجزة من الناحية الهندسية لانجاز العمل بها خلال عام واحد ، ،غير أن الإرادة والعزيمة وفن إدارة المشروع حققت الإعجازا لواقع أمامنا، ، وسيتبعها العمل بمحور قناة السويس بمشروعات تنموية من مصانع ومدن وجامعات ومدارس وتنمية زراعية وهذه الأنفاق ستسهم فى ربط حركة النقل بصورة سريعة وتساعد فى عملية التنمية ونقل وتداول البضائع من تفريعة بورسعيد والعكس، ولا سيما أن أى تقدم فى العالم يبدأ من البنية التحتية وتوفير وسائل النقل والمواصلات.
والأنفاق فى جنوب بورسعيد يقوم بتنفيذها تحالف اوراسكوم والمقاولين العرب، أما بشمال الإسماعيلية فيتولى العمل فيهما كونكورد وبتروجيت وجميع المشروعات تتم تحت إشراف الهيئة الهندسية للقوات المسلحة من إشراف فنى وهندسى وتعاقدي، فالمجمل أن تنفيذ هذه المشروعات يتم بشركات مصرية وبسواعد 5000 عامل مصرى ،،والذين يتم تدريبهم على دفعات بالخارج فى دورة تصل مدتها لـ 20 يوما لتأهيلهم للعمل على الماكينات العملاقة وتركيبها ، وهذه الماكينات وصلت من ألمانيا للمواقع ومنها اكبر ماكينة للحفر بالعالم حاليا طولها يزيد على 13 مترا وعرضها يصل لـ 80 مترا والتي نطلق عليها الماكينة العملاقة .
إلى أى مرحلة وصل العمل بهذه الأنفاق؟
تم الانتهاء من مداخل أنفاق السيارات بالإسماعيلية، وتم تركيب الماكينة الأولى فى مدخل هذه الأنفاق وبدأت فى الحفر مؤخرا، وستبدأ عملها ببطء ثم ستستكمل عملها بصورة أسرع.
هل تواجهكم مشاكل أثناء العمل فى حفر هذه الأنفاق؟
لا يخلو مشروع عملنا فيه من مشاكل سواء كانت فنية أو عمالا أو ماكينات أو من الطبيعة،، وهذه المشاكل وكيفية التصدى لها تمثل خبرة للمهندس القائم على التنفيذ، ولاسيما مع اختلاف نوعية المشاكل في كل مشروع عن سابقه، والتى قد تصادفنا رغم وجود دراسة للتربة وللماكينات المناسبة، ويتم متابعة التقارير أولا بأول.
هل هناك مدى زمنى للانتهاء من الأنفاق أسفل القناة؟
ليس هناك مدى زمني، والماكينة عندما ستبدأ فى العمل فلن يتمكن احد من إيقافها، ، وعندما تبدأ فى الحفر تستكمل البناء أيضا فى ذات الوقت، كما أن العمل فى تنفيذ مشروعات الأنفاق صعب تصوره، ، حتى فى ألمانيا عندما كنت اسأل عن توقيت الانتهاء من العمل فى الأنفاق، فأجيبهم قائلا انتظرونى حتى انتهى .
ولكن الرئيس السيسى يحرص دوما على دقة وسرعة انجاز العمل؟
نعم، أقف على هذه الحقيقة، ولكن ما يمكننى قوله أن ما تم انجازه خلال نصف عام، كان من الصعب تحقيقه خلال عام ونصف فى ألمانيا، ولو أن الحفر فقط فى أنفاق السيارات فى الإسماعيلية تم خلال 15 أو 18 شهرا فسيكون هذا بمثابة انجاز كبير لان هذا العمل يستغرق منا فى أوروبا خمس سنوات على الأقل، وهذه الحقائق يمكن التأكد من مدى صحتها عبر الانترنت حيث تتوافر المعلومات والوثائق عن مشروعات الأنفاق بالعالم بتفاصيلها وتوقيتات العمل بها، حتى يتمكنوا من تقدير حجم الجهد الذى يبذل فى مصر بهذه المشروعات العملاقة، بدلا من توجيه النقد بدون دراية بحقائق وخلفيات وحجم وعوائد هذه المشروعات الضخمة ولاسيما أن هذه المشروعات تعد من اكبر الأنفاق فى العالم فلم أر نظيرا لها فى أوروبا ولذا يجب استثمارها بطريقة مثلى عن طريق تسويقها عالميا بالمشاركة فى المؤتمرات العلمية وإلقاء المحاضرات بها، وهذا سيكون بمثابة إعلان ودعوة لهذه الدول للقدوم لمصر وزيارة مواقع المشروعات وهذا نقوم به فى ألمانيا ويعود على الدولة بالنفع وتنشيط السياحة دون ادنى تكلفة تذكر.
وماذا عن توقيت العمل فى الأنفاق بجنوب بورسعيد؟
العمل فى أنفاق بورسعيد أصعب جدا منه فى الإسماعيلية نتيجة اختلاف التربة والتى يجرى معالجتها حاليا بالإضافة لاختلاف نوع التصميم بين المنطقتين ليتناسب مع نوع التربة، ولو تمكنوا من بداية الحفر حتى انتهائه خلال مدة 18 شهرا وسأرفع لهم القبعة تقديرا لجهدهم وتفانيهم فى العمل.
ما مدى متابعتكم للعمل بالمشروعات الأخرى الجارى تنفيذها فى مناطق عديدة بالجمهورية ومنها شبكة الطرق والكباري؟
لا أتابعها فنيا، رغم متابعتى لكل ما يتم انجازه، بدءا من الـ 4000 كيلومتر طرقا والتى اعتبرهما سبيل التقدم الاقتصادى والذى لن يتم دون اكتمال البنية التحتية، ويكملها العمل فى بناء الصوامع وزراعة المليون ونصف المليون فدان وكذلك مشروع الألف مصنع بالإضافة إلى مشروع الإسكان الاجتماعى للشباب.
هل ترى إننا نعيش فى طفرة من الإنتاج والعمل؟
لا أراها طفرة، بل نعيش فى مرحلة جديدة للبناء والتعمير، فنحن نمر بالمرحلة الانتقالية بعد استقرار وتثبيت الدولة والتوجه نحو البناء والتعمير لمستقبل شباب وشعب مصر بكافة المناحي، وهذه المرحلة تستغرق وقتا ولا تظهر ثمارها لحظية، ولذا كل ما نحتاجه هو الصبر حتى تنضج ثمار جهودنا والتى تحتاج وقتا لنقتطفها، فالمشاكل التى تراكمت على مدار عشرات السنوات لا يمكن أن نتوقع حلولا جذرية لها بين ليلة وضحاها.
وما الجديد بالنسبة لعمل المجلس الاستشارى ورؤيته للوصول للدولة التنموية؟
المجلس يقدم الاقتراحات والتوصيات مع مراعاة البعد الاجتماعى ومدى مواءمة هذه التوصيات لها، من خلال العلماء الأعضاء به، والبالغ عددنا 15 عالما بمجالات الصحة والتعليم والزراعة والطاقة والمشروعات الكبري، وقمنا بإعداد ملفات للتعليم قبل الجامعي، وللجامعي وملف للصحة، والأخلاقيات والثقافات، وملف للزراعة، وكذلك تم تقديم أكثر من برنامج للطاقة المتجددة الشمس والرياح، أما المشروعات الكبرى فأتولى النظر فيها، إلا أن المجلس عمله استشارى بحيث نطرح توصياتنا والدراسات التى نقترحها على مؤسسات الدولة ونناقشها معهم، ثم نقدمها للرئيس ليبحثها مع الحكومة للوقوف على مدى إمكانية تطبيقها.
من خلال وقوفكم على حجم المشاكل بالدولة، هل من اليسير اجتيازها خلال الفترة القادمة؟
ليس هناك أمر صعب أو مستحيل تحقيقه، لكن هناك ظروفا نمر بها بالإضافة لإمكانيات محدودة تحتم علينا العمل وفق الإمكانات المتاحة ووضع أولويات ومتطلبات المرحلة، ، مع العلم بكافة المشاكل ولم يتخاذل أحد عن التعامل معها وإغفالها، ومع زيادة العمل والجهد تزيد الإمكانيات التى تساهم فى سرعة التنمية بالدولة.
اختلفت الآراء حول البداية المثلى للتنمية الحقيقية وهناك من يرى أن الأولوية للتعليم أسوة بدول شرق آسيا وآخرون يفضلون البدء بالاقتصاد، فمن أين تأتى البداية الصحيحة من وجهة نظركم؟
لا يعنينا ما طبقته الدول الأخرى لأنها تتوافق مع طبيعة ظروفهم وإمكانياتهم، والمهم بالنسبة لنا أن نقف على متطلباتنا واحتياجاتنا ومتابعة التجارب فى الدول الأخرى وكيفية تعاطيهم لمثل هذه المشاكل والاحتياجات، أما عن البداية المثلى فلابد أن تشمل التعليم لأنه أمر فى غاية الأهمية على أن يتم بالتوازى مع المجالات الأخري بالعمل بأسلوب المنصة فى إطار زمنى يتضمن التوازن فى العمل، بعيدا عن طريقة السلالم بالاهتمام بمجال معين وإعطائه الأولوية دون المجالات الأخرى مما يتسبب فى خلل المجالات الأخرى وانهيارها .
ساهمت فى تطوير سكك حديد ألمانيا، فما مدى تطبيق ذلك فى منظومة السكك الحديد المصرية، ولاسيما مع حالتها الصعبة ؟
السكك الحديدية المصرية ثانى أقدم سكك حديد بالعالم، وأهملت على مدار السنوات الماضية، وعلينا العمل على تطويرها وفق الإمكانيات المتاحة بالبدء بتطوير الأشياء المتقدمة داخل منظومة السكك الحديد، ولاسيما أن لدينا مشاكل فى هذه المنظومة بداية من المزلقانات ثم القضبان والبنية التحتية والخدمة، وهذا يستوجب منا عمل خطة تشمل التطوير بالإضافة للتصنيع والصيانة والتدريب، ومن الضرورى بدء أولى مراحل هذه الخطة بثلاثة عوامل على الأقل التدريب والصيانة، ويلى ذلك القيام بالتصنيع حتى لا نحتاج استيرادها من الخارج، ويجب ان تكون الخطة شاملة ومتكاملة من تطوير المحطات والخطوط والخدمات والخطوط الجديدة ويتم ذلك مع الحفاظ على التوازى على صيانة القديم لضمان استمرار الخدمة.
هل عرضت هذه الخطة على المسئولين ؟
نعم عرضت هذه الخطة على وزير النقل الدكتور جلال السعيد، وسأجتمع معه قريبا وسنتناقش بشأن خطة تطوير منظومة السكك الحديدية، وسأتوجه لهيئة السكك الحديدية المصرية للوقوف على ما يمكننى القيام به فى إطار خطة شاملة واضحة ومدروسة .
رابط دائم: