رئيس مجلس الادارة

أحمد السيد النجار

رئيس التحرير

محمد عبد الهادي علام

رئيس التحرير

محمد عبد الهادي علام

الدنيا على سطح لوحة
الفنان السورى خالد الرز: الحرف العربى رمز إنسانى له جسد وتضاريس

نادية عبد الحليم
وكأنه يجمع فى لوحاته رموزا وإشارات لما تضمه الدنيا بين ثناياها من مواضيع وأفكار معان ومشاعر ليحملها سطح اللوحة الذى يكاد يخلو من الفراغ، وبرغم ذلك تدفعك أعماله من جديدعبر لغتها الفنية الساحرة إلى البحث داخلها عن المزيد من التفاصيل .. هو الفنان السورى الأصل خالد الرز الشهير عالميا باسم "آرام "والذى يستعد الآن لإقامة معرض فى دبى يقدم لنا من خلاله مجموعة جديدة من أعماله الفنية التى تنطق بالانحياز إلى ثراء الألون وتناغم الثقافات ودلال الحرف العربى،فتستقبل الأعمال عينيك ووجدانك ــ ما أن يقعا عليها ــ بحفاوة وحرارة شديدتين .

....................................................

وتعتمد منظومة آورام، الفلسفية فى أعماله الجديدة ــ التى خص الأهرام بصور لها ــ على البعدين الصوفى والروحانى معا، وتبرع فى الاحتفاء بروح الحرف العربى وتوظيفه ضمن عمل تشكيلى معاصر مبتعدا عن الإرث التقليدى للحرف فى الفنون الإسلامية ، ليطل به على ثقافات وحضارات متعددة ، ومن خلال هذه الإطلالة الآخاذة المختلفة ينجح "آرام " باقتدار أن يقيم حوارا لا ينتهى بين المتلقى أيا كانت لغته،وطنه ، ثقافته ، أو عقيدته وبين جماليات الحرف العربى، فيما يمكن أن نطلق عليه "تدشين للغة جديدة " تتواصل وتتلاقى مع الثقافات المختلفة دون الانحياز إلى ثقافة بعينها ،وهو فى رحلته الروحانية الباحثة عن الانفتاح على الآخر ،تراه يبحث أيضا عن ماهية الجمال حيث يقول: بداية انا لست خطاط ، والحرف عندي هو رمز من الرموز الانسانية له جسد وتضاريس وانحناءات ، رمز جميل و جسد مطواع !فالحرف العربى له أبعاد جمالية كثيرة وعميقة،وهو عندي ليس حرفا مقروءا لأنني لا اتناوله في بعده المقروء منه كما يتناوله الكثير من الخطاطون . فما أحاول الوصول إليه دوما هو نص بصري تجريدي له بعده الموسيقى ، وأداتى الرئيسية فيه هو الحرف"

تأثر آرام كثيرا بالثقافتين الشرقية والعربية؛فقد لد في سوريا ومنها إلى أوروبا حيث عاش متنقلا مهاجرا بين بلدانها منذ اكثر من 25 عاما ، فعمل بأكاديمية جوتنجن الألمانية لمدة 6 سنوات بعدها ترك التدريس وتفرغ للفن ليبدع في ألمانيا التى يحمل جنسيتها قرابة الـ 15 سنة فأصبح عضو الاتحادالدولي للفنون الجميله في برلين، وعضو منظمة اليونسكو اياب للفنون التشكيليه وعضو اتحاد الفنانين التشكيليين الألمان ،ومنها إلى فرنسا ليستقر الآن في تركيا ، وقد أقام الكثير من المعارض الشخصية والجماعية في العواصم الأوروبية، والعربية على السواء. و تتلمذ على يد الرائد الراحل فاتح المدرس، الذي أطلق عليه لقب «آرام» احتفاء باسم المدينة العربية «آرام».

ونتيجة لذلك كله انصهر داخل ذاكرة الفنان المهاجر" خالد الرز " ووعيه الكثير من التفاصيل والجماليات والرموز المتباينة ، وحول ذلك يقول للأهرام " ولدت في مدينة حلب في سوريا ونشأت ما بين حلب والرقة ، وفى بداية التسعينيات هاجرت الى ألمانيا، ولذلك فإن تجربتي الفنية تسقيها الثقافتان الشرقية والغربية ،وأنا فخور بكليهما حيث أسسا معا ثقافتي البصرية وهما أساس فنى، بمعنى أننى أنتج نصي البصري دون اقحام الانتماء فيه ، انا هنا فقط الإنسان خالد الرز"

ويضيف موضحا " أما عن تزاحم الرموز والحروف واللمحات الأسطورية فذلك إنما لأنها تحكي تاريخ الإنسان وثقافاته وهذا مايثيرني بها . فلاشك أن عالم الأسطورة والخرافة ،وحتى الواقع الذي تتجلى عبره تلك الرموز والحروف، فإنما نجدها لدى البعض منقوشة في ملبسهم ،ولدى البعض الآخر منقوشة على أجسادهم وهكذا ،وهو ما يعود لطبيعة الثقافة التي ينتمي لها هذا او ذاك.

ومن هنا تأتي تلك التفاصيل والرموزوالنقوش التى تضمها أعمالى ، ويرتبط توظيفى لها فنيا بأن الإبداع عندي بحث بصري ،وأعنى بذلك البحث في المادة ،في اللون، وفى ابتكار التقنية التى تجعلني قادرا على صنع نص بصري يطربني بصريا ،ويكون قادرا على استفزاز الذوق الجمالي عند المتلقي بغض النظر عن خصوصية ذوقه وتذوقه الجمالي ومستواه الفكرى والثقافى ، أنا استفز هذا الذوق والتذوق لأجعل المتلقى، أما أن يقبل نصي البصري هذا أو أن يرفضه ، وخلال ذلك تتم عملية حوار بيني وبينه بشكل غير مباشر ،وإما أن يكون هذا الحوار سلبيا أو أن يكون إيجابيا !" .

ولكن تأخذ هذه التفاصيل الكثيرة ، والجمال الآخاذ فى لوحات "آرام" المتلقى إلى عوالم أخرى ، تأخذه حتى بعيدا عن نفسه ، ليذوب فى مساحات من الألوان الساحرة التى يطغى إليها عليها اللون الأحمر الأثيرويعلق على ذلك قائلا: " عندما أرسم لا يكون هدفى أن آخذ المتلقي إلى أي مكان آخر ، فقط ما يعنينى هى تلك الحالة التي أعيشها مع عملي أثناء تنفيذه . لكن بالتأكيد أسعد كثيرا عندما أنجح فى إثارة حواس المتلقي وتذوقه الجمالي وأن يستوقفه العمل إلى الحد الذى يسلبه إلى عوالم أخرى مثلما أسمع من الكثيرين ، فذلك يعطيني متعة أخرى.،ولا أعتبر هذا هروبا من جانب المتلقي من عالمه ، بل اعتبره قرارا اتخذه طواعية من أجل البقاء ،ذلك أن الجمال يمنح متذوقه القدرة على الحراك ، ويخلق له حالة من التوازن في علاقته مع العالم ، أما عن اللون الأحمر الذي يطغى على أعمالى فإنه يشكل إثارة فنية قد تستدرج من خلالها ذائقة المتلقي الجمالية"

وللصوفية مكانة خاصة فى أعمال الفنان تصل إلى حد العشق، فيصف علاقته بها قائلا" هي مايدفعني للبحث في عملي أكثر وبها أغوص في عالم من العشق لأنتج نصا بصريا يطرب العين ، قد أنجح في هذا أو قد أفشل ،المهم أننى كعاشق أكسر كل حواجز الحرج مع محبوبته"

وبجانب هذا العشق الصوفية يعشق أيضا "آرام " عالم الطفولة والبراءة ، ويعتبرنفسه على حد تعبيره " طفل كبير عمره 51 سنة، وذلك ربما ما يفسرتطرقى إلى مواضيع إنسانية متعددة تتصل بذاكرتى الطفولية، وقد ذكرت لجمهورى من قبل أننى نسيت أن أخرج من طفولتى!، فمتعة الفن تكمن حين ينجح الفنان فى التخلص من الحسابات والخبرات العقلانية والحياتية ليبدأ فى اللعب بالأفكار والألوان !

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
الاسم
عنوان التعليق
التعليق