رئيس مجلس الادارة

أحمد السيد النجار

رئيس التحرير

محمد عبد الهادي علام

رئيس التحرير

محمد عبد الهادي علام

الصحافة ومصالح الجمهور العام

لا يمكن انكار وجود أزمة ثقة فى المجتمع المصرى بين الصحافة والجمهور العام كشفتها الأزمة الأخيرة. فهى المرة الأولى التى يشترك فيها الرأى العام فى أزمة تخص العلاقة بين الصحافة والسلطة التنفيذية فى ظل العلاقات التفاعلية الفورية على مواقع التواصل الاجتماعى التى منحت الجمهور رأيا فى شأن يبدو خاصا للوهلة الأولى الا أنه فى جوهره يحمل »هماً« عاماً ملتهبا يعود فى كثير من جوانبه الى ملاحظات يبديها الرأى العام تجاه أداء وسائل الإعلام المختلفة. لم يدرك البعض فى غمار الانشغال بممارسة السياسة على حساب المهنة واستدعاء أخلاقياتها أن هناك حالة مزاج «سلبية» تتكون يوما بعد يوم تجاه الصحافة ومن يمارسون مهنة الاعلام فى ظل خلل فى ترتيب الأولويات وضعف المعالجات والأهم غياب سياسات المحاسبة سواء من نقابة الصحفيين أو من تنظيم ذاتى للاعلام المرئى والمسموع. تقول المقولة الشائعة «من يتحكم فى الاعلام، يتحكم فى المزاج العام» وهى عبارة تحمل قدرا من الغموض. فهل المقصود بالمتحكم من يصوغ الرسالة الاعلامية أم المالك للوسيلة الاعلامية ولكن ما نعلمه من تجربتنا الحالية فى مصر أن المزاج العام لم يعد يحتمل كل تلك الفوضى وكل تلك الرسائل المتناقضة وغير المهنية وأنه يضيق بغزارة المحتوى الاعلامى «غير المحترف» نتيجة تراكم الخبرات فى السنوات الأخيرة ويكون صورة سلبية عن الصحفيين والاعلاميين تبدت فى الأيام الأخيرة.

من مشكلات نقابة الصحفيين المصريين انها لم تطور أدواتها فى السنوات الأخيرة من أجل رفع كفاءة الصحفى أو المحرر الناشيء ولم تتشدد فى شروط القيد فى وقت تعلم جيدا أنها الجهة الوحيدة التى يتحتم عليها أن تنشغل بمستقبل المهنة وشواغل أعضائها. فى الدول الغربية، يقع العاتق على تطوير مهارات الصحفى على ما يتلقاه من تعليم جيد وعلى ترقيه فى مؤسسته بناء على معايير أداء وتدريب متصل وهناك أيضا منظمات مدنية تقوم بدورها فى الارتقاء بتأهيل الصحفى بطرق عدة منها ورش عمل حول القضايا العامة وآخر مستجدات المهنة وبعضها يخدم القاريء والمشاهد بشكل مباشر من خلال مراقبة محتوى الوسائل الاعلامية وكشف الأخطاء التى يقع فيها الصحفيون وهو ما يسهم فى تصحيح أى انحراف فى الممارسة. وفى غياب دور «المراقبة» سواء من جمعيات خدمة القراء والمشاهدين أو من جانب التنظيم النقابى لا يجد الرأى العام فى حالتنا من يشكو اليه، فيكون البديل هو الهجوم العشوائى على الصحافة والاعلام دون تفرقة بين وسيلة رصينة وأخرى تميل الى الاثارة والتدليس. ربما لا تملك النقابة فى الحالة المصرية الامكانيات المادية، ولكنها تملك طاقات شابة تمثل الشريحة الأكبر فى عضويتها ويمكنها خلق مسارات مبتكرة لرفع كفاءة المهنة.

قضية الحريات وصيانة استقلالية النقابة مسألة لا جدال بشأنها وسوف تنجلى تلك الأزمة بالتأكيد ..

ومن ثم يكون السؤال هو: ما الذى نتعلمه من دروس ما حدث..؟

فى المقام الأول، تحتاج الجماعة الصحفية أن تقود نقاشاً مجتمعياً واسعاً حول نظرة الجمهور العام للاعلام ودور الصحافة فى المجتمع وأن تقدم نفسها باعتبارها قادرة على تقويم الممارسة وأن يصدر عنها ما يثبت قدرتها على قيادة مشروع فكرى رفيع المستوى يشارك فيه الجميع وتلعب الهيئات التنظيمية الجديدة دورها المنشود فى الاسراع بأطر حاكمة صارمة تتعقب الشطط وتعيد الثقة للرأى العام الذى تشعر قطاعات منه بعدم الرضا. ومن أهم الملفات المطلوب التدخل فيها وضع إطار تنظيمى للصحافة الالكترونية التى تسببت فى تراجع الثقة مؤخراً.

وتحتاج الدولة أن تقرب المسافة مع الجماعة الصحفية من خلال تطمينات بشأن حرية الاعلام وتؤكد للممارسين للمهنة أنها ترعى حقوقهم فى أداء عملهم دون قيود. وهى مهمة تحتاج الى مرونة من الطرفين من أجل الوصول الى صيغ تخدم الصالح العام ولا تجعل الصحفيين هدفا سهلا للنقد والهجوم المتكرر من جانب من لا يثقون فى وسائل الاعلام وحتى نتجنب الفكرة الشائعة أن الصحافة لا تخدم الجمهور وأن همومها تتركز فى احتفاظها بوضع «استثنائى» فى المجتمع بما يخالف طبيعة الدور التقليدى للصحافة التى يفترض أنها سلطة تكمل عمل السلطات الأخرى وتنير للجمهور طريقه فى القضايا العامة.

لمزيد من مقالات عزت ابراهيم

رابط دائم: