رئيس مجلس الادارة

أحمد السيد النجار

رئيس التحرير

محمد عبد الهادي علام

رئيس التحرير

محمد عبد الهادي علام

بل مازالت عندنا دولة..!

« يا با.. هو عاد فيه دولة؟».. تلك عبارة باتت تتردد- بالحق والباطل- على ألسنة الكثير من المصريين الآن.. ولا تقل لى: الكلام ده غير صحيح. لأ.. صحيح.. وأتحداك.. وإن شئت فأنصت لهمس الشوارع والمقاهى والطرقات.. ولمصمصة شفاه ربات البيوت أمام برامج التوك شووه!

.. تقرأ عن أمين شرطة أزهق روحا بشرية فى مقابل عشرين جنيها( آى والله.. 20 جنيه بس!).. فيصرخ الضمير الجمعى متألما: فين الدولة؟ فيرد عليه الوجدان الجمعى متهكما: دولة مين يا آبا.. هو عاد فيه دولة؟.. وتنظر- وأنت تقود سيارتك فى أمان الله- فإذا بصبى لم يبلغ الحلم بعد يقود «توكتوكه» القبيح، فيكاد يصدم الجميع، ويميت الجميع. تترك الدريكسيون لتخبط كفا على كف وتصرخ: إيه ده.. فين الدولة؟ أو تتلفت حواليك فتجد فتاة صغيرة مسكينة وقد حاصرتها ثلة من البلطجية (الضاربين ترامادول) يحاولون اختطافها، فتتألم وتمغص بطنك وتهتف: إلحقى يا دولة.. فيضحك منك عقلك الباطن هازئا: شى لله يا دولة!

.. فهل صحيح أن مصر لم تعد بها دولة؟ أبدا والله.. الدولة فى مصر موجودة.. وقاعدة متستتة ومتربعة.. بل وتمد ساقيها فى منتهى الاسترخاء. إن مصر بها الآن واحدة من أعتى الدول وأكثرها رسوخا لو كنتم لا تعلمون. إذن ما الذى يجرى بالضبط؟ آآآآآه.. هنا مربط الفرس وبيت القصيد:

إن الدولة عندنا- رغم وجودها الطاغى، وهيمنتها اللامحدودة، وتدخلها فى كل كبيرة وصغيرة فى حياتنا، وعينيها الواسعتين كعينىّ أمّنا الغولة.. والتى تحمّرهما لنا وقت اللزوم- هرمت.. وترهلت.. وأصبحت دولة» دقة قديمة». يعنى إيه- لا مؤاخذة- الكلام ده سيادتك؟ صل على النبى.. عليه أفضل الصلاة والسلام.

تعال نأخذها واحدة واحدة وعلى الهادى. ما هى الدولة؟ سيرد عليك علماء السياسة: دولة يعنى أرض( ونحن والحمد لله عندنا الأرض على قفا من يشيل).. وشعب (ونحن شعبنا ما شاء الله يسد عين الشمس.. و 90 مليون يا عمى موش شويّه!).. ثم حكومة( وحكومتنا قدامك أهيه ميت فل وعشرة.. وكمان حازت على ثقة البرلمان).. إذن فالدولة- والحمد لله- موجودة. طيب أين المشكلة يا أستاذ؟ آآآآآه.. المشكلة يا محترم تكمن فى كيفية إدارة كل هذه العناصر لتعمل معا فى انسجام وتناغم وتكامل. إن الذين سبقونا واقتنصوا النجاح اقتناصا( نقصد الدول المتقدمة يعنى).. نجحوا فى تحديث أنظمة إدارة الدولة.. واخترعوا حاجة سحرية كده اسمها «القانون».. سمعتوا عنّو؟.. وهو- أى المخفى القانون- عبارة عن مجموعة من القواعد المنظمة لمكونات الدولة. وهذه المكونات هى المؤسسات.

أوووووف.. الباشا ها يوجع لنا دماغنا واحنا ما صدقنا وزنّاها. يا سيدى.. هات من الآخر.. قل لنا نعمل إيه بدون حذلقة واستعراض لمعلومات نعرفها كلنا. ماشى يا كابتن.. خذ عندك: مطلوب على وجه السرعة تحديث الدولة المصرية من خلال إعادة صياغة اللوائح التى تدير ماكينة المؤسسات الكبرى بالمجتمع؛ فى التعليم، والصحة، والمحليات، والأمن، والأشقاء الموظفين، والإعلام( وآآآآآه من الإعلام!).. وكذلك الضرائب، والعلاقة بين العامل وصاحب العمل، والاستيراد والتصدير، وتجارة العملة.. إلخ.. إلخ!

يا خبر أبيض.. يا خبر أبيض( على رأى مدحت شلبى!).. كل ده مرة واحدة؟ نعم وفورا.. لأننا بدون هذه» الثورة التشريعية اللوائحية المؤسسية».. لا ها نروح ولا ها نيجى.. وأى محاولات تسكينية مرحلية مؤقتة سوف تبوء بالفشل. ولنضعها حلقة فى آذاننا: إن مصر- وطننا الرءوم- فى خطر.. وما لم نسارع إلى تحديث الدولة لإخراجها من حالة الترهل والهرم والكسل التى هى عليه الآن.. فسوف نخرج جميعا نبكى ونصرخ بجد: إلحقونا.. ما عادش فيه دولة؟!

لمزيد من مقالات سمير الشحات

رابط دائم: